ocaml1.gif
العدد ٤: شكيمة المؤمن بالمسيح وقدرتها على تغيير الواقع Print
Written by Administrator   
Sunday, 24 January 2021 00:00
Share

Raiati logo web 2020

الأحد ٢٤ كانون الثاني ٢٠٢١  العدد ٤ 

الأحد ١٤ من لوقا (الأعمى)

البارّة أكساني وخادمتها

الشهيد بابيلّا الأنطاكيّ ورفقته


كلمة الراعي

شكيمة المؤمن بالمسيح
وقدرتها على تغيير الواقع

0421 كُتبت لأعمى أريحا حياة جديدة لـمّا أعلن له المسيح: «أبصِرْ. إيمانك قد شفاك» (لوقا ١٨: ٤٢). كان هذا الإعلان ساعة الصفر لبدء حياة جديدة، وأقصد حياته بالمسيح. فالشفاء من العمى كان الباب لشفاء آخر. صحيح أنّ ظاهر الحادثة تمحور حول استعادة البصر، لكنّ كلام المسيح هذا كشف لنا عن عمق آخر جرى في قلب هذا الأعمى، وأعني الرؤية العظمى التي تأتي من الإيمان بالمسيح. 

أن تستعطي إنسانًا شيءٌ، وأن تستعطي الله شيءٌ آخر. يبدو أنّ هذا الأعمى امتهن الحرفتَين وبرع فيهما. كانت حاجته الأولى تملي عليه أن يستوقف الناس ليقدّموا له ما يدرأ به معيشته، بينما أملت عليه حاجته الأخرى أن يستوقف يسوع ليلقي عليه همّه. وأحرز نجاحًا في المحاولتَين، إذ استطاع أن يدفع الجميع من الضوضاء إلى الانتباه إلى واقعه الشخصيّ المؤلم والقاسي، ومن ثمَّ إلى واقع وجود يسوع المخلّص والمحيي. 

لقد تخطّى هذا الأعمى، وعسانا نلحق به بدورنا، حاجز الواقع الذي يقبض علينا ببراثنه ويفرض علينا رؤيته السوداويّة لها. حوّل عماه إلى طاقة يتجاوز بها واقعه الصعب ويغلب كلّ ما يدفعه إلى الاستسلام. اتّخذ من عاهته فرصة ليتدرّب على تحفيز قواه الداخليّة ورفع معنويّاته، فاستطاع أن يصمد برجاء كبير على «خطّ تماس» خطر: من جهة، لامبالاة الناس بأمثاله؛ ومن جهة أخرى، واقعه غير المرشّح عمليًّا لأيّ تغيير يُذكَر. أَليس في هذا الموقف مدعاة لنا لنتعلّم منه ألّا نستسلم لرؤية سوداويّة للواقع الصعب؟

ما يشدّنا في حادثة شفاء الأعمى هو ثباته في مسعاه حتّى النهاية، حتّى درجة اعتراض مجرى حياة العابرين به، ولفْت انتباه يسوع إليه. استمرار الأعمى في مناداة يسوع ينقّينا من كلّ ما يجعلنا نيأس من حلّ صعوباتنا وأزماتنا، أو مـمّا نشعر به من عجز عن تحقيق أيّ تقدّم أو تغيير على أيّ صعيد. لقد انطلق إصرار الأعمى من شكيمته، أي من قوّة قلبه وقوّة إيمانه.

رسم هذا الأعمى، بفعل تجربته الشخصيّة ومعاناته، مسار الأحداث في إنجيل شفائه. ولقد شكّل سؤالُ يسوع الموجّه إليه: «ماذا تريد أن أفعل بك؟» (لوقا ١٨: ٤١)، اليدَ الممدودة التي لاقته وسط الضوضاء والعجز الحاصلَين، فنفض الغبار عن العتاقة التي يعيشها. لقد كان جواب الأعمى: «يا سيّد، أن أُبصر» (لوقا ١٨: ٤١)، اليد التي لاقت اليد الأولى، فأفصح لنا عن ثقته بما يريد وبمَن يتحدّث إليه. ثقته هذه كانت بوصلته للاستمرار في الإبحار وسط أمواج الواقع التي كانت تلطمه من كلّ حدب وصوب، إلى درجة كانت تبغي إسكات أيّ صوت لديه وتعطيل أيّة إرادة خيّرة أو محاولة منه. إليكم مثالًا على ذلك: «انتهره المتقدّمون ليسكت أمّا هو فصرخ أكثر كثيرًا: يا ابن داود، ارحمْني» (لوقا ١٨: ٣٩). إنّها ثقة أفرحت الربّ، والتي يرغب في أن يجدها فينا، فرادى وجماعة، في مواجهتنا واقعنا القاسي والمؤلم.

