Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2012 العدد 14: الى الآلام
العدد 14: الى الآلام Print Email
Sunday, 01 April 2012 00:00
Share

تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

الأحد أوّل نيسان 2012 العدد 14               

الأحد الخامس من الصوم / أحد القديسة مريم المصرية

رَعيّـتي

كلمة الراعي

الى الآلام

في هذا الفصل من إنجيل مرقس يُدخـل السيـدُ تلاميذه في سـرّه العـظـيـم. كان صاعـدًا معـهم الى اورشليم فتـنبأ أن ابن البـشـر، أي هو، سيُسلم الى رؤساء الكهنـة والكتبـة. هـؤلاء كـانـوا الذين ينسخـون التـوراة لتُـذاع على ما أمكن من الناس وصاروا بسبـب من هذا العمل علماء حتى قال: “فيـحـكمـون عـليـه بالمــوت ويُسلمـونـه الى الأُمـم”. ويـريـد هنا بالأمم ممثـل رومـا فـي فلسطيـن بيـلاطـس البنـطـيّ.

اليـهـود والـوثـنـيـون اشتـركـوا بقـتـل السيـد. وتكلّم يسوع عن شكـل آلامه: “فيهـزأون بـه ويبصُقـون عليـه ويجلـدونه ويـقـتـلونـه، وفـي اليـوم الثـالـث يقـوم”. هكـذا تكـلـم الإنجيـليـون الآخـرون.

 

هنا يأتي حديث غـريـب تفوّه بـه ابنـا زبـدى يعـقـوب ويـوحنا (الإنجيليّ). كـانـا قـد ظـلاّ عـلى الظـن أن يسـوع ملكٌ زمنـيّ، وسيـاسـيّ، فطـلبـا أن يكونا وزيـريـن عنـده في حكـومـتـه. فسألـهمـا اذا كـانـا يقـدران أن يتـألمـا مثـلمـا سوف يتألم. وكانا مع غيرهما لا يفهمـان شيئـًا مـمـا سيحصل لـه. غـضب التـلاميـذُ من رغبـة يعـقـوب ويـوحنـا يتـميـزان فيهـا عـن بـقـية الـرسل مع أن أحدًا لم يكن بعد قد فهم أن مملكـة يسـوع لـم تـكـن مـن هـذا العـالـم.

عنـد ذاك دعـا يسـوع الاثـنـي عشـر ليقـول لهم ان الأُمـم الوثـنـيـة عنـدهـا مـن يسـودها. أمّـا انـتـم فلا يكـون بينـكـم مـن يسـود، واذا جـاز أن تفتّشـوا عـن كـبـيـر فـليـكـن هـذا لـكـم خـادمـًا. الخـدمـة وحدها طـريـق الى الكـبـَر المـعـروف في مملكـة يسـوع. ثـم شـدد على كـــلمـة خـادم فـقـال: “مـن أراد ان يكـون فيكـم أوّلَ فليـكُـن للـجـمـيـع عبـدًا”.

النمـوذج أمامكم ابن البـشر الذي لم يـأت ليُخـدَم بل ليَخـدُم. ولـكـن لـيـس فـقـط ذلـك ولـكـن لـيـمـوت.

الكبيـر عنـدنـا يقـول عـن نـفـسـه انـه حـقـيـر. المطـران عنـدنـا كـان يـوقّـع رسـائـلـه “الحـقـيـر فـي رؤسـاء الكهنـة”. اي انـه يتـواضع حـتـى الـنـهـايـة ليـصـدّقـه المـؤمنـون ولـيتـمـكّـن مـن خـدمـة صـالحـة. كـل منـا جـاء فـداء عـن كـثـيـريـن مـثـل السيـد. كـل منـا لا يـصيـر شـيـئـًا الا بـنـعـمـة الـرب.

بـهـذا الشعـور نُـقـبـل الى آلام السيـد ومـوتـه وقيـامـتـه. هـذا الشـعـور هـو الـكـفـر بـالأنـا، بـالمـصالـح والمـنـافـع وحُـبّ الظـهـور. لا تـستطـيـع ان تـأخـذ شيئـا مـن الجـمـعـة العـظـيـمـة الا اذا شعـرت أنـك فـقيـر الى الله مثـلما شعـرت الـقـديـسـةُ مـريـم الـمـصـريـة التـي نـعيـّد لـهـا الـيـوم أنـهـا لا شـيء وبـقـيـت 47 سنـة فـي بـريـة الـيهـوديـة تُكـفّر عن خـطـايـاهـا.

أن نُميت خطايانا منذ اليوم يجعلنا قابلين للفصح.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).

