ocaml1.gif
العدد ٧: معطي الكرامة بين الباحث عنها والناكر حقيقتها Print
Written by Administrator   
Sunday, 13 February 2022 00:00
Share

raiati website copy
الأحد ١٣ شباط ٢٠٢٢ العدد ٧ 

أحد الفرّيسيّ والعشّار

الرسولان بريسكيلا وأكيلا، البارّ مرتينيانوس

 

كلمة الراعي

معطي الكرامة
بين الباحث عنها والناكر حقيقتها

معطي الكرامة بين الباحث عنها والناكر حقيقتهاكيف تقف بكرامة أمام الله؟ الجواب عن هذا السؤال يحتاج منك إلى معرفة طبيعة هذه الكرامة وكيف تقتنيها وتحافظ عليها.

فمن حيث طبيعة هذه الكرامة، فهي تلك التي يمنحك الله إيّاها. فالبشرى التي حملها إلينا يسوع عنوانها هو أن تكون لنا كرامة الابن الوحيد المولود من الآب قبل كلّ الدهور، وهي كرامة كلّفته هدر دمه على الصليب.

أمّا من حيث اقتنائها، فهذا حصل لـمّا أعلنّا إيماننا بيسوع المسيح، واعتمدنا على اسم الثالوث القدّوس، وأخذنا الروح القدس، وشاركنا في جسد الابن ودمه الكريمَين. إنّها الكرامة التي تأتي بالاتّحاد بالله وهي عطيّة مجّانيّة من لدن الله لكلّ مَن يؤمن به.

أمّا من حيث الحفاظ على هذه الكرامة، فقد رسم لنا يسوع في إنجيله طريق الوصايا، وهو الطريق الذي سلكه بنفسه، وأعطانا مثاله لنحتذي به في عيش هذه الوصايا وتطبيقها. فإن تدرّبنا على أن تكون البوصلةَ في علاقتنا وخياراتنا وتهذيب طاقاتنا وبلورتها، وأن تكون المسار الذي نركن إليه بإزاء الأحزان والمظالم والشدائد، وجدنا اللؤلؤة التي، وبينما تطأ أرجلنا أرض الواقع الأليم، تجدّد نفوسنا باليقين الذي يأتيها من شركتها مع الله.

على وقع اكتشاف معالم هذه الكرامة المعطاة لنا من الله، ينتصب أمامنا مثل الفرّيسيّ والعشّار ليدخلنا في سرّ تعاطينا مع هذه الكرامة، سواء من جهة تبخيسنا لها أو تقزيمنا إيّاها، أو من جهة استعادتنا لها متى فقدنا حقيقتها في حياتنا. هلّا اكتشفنا كيف يظهر هذان الوجهان في المثل؟

على الضفّة الأولى، نلاحظ أنّ الفرّيسيّ يتّخذ لنفسه نموذجًا لكرامة غير تلك الآتية من الله. فالكرامة التي يرسمها لنفسه زائفة، ومبنيّة على رمال بعض الفضائل الكاذبة، وتظهر عبرها بصورة السالك سلوكًا طاهرًا، لكنّه في العمق يدكّ مدماك إنسانيّة أترابه نافيًا عنهم الكرامة التي يصوّر لنفسه أنّه حازها بعرق جبينه. وضع هذا المصلّي واجهةَ الشكر في صلاته حتّى نظنّ معه أنّ الكرامة التي رسمها لنفسه إنّما مصدرها هو الله نفسه، طالما أتت في سياق وقوفه أمام الله. واستخدم هذه الواجهة البرّاقة ذاتها ليوزّع الكرامات على سواه بحسب معايير وضعها بنفسه وصنّف الآخرين على أساسها. لا شكّ في أنّ في هذا الموقف تبخيسًا وتقزيمًا لكرامة الإنسان الحقيقيّة، وهذا موقف يستمدّ جذوره من وَهْم يعيش المصلّي على أساسه، أو من انحراف في الإيمان يقصيه عن الإله الحيّ ويفقده الكرامة التي له من الله ويعزله عن أترابه.

