Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2021 العدد ١: انحناءات المعمدان أمام الله والإنسان
العدد ١: انحناءات المعمدان أمام الله والإنسان Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 03 January 2021 00:00
Share

raiati website copy

الأحد ٣ كانون الثاني ٢٠٢١ العدد ١ 

الأحد الذي قبل عيد الظهور الإلهيّ

النبيّ ملاخي

 

كلمة الراعي

انحناءات المعمدان 
أمام الله والإنسان

0121يسبقنا يوحنّا إلى العيد ويهيّئه لنا ويهيّئنا له. محبّته وتكريسه كاملان في خدمة ما أُوكل إليه من دور في إطار التدبير الخلاصيّ. لقد ضبط مرقس ساعة بدء الإنجيل على ساعة يوحنّا المعمدان بالشهادة له ولدوره كسابق للمسيح. هكذا عيّن لنا ساعة الصفر في الآية الافتتاحيّة: «بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله... ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيّئ طريقك قدّامك» (مرقس ١: ١-٢).

بالفعل يوحّنا هو صديق العريس الذي يهيّئ له، ثمّ يتوارى ليتركه مع إخوته الذين اتّخذهم له باتّخاذه طبيعتهم البشريّة وبخدمته إيّاهم على مائدة الخلاص. على هذا المنوال طالعنا الإنجيل بالشهادة بشأن المعمدان على شكل صوت يختفي من بعد أن يصدر عن صاحبه ويذهب إلى مسامع الحاضرين، ولا يبقى أثره إلّا بالدرجة التي ينحفر في قلوبهم ويطبع وجدانهم ويحفّزهم على تحقيق مضمونه في حياتهم: «صوت صارخ في البرّيّة: أعِدّوا طريق الربّ، اصنعوا سبله مستقيمة» (مرقس ١: ٣).

انحنى يوحنّا مرّة أولى عندما قام بدوره. فهو انحنى أمام الجموع التي أتت لتعتمد منه في الأردنّ، ليس فقط لأنّ عمليّة العماد ذاتها تتطلّب منه هذه الحركة، بل بالأكثر لأنّ المعتمِدين منه من «جميع كورة اليهوديّة وأهل أورشليم»، قد أتوه «معترفين بخطاياهم» (مرقس ١: ٤). فخدمة كهذه تتعاطى مع الإنسان المعطوب بفعل الخطيئة تحتاج إلى انحناء على هذا الواقع لمداواته. وهو بسبب هذه الانحناءة الداخليّة والقلبيّة استطاع أن يكون كالمغناطيس الذي جذب إليه جموع اليهود، ووضعهم على سكّة التهيئة الصحيحة والمناسِبة لقبول مَن يأتي بعده.

لكنّه انحنى أمام الله قبل هذه المرّة وبعدها. انحنى أمامه بقبوله دور التهيئة المنوط به، فكان العرّاب بامتياز لهذا الشعب في طريق التوبة، وكان السابق لـمَن أتى ليخلّص هذا الشعب من خطاياه. وانحنى بعدها أمام مَن يأتي بعده، مَن هو أقوى منه، الذي ليس هو أهلًا لأن ينحني ويحلّ سيور حذائه (مرقس ١: ٧)، عندما عمّده وهو يعرف مَن يكون.

وانحنى مرّة أخيرة أمام الاثنَين معًا، أمام الله والإنسان، في مشهد العرس، والذي فيه أخذ هو دور صديق العريس الذي يفرح للعريس ويتوارى أمام ظهوره وعند اعتلانه، كما حصل لـمّا قدّمه إلى تلاميذه وقدّمهم إليه.

هذه الانحناءات الخفرة والطابعة لوجدان الشعب حينها، وللكنيسة حتّى اليوم، حرّكتها بوصلة واحدة. رأينا الاتّجاه واضحًا لهذا السابق حينما أسّس عمل التهيئة على أساس إنسان القلب الداخليّ، الذي يجعل سبل حياته مستقيمة بحسب وصايا الربّ: «أعِدّوا طريق الربّ، اصنعوا سبله مستقيمة» (مرقس ١: ٣). وهو نفسه هدى بهدَي هذه الوصايا كثيرين ممّن أتوه سائلين الإرشاد والنصح (لوقا ٣: ١١-١٤). ورأينا أيضًا عمل هذه البوصلة في توجيه عمل الاستعداد إلى الشخص الذي بيده المقدرة على حلّ الخطايا بنعمة الروح القدس: «أنا عمّدتكم بالماء وأمّا هو فسيعمّدكم بالروح القدس» (مرقس ١: ٨).