الرسالة: عبرانيين 9: 11-14

يا إخوة، ان المسيح إذ قد جاء رئيس كهنة للخيرات المستقبلية فبمَسكن أعظم وأكمل غير مصنوع بأيدٍ ليس من هذه الخليقة، وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل الأقداس مرة واحدة فوجد فداء أبديا، لأنه إن كان دمُ ثيران وتيوس ورماد عِجلةٍ يُرشُّ على المنَجّسين فيُقدّسهم لتطهير الجسد، فكم بالأحرى دمُ المسيح الذي بالروح الأزليّ قرَّب نفسَه لله بلا عيبٍ يُطهّرُ ضمائركم من الأعمال الميتة لتعبدوا الله الحيّ.

الانجيل: مرقس 32:10-45

في ذلك الـزمان أخذ يسوع تـلاميذه الإثنـي عشر وابتدأ يقول لهم ما سيعرض له: هوذا نحن صاعدون إلى أورشليم، وابنُ البشر سيُسلَم إلى رؤسـاء الكهنـة والكـتبـة، فيحكمون عليه بالموت ويُسلـمـونـه إلى الأُمم فيهـزأون به ويبصقون عليه ويجـلـدونه ويقـتـلـونه، وفي اليوم الثـالـث يقـوم.

فدنا اليه يعقوب ويوحنا ابنا زبـدى قائـلَين: يا معلّم، نريد أن تصنـع لنا مهما طلبنا. فقال لهما: ماذا تريـدان أن أصنع لكما؟ قالا له: أَعطنا أن يجلس أحدنـا عن يمينـك والآخر عن يسارك في مجدك. فقال لهما يسوع: إنكما لا تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أَشربها انا، وأن تصطبغا بالصبغة التـي أَصطبـغ بها أنا؟ فقالا له: نستـطيع. فقال لهما يسوع: أما الكأس التي أَشـربها فتشربانها وبالصبغة التي أَصطبغ بهـا فتصطبغان، وأما جلوسُكما عن يميني وعن يساري فليس لي أن أُعطيَه الا للـذين أُعدَّ لهم. فلما سمع العشرة ابتدأوا يغضبون على يعـقـوب ويوحنا.

فدعاهم يسوع وقال لهم: قـد علِمتُم أن الـذين يُحسَبون رؤساء الأُمـم يسودونهم، وعظماءهـم يتسلّطـون عليهم. وأما انتـم فلا يكون فيكم هكذا. ولكن من أراد أن يكون فيكم كبيرا فليكن لكم خادما، ومن أراد أن يكون فيكم أوّل فليكـن للجميع عبـدا. فإن ابـن البشـر لـم يـأت ليُخـدَم بل ليَخـدم وليبـذُل نفسه فِـداءً عـن كثيـرين.

في النسك سبيلاً إلى الفصح

ليس كلّ ما يُقال عن النسك، في هذه الأيّام، يقول الحقّ الباقي الذي تسلّمناه قويمًا.

يُقال، ممّا يُقال، إنّ الحياة النسكيّة أمر يخصّ بعضًا من أعضاء الجماعة، أي الرهبان المتبتّلين الذين يقطنون البراري (أو الجبال العالية) حصرًا، ولا شأن لهم سوى أن يحيوا صابرين على الشدّة. وهذا، الذي معظم الناس يتناقلون أنّه الصحيح، فضيحة تكشف أنّنا لمّا نركن كلّنا بأجمعنا إلى المعرفة الحقّ.

بكلام آخر، أنت، يا صاح، متزوّج ولك بنون، وتُزاول عملاً في الدنيا، افهم أنّك، في واقع الحال، غير معنيّ بحياة النسك. ويأتيك ما يدعم هذا الكلام غير المعمَّد، وإن باختلاف في مضمون الأمثلة، من بعض أفواه لا بأس إن قلنا إنّها لا تقارب الحقّ حقًّا. وهنا، يمكن أن يضاف: أنت تشرب الخمر (وإن باعتدالٍ)، تتعطّر، تصطحب زوجتك إلى العشاء في مطعم، تشاهد التلفزيون، ترتاد دور السينما أو المسرح...، افهم أنّك، أيضًا، بعيد عن النسك بُعد الأرض عن السماء! وكما يربط معظمُنا النسك بالجغرافيا (الجبال والبراري) وما إليها، يربط آخرون موقفهم بقراءةٍ تُحرّف ما جاء في التراث. بمعنى أنّ ثمّة مَنْ يقرأون تراثنا من دون تمييز قال فيه القدّيس إسحق السريانيّ إنّه "أعظم الفضائل" (نسكيّات، المقالة السابعة).

