ocaml1.gif
العدد 48: اللسان Print
Sunday, 30 November 2014 00:00
Share

 تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

الأحد 30 تشـرين الثاني 2014   العدد 48 

الأحد الخامس والعشرون بعد العنصرة

عيد القديس أندراوس الرسول

logo raiat web



كلمة الراعي

اللسان

عندنا في رسالة القديس الرسول يعقوب الجامعة مقطع شهير لعلّه أفصح وأبلغ ما كُتب عن اللسان (٣: ٢-١٠). يقول الرسول ان اللسان شرّ لا يُضبط ولا يستطيع أحد من الناس أن يُذلله، كأن الرذائل تتجمّع وتخرج في النهاية من الانسان عن طريق اللسان. ويُظهر القديس يعقوب الصعوبة العظيمة القريبة من المستحيل في ضبط اللسان، كما يُظهر الازدواجية الهائلة التي فيه «به نبارك الله الآب، وبه نلعن الناس الذين تكوّنوا على شبه الله. من الفم الواحد تخرج بركة ولعنة» (الآيات ٩ و١٠).

 يقول الرب: «ان كل كلمة بطّالة يتكلّم بها الناس سوف يُعطون عنها حسابًا» (متى ١٢: ٣٦). مشكلة اللسان هي مشكلة الكلام الباطل الذي يصدر عن الانسان: اللعن والشتم والكراهية عن طريق اللسان ومشكلة التجديف. كل هذه لا تُعالج الا إذا كان الانسان يقظًا روحيًا، يسعى إلى محاربة الأهواء والابتعاد عن الخطيئة.

عندنا أيضًـا رمز اللسان الناريّ الذي انحدر على التلاميذ عندما كانوا مجتمعين في العليّة وظهرت ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرّت على كل واحد منهم فامتلأوا من الروح القدس وصاروا يتكلّمون بلغات أُخرى كما أَعطاهم الروح أن ينطقوا (أعمال الرسل ٢: ١-٤). والنار في الكتاب المقدس عبارة تدلّ دائما على التطهير الذي يأتي دائمًا عن طريق التمحيص. النار هي المادة التي تنصهر بسببها المعادن وتنفصل فيها المعادن الثمينة عن المعادن غير الثمينة. النار اذًا علامة تمحيص. واللسان الناري قَسم البشرية إلى قسمين: أناس عندهم تمحيص لأنفسهم عن طريق الله، وأناس لا يمحّصون أنفسهم عن طريق الله أو لا يمحّصونها اطلاقا.

بعد حلول الروح القدس على التلاميذ بشكل ألسنة نارية خرجوا من العُلّية وصاروا يكلّمون الشعوب المختلفة المجتمعة في أورشليم «من كل أُمّة تحت السماء». وكان «كل واحد يسمعهم يتكلّمون بلغته»، أي كان يفهم ما يقوله الرسل. وكأن الكتاب الإلهي يقول ان التخاطب الروحيّ بين الناس لا يمكن أن يصدر الا عن طريق عقول ممحّصة، عقول تدين نفسها دائمًا على ضوء الكلمة الإلهية.

أمام مشهد حلول الروح القدس تُظهر لنا الليتورجيا مشهدا معاكسا هو مشهد برج بابل من سفر التكوين (١١: ١- ٩). برج بابل رمز للبشر الذين أرادوا ان يقتحموا السماء وأن يبنوا الأبراج العالية التي وجدها علماء الآثار في العراق. أراد البشر ان يتَحَدّوا الله، ان يستكبروا ويتعظّموا، ولما وصلوا إلى القمّة العالية من البرج، بلبل الله ألسنتهم وما عادوا يتفاهمون وهم الذين كانوا يتكلمون لغة واحدة عندما كانوا في التواضع خاضعين لله.

نلاحظ ان أهمية كبرى معلقة في الكتاب المقدس على اللسان. إما ان يكون أداة الوحدة بين البشر اذا كان مُلهَمًا من الروح القدس واذا كان الانسان يفحص نفسه دائما على ضوء الروح، أو أن يكون فسادُ الانسان المتكبّر المتعجرف ظاهرًا على لسانه.