ما أجمل هذا المشهد في ختام حادثة الشفاء: «في الحال أَبصر وتبعه وهو يمجّد الله. وجميع الشعب إذ رأوا سبّحوا الله» (لوقا ١٨: ٤٣)! إنّه مشهد نراه في شهادات قديمة ومعاصرة ويلهمنا في مواجهة تحدّياتنا بعين جديدة وبصيرة روحيّة نيّرة، ترى ما يراه الربّ فيها وعبرها، وتطلب القوّة والإلهام والنعمة لكي تضعها في سياق مشيئته ومن أجل مجده. 

الحمد لله أنّ في كنيستنا شهادات كثيرة على مواقف غيّرت واقعًا ميؤوسًا منه بفضل إيمان مماثل لإيمان هذا الأعمى، وتجلّت في صلوات ومساعٍ تحدّت الواقع ودفعته في اتّجاه جديد بالكلّيّة. جمال هذه الشهادات أنّها تشدّد أواصر الإيمان التي تجمع بين أصحابها، على اختلاف الظروف والأوضاع والأزمنة، وتعزّز فيهم روح الجماعة التي تمجّد الله بإيمانها الفاعل بالمحبّة (غلاطية ٥: ٦)، وأن تُعرف كلّ طلباتها لدى الله بالصلاة والدعاء مع الشكر (فيلبي ٤: ٦). 

هل انقشع الآن مجال الرؤية أمامنا؟ الفضل في ذلك لكلّ مسعى مماثل لمسعى هذا الأعمى، ولكلّ نعمة يعطيها الربّ لسائليه إيّاها. هلّا تشجّعنا اليوم، قبل الغد، وجدّدنا إيماننا بالمسيح وطلبنا إليه أن يعيد إلينا بصرنا الذي سلبه منّا واقع الأحداث والأزمات؟ هلّا سبّحناه على نعمته فيها وفرحنا بمَن يعطينا من إخوتنا وآبائنا أن نرى واقعنا بنور الذي «ينير كلّ إنسان آتيًا إلى العالم» (يوحنّا ١: ٩)؟ ما أحلى أن نسمع يسوع يقول لنا اليوم: «أبصروا. إيمانكم خلّصكم»!

+ سلوان
مطران جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ١تيموثاوس ١: ١٥-١٧

يا ولدي تيموثاوس، صادقة هي الكلمة، وجديرة بكلّ قبول، أنّ المسيح يسوع إنّما جاء إلى العالم ليخلّص الخطأة الذين أنا أَوّلهم. لكنّي لأجل هذا رُحِمت ليُظهر يسوعُ المسيح فيّ أنا أوّلًا كلّ أناةٍ مثالًا للذين سيؤمنون به للحياة الأبديّة. فلمَلِك الدهور الذي لا يعروه فساد ولا يُرى، الله الحكيم وحده، الكرامة والمجد إلى دهر الدهور، آمين.

 

الإنجيل: لوقا ١٨: ٣٥-٤٣

في ذلك الزمان فيما يسوع بالقرب من أريحا كان أعمى جالسًا على الطريق يستعطي. فلمّا سمع الجمع مجتازًا سأل: ما هذا؟ فأُخبر بأنّ يسوع الناصريّ عابر، فصرخ قائلًا: يا يسوع ابن داود ارحمني. فزجره المتقدّمون ليسكت فازداد صراخًا: يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وأمر بأن يُقدّم إليه. فلمّا قرُب سأله: ماذا تريد أن أَصنع لك؟ فقال: يا ربّ، أن أُبصر. فقال له يسوع: أَبصرْ، إيمانُك قد خلّصك. وفي الحال أَبصر وتبعه وهو يُمجِّد الله. وجميعُ الشعب إذ رأوا سبحوا الله.