هذا كلّه لا يليق بنا أن نعتبره كلامًا ممكنًا، بل يخرج على أنّ النسك هو شأن القلب، أي شأن كلّ إنسان حرّ يعي أنّ الله لم يطلب منّا سوى أن نعطيه قلوبنا (أمثال23: 13)! وإن قلنا أنّ النسك هو شأن القلب، فلا نعني أنّ المسيحيّة، في تعليمها وروحانيّتها، لم تميّز بين برّ الحياة في المسيح وجهالة الوثنيّة (الغرق في ملذّات الأرض). فثمّة أمور تطلُبها المسيحيّة، وأُخرى ترفضها. ولا نفهم شيئًا من مسيحيّة، تطلب أن نعي دائمًا أنّنا في العالم ولسنا منه، إن لم نعتقد أنّ أعلى ما ترفضه أن نغرق في مظاهر نراها في الناس، فنرفع هذا بناءً على ما نراه عليه، ونُخفض ذاك. فإن قيل: "الربّ لا ينظر كما ينظر الإنسان، فإنّ الإنسان ينظر إلى الظواهر. وأمّا الربّ، فإنّه ينظر إلى القلب" (1صموئيل 16: 7)، فلا يحقّ لأحد أن يختلس موقع الله! ماذا تراني أقول هنا؟ مثلاً، هل أبرّر أمثلةً قلت إنّها غير معمَّدة أو مرتجلة؟ سبق جوابي سؤالي! إذًا، هل أستهين بأنّ الإنسان هو واحدٌ في داخله وخارجه؟ هل أمحو أنّ للالتزام معايير تظهره؟ لا، بل أرجو، فيما نلتزم الرحمة أبدًا، أن نبتعد عن كلّ ما يدفعنا إلى أن نحكم على الناس وفقًا لرأي جاهز، أو أن نُفسّر أحدًا على هوانا. فنحن لا نخدم الحقّ إن لم يحرّكنا أنّه، إن كان "ليس من الممكن أن يصير الجميع عادمي الأهواء، لكنّه من الممكن أن يخلص الجميع، ويتصالحوا مع الله" (السُلّم إلى الله 26: 82).

هل بعض المُصرّين على اختزال الإنسان بما يُرى منه سيطأون سطورًا يبدو واضعها كما لو أنّه يوافق على أن يُترك الذين يحيون في الدنيا وشأنهم؟ هل سيرى بعضهم فيها خلطًا في الكلام، أو تشجيعًا على ما لا يرضى الله عنه، إنْ قولاً أو فعلاً؟! لا أعلم. لكن، يريحني أن أبقى أعلم أنّ الله هو الذي يعرف قلوب الناس وحده، يبرّرها أو يدينها. وحاشا لي أن أتقصّد إدانة أحد إن قلت إنّه من مَنافخ الشرّير أن نرتضي أن تدفعنا معايير (لم أُردّدها كلّها!)، تحكمها مظاهر خارجيّة، إلى أن نسدّد على إنسانٍ "السهامَ ومُرَّ الكلام" (مزمور 64: 3)، إنسانٍ سرّه مخفيّ عنّا، إنسانٍ قد يكون الله اتّخذه حبيبًا إلى قلبه!

ذكرت أنّ النسك هو شأن كلّ قلب. لكنّني لم أذكر أنّ هذا إنّما يعني أنّ شأن الإنسان، أيّ إنسان، أينما حلّ أو نزل، أن يرى إلى نفسه أوّلاً. أوّلاً أي دائمًا. فالمسيحيّة، كلّها كلّها، أن يبقى قلبي يلهج بأنّ ما يريده الله من الكون كلّه إنّما يريده منّي أنا أوّلاً. وهذا غير ممكن، واقعيًّا، إن لم يَحُزْ كلٌّ منّا "عينًا بسيطة". وهذه، أي العين البسيطة التي قال الربّ إنّنا، إن حُزناها، "يكون جسدنا كلّه نيّرًا" (متّى 6: 22)، تعني، ممّا تعني، أن نلتزم أمور الله باستقلال كلّيّ عمّا قد يهواه الآخرون، أو يفعله الآخرون!