لم يأنف يوحنّا من أن ينحني أمام الخطأة الذين قصدوه، ولا أمام البارّ الذي طلب منه أن يعتمد على يده. بخدمة يوحنّا كسابق، رفع الخطأةَ لكي يستقبلوا المسيح، ورفع المسيحَ أمام أعين الشعب لكي ينتظروه ويذهبوا إليه ويجدوا الخلاص به. هذا فعله بمعرفة بالسرّ وإدراكه، فقد عرّف عن يسوع على أنّه «حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم» (يوحنّا ١: ٢٩). هكذا وجد نفسه أنّه مرفوع بمَن كن سابقه وهيّأ له طريقه. ساعدته البوصلة التي استعملها على أن يخفض نظره وأن يرفعه بآن واحد، بحيث يرفعنا معه إلى حيث المسيح قائم.

هذا كلّه كان من حنان الله وانحنائه إلينا بشخص السابق. حنَّ الله علينا بيوحنّا- وهذا معنى اسمه- إذ شقّ لنا طريق العرس الذي يجمعنا بيسوع. مظهر يوحنّا بلباسه وبر الإبل ومنطقة من جلد على حقوَيه، كان لباسًا لائقًا بأبناء الملكوت وبأعظم «المولودين من النساء» (متّى ١١: ١١)، لأنّه، في العمق، كان كلّه لله. هوذا الآن واقف يقرع بابنا ويسألنا عن نوعيّة تكريس ذواتنا لله من جهة، واستقامة توبتنا وإيماننا وشهادتنا من جهة أخرى. فهو يرغب في الاطمئنان علينا حتّى لا يذهب جهده سدى أو حتّى لا تذهب حياتنا سدى. رسالته إلينا اليوم هي التالية: ها أنا أدعوكم إلى الوقوف على قمّة جبل التجلّي، حتّى تتجلّوا بلباس معموديّتكم، فلا تخذلوا صاحب الدعوة! هلّا انحنينا أمام هذه الدعوة ولبّيناها بتجديد العهد الذي قطعناه في المعموديّة أو قطعه عرّابنا عنّا وباسمنا، وأيضًا بمساعدة إخوتنا على أن يستجيبوا لها؟

+ سلوان
مطران جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ٢ تيموثاوس ٤: ٥-٨

يا ولدي تيموثاوس تيقّظ في كلّ شيء واحتمل المشقّات واعمل عمل المبشّر وأوفِ خدمتك. أمّا أنا فقد أُريق السكيبُ عليّ ووقت انحلالي قد اقترب. وقد جاهدتُ الجهاد الحَسَن وأتممتُ شوطي وحفظت الإيمان. وإنّما يبقى محفوظًا لي إكليل العدل الذي يُجْزيني به في ذلك اليوم الربّ الديّان العادل، لا إيّاي فقط بل جميع الذين يحبّون ظهوره أيضًا.

 

الإنجيل: مرقس ١: ١-٨

بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله كما هو مكتوب في الأنبياء: ها أنذا مرسل ملاكي أمام وجهكَ يهيّئ طريقك قدامك. صوتُ صارخ في البرّيّة أعدّوا طريق الربّ، اجعلوا سبله قويمة. كان يوحنّا يعمّد في البرّيّة ويكرز بمعموديّة التوبة لغفران الخطايا. وكان يخرج إليه جميع أهل بلد اليهوديّة وأورشليم فيعتمدون جميعهم منه في نهر الأردنّ معترفين بخطاياهم. وكان يوحنّا يلبس وبر الإبل، وعلى حَقَويه منطقة من جلد، ويأكل جرادًا وعسلاً برّيًّا. وكان يكرز قائلًا: إنّه يأتي بعدي من هو أقوى منّي، وأنا لا أستحقّ أن أنحني وأحلّ سَيْر حذائه. أنا عمّدتكم بالماء، وأمّا هو فيعمّدكم بالروح القدس.

