ocaml1.gif
العدد ٤٤: اللقاء بالجوقة Print
Sunday, 04 November 2018 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ٤ تشرين الثاني ٢٠١٨ العدد ٤٤ 

الأحد الثالث والعشرون بعد العنصرة

القدّيس إيوانيكيوس الكبير

logo raiat web

كلمة الراعي

اللقاء بالجوقة

4418  لقائي الأوّل بجوقة الأبرشيّة في مطلع سنتها الأكاديميّة، كان فرصة لحوار بنّاء جمعنا في كلّيّة الفنون الجميلة في جامعة البلمند، حيث يدرسون. بعد التعريف بأهداف مدرسة الموسيقى البيزنطيّة وبهيكليّتها الإداريّة، تكوّنت لديّ صورة عامّة عن تطوّر العمل فيها، وعن أنشطتها والتطلّعات التي لدى القائمين عليها في خدمة الكنيسة.

الحديث الذي جمعنا كان له محوران مرتبطان بماهيّة الموسيقى ذاتها. تناول المحور الأوّل الأساس الذي يرتكز عليه الترتيل، أي النوطة الأساسيّة، الإيصون، عماد السطر اللحنيّ وعماد الأداء. هذا الأمر كان منطلقًا للحاضرين لتفاعل حول أداء الجوقة وشهادتها. فعبّروا عمّا يتطلّبه الأداء من «سمفونيّة»، أي توافق الأصوات، في أداء التراتيل، وما يعني هذا الأمر من جهد ليس فقط لإتقان قراءة العلامة الموسيقيّة وأدائها الصحيح، ولكن ما يرافقه من عمل داخليّ أساس يتعلّق بالانضباط والانتباه والتعاضد والتمرين المستمرّ. بهذا عبّروا عمّا يعيشونه من خبرة في صقل الموهبة، من جهة، والالتفاف معًا في حياة جماعة وشركة محورها الترتيل وخدمة الكنيسة، من جهة أخرى.

انطلاقًا من هذا المحور، ارتقينا إلى مستوى آخر في الحديث، والمتعلّق بأداء الجوقة في الكنيسة. فوجدنا أنّه، كما الإيصون في السطر اللحنيّ يشكّل العماد غير المنظور في القطعة الموسيقيّة، كذلك الجوقة في الكنيسة تشكّل العماد غير المنظور لارتقاء المؤمنين في الصلاة والتسبيح، بحيث تكون الجوقة خادمة خفيّة لهذا الارتقاء، وليست محطّ انتباه المؤمنين وتركيزهم. تاليًا تستمتع قلوب المؤمنين في تسبيح الله وشكره، ولا تتوقّف مستمتعة بالأنغام والألحان. وقد لفتني أمر في هذا الصدد، هو شهادة الجوقة في الكنيسة كصورة لجماعة مصلّية، خادمة، متعاونة، متراصّة، تصقل نفسها، جادّة، مسبِّحة، بحيث تكون مثالاً لخدمة جماعيّة في الكنيسة، ظاهرة وخفيّة بآن معًا. بهذا تكون قد جمعت البعدَين العموديّ والأفقيّ في شهادتها، حيث البعد العموديّ يشير إلى الصلاة والتسبيح، والبعد الأفقيّ يشير إلى حياة الشركة الكنسيّة.

أمّا المحور الثاني فتناول الوجه الآخر من عماد الموسيقى وهو الزمن. فإذا كان الإيصون أو القرار يرمز إلى البعد «المكانيّ»، إذا جاز التعبير، فالإيقاع يشير إلى البعد الزمنيّ في الموسيقى، وهما البعدان (المكان والزمن) اللذان يشكّلان عماد وجود الإنسان في ترابيّته. هذا البعد الزمنيّ كان منطلقًا للحاضرين لولوج سرّ «الآنيّة»، سرّ اللحظة الحاضرة، «الآن»، وبناء الحياة الروحيّة على العيش الصحيح لتلك اللحظة، على خلفيّة أداء الجوقة لكلّ نوطة في اللحظة المناسبة، وبتناغم الأصوات وتوافقها.

قادنا هذا المحوران، في نهاية الحديث، إلى تتويج اكتشافاتنا السابقة بإلقاء الضوء على من هو الناظم الأوّل والأخير للكلام والصلاة والترتيل، أعني به الروح الكلّيّ قدسه، الذي، على ما ننشده في قنداق العنصرة، «يدعو الكلّ إلى اتّحاد واحد».