 

الشهادة في الرعيّة

قد يقول كثيرون اليوم: كم هي صعبة الشهادة والخدمة في الرعيّة، بخاصّة في موجات الإعلام التي تحذّر من إمكانيّة الإصابة بالوباء. لكنّ هذا لا يمنع، ولن يمنع، التزام قضايا الناس ومساعدتهم، ولنا في رسالة الأطبّاء والممرضين الشهادة الواضحة الأسمى في عالم اليوم الموبوء.

جاء السيّد للمرضى وليس للأصحّاء، وتاليًا رَسَم يسوع لنا حدود العالم الذي علينا أن نعمل فيه من دون خوف أو رعب، ولكن في احتراز ووقاية كي نقوى على الخدمة المنظّمة التي لا تؤذي الآخر ولا تؤذينا، فكيف نُترجمها في ظلّ هذه الأزمة الوطنيّة التي نعيشها؟  

شهادتنا اليوم تُسكب في ظروف حرجة ولكنّها مُلحّة. فالكثيرون بحاجة إلى شهادتنا الخدماتيّة في مجالات العناية الصحّيّة، وفي لقمة الطعام، وفي مجال السكن، وترميم البيوت التي أصيبت في ٤ آب الماضي. هناك عائلات بحاجة إلى حضور يسوع تحت سقوف بيوتها المهدّمة، وفي أمعائهم الجائعة وأوجاعهم وأنّاتهم. فلنفكّر وسريعًا وبتأنٍ: كيف يمكن خدمة السيّد في صغاره الموجوعين والجائعين والمتألّمين؟ حتّى المرضى الذين أصابهم الوباء ومَن يَرعاهم من طواقم طبّيّة وتمريضيّة بحاجة إلى رعاية روحيّة استثنائيّة حيثما كانوا في بيوت الحجر أو في المستشفيات. كيف نستنبط لهم مرافقة مُبلسمة فيقتنعون بحضور الكنيسة بعد غروب الوباء لتقوى ثقتهم وحالهم: أعِن يا ربّ إيماننا؟ نجحت الكنيسة في رعاية السجناء والمسنّين والمسافرين والمرضى المصابين حتّى بالسيدا، فهل تنجح هنا وتترجم بطريقة ملموسة، وفي زمن الوباء والأزمات، ليس فقط بالوصف والألفاظ بل بالعمل والحضور سرّ الأخ وأبعاده؟

نعيش اليوم، كما في جبل ثابور، وتاليًا فإنّ تجلّي السيّد، في أعمالنا والتزامنا أخوتنا، مطلوب في كلّ لحظة. اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم، فالسيّد واقف أمام أبوابنا يقرع لنخرج بمعيّته إلى المرميّين في الطرقات لنضمّد معه جراحهم، وبرعايته نهتمّ به، وباحتضانه نؤاسيهم، وباسمه نخفّف من أوجاعهم وآلامهم وجوعهم بالكلمة المعزّية، وبالعمل الحَسن الذي يَرضاه السيّد من خدمة ورعاية واحتضان.

إنّنا في الكنيسة، وَوَسط المخاوف جميعها التي نعيشها، نقدّم الرعاية الصحّيّة الاستشفائيّة والمنزليّة وكذلك القوت، وهي فرصة لتراكم خبرات من دروس مكتسبة بعناء شديد، ويمكن مستقبلًا التأسيس عليها لنمط متجدّد من الخدمة الاجتماعيّة المتطوّرة الهادفة والخادمة، وعلينا معًا، من مختلف الاختصاصات، أن نتكافل ونتضامن من أجل وضع استراتيجيّة واضحة للعمل الاجتماعيّ انطلاقًا من التراث الآبائيّ الذي قام على خبرة الأطبّاء القدّيسين وعلى ما يقوم به، أبناء الكنيسة المتطوّعون، من جهود مباركة جبّارة لتكون الشهادة ليسوع وفق ما يشتهيه، لنقوم معه من وجع صليب الوباء إلى نور قيامة الشفاء.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: أجسادُنا فانية

