ocaml1.gif
العدد ٤٩: المواجهة الحتميّة في سبيل تحرير الإنسان Print
Written by Administrator   
Sunday, 08 December 2019 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ٨ كانون الأوّل  ٢٠١٩ العدد ٤٩ 

الأحد الخامس والعشرون بعد العنصرة

البارّ بتابيوس المصريّ

logo raiat web

كلمة الراعي

المواجهة الحتميّة في سبيل تحرير الإنسان

4919 ما أبلغ هذا الجهاد الداخليّ الطويل والمضني لامرأة «لم تقدر على أن تنتصب البتّة» من «روح ضعف» سيطر عليها طيلة فترة زمنيّة طويلة دامت «ثماني عشرة سنة»، اختبرت خلالها عجزًا وانسحاقًا كبيرَين (لوقا ١٣: ١١)! هل تفاجأ الربّ بوجودها في المجمع حيث كان يعلّم يوم السبت؟ يدهشك النصّ كيف لاحظها يسوع: «لـمّا رآها... دعاها». ثمّ نسمعه يبشّرها: «يا امرأة إنّك محلولة من ضعفك»، ويقرن القول بالفعل فيضع يده عليها ويشفيها: «ففي الحال استقامت ومجّدت الله» (لوقا ١٣: ١٢-١٣). هكذا انكسرت حلقة أسر طويلة، من حيث نظرة المرأة إلى نفسها ونظرة محيطها إليها. نظرة الله نحوها جعلتها تتعجّب، فمجّدت الله من كلّ الكيان، ونحن نشاركها في ردّ الفعل ذاته. ففيها يتحقّق قول المرنّم: «قد نظر إلى صلاة المتواضعين ولم يرذل طلبتهم... إنّه قد تطلّع من علوّ قدسه... ليسمع تنهّد المقيّدين، ليحلَّ بني المائتين، حتّى يُخبَّر في صهيون باسم الربّ...» (مزمور ١٠١: ١٧ و١٩-٢١).

مسيرة التحرير والانعتاق هذه وتسبيح الله على أعماله المجيدة الحاصلة بيننا كان لها أن تصطدم، في واقعنا البشريّ، بمعارضة العارفين والحارسين للناموس (لوقا ١٣: ١٤-١٦). هكذا صبّ رئيس المجمع جام غضبه على المرأة صونًا لكرامة السبت وقدسيّته، فقال وهو مغتاظ: «هي ستّة أيّام ينبغي فيها العمل، ففي هذه تأتون وتستشفون وليس في يوم السبت». بدا وكأنّه هو الأمين على روح الله وتدبيره في دفاعه عن وصيّته وعن تفسيرها وكيفيّة ممارستها، بجلوسه على كرسيّ التعليم والقضاء بآن. لكنّ يسوع أراد أن يجعل مَن يقود هذه المعارضة الصريحة في وجهه، ومَن يماثله الموقف، يعي واقعه الشخصيّ والوظيفيّ بآن، بحيث يستطيع أن يختبر ما اختبرته المرأة من استقامة روحيّة تجلّت باستقامتها الجسديّة. كان لا بدّ له من أن يشير على هذا الرئيس بالعلّة ليشفيها، أي الرياء الذي يقيم فيه، وتبيانه في سلوكه: «ألّا يحلّ كلّ واحد منكم في السبت ثوره أو حماره من المذود ويمضي به ويسقيه؟». ثمّ خاطب ما هو أعمق من الظواهر، فأشار إلى الرابط الذي يجمع هذه المرأة بمحدّثه المتهجّم عليه وعليها، فهي «ابنة إبراهيم»، وأشار أيضًا إلى واقعها المزري إذ «قد ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة». وختم يسوع معالجته هذه المعارضة الصريحة بمساعدة محدّثه على استخلاص العبرة ممّا جرى، وذلك بتساؤله: «أما كان ينبغي أن تُحلّ من هذا الرباط في يوم السبت؟». بذلك فتح كوّة في الجدار الكبير الذي يحتمي خلفه هذا الرئيس من مواجهة صادقة مع الذات على ضوء كلمة الله التي يظنّ أنّه يدافع عنها بحكمة.