هذا كان بعض ما تكشّف لي في لقائي بجوقة الأبرشيّة، فأحببت تعميم الفائدة لما فيه من نور يساعدنا، كلّما التصقنا بالمسيح، في تسبيح الروح الكلّيّ قدسه، على حسب ما يدعو رئيس الكهنة عند مباركته المؤمنين بالذيكاري والتريكاري عند ترتيلنا «قدّوس الله». هذا ما أرجوه لكلّ مؤمن، سواء كان عالمًا بالموسيقى الكنسيّة أو لا، أو مشاركًا في الخدمة الإلهيّة أو غائبًا (لعذر ما) عنها.

سلوان

مطران جبيل والبترون وما يليهما

(جبل لبنان)

 

الرسالة: أفسس ٢: ٤-١٠

يا إخوة إنّ الله لكونه غنيًّا بالرحمة، ومن أجل كثرة محبّته التي أَحبّنا بها، حين كنّا أمواتًا بالزلاّت أحيانًا مع المسيح (فإنّكم بالنعمة مخلَصون)، وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويّات في المسيح يسوع، ليُظهِر في الدهور المستقبَلة فرط غنى نعمته باللطف بنا في المسيح يسوع. فإنّكم بالنعمة مخلَصون بواسطة الإيمان، وذلك ليس منكم إنّما هو عطيّة الله، وليس من الأعمال لئلاّ يفتخر أحدٌ لأنّا نحن صُنعُه مخلوقين في المسيح يسوع للأعمال الصالحة التي سبق الله فأعدّها لنسلُك فيها.

 

الإنجيل: لوقا ١٦: ١٩-٣١

قال الربّ: كان إنسان يلبس الأرجوان والبزّ ويتنعّم كلّ يوم تنعّمًا فاخرًا. وكان مسكينٌ اسمه لعازر مطروحًا عند بابه مصابًا بالقروح. وكان يشتهي أن يشبع من الفتات الذي يسقط من مائدة الغنيّ. بل كانت الكلاب تأتي وتلحس قروحه. ثمّ مات المسكين فنقلته الملائكة إلى حضن إبراهيم. ومات الغنيّ أيضًا فدُفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب فرأى إبراهيم من بعيدٍ ولعازر في حضنه. فنادى قائلاً: يا أبت إبراهيم ارحمني وأرسِلْ لعازر ليُغمّس طرف إصبعه في الماء ويبرّد لساني لأنّي معذّب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم تذكّرْ يا ابني أنّك نلت خيراتك في حياتك ولعازر كذلك بلاياه. والآن فهو يتعزّى وأنت تتعذّب. وعلاوةً على هذا كلّه فبيننا وبينكم هوّة عظيمة قد أُثبتت حتّى إنّ الذين يريدون أن يجتازوا من هنا إليكم لا يستطيعون، ولا الذين هناك أن يعبروا إلينا. فقال أسألك إذًا يا أبتِ أن ترسله إلى بيت أبي. فإنّ لي خمسة إخوة حتّى يشهد لهم كيلا يأتوا أيضًا إلى موضع العذاب هذا. فقال له إبراهيم إنّ عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا منهم. قال لا يا أبت إبراهيم، بل إذا مضى إليهم واحدٌ من الأموات يتوبون. فقال له إن لم يسمعوا من موسى والأنبياء فإنّهم ولا إن قام واحدٌ من الأموات يصدّقونه.

 

التباين بين هارون وموسى

قصّتان من المشاهد المتوازية التي نصادفها في الكتب الموسويّة (الخمسة)، تشيران إلى نموّ هارون الروحيّ، على مرّ السنين، خلال تجوال إسرائيل في الصحراء. يقف كلا المشهدان في مواجهة أحدهما الآخر في الهيكليّة العامّة للتوراة، كما يحتويان أيضًا على عناصر أخرى من التباينات الداخليّة.