يبقى ان مزالق اللسان التي يستخفّ بها الناس ويقولون «بسيطة، زلة لسان» ليست بسيطة، وهي الخطايا بعينها: الكلام البطّال، الشتم والتجديف التي هي تعبير عن الغضب، القَسَم بالله، اغتياب الآخرين الذي يؤذي كثيرا، والثرثرة والنميمة، التي علينا ان نحاربها بالروح القدس ونستعمل اللسان لأجل تبريك الله وقيادة الناس إلى الله.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: ١كورنثوس 4: 9-16

يا إخوة إنّ الله قد أبـرزنا نحن الرسل آخري الناس كأنّنا مجعولون للموت لأنّا قد صرنا مشهدًا للعالم والملائكة والبشر. نحن جُهّال من أجل المسيح أمّا أنتم فحكماء في المسيح، نحن ضعفاء وأنتم أقوياء، أنتم مكرَّمون ونحن مهَانون. وإلى هذه الساعة نحن نجوع ونعطش ونعرى ونُلطَم ولا قرار لنا، ونتعب عاملين، نُشتَم فنبارِك، نُضطهَد فنحتمل، يُشنَّع علينا فنتضرّع. قد صرنا كأقذار العالم وكأوساخٍٍ يستخبثها الجميع إلى الآن. ولستُ لأُخجلكم أَكتب هذا وإنّما أَعظُكم كأولادي الأحبّاء. لأنه، ولو كان لكم ربوة من المرشدين في المسيح، ليس لكم آباء كثيرون، لأنّي أنا ولدتُكم في المسيح يسوع بالإنجيل، فأَطلب إليكم أن تكونوا مُقتدين بي.

الإنجيل: يوحنا 1: 35-51

في ذلك الزمان كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه. فنظر إلى يسوع ماشيا فقال: هوذا حَمَلُ الله. فسمع التلميذان كلامه فتبعا يسوع. فالتفت يسوع فأبصرهما يتبعانه. فقال لهما: ماذا تطلبان؟ فقالا له: رابي (الذي تفسيره يا معلّم) أين تمكُث؟ فقال لهما: تعاليا وانظرا، فأتيا ونظرا أين كان يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم، وكان نحو الساعة العاشرة. وكان اندراوس أخو سمعان بطرس واحدا من الاثنين اللذين سمعا يوحنا وتبعا يسوع. فهذا وجد أولا سمعان أخاه فقال له: قد وجدنا مَسيّا الذي تفسيره المسيح. وجاء به إلى يسوع. فنظر اليه يسوع وقال: أنت سمعان بن يونا، أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس. وفي الغد أراد يسوع الخروج إلى الجليل فوجد فيلبسَ، فقال له: اتبعني. وكان فيلبس من بيت صيدا من مدينة أندراوس وبطرس. فوجد فيلبسُ نثنائيلَ، فقال له: إن الذي كَتب عنه موسى في الناموس والأنبياء قد وجدناه، وهو يسوع بن يوسف الذي من الناصرة. فقال له نثنائيل: أمِنَ الناصرة يُمكن أن يكون شيء صالح؟ فقال له فيلبس: تعال وانظر. فرأى يسوع نثنائيل مقبلا اليه، فقال عنه: هوذا إسرائيليّ حقا لا غشّ فيه. فقال له نثنائيل: من أين تعرفُني؟ أجاب يسوع وقال له: قبل أن يدعوك فيلبسُ وأنت تحت التينة رأيتُك. أجاب نثنائيل وقال: يا معلّم أنت ابن الله، أنت مَلكُ إسرائيل. أجاب يسوع وقال له: ألأنني قلتُ لك اني رأيتك تحت التينة آمنتَ؟ انك ستُعاين أعظم من هذا. وقال له: الحق الحق أقول لكم انكم من الآن ترَون السماء مفتوحة، وملائكة الله يَصعدون ويَنزلون على ابن البشر.

القدّيس أندراوس الرسول

اختارت الكنيسة اليوم الأحد الواقع فيه الثلاثون من شهر تشرين الثاني، عيد القدّيس أندراوس الرسول، أن تتلو المقطع الإنجيليّ الذي يتحدّث عن دعوة الربّ يسوع للتلاميذ الأوّلين (يوحنّا 1: 35-51). وقد أطلقت الكنيسة على القدّيس أندراوس صفة «المدعوّ أوّلاً»، لأنّ القدّيس يوحنّا الإنجيليّ يذكُر أنّه كان أوّل مَن تبع الربّ على دروب البشارة. وينقل إلينا التقليد الشريف أنّ أندراوس قد بشّر في نواحي القسطنطينيّة (بيزنطية)، وأسّس الكنيسة فيها، ثمّ استُشهد مصلوبًا ورأسه إلى أسفل.