 

الصلاة الفرديّة

«... متى صلّيت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك، وصلّ إلى أبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي في الخفاء يجازيك علانية» (متّى ٦: ٦)

ما علّمنا إيّاه الربّ يسوع في الموعظة على الجبل يشكّل أساس «الصلاة الفرديّة»، التي نستطيع أن نصلّيها وحدنا كلّ حين وفي كلّ مكان، رافعين عقولنا وقلوبنا نحو الله من أجل التماس شيءٍ منه، أو من أجل شكره أو تمجيده. وإذا شملت الصلاة الالتماس والشكر والتمجيد معًا تكون أكثر كمالًا. وكم من المهمّ أن نبدأ يومنا ونختمه بالصلاة (كصلاة النهوض من النوم، وصلاة النوم الصغرى)، ونحاول ما أمكننا خلاله أن نذكر الله. غير أنّ الصلاة الفرديّة لا تُغني عن الصلاة الجماعيّة، بل  تكمّل الواحدة الأخرى. من هنا يجب على المؤمن أن يصلّي فرديًّا وأن يصلّي أيضًا مع الجماعة. 

جوهر الصلاة:

كلّ لقاءٍ مع الله هو بمعنى من المعاني «الدينونة الأخيرة». فنحن يمكننا الالتقاء بالله حقيقةً إذا صلّينا ونحن نشعر أنّنا خاضعون للدينونة، إذا فعلنا ذلك بعد أن نكون قد حكمنا على أنفسنا وغفرنا لإخوتنا، إذا أتينا إليه بتوبةٍ وتواضعٍ وانسحاق قلب، على مثال العشّار، وذلك بأنّنا نحبّه حبًّا جمًّا، رغم كوننا غير أمناء وغير مخلصين. عند ذاك يقترب منّا بفعل محبّته التي لا تُقاس، فننفتح عليه وينفتح علينا وندخل معه في شركة محبّة، ولا يبقى أيّ بُعدٍ بيننا. أمّا إذا وقفنا أمامه بفخرٍ واعتزازٍ وكبرياء، أو كأنّ هذا حقٌّ مكتسبٌ لنا، على مثال الفرّيسيّ، فالمسافة بيننا تصبح غير محدودة. كما أنّ موقفنا الذهنيّ هذا ينعكس على الجسد كلّه. فإذا أدركنا أنّ المسيح أمامنا، شعرنا بالوقار وبخوف الله، واتّخذ جسدنا وضعيّة تليق بهذا الحضور. 

الإصرار على الصلاة:

صرخ برتيماوس الأعمى: «رحماك يا ابن داود»، فانتهره الناس ليسكت. وصرخت المرأة  الكنعانيّة: «رحماك يا ربّ، يا ابن داود»، فطلب التلاميذ الذين لم يكونوا قد فهموا بعد أنّ خلاص الربّ  يشمل جميع الأمم، طلبوا إلى يسوع أن يصرفها لأنّها تتبعهم بصياحها. وكم من مرّة عندما نبدأ بالتضرّع إلى الله، تتدخّل أصواتٌ خارجيّةٌ وداخليّةٌ في آن، محاولةً أن تُثنينا عن سعينا: «هل هي مفيدةٌ صلواتك؟ ما الجدوى من الصلاة؟». ينبغي ألاّ نُنصت البتّة إلى هذه الأصوات، بل أن نزداد عزمًا وإصرارًا، كما فعل بارتيماوس والكنعانيّة اللذان حطّمت صلاتهما المفعمة باليقين والإصرار كلّ الحواجز. إنّها الصلاة التي تطرق باب السماء كما يقول القدّيس يوحنّا السلّميّ. وفي هذا السياق يقول القدّيس يوحنّا كرونشتادت: «لأنّ رأسي مليء بالأفكار التي لا أحبّها وأحاربها، لهذا أصلّي إلى الله». وعندما سُئل القدّيس سارافيم ساروفسكي عمّا يبقي الناس على خطاياهم في حين يصبح آخرون قدّيسين ويعيشون مع الله، أجاب «إنّه العزم فقط».

 

التركيز في الصلاة:

يقول القدّيس يوحنّا السلّميّ: «اختر صلاةً معيّنة، الصلاة الربّانيّة أو غيرها، وقِف أمام الله وانتبه إلى مكان وجودك وإلى ما تفعله وانطق بكلمات الصلاة بانتباه. بعد وقتٍ قليل تجد أنّ أفكارك قد شردت، عندها ابدأ الصلاة من جديد حيث توقّفت. قد تفعل ذلك عشر مرّات أو عشرين مرّة وحتّى خمسين. وقد تتلو ثلاث جمل فقط خلال الصلاة، لكن في هذا الجهاد استطعت أن تركّز على الكلمات وتقدّم لله صلاةً جدّيّة ومفهومة وواضحة». وينصحنا أيضًا بقراءة الصلاة التي نريد من دون استعجال، بطريقةٍ نفهم عبرها الصلاة.