أسلوب المسيح في معالجة هذه المقاومة الشرسة لشفاء المرأة يوم السبت أفرغ محدّثه ومَن شاطره الرأي والموقف من كلّ حجّة حقيقيّة. ظهر للعيان ارتباكهم، «إذ أخجل جميع الذين كانوا يعاندونه» (لوقا ١٣: ١٧). بدا واضحًا، لمن شاء أن يرى ويفهم، أنّ ماهيّة طبيعة «العمل» الذي يقوم به يسوع، باستعادة ما ورد في مرافعة رئيس المجمع عن العمل في الأيّام الستّة الأولى، والروحيّة التي ينطلق منها يسوع ويجسّدها في اتصاله بالآخرين واحتكاكه الحيّ بهم، سواء بالذين لا ينتصبون البتّة أو بالذين لا يغيّرون ذهنيّتهم في مقاربتهم لعمل الله بينهم وفيهم. فهؤلاء وأولئك هم حقل خصيب لفلاحة مثمرة، أللّهمّ إذا شاؤوا الاحتكام، بنزاهة وانفتاح على روح الله، إلى تجلّي تدبيره وإرادته الخلاصيّة في الواقع الحاضر الملموس منهم.

حضور المسيح الفاعل والمحيي تجاه المتألّمين والمعاندين أشاع مناخًا عامًّا ألا وهو «فرح كلّ الجمع بجميع الأعمال المجيدة الكائنة منه» (لوقا ١٣: ١٧). لم يكن الأمر تعبيرًا عن ظاهرة خجولة على الإطلاق، بل يعكس واقعًا نلمسه بالإيمان والامتنان اللذَين يحرّكهما يسوع فينا إذا لمسناه حقيقةً. ساعتها نشكر الله الذي يعيننا على التحرّر من تجربتَين: تجربة رئيس المجمع، فلا نحجز يسوع لأنفسنا، ولا نمنعه عن الآخرين، ولا نتحوّل إلى أوصياء على وصيّته؛ وتجربة المرأة في صراع التحرّر من روح الضعف الذي لديها. ليت واقعنا يكون دومًا جسرًا يعبره يسوع إلينا، فنستحيل بدورنا جسرًا يعبره يسوع إلى الآخرين!

سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: أفسس ٤: ١-٧

يا إخوة أَطلُبُ إليكم أنا الأسير في الربّ أن تسلُكُوا كما يحقُّ للدعوة التي دُعيتم بها، بكلّ تواضع ووداعة وبطول أناة، محتملين بعضكم بعضًا بالمحبّة، ومجتهدين في حفظ وحدة الروح برباط السلام، فإنَّكم جسدٌ واحدٌ وروح واحد كما دُعيتم إلى رجاء دعوتكم الواحد، ربّ واحد وإيمان واحد ومعموديّة واحدة وإله آب للجميع واحد هو فوق الجميع وبالجميع وفي جميعكم، ولكلّ واحد منّا أُعطيت النعمة على مقدار موهبة المسيح.

 

الإنجيل: لوقا ١٣: ١٠-١٧

في ذلك الزمان كان يسوع يعلّم في أحد المجامع يوم السبت، وإذا بامرأة بها روح مرض منذ ثماني عشرة سنة، وكانت منحنية لا تستطيع أن تنتصب البتّة. فلمّا رآها يسوع دعاها وقال لها: إنّك مُطْلقة من مرضك، ووضع يديه عليها، وفي الحال استقامت ومجّدت الله. فأجاب رئيس المجمع، وهو مغتاظ لإبراء يسوع في السبت، وقال للجمع: هي ستّة أيّام ينبغي العمل فيها، ففيها تأتون وتستشفون، لا في يوم السبت. فأجاب الربّ وقال: يا مرائي، أليس كلّ واحد منكم يحلّ ثوره أو حماره في السبت من المذود وينطلق به فيسقيه؟ وهذه، وهي ابنة إبراهيم التي ربطها الشيطان منذ ثماني عشرة سنة، أما كان ينبغي أن تُطْلَق من هذا الرباط يوم السبت؟ ولمّا قال هذا، خزي كلّ من كان يقاوم، وفرح الجمع بجميع الأمور المجيدة التي كانت تصدر منه.