كان أندراوس أحد تلاميذ القدّيس يوحنّا المعمدان، فسمع يوحنّا يُشير إلى الربّ يسوع قائلاً: «ها هو حمَلُ الله». فللوقت ترك أندراوسُ يوحنّا معلّمه، وتبع يسوع. حين سمع أندراوس هذه العبارة من فم يوحنّا، كانت المرّة الثانية التي يقول فيها يوحنّا عن المسيح إنّه حمَلُ الله. والحمَل، وفق التراث المقدّس، كان اسمًا للمسيح المنتظَر الذي أنبأ عنه العهد القديم بأنّه سيأتي إلى العالم ليُقاد إلى الذبح كحمل بريء من العيب، من أجل خلاص الجنس البشريّ كلّه. فإشعياء النبيّ يقول عنه: «كان كنعجة تُساق إلى الذبح، وكحمل صامت أمام الذي يجزّه، لم يفتح فمه» (53: 7). ويضيف إشعياء: «حَملَ آثامنا وتألّم من أجلنا. هو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل خطايانا. تأديبُ سلامه كان علينا، وبجراحه شُفينا، فألقى عليه الربّ إثمنا جميعًا»  (53: 4-5(.

أَدرك أندراوس سريعًا معنى عبارة يوحنّا النبويّة «ها هو حمَلُ الله»، فترك كلّ شيء وتبع المسيح. يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (+407) في شرحه للآية الإنجيليّة القائلة: «ها هو حمَلُ الله، الرافع خطيئة العالم» (يوحنّا 1: 29)، إنّ المعمدان أظهر الرسالة التي من أجل تحقيقها تجسّد الربّ يسوع، وهي الفداء الإلهيّ من أجل خلاص العالم: «فلم يقل (المعمدان) «الذي سيرفع»، أو «الذي رفع»، بل «الرافع خطايا العالم»، فهذا ما يفعله على الدوام (أي استمراريّة الفعل). إنّه أخذ الخطايا عندما تألّم، وهو رافعُها منذ ذلك الحين إلى الآن. وهو ليس مصلوبًا على الدوام، لأنّه قدّم ذبيحة واحدة عن الخطايا، مطهّرًا بها كلّ شيء على الدوام».

يلاحظ الذهبيّ الفم أنّ المعمدان قد استعمل «أل التعريف» (في النصّ اليونانيّ) في كلامه على يسوع حمَلِ الله. وتظهر «أل التعريف» في الكثير من الألفاظ الدالّة على يسوع، فهو «المسيح»، و»الابن الوحيد» و»الحمَل»، و»النبيّ»، و»النور الحقّ»، و»الراعي الصالح»، و»الكرمة الحقيقيّة». وهذا يشير إلى ميزة يسوع الفريدة، فثمّة حِمْلان كثيرة وأنبياء ومسحاء وأبناء، لكنّ المعمدان يميّز المسيح الحقّ عن جميعهم. ويختم الذهبيّ الفم كلامه بالتأكيد على أنّ يوحنّا المعمدان قد ثبّت هذه الميزة بـ«أل التعريف»، لذلك، «ما من شيء مشترك بينه وبين الخليقة».

ما إن سمع تلميذا المعمدان، أندراوس والتلميذ الآخر الذي يُرجح أن يكون يوحنّا كاتب الإنجيل، حتّى تركا معلّمهما الأوّل وتبعا يسوع. فقال لهما يسوع: «ما تبغيان؟» للحين قالا له: «رابّي (أي يا مُعلّم)»، فأَعربا عن نيّتهما الصادقة بالانقياد إلى يسوع لغرض واحد وهو أن يُطيعاه كمعلّم. وفي الوقت ذاته سألاه: «أين تقيم؟» لأنّهما رغبا في التردّد عليه بين الحين والآخر. وفي هذا السياق يقول القدّيس كيرلّس الإسكندريّ (+444): «يسأل التلميذان، كأنّهما تلَقّيا العلم جيّدًا، فيدعوانه رابّي، لإظهار رغبتهما في المعرفة والتلقّن الواضح، فيتوسّلان إليه ليعرفا أين يقيم، كي يُطلعاه على حاجتهما في الوقت المناسب. لقد ظنّا أنّ الكلام على موضوع ضروريّ كهذا لم يكن مناسبًا في الطريق».