أمرٌ آخر يساعدنا على الصلاة هو قراءة الكتاب المقدّس أو أحد الكتب الروحيّة التي تحثّنا على التوبة والصلاة. هذا وتؤدّي الأيقونة دورها هي الأُخرى. من هنا أهمّيّة تخصيص مكان للصلاة تملؤه الأيقونات التي تنقل حضور الله وقدّيسيه. كما تساهم إضاءة الشموع وإشعال البخور في تهيئتنا لجوّ الصلاة.

 

هدف الصلاة:

صحيح أنّ هدف الصلاة اللقاء بالله، ولكن كيف نعرف أنّ هذا اللقاء حقيقيٌّ؟ الجواب يكمن في أنّ  معيار الصلاة الصحيحة هو تحقيق مشيئة الله في حياتنا. يقول القدّيس ثيوفانيس الحبيس: «سل نفسك هل صلّيت جيّدًا اليوم. لا تحاول أن تعرف كم هي عميقةٌ أحاسيسك أو كم هو عميقٌ فهمك للأمور الإلهيّة. سل نفسك: «هل أنا أنفّذ مشيئة الله أفضل من قبل؟»، فإذا كان الجواب نعم، فقد أتت الصلاة ثمارها. وفي حال العكس فالصلاة لم تعطِ نتيجة، مهما كان مقدار الفهم أو الشعور الذي استخلصته من الوقت الذي أمضيته في حضرة الله».

 

أنواع الصلاة الفرديّة:

١- الصلاة العفويّة: أحيانًا نصلّي بعفويّة وسهولة مستعينين بكلماتنا القليلة والبسيطة لنعبّر عن شعورنا وما يكمن في داخلنا من أحاسيس، فالله لا تهمّه كثرة الكلمات وبلاغتها، بل صدقها.

٢- الصلاة المكتوبة: أحيانًا أخرى نستعين بكلمات كتبها رجال الصلاة والتي هي نتيجة خبرتهم، فننمو عبرها ونتقولب بنعمة الله. كلماتهم هذه نجدها بشكلٍ رئيس في كتب الصلوات التي تشكّل المزامير جزءًا أساسيًّا منها.

٣- صلاة المسبحة: يقول أحد الكهنة في كتاب «سائح روسيّ على دروب الربّ»: «إذا أردت أن تتنقّى، عليك أن تختار صلاةً قصيرة وتردّدها على فترة طويلة. وعندها ستجد متعةً في الصلاة». ففي كلّ وقتٍ من أوقات الفراغ، وفي الخفاء، وأيضًا في الوقت المخصّص لإقامة صلاتنا الفرديّة، نستطيع أن نُمسك المسبحة ونصلّي حبّة بعد حبّة صلاة يسوع: «ربِّ يسوع المسيح يا ابن الله ارحمني أنا عبدك/أَمَتَك الخاطئ(ة)»، أو «أيتّها الفائق قدسها والدة الإله خلّصينا»، أو غيرها من صلوات طلب شفاعة أحد القدّيسين.

فالكنيسة تعلّمنا أنّ صلاة التوبة هي بصورةٍ خاصّة «صلاة يسوع» المستوحاة من صلاة العشّار «اللّهم ارحمني أنا الخاطئ». هذه الصلاة تجلب لنا الحزن المفرح. فهي تجعلنا نشعر بالحزن بسبب خطايانا، لكنّ هذا الحزن يتحوّل إلى ينبوعٍ للفرح في المسيح الذي يفيض رحمته وغفرانه لكلّ الذين يدعون اسمه بتوبةٍ وإيمان. بالإضافة إلى الفرح، يختبر المصلّي ثمار الروح القدس الأُخرى: «المحبّة، السلام، طول الأناة، اللطف، الصلاح، الإيمان، الوداعة، والتعفّف» (غلاطية ٥: ٢٢). هذا ونستطيع أن نذكر أثناءها أسماء الأشخاص الذين نرغب في الصلاة من أجلهم. وعن هذه الصلاة يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم: «أتوسّل إليكم ألاّ تُبعدوا قلوبكم عن الله، بل ثابروا بصبرٍ، واحرسوا قلوبكم دومًا بذكر ربّنا يسوع المسيح، حتّى ينغرس اسمُه في القلب...». والهدف الرئيس للمسبحة هو تذكيرنا ومساعدتنا على التركيز على الصلاة.