القصّة الأقدم بين الاثنتين، موثّقة في سفر الخروج ٣٢، وتصف حادثة «العجل الذهبيّ». يَظهر هارون، في تلك الحلقة من القصّة، وكأنّه شخص جبان وذليل ومتردّد، ولا يليق به أن يكون راعيًا للنفوس. هارون في الواقع، وفي أوّل اندفاعة قويّة للشعب وراء الوثنيّة، نراه يوافق على رغباتهم، ويطلب منهم تسليم مجوهراتهم، التي يستخدمها بعد ذلك لصناعة عجل مسبوك لهم. ورغم تورّط هارون في خطيئة الشعب، إلاّ أنّه لا يعترف بمشاركته في الذنب. بالحريّ، هو يصير مثالاً نموذجيًّا عن الخاطئ الذي يحاول «عقلنة» خيانته، فيتظاهر بأنّ ما صنعه ليس فعل جحود، ولكنّه (على غرار التعبير الشعبيّ بعامّة) مثال عن مقولة: «يجب قبول الناس حيث هم»! هارون لا يحبّهم بشكل كافٍ لمقاومتهم في انحرافاتهم. لاحقًا، عندما استجوبه أخوه بسبب هذا التواطؤ، أخذ هارون يُنكر خطأه بلا خجل. «أنت تعرف الشعب»، يقول لموسى، «إنّه في شرّ». وفي خطّ بيانيّ من السخرية الفائقة، يحاول هارون الجبان، التخفيف من قيمة مشاركته في الخطيئة عبر الادّعاء: «أنا طرحته (الذهب) في النار فخرج هذا العجل»! يتمّ تصوير هارون، في هذه القصّة، ككاهن غير مناسب أبدًا لخدمته.

علاوة على ذلك، يتباين هارون بشكل جذريّ مع موسى أيضًا عبر بُنية القصّة ذاتها: ففي اللحظة التي ينحدر هارون فيها إلى الوادي، ما يسمح للإسرائيليّين بخيانة الله، نرى في المقابل، أنّ موسى المؤمن يقف على قمّة الجبل، ويصلّي إلى الربّ ليرحم شعبه. تسود صلاة موسى المشهد وتحكمه.

هناك سخرية إضافيّة في هذا التباين بين موسى وهارون: في الوقت الذي كان فيه الإسرائيليّون المهتاجون في الوادي يخطّطون لتمرّدهم، كان موسى يتلقّى تعليمات الربّ المفصّلة بشأن كهنوت هارون (خروج ٢٨-٣١). وهذا يعني، حتّى بينما كان كهنوت هارون في عمليّة التشكُّل، أثبت هو بنفسه عدم أهليّته لتلك الرتبة. حتّى أثناء تصميم أثوابه الكهنوتيّة، أظهر نفسه غير جدير بارتدائها.

في تناقض واضح مع هذا الصورة المُبكرة لهارون، يبرز مشهد لاحق في القصّة الثانية من سفر العدد ١٦. في هذه القصّة الجديدة، نجد هارون «الجديد»، وقد تحسّن وضعه كثيرًا، وأصبح الآن رئيس كهنة حقيقيًّا «قادرًا على أن يترفّق بالجهّال والضالّين، إذ هو أيضًا محاط بالضعف» (عبرانيّين ٥: ٢).

وبينما تتمّ معاقبة بني إسرائيل في المشهد اللاحق، بوباء الله بسبب تمرّدهم الأخير، وبينما يموت الآلاف منهم في يوم واحد، نرى هارون يأخذ مجمرته كما طلب منه موسى، ويركض إلى وسط الجماعة ويقف بين الموتى والأحياء، و«يكفّر عن الشعب»، و«يقف بين الموتى والأحياء فيمتنع الوباء». في هذا المشهد المؤثّر، لا تباين بين هارون وموسى. على العكس من ذلك، الأخوان الآن في تماهٍ في قلقهما على الشعب، بينما يقول الربّ لهما «اطلعا من وسط هذه الجماعة، فإنّي أفنيهم بلحظة». موسى وهارون، كلاهما معًا، «يخران على وجهيهما» في صلاة مشتركة للشفاعة بالشعب. في القصّة السابقة، كان موسى قد تلا تلك الصلاة بمفرده، بينما كان أخوه متواطئًا في خطيئة الشعب، ولكن، الآن الشقيقان صارا في انسجام تامّ. فقد زال توتّر القصّة السابقة: «ثمّ رجع هارون إلى موسى إلى باب خيمة الاجتماع والوباء قد امتنع».