هل أتبنّى أن نهرب هروبًا سلبيًّا من العالم، أي أن نهمل، مثلاً، مدّ خلاص الله إلى الآخرين؟

لا، بل أن نتعاطى شأننا فيما نرجو، بوداعة قـلـب يأبى الإدانـة، أن يـذكـر النـاس خيـرهم. فـأن نختـار النسك أحرارًا، أمر لا يوافقه أن نرمي تصوّراتنا على مَنْ نراهم لا يُشبهوننا، مثلاً. هذا قد يوحي أنّنا نحيا خيارنا اضطرارًا! ولا يوافقه لا سيّما أن نخلع عن أحد، عن أيّ أحد!، سرّه، أي أن نعتبر أنْ ليس له قلبٌ راضٍ، أو فرصة أن يسترجعه الآن! وإذًا، قيمة أيّ نسك، دُعيت إلى أن أجتهد فيه، أن أهرب من أن أرتدي الاستعلاء بأمور الحقّ على أيٍّ من الناس، وتاليًا أن أحافظ، أنا نفسي، على أناقة الثوب الذي نسجه لي الله في معموديّتي. وهذا أن أحبّ، أحبّ الكلّ من دون تمييز. فالمحبّة، محبّتي للناس جميعًا، التي دليلها الثابت أن أتواضع (نسكيّات، المقالة الخامسة)، أي أن أرى نفسي لا شيء، ليس لي أن أُبدلها بأيّ محبّة أخرى (المقالة الرابعة والأربعون)! هم، الناس، إخوتي، إن لمسوا أنّني أُحبّهم، فقد يُبدلون محبّاتٍ أخرى. هذا شأنهم إن فهمت أنّ شأني أن أحيا أحبّهم "طبقًا لما هم عليه" (أغُسطينوس، اعترافات، صفحة 65).

يُقال الكثير عن النسك. ولكنّ خير ما ينتظر الربّ أن نقوله جميعنا فيه لهو أن نُميت فينا كلّ ما ليس منه، ونحيا له راجين أن يكون الكلّ له. ولنا، أن نتزوّد الحقّ من هذا الصوم الكبير الذي رتّبت لنا الكنيسة فيه أن نعفّ عن أكل لحم الحيوان والإنسان في آن! هذا سبيلنا الباقي إلى الفصح العظيم.

أبرشيات الكرسي الأنطاكي: أُستراليا

الرجاء من القراء تصحيح بعض الأخطاء التي وردت في العدد الماضي بشأن الأبرشية الأنطاكية في استراليا لأننا أخذنا المعلومات من موقع قديم على الإنترنت. يجب إضافة كلمة “الفيليبين” على اسم الأبرشية فهي أبرشية استراليا ونيوزيلندا والفيليبين. يفوق عدد الكنائس الثلاثين، تقام فيها الصلوات بالعربية والانكليزية وباللغة الرومانية في كنيسة واحدة في سيدني. ولا يوجد دير في استراليا بعد. اما في الفيليبين فهناك أربع رعايا وعدة مراكز رعائية يخدمها اربعة كهنة وشمامسة.

اما العنوان الصحيح للموقع الإلكتروني فهو: antiochianarch.org.au حيث تجدون كل التفاصيل.

الأخبار

وفاة الخوري عبدالله (شقير)

يوم الجمعة في 16 آذار رقد بالرب على رجاء القيامة والحياة الأبدية الخوري عبدالله (شقير) كاهن رعية الشويفات التي خدمها منذ سنة 1964 بعد ان قام برسامته شماسًا ثم كاهنًا المثلث الرحمة المطران إيليا (كرم). الخوري عبدالله من مواليد الشويفات سنة 1921، متزوج ووالد لابنين وابنتين. أُقيمت صلاة جناز الكهنة عن نفسه يوم الأحد في 18 آذار في كنيسة رقاد السيدة في الشويفات، ثم ترأس سيادة راعي الابرشية الجناز العام بحضور جموع كثيرة من المنطقة. ألقى سيادته العظة التالية:"في البدء كان الكلمة". أحبتي، غاية المسيح في هذا الكون أن يصير كل منا كلمة من كلمات الله، أن يصبح هو في ذاته وفي مسالكه إطلالةً لوجه الله. غير هذا تافه. ومن لم يدرك هذا لن يعرف شيئا عن سبب وجوده. هذا الأخ الكريم الذي نودّعه الآن آمن في لحظة من لحظات حياته أنه مدعوّ ليصير كلمة إلهيّة في مسلكه، وفي تعاطيه الناس، وقد تعاطاهم في هذه المدينة الكبرى.

هذا الرجل ساهم في أن تصبحوا كبارا، وانتم كبار، ولكن الكبر يُدعم بالمحبة ومودّات كثيرة تُوزّع هنا وهناك. الخوري عبدالله زرع مودّاته في كل حيّ من أحيائكم وفي رجال كثيرين، محقّقا كلمة الرسول الكريم بولس "سالِموا إن أَمكن جميعَ الناس"، وأَمكنه أن يُسالم كل الناس لأنه كان يأتي من فيض المحبة التي المسيحُ مُعلّمُها في تاريخ البشرية. وهذا لا يختلف فيه اثنان.