«ولقي أندراوس أوّلاً أخاه سمعان فقال له: وجدنا المشيح، أي المسيح. وجاء إلى يسوع فحدّق إليه يسوع وقال: أنت سمعان بن يونا، وستُدعى كيفا، أي بطرس». يتحدّث الذهبيّ الفم عن شوق أندراوس للقاء المسيح، «فبعد أن أقام أندراوس عند المسيح، وبعد أن تعلّم ما تعلّمه، لم يحتفظ بالكنز لنفسه، بل أسرع إلى أخيه، ليُعطيه ما تلقّاه من صالحات (...). ففِعْلُ «لقينا» (أو وجدنا) هو تعبير عن نفس تتوق إلى حضور المسيح، وترجو قدومه مِن عَلُ، وتبتهج بما يحدث بعد ظهور ما يُرتجى، وتُسرع إلى نقل البشرى للآخرين. هذا هو الودّ الأخويّ، وعُرى الصداقة، عندما يُسرع أحدٌ برغبة عارمة إلى مدّ يده للآخرين في مسائل روحيّة».

لماذا غيّر الربّ يسوع اسمَ سمعان، فدعاه كيفا أي بطرس؟ يجيب أوغسطينُس المغبوط (+435) بالقول إنّ «لفظ بطرس يُشتقّ من الصخرة، لكنّ الصخرة هي الكنيسة»، هكذا يكون «مثل مَن يسمع كلامي ويعمل به، مثل رجل عاقل بنى بيته على الصخر» (متّى 7: 24)، لا يستسلم أمام التجارب. أمّا الذهبيّ الفم فيعتبر أنّ المسيح أراد بتغييره اسم سمعان التأكيد على كونه هو نفسه إله العهد القديم، «كي يبيّن لنا أنّه هو مَن أعطى العهد القديم، وغيّر الأسماء، ودعا أبرام إبراهيم، وساراي سارة، ويعقوب إسرائيل. وعلى كثيرين أطلق أسماءهم منذ الولادة، كما هو الحال مع إسحق وشمشون». ويضيف الذهبيّ الفم أمرًا في غاية الأهمّيّة وهو أنّنا «الآن جميعنا لنا اسم واحد، وهو أعظم الأسماء. فنحن ندعى مسيحيّين، وأبناء الله وأصدقاءه وجسده». فبشفاعات القدّيس أندراوس الرسول، أيها الربّ يسوع المسيح، ارحمنا وخلّصنا.

القديسة كاترينا

وُلدت في أواخر القرن الثالث في عائلة ثرية في الاسكندرية اعتنقت المسيحية. وأقبلت كاترينا منذ حداثتها على اقتباس العلوم العصرية كما انها كانت مثابرة على قراءة الكتاب المقدس ودراسته. ثم التحقت بمدرسة الاسكندرية الشهيرة ودرست فيها علم الفلسفة واللاهوت على أكابر العلماء هناك، فأضحت من الأئمّة بين فلاسفة ذلك العصر، فانصرفت مدافعة عن الإيمان ضد الهراطقة والوثنيين ولا سيما الامبراطور مكسيمينُس حاكم مصر آنذاك. ومن أشهر مدافعاتها تلك التي قامت بها في بلاط الامبراطور أمام علماء المملكة وحكمائها.

استُدعيت الى البلاط فسألها الامبراطور عن اسمها وعن عملها وغايتها. فأجابته: «أما نَسَبي فهو معروف في الاسكندرية، واسمي كاترينا، وأجدادي هم من أشراف المملكة. لقد وقفتُ حياتي سعيًا وراء معرفة الحقيقة. واني كلما ازددتُ علمًا ازددتُ يقينًا أن الأصنام التي تعبدونها هي خرافات سخيفة. ولقد أضحى مجدي وغناي في أن أنتسب الى الديانة المسيحية. ولا أشهى لديّ من أن أراك تعترف بالإله الحقيقي وبيسوع المسيح أنت ومملكتك كلها وأن تترك تلك الخرافات الوثنية».

ثم واصلت مدافعتها في ثلاثة أقسام، فبيّنت أولا مستعينة بهوميروس وأورفيا، شعراء اليونان، أن الإيمان بوجود الآلهة هو محض خرافة ولا يمكن للعقل السليم ان يقبله. ثم شرحت في القسم الثاني أن الفلسفة الصحيحة المبنيّة على المنطق لا تستطيع أن تعترف الا بإله واحد خالق السموات والأرض ومبدع جميع الكائنات. ودعمت كلامها بأقوال كبار فلاسفة اليونان كسقراط وأفلاطون وأرسطو. ثم أتت في القسم الثالث على بيان أُلوهة المسيح وأنه واحد مع الآب والروح القدس وأنه تجسّد وصُلب ومات وقبر وقام في اليوم الثالث، واستندت في «براهين» أُلوهته على أقوال الأنبياء في العهد القديم وعلى ما جاء في كتب «السبلا» النبوية الوثنية.