على الضفّة المقابلة، نشاهد العشّار الذي يعي واقع حاله المزري، فأتت صلاته تعبيرًا عن الدرك الذي وصل إليه. هو مدرك تمام الإدراك أنّه ليس أهلًا للوقوف في حضرة مَن أعطاه الكرامة التي فقدها، كرامة أن يخاطبه ويرفع ألحاظه ناحيته ويناجيه في مأساته. أثبت هذا المصلّي أنّه، في صلاته، لا يبغي زيفًا ولا تنميقًا، بل هو متّكل، قولًا وفعلًا، على استجابة من الله، على نعمة منه مجّانيّة بالكلّيّة، تعيد إليه كرامته المفقودة. فهو شيّد صلاته على صخرة الإيمان من جهة، وعلى صخرة الاعتراف بحقيقة نفسه من دون مواربة، من جهة أخرى.

هكذا ينتصب أمامنا نموذجان يحاكيان، بدرجة من الدرجات، واقعنا الروحيّ، وكيف نرفع هذا الواقع إلى الله في صلاتنا. رفع الفرّيسيّ إلى الله واقعنا الخاطئ ولكن ليس بداعي محبّة هذا العالم والاهتمام بتقديسه، أو انطلاقًا من معاناة حقيقيّة تحتاج إلى مداواة، بل على سبيل رسم صورة المتفوّق فيه والمتعالي عليه والتمايز بإزائه، وتسويقًا لنفسه أمام الله. أمّا العشّار فرفع واقعه كما هو، ولكن بعد أن انعصر قلبه ألـمًا من جرّاء معاناته، فأتت صلاته شاملة واقع الإنسان، كلّ إنسان، في حقيقته المرّة، موضوعة على طبق الإيمان بالله وقدرته على مداواته. وهكذا سعى أن يفعّل على هذا النحو كرامته المهدورة، تلك الكرامة التي يمكنها أن تنادي الله بكلّ ما أوتيت من نزاهة ووجدان حيّ وتصيب مرماها.

في النهاية، أعلن يسوع النتيجة على أساس القاعدة الروحيّة التالية: «كلّ مَن يرفع نفسه يتّضع ومَن يضع نفسه يرتفع» (لوقا ١٨: ١٤)، وهي المرآة الصادقة التي تعكس كيف نقف أمام حقيقة أنفسنا على ضوء حقيقة الله الذي نؤمن به. فبينما فَقَدَ الفرّيسيّ المتشامخ كرامته أمام الله، استعادها العشّار المنسحق، ودلّ كلّ مَن فَقَد كرامته هذه على الطريق الفضلى لاستعادتها، فاتحًا لنا باب الرجاء حتّى نتبنّى صلاته لتكون صلاتنا يومًا بعد يوم: «اللّهمَّ ارحمْني أنا الخاطئ» (لوقا ١٨: ١٣). هلّا شملنا بهذه الصلاة كلّ مخلوق على صورة الله فنبقى متّحدين في الإيمان والرجاء والمحبّة؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ٢ تيموثاوس ٣: ١٠-١٥

يا ولدي تيموثاوس إنّك قد استقريتَ تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني وأناتي ومحبّتي وصبري واضطهاداتي وآلامي، وما أصابني في أنطاكية وإيقونية ولسترة، وأيّة اضطهادات احتملتُ وقد أنقذني الربّ من جميعِها، وجميعُ الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهَدون. أمّا الاشرار والمُغوُون من الناس فيزدادون شرًّا مُضِلّين ومُضَلّين. فاستمرّ أنت على ما تعلّمته وأَيقنتَ به عالمًا ممّن تعلّمت، وأنّك منذ الطفوليّة تعرف الكتب المقدّسة القادرة على أن تُصيّرك حكيمًا للخلاص بالإيمان بالمسيح يسوع.

 

الإنجيل: لوقا ١٨: ١٠-١٤

قال الربّ هذا المَثَل: إنسانان صعدا إلى الهيكل ليُصلّيا، أحدهما فرّيسيّ والآخر عشّار. فكان الفرّيسيّ واقفًا يصلّي في نفسه هكذا: «أللّهمّ إنّي أشكرك لأنّي لستُ كسائر الناس الخَطَفة الظالمين الفاسقين ولا مثل هذا العشّار، فإنّي أصوم في الأسبوع مرّتين وأُعشّر كلّ ما هو لي». أمّا العشّار فوقف عن بُعدٍ ولم يُردْ أن يرفع عينيه إلى السماء، بل كان يقرع صدره قائلًا: «أللّهمّ ارحمني أنا الخاطئ». أقول لكم إنّ هذا نزل إلى بيته مبرّرًا دون ذاك، لأنّ كل مَن رفع نفسه اتّضع، ومَن وضع نفسه ارتَفَع.