 

أشعياء وميخا والمسيح المنتظر

في اليوم السابق لعيد الميلاد، الذي يسمّى البارامون، يقرأ المؤمنون عددًا من نصوص العهد القديم المتعلّقة بالعيد. وتتبع الكنيسة في قراءاتها هذه التقليد المدوّن في الأناجيل، من جهة النبوءات المتعلّقة بولادة المسيح. وتضيف إليها بعض القراءات التي تتحدّث عن رسالة المسيح وصفاته وعمله الخلاصيّ، وعن الملكوت الذي سيبشّر باقترابه، المسيح المولود طفلاً من العذراء مريم. تؤكّد هذه القراءات للمؤمنين أنّ الطفل المولد من مريم، هو مسيح النبوءات الذي يحقّق مواعيد العهد القديم.

تأتي قراءات العهد القديم من مصدرين، الأوّل هو كتب التوراة الخمسة. ففي صلاة المساء، المحتوية ثماني قراءات، تأتي القراءة الأولى من فاتحة العهد القديم، أي الفصل الأوّل من كتاب التكوين (تكوين ١: ١-١٣). يحوي هذا المقطع راوية الخلق الأولى حتّى نهاية اليوم الثالث من أيّام الخلق السبعة. القراءة الثاني تأتي من الفصل الرابع والعشرين من كتاب العدد (عدد ٢٤: ٢، ٣، ٥-٩، ١٧-١٨). تتحدّث هذه الآيات عن ظهور ملك جديد من نسل يعقوب. تصف هذه الآيات قوّة هذا الملك وجبروته، الذي يصوّر مرّة مثل أسد رابض، ومرّة مثل نجم منير.

المصدر الثاني لقراءات يوم البارامون يأتي من كتب الأنبياء. في الحقيقة هم أربعة أنبياء يتمّ الاستشهاد بنبوءاتهم: أشعياء، ميخا، باروخ ودانيال. تبرز بشكل واضح في إنجيل متّى الإشارة إلى نبوءتي أشعياء وميخا النبيّين. وتقرأ الكنيسة من نبوءة أشعياء (٧: ١٠-١٦ و٨: ١-٥ و٨-١٠) في صلاة الساعة السادسة؛ ومن نبوءة ميخا (٥: ٢-٤) في صلاة الساعة الأولى.

الاستشهاد بأشعياء النبيّ «ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى عمّانوئيل» (متّى ١: ٢٣؛ أشعياء ٧: ١٤) يختم الفصل الأوّل من إنجيل متّى. وبواسطته يقدّم الإنجيليّ لقرّائه تفسيرًا لولادة المسيح العذريّة. المولود من مريم، ليس ابنًا ليوسف، وهذا أشار إليه الإنجيليّ عندما ذكر نسب يسوع في مطلع إنجيله. فهو يذكر المواليد من إبراهيم إلى يوسف مستعملاً الفعل «ولد» بصيغة المعلوم «إبراهيم ولد إسحق...». لكنّه عندما يصل إلى ولادة يسوع، يقول «ويوسف رجل مريم التي ولِد منها يسوع» بصيغة المجهول.  وهكذا نفهم النبوءة التي تشير إلى أنّ الخلاص الذي يجلبه يسوع لنا، يأتي من الله، من دون تدخّل بشريّ.

تضيف الكنيسة إلى هذه القراءة، نصًّا آخر من نبوءة أشعياء (٩: ٦-٧)، تقرأه على المؤمنين في صلاة الساعة التاسعة. يحتوي هذا المقطع مع الجزء الأخير من قراءة الساعة السادسة (٨: ٨-١٠) على النصّ الذي أخذته الكنيسة لصوغ صلاة «لأنّ الله معنا» المعروفة في صلوات الصوم الكبير. تتحدّث كلمات هذه النبوءة عن ولادة صبيّ يحمل شارات الرئاسة، والنبوءة والألوهة. وهذا الصبيّ الذي هو من سلالة داود الملك سيؤسّس مملكة الحقّ والبرّ، وهي مملكة لا نهاية لها. وتؤكّد الآية الأخيرة أنّ هذا كلّه من صنع الربّ نفسه. ومن الواضح للمؤمن أنّ الكلام هنا ليس على مملكة أرضيّة، فلا مملكة تدوم إلى الأبد، بل هذا الكلام يشير إلى الملكوت. فمملكة المسيح، القائمة على إقرار الحقّ ليست من هذا العالم.