التباين الداخليّ في هذه القصّة الثانية هو، في هذه المرّة، بين هارون ولاويّ آخر يُدعى قورح. غير عالم أنّ «لا أحد يأخذ هذه الوظيفة بنفسه، بل المدعوّ من الله، كما هارون أيضًا» (عبرانيّين ٥: ٤)، طمع قورح ومطالبته بالرتبة الكهنوتيّة كمكانة فخريّة للشرف والسلطة والكبرياء، لنفسه ولأفراد أسرته. لذا، في هذا التمرّد كان قورح وعائلته أوّل من يُعاقب: «انشقت الأرض التي تحتهم وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكلّ من كان لقورح مع كلّ الأموال فنزلوا هم وكلّ ما كان لهم أحياء إلى الهاوية، وانطبقت عليهم الأرض، فبادوا من بين الجماعة».

لذلك، إذا ما قابلنا بين خطيئة قورح هذه، وخيانة هارون المبكرة، تبدو لنا أنّها أسوأ بكثير. ففي حين أنّ فَشَل هارون تمثّلَ في رجل ضعيف وغير مستحقّ، فإنّ خطيئة قورح هي الأكثر فظاعة، وخبثًا، وكبرياءً، وتمرّدًا متعمّدًا…

في مسيرة هارون التوراتيّة، من سفر الخروج ومرورًا بسفر العدد، نتابع نموّه الروحيّ، ومسيرة تسلّقه من أسفل وادي الخطيئة «وظلال الموت»، صعودًا إلى أعلى «جبل موسى». نواكب مسيرة هارون إلى «قياس قامة ملء» موسى. خطوة فخطوة، يزول التباين بين هارون  وموسى حتّى يختفي:

«يا مَنْ في القديمِ مِنَ العَدَمِ جَبَلْتَنِي وبِصُورَتِكَ الإلهيّةِ أكرَمْتَنِي. ولَمَّا تجاوَزْتُ وَصِيَّتَكَ أعَدْتَني أيضًا إلى الارضِ التي مِنْها أُخِذْتُ. أعِدْني أيضًا إلى مثالِكَ لِتَتَجَدّدَ فِيَّ صورةُ الجمالِ القديم». آمين.

 

كفرمتّى

الأحد في ٢١ تشرين الأوّل، ترأس راعي الأبرشيّة القدّاس الإلهيّ في كنيسة القدّيس جاورجيوس في كفرمتّى. في العظة، تحدّث المطران سلوان عن النصّ الإنجيليّ، وعبّر عن الخبرة الإنسانيّة في التعاطي مع التدبير الإلهيّ في حياتنا اليوميّة وكيفيّة «الحديث» عن هذا التدبير وطريقة تناقله.

ثمّ التقى أبناء الرعيّة في حوار تناول رؤيتهم لواقعهم الرعويّ والقرويّ، وذلك بحضور أعضاء المجلس البلديّ ومختار البلدة.

بعد أن بارك المطران سلوان بيت الكاهن التي قامت الرعيّة بوضعه في «الخدمة»، جال على الكنيسة قيد الإنشاء واطّلع على سير العمل فيها. ثمّ شارك في مائدة المحبّة. كما جرى حوار ثانٍ تناول فيه الحاضرون تطلّعاتهم ومساعيهم وإخفاقاتهم في ما خصّ عودة أبناء البلدة، وجمع شملهم وتحسين انخراطهم في خدمة الكنيسة. وهنّأ الحاضرين على إنجاز العمل.

 

عبيه

الأحد ٢١ تشرين الأوّل، زار راعي الأبرشيّة كنيسة التجلّي في عبيه بعد صلاة قصيرة في الكنيسة، اجتمع المطران سلوان بأبناء الرعيّة، حيث كانت له كلمة هنّأ فيها الرعيّة على أعمال البناء وتحدّث عن معنى المعاناة في حياة الإنسان، وكيفيّة الاستفادة منها في حياة المؤمن.

وبعد المشاركة في الضيافة، زار المكان حيث تربى فيه مثلّث الرحمة البطريرك غريغوريوس حدّاد.