 

عبدُ الربّ ورجلُ الأوجاع في إشعياء

عندما نتحدّث عمّا اصطُلِح على تسميته في الأوساط الكنسيّة وتلك المهتمّة بدراسات الكتاب المقدّس، «رجل الأوجاع» أو «عبد الربّ»، فإنّنا نستند إلى نصوص وَرَدَت في كتاب إشعياء النبيّ، وتحديدًا إلى إشعياء ٤٢: ١-٤، و٤٩: ١-٦، و٥٠: ٤-٧؛ و٥٢: ١٣-٥٣: ١٢ (ننصح بقراءتها). وتتضمّن هذه النصوصُ الأناشيدُ كلامًا على شخصيّة يسمّيها إشعياء عبد الربّ ومختاره ورجل الأوجاع. ويوصف عبدُ الربّ هذا بأنّه بارّ، وأنّ الربّ سُرَّ به، ووضع عليه روحه، وأنّه مسالم ومتواضع ومنسحق، ومهما رذله الناس واضطهدوه، يبقى على أمانته للربّ.

ويأتي هذا الكلام الإشعيائيّ بعد أن بيّن النبيّ، في نصوص سابقة، خطايا الملوك في ما اقترفوه من تمرّد على وصايا الربّ، وعدم سلوكهم بمقتضيات شريعته، إنْ من حيث الاتّكال عليه، أو العمل بأحكامه بالابتعاد عن الظلم، ورفض العنف والاحتراب. ويأتي كلّ هذا على خلفيّة رفضِ الربّ المَلَكيّة الإنسانيّة، لكونها تمثّل الكبرياء الإنسانيّة، وترمز إلى محاولة الإنسان التمسّك بسلطان قاهر وعنيف، فيما شاء له الله أن يكونَ حافظًا السلام في الأرض والتعايش مع كلّ ما عليها في أمانة له وحِفْظ لحُسْن خَلْقِه.

وكان إشعياء قد أوجز الرذائل الإنسانيّة في إصحاحه الأوّل، حيث يتحدّث عن الشعب الثقيل الإثم، وفاعلي الشرّ، والمفسدين والمرائين وسافكي الدماء، معلنًا دينونته لهم، وداعيًا إيّاهم إلى التوبة إن شاؤوا أن تكون الحياة وافرةً على الأرض. حتّى إنّ الربّ، في إشعياء، يرفض من الناس كلّ أنواع الذبائح والعبادات، لكونها تُمارَس شكليًّا، في حين أنّ القلب بعيد عنه.

في هذا السياق، يضع إشعياء أمام المخاطَبين صورة عبد الربّ الأمين والبارّ، ليقول لهم إنّ الربّ لا يعلن ذاته ومشيئته للبشر بقوّة الملوك، أو بظلم البشر، أو شرّ الآثمين، بل بمَن كان ضحّية لهذه القوّة والظلم والشرّ، أي بمَن تبرَّر من الربّ لاحتماله الضيق الذي يستبّب به له أهل هذه الأرض. وقد ارتبط هذا الوجه، عند إشعياء، بالنبوءات التي تتحدّث عن المسيحِ وحلول مملكته القائمة على العدل والحقّ والاستقامة، والتي تضمّ إليها سائر الشعوب (إشعياء ٩ و١١). ووجه المسيح، في سفْر إشعياء، وهو البديل الأفضل والخيار الالهيّ، مكان الملوك الذين عرفهم البشر، والذين، على مثال آحاز الذي يروي إشعياء، في الإصحاحين ٧ و٨، كيف أنّه خان الأمانة للربّ، وبدلًا من الاتّكال عليه، راح يصنع حروبًا. آحاز رمز لنزعة الإنسان إلى العنف، ومسيح الربّ هو الذي يريد الربّ به أن يكون في الأرض كلّها سلام بين الناس، وعدل وحقّ ومخافة.