أمّا استشهاد متّى الإنجيليّ بميخا النبيّ فيأتي مع بدء الفصل الثاني من إنجيل متّى، فنقرأه على لسان رؤساء الكهنة: «وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست بصغرى في رؤساء يهوذا، لأنّه منك يخرج المدبّر الذي يرعى شعبي إسرائيل» (متّى ٢: ٦؛ ميخا٥: ٢). يأتي الاستشهاد كجواب عن سؤال هيرودس الملك «أين يولد المسيح؟»، الذي بدوره يريد أن يجيب المجوس القادمين من المشرق بإرشاد النجم للسجود «للملك المولود».

تشير النبوءة، بالإضافة إلى مكان ولادة المسيح، إلى أنّ الملك الآتي من بيت لحم سوف «يرعى شعبه بقوّة الربّ» (ميخا ٥: ٤). وهي أيضًا، وهنا بيت القصيد، تشير إلى أصل المسيح الإلهيّ. إذًا يقول النبيّ عن هذا الملك «وأصوله منذ القدم منذ أيّام الأزل» (ميخا ٥: ٢).  وتضيف الكنيسة مقطعًا آخر من نبوءة ميخا (٤٣: ٦-٧)، في قراءات صلاة المساء. هذا المقطع يتناول رسالة صبيّ بيت لحم، الذي يقول بلسان النبيّ «أجمع العرجاء وأضمّ الضالّة». فرسالة المسيح الآتي هي إذًا رسالة سلام ومحبّة، رسالة رعاية واهتمام بالفقير والمحتاج.

وهكذا هاتان النبوءتان بالإضافة إلى بعض تفاصيل ولادة المسيح، كعذريّة الوالدة ومكان الولادة، توضحان مشيئة الله في خلاص البشر. كما تؤكّدان على أنّ المسيح الآتي من العذراء ليس ملكًا بالمعنى الأرضيّ، كما اعتقد هيرودوس أو كما اعتقد البعض منّا خلال التاريخ. إذ أتى وبشّرنا بالملكوت الآتي، ملكوت الله الذي لا بداءة ولا نهاية لملكه. وإلى هذا الملكوت أرشدنا ودعانا.

 

راعي الأبرشيّة حول مجالس رعايانا (٤)

مقتضيات النموّ في المسيح

نموّ الرعيّة كجماعة في المسيح وَضَعَ له أساسه بولس الرسول بحيث نكون «صادقين في المحبّة، ننمو في كلّ شيء إلى ذاك الذي هو الرأس: المسيح»، «الذي منه كلّ الجسد بمفاصل وربط، متوازرًا ومقترنًا ينمو نموًّا من الله» (أفسس ٤: ١٥؛ كولوسي ٢: ١٩). على هذا المنوال «يحصل نموّ الجسد لبنيانه في المحبّة» (أفسس ٤: ١٦). وإن كان هذا الجسد ينمو بالمحبّة، فإنّما حجر الزاوية فيه إنّما وضعه يسوع نفسه، عندما صالحنا بذاته مع الله، وجعلنا معاونين له في خدمة المصالحة بين أترابنا وإخوتنا، كما يشرح لنا الرسول بولس: «الكلّ من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة» (٢كورنثوس ٥: ١٨).

إن أحببنا أن نترجم عمليًّا هذا الدور في واقعنا، كان علينا أن نعطي الأولويّة في حياتنا المشتركة، أي حياة رعيّتنا، إلى اعتبارات أساسيّة كحياة قوامها المحبّة والسلام والتعاضد بين أعضاء الرعيّة والعمل على صونها، وخدمة نموّ الرعيّة كخليّة في جسد المسيح بالمواهب التي نضعها في سبيل الخدمة والخير العامّ، والوحدة القائمة على الإيمان الواحد والكنيسة الواحدة والروح الواحد والكأس الواحدة.