التلميذ: لماذا نمرض وتتعب أجسادُنا؟

المرشد: لا يمكن أن يجيب عن سؤالك إلّا أصحاب الاختصاص في الميدان الطبّيّ. أمّا خارج هذا الميدان فهذا السؤال بعيدٌ عن المنطق. فالكيان الإنسانيّ، في ظاهره، قابلٌ للفساد لأنّه مكوّنٌ من موادّ قابلة للانحلال والتفكّك. لذلك لا بدّ من إصابة الجسد بشتّى أنواع العوارض كالمرض والتعب وما إلى ذلك. يستطيع الأطبّاء أن يشرحوا لنا أسباب الأمراض البيولوجيّة وأن يقدّموا لنا العلاجات المناسبة لها، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يقول الكتاب إنّ الإنسان تراب وإلى التراب يعود. وهذا القول يصف نهاية جسد الإنسان الفاني الذي لا يمكنه أن يتغلّب دائمًا على الموت، فعاجلًا أم آجلًا ستموت أجسادنا كلّنا.

التلميذ: هل فناء أجسادنا يبرّر عدم الاهتمام بها؟

المرشد: بالطبع لا. من دون الجسد لا يُعتَبَر الإنسان إنسانًا. فالجسد شريكُ صاحبه في كلّ شيء: في الصلاة والصوم والسجود والمناولة والخدمة. لذلك لا تحتقر المسيحيّة الجسد بل تعتبره مقدّسًا لأنّه يساهم في قداسة الإنسان. حياتنا هبةٌ إلهيّةٌ لذلك علينا أن نرعاها وألّا نهملها. التقاعس عن دعوة الأطبّاء في المرض هو رفضٌ لأمرٍ إلهيٍّ. لا تنسَ أنّ الربّ يسوع اتّخذ جسدًا فقدّس تاليًا الطبيعة البشريّة.

التلميذ: بما أنّ أجسادنا مقدّسة لماذا إذًا يسمح الله بالمرض؟

المرشد: ليس الله سبب حدوث المرض والكوارث. يدعونا الآباء إلى أن نكون يقظين عندما تصيبنا الأسقام، وأن نفهم مغزاها على ضوء علاقتنا بالله، فنبرز وجهها الإيجابيّ من منظار خلاصنا. فالمرض الذي يُفهم ويعاش على هذا المنوال يرفع المريض إلى الله ويقرّبه منه ويثق بمشيئة الله الصالحة والمحيية والمخلِّصة من جهته. أَليس في هذا مبدأ خلاصنا؟

 

أن تلبس المسيح على مسرح الحياة

لراعي الأبرشيّة

ما أجمل أن تلبس المسيح. هو ليس رداء خارجيًّا تكسو به جسدك. أن تبلس المسيح لغةٌ استخدمها بولس الرسول ويعني بها أن تكون مسيحًا، أي مملوءًا روحًا قدسًا. ماذا يعني يا تُرى أن تلبس المسيح؟ يعني أنّك تركتَ لباس القذارة واتّشحتَ بلباس الطهارة؛ أو أنّك تركتَ لباس المرارة واتّشحتَ بلباس الفرح؛ أو أنّك تركتَ لباس الأوثان العقليّة واتّشحتَ بلباس الإيمان بالله؛ أو أنّك تركتَ لباس اليأس واتّشحتَ بلباس الرجاء بعناية الله؛ أو أنّك تركتَ لباس الأنانيّة واتّشحتَ بلباس المحبّة التي من الله؛ أو أنّك خلعتَ الإنسان العتيق (القزم) ولبستَ الإنسان الجديد (العملاق) بالروح القدس؛ أو أنّك تركتَ لباس مشيئتك واتّشحتَ بلباس مشيئة الله؛ أو أنّك تركتَ لباس الغربة واتّشحتَ بلباس البنوّة. هذه كلّها تشكّل لباسًا واحدًا يجمّل النفس، وهو لباس فريد فرادته من تنوّع القدّيسين.