وفي السياق الإشعيائيّ يتكشّف وجه مسيح الربّ في صورة عبد الربّ، رجل الأوجاع، وهذا، تحديدًا، ما حدا ببولس، في رسالته إلى فيليبيّ، إلى أن يتحدّث عن المسيح بكونه صورة الله ومعادلًا له، إلّا أنّه «أخلى ذاتَه آخذًا صورةَ عبدٍ.. ووضع نفسه، وأطاع حتّى الموت، موت الصليب» (فيليبّي ٢: ٦-٨). هذه الجدليّة بينَ سيادة المسيح من جهة، وتجلّيه في صورة العبد المتألّم، نجدها أيضًا في سفر المزامير، حيث مسيرة المسيح توازي مسيرة عبد الربّ الإشعيائيّ: يختاره الربّ لبرّه وأمانته ويجعله مسيحه ليؤدّب الشعوب (مزمور ٢)، غير أنّ سيادة مسيحه هذا تُستعلَن في تآمر الناس عليه، واضطهاده، ورذله، واحتقاره. وإنّ الربّ، لهذا السبب تحديدًا، يرفعه إلى أعلى المراتب، ويأتي به إلى هيكل قدسه، ويجعله معلّمًا لجميع الشعوب وداعيًا إيّاها إلى التوكّل على الربّ والعمل بوصاياه، ولا سيّما وصيّة محبّة المساكين الذين هم على صورته.

ولا عجب، والحال هذه، أن يكون الإنجيليّون الأربعة استندوا، في كلامهم على المسيح، إلى أناشيد عبد الربّ في إشعياء، وإلى ما يوازيها في المزامير، ليصوغوا رواياتهم الخاصّة بتعليم يسوع وآلامه وموته وقيامته. فقد أتوا بعبارات وصوَر وردت في إشعياء والمزامير، وتكلّموا على المسيِحٍ مخلّصًا للكون، داعين، بهذا، البشر جميعًا، إلى الانضمام إلى هذا الخلاص، بأن يتوبوا عن المظالم، ويختاروا طريق المسيح، أي طريق البرّ والاتّضاع والمحبّة والسلام الذي لا يشوبه أيّ زغل.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: الرسول تيموثاوس

التلميذ: أرجو أن تعرّفني بهذا الرسول؟

المرشد: تيموثاوس اسم يونانيّ معناه «عابد الله» أو «من يكرم الله». يسمّى «رسولًا» في رسائل عدّة، وفي رسالتين يسمّيه بولس «أخًا». بالمعنى الدقيق مَن سُمّي رسولًا هو فوق الأساقفة والقسس والشمامسة. تيموثاوس جعله بولس مرافقًا له. يلوح من بدء الرسالة أنّ بولس جعله أسقفًا على أفسس ومنطقتها إذ يقول إنّه وضع يديه عليه، وأفسس مدينة فيها للمسيحيّة خصوم، وعمل الأسقف أن يبشّرهم.

التلميذ: بماذا يوصي بولس تلميذه في رسالة اليوم؟

المرشد: الرسالة الثانية إلى تيموثاوس هي إحدى الرسائل الرعائيّة التي كتبها الرسول وهو في السجن في رومية أو في إقامة جبريّة. يصل الرسول في هذا المقطع إلى وصايا لتلميذه. ولا يكتفي بولس بأنّه علّم، فيوصي تلميذه بأن يستمرّ على ما تعلّم علم اليقين «عالـِمًا ممّن تَعلّم» أي من بولس.

التلميذ: وماذا يقصد بقوله: «وأنّك منذ الطفوليّة تعرف الكتب المقدّسة»؟

المرشد: يعني بها أسفار العهد القديم. وإذ يسمّيها كتبًا مقدّسة يعني أنّها موحاة من الله. هذه هي الكتب التي قرأها الربّ يسوع واستشهد بها، أي أنّ السيّد كان يراها مسلَّمة إلى كنيسته وهي حفظتها واستعملتها جيلًا بعد جيل في العبادات المقدسة. المزامير جزء كبير من صلواتنا. والأنبياء نقرأهم في عشيّة بعض الأعياد ولا سيّما السيّديّة.

التلميذ: وما تأثير مطالعة هذه الكتب المقدّسة عليه؟

المرشد: يقول بولس إنّ هذه الكتب تجعل تيموثاوس حكيمًا، أي تعطيه حكمة الله والفهم الإلهيّ بحيث يتدبّر حياته وسلوكه وفق الكلمة الإلهيّة. هذه الحكمة تقوده إلى الخلاص الذي يصل إلينا بإيماننا بالمسيح يسوع.