آمَنَ علماءُ المملكة وقائد الجيش وعدد من رجال البلاط وأفراد من عائلة الامبراطور بالمسيح ربًّا وإلهًا عند سماعهم مدافعة كاترينا، واعتمدوا جميعا، مما دفع الامبراطور الى اضطهاد كبير لكنيسة الاسكندرية استشهد فيه كثيرون. ولما لم تستسلم كاترينا ولم تُنكر إيمانها، أُمر الجند أن يأخذوها خارج المدينة وأن يقطعوا رأسها، فاستُشهدت حوالى العام ٣٠٥ للميلاد. وهي شفيعة الدير المعروف باسمها في جبل سيناء، وهو لا يزال قائما حتى اليوم.

من تعليمنا الأرثوذكسي: الأناجيل السينابتيّة

التلميذ: خلال حلقة شرح الإنجيل الأُسبوعية في رعيتنا، سمعتُ الكاهن يتكلّم مع الكبار عن الأناجيل السينابتيّة. لم أفهم ماذا يقصدون. انا أعرف الأناجيل الأربعة فقط.

المرشد: يُقصد بالأناجيل السينابتية الأناجيل الثلاثة الأولى: متّى ومرقس، ولوقا التي تتشابه كثيرا في ما بينها وتختلف كثيرًا عن إنجيل يوحنا. تتشابه الأناجيل الثلاثة في مضمنوها وسياق سيرة الرب يسوع على الأرض لدرجة انه يمكن ترتيبها في عواميد متوازية وقراءتها بنظرة واحدة.

التلميذ: اعرف كل هذا. لكن ما معنى السينابتية؟

المرشد: هل تصبر قليلا! أُتابع كلامي: عندما تقرأ بنظرة واحدة مقاطع ثلاثة، واحد من كل إنجيل، مرتّبة بثلاث عواميد، تقرأ قراءة «سينابتية»، والكلمة يونانية تعني نظرة واحدة. مرت الكلمة كما هي الى كل اللغات. أُعطيك مثلاً على ذلك: تجد في الأناجيل الثلاثة الأولى تسلسل سيرة يسوع على الأرض من الميلاد الى التعليم والعجائب حتى الصلب والقيامة. أمّا الإنجيل الرابع فله ترتيب آخر بأسلوب مختلف. اليك مثلاً آخَر عن «العشاء»: يروي الإنجيليون الثلاثة العشاء الاخير وكلمات يسوع: خذوا كلوا، واشربوا منه كلكم بطريقة متشابهة. اما الإنجيلي يوحنا فيتكلّم عن المناولة بطريقة اخرى في الإصحاح السادس حيث يقول يسوع: «انا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء. إن أكل احد من هذا الخبز يحيا الى الابد. والخبز الذي انا أُعطي هو جسدي الذي أبذُله من اجل حياة العالم» (٦: ٥١). ويضيف: «من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وانا أُقيمه في اليوم الأخير» (٦: ٥٤).

التلميذ: ماذا نقرأ اذًا؟

المرشد: تقرأ الأناجيل الأربعة متى ومرقس ولوقا ويوحنا كلها تباعًا وحدك في البيت ومع رفاقك في الفرقة، وتتابع القراءات في الكنيسة. أن تعرف طريقة كل إنجيليّ وأسلوبه وأن تتخصّص في ما بعد في دراسة وشرح الكتاب المقدس أمر جيّد جدا قد يساعدك على فهم أفضل للنصوص. لكن يبقى الأهم: ان تقرأ الإنجيل صلاة واستلهامًا لعيش حياتك.

كُبّا: أول سهرانية في كهف الذهبيّ الفم

مساء الاربعاء في ١٢ تشرين الثاني ٢٠١٤، عشية عيد القديس يوحنا الذهبي الفم، اجتمع عدد من الكهنة وأبناء رعية كبّا والجوار لإقامة سهرانية العيد في كهف طبيعي جميل يقع غرب البلدة ويُسمّى «كهف الذهبيّ الفم». طوله حوالى ٣٥ مترا وعرضه أكثر من ١٥ مترا مع ارتفاع عال يتسع لعدد كبير من المؤمنين، تحيط به تجاويف صخرية عدة. منذ ١٩٩٠ يجرى العمل على إقامة كنيسة في هذا المكان المنعزل البعيد عن الضوضاء والمثاليّ للتأمل والصلاة والعبادة.

 

Last Updated on Friday, 21 November 2014 14:42