ما أجمل مَن لبس المسيح وتحرّك بهذا اللباس على مسرح الحياة. إنّه «فرجة»! نعم، إنّه فرجة يحلو لنا التأمّل فيها كما نفعل في حياة القدّيسين. نهوى هذه الفرجة لأنّ أبطالها يهوون محبّة الله وتسبيحه وتمجيده، ويهوون أيضًا خدمة الإنسان وتقديسه وخلاصه. هم يشعّون فرحًا وسلامًا وتعزية، عطاءً ورجولة وإقدامًا، نورًا وعفافًا وقداسة.

لابس المسيح صاحب قلب يتّسع إلى درجة أنّه يسع فيه الله والإنسان معًا. هذا يتحقّق بالصلاة الطاهرة. قلب كهذا يعاين إخوتَه في الإنسانيّة فيحبّهم حبًّا جمًّا، ويعاني معهم من أجل أن يستعيدوا جمالهم البديع وكرامتهم التي من الله. قلب كهذا ينشد التسبيح لله ويرى فيه خدّامه الكثيرين القائمين في النور. لابس المسيح صديقٌ لأخيه الإنسان، وحبيبٌ لله. يتّصل بهذا وذاك بنعمة الروح القدس. ينقّي الواقعَ من وسخه ويبرزه إلى النور؛ ينقّيه بنظره العفيف وكلامه القدير وصلاته النقيّة؛ وينقّيه بالإرشاد والتربية والخدمة.

أَنخلع أحيانًا لباس المسيح؟ ربّ قائلٍ إنّ هناك مؤمنين يخجلون من هذا اللباس، ويؤثرون عليه عمليًّا لباسًا إسودّ بفعل القلق والخوف وحبّ الذات، وما عاد يُغسل ويبيَّض بفعل علاقة حيّة بالله، بالصلاة أو مساهمة القدسات أو التقدّم إلى الاعتراف أو المشاركة في الحياة الأسراريّة. والمدهش أن يعتاد هؤلاء لباسهم الجديد، فيرتاحون إليه لأنّه على «الموضة» إذ يوافق المنحى السائد أو العامّ. فيبدّلون الضمانة والراحة والسلامة التي يقدّمها المسيح بتلك التي يقدّمها لهم عالم يخاف الموت ويحسب له ألف حساب، ولا يؤمن بالحياة الأبديّة مع الله. هذه «فرجة» جديدة، تخالف الأولى وتمحيها! كم هذا مؤلم مشاهدته اليوم! 

أرجو ألّا يكون احتفالنا بوداع عيد الظهور احتفالًا بإبدال لباسنا، لباس المسيح، بآخر من صنع مصانع هذا الدهر، فتتعذّب نفوسنا مرّتَين، مرّة لأنّها فقدت اللباس الأصيل، ومرّة أخرى لأنّها خُدعت بلباس «تقليد»، فتخسر حياتها مرّتَين، مرّة في هذا الدهر، ومرّة أخرى في الدهر الآتي. جمال الإنسان اللابس المسيح لا يضاهيه تعريف أو مضمون أو إشعاع من صنع إنسان. إنّه فريد بكلّ المقاييس. إنّه حيّ ويحيي، يشفي ويقدّس، ينير ويشجّع. ألا بارك مَن حافظ على شعلة روحه مشتعلة وأشعل نفوسًا وأضاءها. هذا إنسان ثمين في عين الله وعيوننا التي تبغي أن تنظر النور.

هذا أراه في نور مَن سبقني في رعاية هذه الأبرشيّة وأضاء عليّ ببركته وصلاته وأتعابه، وبشهادته الحيّة، بلباسه المسيح. ألا تباركنا بسعيه وحفظه لنا الربّ سالـمًا، معافى، مديد الأيّام، قاطعًا باستقامة كلمة الحقّ، حقّ المسيح! ألا بارككم الربّ في حياتكم وجهادكم وخدمتكم، وحفظكم أمناء له بلباس يشعّ برًّا ونورًا وقداسة!

Last Updated on Wednesday, 20 January 2021 20:01