يا عبدالله، كنت تَخدمه أمام المذبح الارضيّ في هذه البيعة. وكنت تحسبُ انه يتقبّلك برضاه على قدر ما كان فيك من التوبة. التوبة هي العلاقة الصميمية بيننا وبين الله. هو لا يعرف الا العائدين اليه، هذا معنى التوبة بالعربية. لا يعرف الا العائدين الى وجهه من ضعفاتهم، ويجعلهم على أعلى الدرجات في الملكوت. قلت، كنت تخدم مذبحه على هذه الارض. الآن سوف ترى انه هو وحده، أعني المسيح، يخدم المذبح السماويّ. نصيبُك أن تقف وراءه. لن تكون فوق إلا تابعا وحسبُك، ولن يزيد عليك شيئا من بهاء السيد الذي تنظره بعينيه، الذي انكسر قلبه على هذه الارض حبا بقومك، بالقوم في هذه المدينة وفي غيرها.

تحملك الملائكة متخشّعا، متفانيا، بعد أن يكون جسدك قد فني بالتراب. سيحملون روحك مسرورين، ويُقدّمونها لله، ويتقبّلها برحمته لأنك لست شيئا، ولن تكون شيئا، إلا برحمته، ولن تدخل بجهودك. لا يدخل السماء احدٌ بجهوده. ندخل مكسورين خائفين مستغفرين. ويحتضنُنا الله لكوننا أبناءه، حسبما جاء بكلام الرسول عن ملكيصادق الذي اعتبره بولس الرسول صورة عن المسيح، وهو كنعانيٌ اي غير مؤمن نظاميا بإله التوحيد، ولكنه آمن. ويقول الكتاب العزيز عنه أنه بلا أب ولا أُمّ. كيف يأتي إنسان بلا أب وبلا أُمّ؟ ما قصَده الكاتب في هذه الرسالة للعبرانيين أن ملكيصادق استغنى عن اللحم والدم والمال والدنيا والمُلك الذي كان جالسا فيه، ليعبُد الله الواحد الأحد، ويعتبره مصدر الكون ومدى الكون. ويؤكد هذا ما أردنا قراءته في سفر يوحنا الحبيب لمّا قال عن الذين أعطاهم اللهُ سلطانا أن يكونوا أبناء له، الذين وُلدوا، لا من مشيئة لحمٍ ولا من مشيئة رجلٍ، بل من الله وُلدوا. كل منا اذا استطاع أن يتجرد عن أهوائه وشهواته، ونحن فيها منغمسون، كل من قدر على ذلك يُدعى ابن الله، كائنة ما كانت آفاقه الدينية او الفلسفية، يصبح في السماء الذي فيها نجتمع أبناء لله، أي آتين فقط من روحه. سيدينُك الله كما سيديننا جميعا، ونحن جاثون في حضرته، غير مؤهلين لرؤيته الا بالرحمة التي تنبثق منه. سيُعلنك الله ابنا له لأنك خدمت الناس جميعا في هذه الدنيا، في مدينتك، وأحببت علمها وتزوّدتَ منه في الجامعة. وتقف صفر اليدين، فقيرا اليه. ومن افتقر اليه يستغني عن كل شيء. سنحمل ذكراك طيبة في نفوسنا بعد أن حاولت أن يتقدّس أبناؤك وإخوتك في هذه الرعية، وبعد أن حاولت ان يعظُم جميعُ المواطنين في الشويفات، ومنهم العظام. وإني لمتأثّر جدا لكون معظم أهل هذه البلدة جاؤوا الى تشييعك، ليشكُروك لما أَعطيت، وبما أَحببت. جسدك هذا أَخذ يفنى، وتبقى ذكراك بيننا، بين كل أهل هذه البلدة. وسوف يشكرون لله أنه هو وهبَهم إياك. ستبقى صورةً جميلة في هذه المدينة الجميلة. والسلام عليك فيما انت ذاهب، وفيما انت محمول على أجنحة الملائكة.

ألا عزى الله ذويك وأبناء رعيتك وكل الشويفاتيين. إنهم سيذكُرونك كلما افتقروا الى السلام والى ذكر الحُب الذي يجمعهم واحدًا الى واحد. سلام عليك في هذه الرحلة المطيّبة بالروح والمكللة بالرضاء الإلهي. وسلام عليكم جميعا يا ابناء هذه المدينة العظيمة، ونحن نُفاخر بكم يوما بعد يوم، آمين.

Last Updated on Monday, 26 March 2012 13:42
 
Banner