 

البطريرك يوحنّا العاشر في صربيا

قام غبطة البطريرك يوحنّا العاشر من ١١ إلى ١٩ تشرين الأوّل بزيارة سلاميّة رسميّة إلى بطريركيّة صربيا، على رأس وفد ضمّ مطران عكّار باسيليوس (منصور) ومطران أميركا الشماليّة جوزف (زحلاويّ) إضافة إلى إكليريكيّين وعلمانيّين، حيث استقبله البطريرك إيريناوس. زار غبطته والوفد المرافق الكنائس والأديرة في صربيا ومونتينيغرو وكوسوفو حيث مقرّ البطريركيّة الأساس. أجرى البطريركان محادثات تناولت وضع الكنيستين ووضع الكنيسة الأرثوذكسيّة بعامّة، وقّعا بنهايتها بيانًا مشتركًا جاء فيه:

- الزيارة مُناسبة أخويَّة مهمّة للقاء وللتباحث بالأمور التي تُشكِّل قاسمًا مُشتركًا لشهادتهما وخدمتهما في عالم اليوم المُتأزِّم، وللتشاور الأخويّ بينهما حول الأوضاع الأرثوذكسيّة العامّة وطرائق رأب الصدع بين الأخوة، وضرورات تثبيت مناهج الشورى والتوافق.

- جاءت المباحثات بين الكنيستين على درجة عالية من روح الأخوَّة (...). فاستعرض الوفدان أوجه التشابه في التجربة التاريخيّة لكلّ من الكنيستين، بحيث إنّ كلاًّ منهما تُعتبر كنيسة «شاهدة» و«شهيدة» (...).

- استعرض الوفدان الأوضاع الصعبة والمؤلمة التي تشهدها الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة في سورية ولبنان، وعموم الشرق الأوسط (...) وأكّدا على أصالة الوجود المسيحيّ الأنطاكيّ في الشرق.

- عبّرت الكنيستان عن قلقهما الكبير أمام خطر التباعد والانقسام والانشقاق الذي يهدّد اليوم الكنائس الأرثوذكسيّة المستقلّة، بفعل قرارات أحاديّة الطابع تُهدِّد هنا وهناك بتداعياتها السلبيّة، أسس التوافق الكنسيّ والعلاقات الأخويّة بين الكنائس الأرثوذكسيّة المُستقلّة كافّة، وتضرب بربط الوحدة الكنسيّة في ما بينها ما يؤثّر على شهادة الأرثوذكسيّة في عالم اليوم. وتعتبر الكنيستان أنّ المرحلة التاريخيّة الحاليّة حسّاسة ودقيقة وصعبة جدًّا، وتتطلّب أكثر من أيّ يوم مضى، الكثير من الحكمة والتروّي والدراية واليقظة الروحيّة، من أجل الحفاظ على سلام الكنيسة الأرثوذكسيّة ووحدتها ومنعها من الانزلاق، من حيث تدري أو لا تدري، في مَطبّات سياسة المحاور والمصالح السياسيّة للدول ما يضرب الشهادة الأرثوذكسية في عالم اليوم ويُضعِفها.

- إنّ وحدة العالم المسيحيّ الأرثوذكسيّ وسلامه هي أمانة وضعها الربّ يسوع المسيح بين أيدينا. لا يُمكن ترجمة الوحدة الإيمانيّة، حقيقةً وواقعًا ملموسًا وشهادةً فاعلةً ومُؤثِّرة في إنسان اليوم الذي تتنازعه التجاذبات المُجتمعيّة والوجوديّة، إلاّ إذا ظَهَّرَت الكنيسة الأرثوذكسيّة للعالم وحدتها الكنسيّة، قولاً وفعلاً، عبر مناهج مَجمعيّة للعمل والتشاور واتّخاذ القرارات وفقًا للترتيب الكنسيّ القانونيّ للكنيسة الأرثوذكسيّة، وبالإجماع بين الكنائس كافّة مهما كان حجمها. فالكنيسة الأرثوذكسيّة هي كنيسة واحدة جامعة مُقدّسة رسوليّة، وليست اتّحادًا أو كونفدراليّة كنائس، مُنفصلة عن بعضها البعض، تتعامل مع بعضها البعض من مُنطلقات مصلحيّة، وتظهر للعالم كمجموعة كنائس تتنازع وتتخاصم وتتباعد.

Last Updated on Saturday, 27 October 2018 14:44