هذا يقتضي، بلا شكّ، من مجلس الرعيّة أن يكون فريق عمل متجانسًا. دون هذا عقبات معروفة في أماكن مختلفة، لكنّها ليست اليوم بالحدّة التي كانت عليها في العقود السابقة: تعاطي أعضاء مجلس الرعيّة بذهنيّة وكلاء وقف ليس إلّا، فينحصر العمل فيه بالمسائل العقاريّة والماليّة والعمرانيّة دون غيرها؛ طريقة اختيار عضو مجلس الرعيّة عبر آليّة التمثيل العائليّ بتسمية العائلة مَن تنتدبه للعمل في مجلس الرعيّة، وصعوبة التوفيق بين «الجباب» (مصطلح قرويّ لبنانيّ يشير إلى المتحدّرين من جدّ واحد)؛ انعكاسات العمل الحزبيّ والسياسيّ، وبخاصّة الانتخابات البلديّة والاختياريّة في القرى والبلدات، فتتّخذ هذه القوى أحيانًا من مجلس الرعيّة والعضويّة فيه حلبة لها في عمليّة التجاذب القويّ الذي تعيشه على صعيد اهتمامها بالشأن العامّ.

هذه الذهنيّة التي بها نتعاطى في الكنيسة ومع الكنيسة تحتاج إلى تعميد بروح الإنجيل، كما هي الحال في  شؤوننا كافّة. هذا لا يخيفنا بشيء، بل يفرحنا العمل عليه معًا من ضمن ما حدّثنا عنها بولس الرسول، أي «خدمة المصالحة» و«البنيان» الذي لنا أن نقوم بالعمل معًا على رفعهما وصيانتهما من التصدّع. هذا يفتح لنا الباب عريضًا لعيش المحبّة في النفوس وبين العائلات، فتنفتح أكثر فأكثر على عمل الله في الكون وعلى عمله فينا من أجل خلاصنا وخلاص أترابنا. هكذا ننمو نحو الله ونبني الجسد بالمحبّة.

بهذه المقاربة، بات الإنسان محطّ اهتمامنا، فالاهتمام بالحجر مبتغاه، أوّلًا وأخيرًا، أبناؤنا وإخوتنا، أعضاء رعيّتنا المحبوبون بالربّ. هذا يقودنا إلى معرفة رعيّتنا حقّ المعرفة، وتلمّس حاجاتها ومواهبها ومواردها، ما يسمح لنا بوضع خطّة عمل مستديمة يستعين مجلس الرعيّة في سبيل إعدادها ودراستها وإنجازها بالطاقات المتوفّرة في رعيّته، مشركًا أبناءها في ورشتها، وفي الإعلام عن مراحل تقدّمها بالطريقة التي يراها مناسبة.

هذا ما رأيتُ علاماته في هذه الأبرشيّة هنا وثمّة، ما دفعني إلى التشجيع عليه والسعي إلى تبنّيه في غير مكان، بالقدر الممكن وبالطاقات المتوافرة، ضمن المعطيات الخاصّة بكلّ رعيّة. فظروف الرعايا مختلفة لأسباب لا يسعنا تعدادها هنا. لكنّ الرغبة والهمّة اللتين عاينتُهما في زياراتي المتكرّرة إلى الرعايا كوّنتا لديّ الانطباع بأنّ خدمة مجالس رعايانا يمكنها أن تعمل كفريق عمل متجانس يحفظ نفسه من التجاذبات العائليّة أو الحزبيّة أو السياسيّة المحتمل وجودها في منطقته، ويرسم لنفسه خطّة عمل تشمل مرافق الحياة المشتركة كافّة، ويتعاون على تحقيقها، باتّفاق وسلام ومحبّة أخويّة. هذا كلّه ببركة الكنيسة وصلوات أبنائها.

Last Updated on Monday, 02 December 2019 08:06