٤- الصلاة بصمت: سأل أحد القدّيسين فلّاحًا عمّا يفعله عندما يجلس لساعات في الكنيسة، ويبدو كأنّه لا يصلّي، فأجاب: «أنا أنظر إليه وهو ينظر إليّ، ونحن سعيدان معًا». هذا الرجل تعلّم كيف يتحدّث مع الله من دون أن يخرق الصمتَ بالكلمات. صمْتُ الروح والجسد هنا يعني سكونًا يملأ الروح وسلامًا تامًّا يملأ الجسد، فيهدأ كلّ اضطراب ونقف أمام الله بفعل عبادةٍ حقيقيّة.

 

عسى في النهاية أن تكون صلاتنا الفرديّة حصنًا لنا يقينا سهام الشرّير، ونورًا لنا يَهدينا في ظلمة هذا الدهر، فنسير في دروب هذه الحياة إلى أن نبلغ النورَ الذي يغرب، يقودنا الروح القدس الذي «يُعين ضعفاتنا، لأنّنا لسنا نعلم ما نصلّي لأجله كما ينبغي. ولكنّ الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا يُنطق بها» (رومية ٨: ٢٦)، هذا الروح الذي يهبّ ليسندنا في جهادنا ويعيننا في ضعفنا ويعلّمنا كيف نصلّي.

 

من تعليمنا الأرثوذكسي: الشموسيّة

التلميذ: مرّ عيد القدّيس إستفانوس أوّل الشهداء. سمعْتُ أنّه كان شمّاسًا. أين يمكنني أن أجد سيرة حياته؟

المرشد: نقرأ سيرته في كتاب أعمال الرسل في الإصحاحيْن السادس والسابع. لن أخبرك ما حدث معه لتتشجّع وتقرأ بنفسك. لكنّني سأحدّثك عن الشموسيّة بما أنّك ذكرْتَها. اسمعْ ما يُقال في رسامة الشمامسة: «أيّها الإله مخلّصنا، يا من بصوته الخالد سنَّ لرسله ناموس الشموسيّة وأقام إستفانوس أوّل الشهداء باكورة من أتمّ ما كُتِب في إنجيلك المقدّس: «من أراد أن يكون فيكم الأوّل فلْيكن لكم خادمًا». أنت يا سيّد الكلّ، الذي أهّلْتَ عبدك هذا للدخول في خدمة الشموسيّة، املأه من كلّ إيمانٍ ومحبّةٍ وقدرةٍ وقداسةٍ [...]».

التلميذ: هل نستنتج أنّ الشمّاس هو خادم؟

المرشد: أحسنْتَ. كلمة شمّاس في اليونانيّة هي «ذياكون» وتعني الخادم. غالبًا ما نهنّئ شخصًا ما عند سيامته شمّاسًا، ظانّين أنّه نال منصبًا أو مركزًا أو سلطةً ما، ناسين بذلك أنّه لا سلطة في الكنيسة إلّا سلطة المحبّة والخدمة. فكلّ مهامّ الشمّاس في الكنيسة مرتبطةٌ بالخدمة: زيارة المرضى ومناولتهم، مساعدة الكاهن، تدبير أمور الفقراء. هل تعلم أنّ هذه المهمّة الأخيرة هي التي دفعت الرسل قديمًا إلى اختيار الشمامسة السبعة الذين كان إستفانوس أحدهم؟

التلميذ: وكيف يختار الأسقف أحدهم ويجعله شمّاسًا؟ ما الصفات التي يبحث عنها فيه؟

المرشد: يتكلّم القدّيس بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس عن الشمامسة. فيجد الرسول في الشمّاس رجلًا من أهل الوقار، غير مخادعٍ، غير مدمن خمرٍ، غير طامعٍ بالمكسب الخسيس، زوج امرأةٍ واحدةٍ ، يحسن رعاية أولاده وبيته. في الختام، في إحدى رسائل القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ، نجد إشارةً إلى الشمّاس هو صورة يسوع المسيح الذي «لمْ يأتِ ليُخدَمَ بل ليَخدُمَ. لا ننسى أيضا يا أخي أنّ الأسقف في الكنيسة يتمتّع في حسن «التدبير» سنتناول موضوع التدبير في كنيستنا في اجتماعات لاحقة لهذه السنة.

Last Updated on Thursday, 31 December 2020 13:41
 
Banner