التلميذ: كيف يعنينا هذا الكلام؟

المرشد: هذا الكلام موجّه إلى جميع الناس وبخاصّة إلى الكهنة المدعوّين إلى أن يتحلّوا بفضائل تيموثاوس، وأن يُطالعوا الكتاب المقدّس بعهدَيه ليعظوا منه، أي ليستلهموه حتّى تتطبّع عقولهم بكلماته لينقلوا فكر الله للناس لا فكرهم الخاصّ ولا فكر الأدباء والشعراء. رجل الله يتكلّم بكلام الله فيتغذّى المؤمنون بالمعنى الإلهيّ.

 

بلوغ القمّة

للمطران جورج خضر

العالم كلّه شهوة وتعظّم. وقد يكون الاشتهاء ذاته كبرياء لأنّه، تحديدًا، حبّ الاستيلاء و«فرط الطمع». لأنّي في أدنى المراتب، اعتبر نفسي موجودًا، لأنّي، في كلّ حال، أريد تثبيت وجودي، أرغب في الناس أشياء لي وفي الأشياء دعائم كيان. الحياة كلّها مسرح انتفاخيّ. أليس الرجل يتباهى بقوّة سيطرته على المرأة. ألا تنتشي المرأة بإغرائها الرجل؟ اللذّة، هنا وهناك، في التسلّط.

عكس هذا المتواضعون، الذين يضعون أنفسهم في أدنى منزلة، الذين لا يرتفعون فوق التراب. همّهم أن يختفوا. ألّا يظهر منهم، كلامًا أو فعلًا، إلّا المفيد لأنّهم يخشون، إذا كان غير ذلك، أن يكون هبة إنسانيّة باطلة. أمّا إذا دخلوا في خلوة النفس ففيها إصغاء إلى صوت الله فيهم وإذا هم في نجواه. والإنسان الداخليّ، إذا وجّه قوانا كلّها فالله هو القائم وسط إنساننا الباطن وهو إذًا سيّد الحياة.

المليء من حضرة ربّه، العارف ضعفه في ابتعاده عنه، وفي اقترابه، المدرك أنّه فراغ بحدّ نفسه، لا شغل له إلّا أن يستدعي هذه الحضرة المباركة. وإذا انعطفت وحلّت فعنده أنّ الوجود لها وأنّ القوّة لها، وأنّه ما يزال هو عدمًا فوق عدم. ولكنّه موقن أيضًا أنّه مستودع العطاء وأنّ العطاء جزيل. وعلى قدر تخلّي المتواضعين عن المجد وكرههم المديح فلا يحجمون، إذا أتتهم لمسات النعمة، عن أن يفتخروا بربّهم افتخارًا كبيرًا. ذلك بأنّهم لا يرون سواه.

التروّض على التواضع بإسكات اللسان إذا اعتدّ واعتزّ، بالقبول الصبور للملاحظة واللوم، بارتضاء التأديب ولو قسا، بقمع جماح النفس إذا مالت إلى الاحتقار والصلف والطغيان، بتأمّل الله في تنازله إلينا.

وإذا أتمّ الله على امرئ نعمة التواضع فليس عليه بعد ذلك جهاد لأنّه بلغ الذروة.

 

تذكير بأوقات منع الزواج

منعت كنيستنا المقدّسة إقامة الأكاليل أثناء الصوم الأربعينيّ المقدّس، أي الفترة التي نستعدّ فيها بالصلاة والصوم لحلول الأسبوع العظيم والفصح، عيد قيامة مخلّصنا يسوع المسيح من بين الأموات.

عمليًّا في هذه السنة يُمنع الأكليل ابتداء من يوم الأربعاء الواقع فيه ٢ آذار، ولغاية يوم السبت ضمنًا في ٣٠ نيسان عشيّة الأحد الأوّل بعد الفصح أي أحد توما أو أحد الجديد.

لذا الرجاء الانتباه وترتيب الاشتراك في دورات إعداد الزواج المقرّرةع لى الشكل التالي:

-الدورة الأولى أيّام الاثنين ٢٨ شباط والثلاثاء ١ آذار (الحلقة ١و ٢)، الخميس ٣ والجمعة ٤ آذار (الحلقة ٣ و٤)؛

-الدورة الثانية ستقام في فترة أسبوع التجديدات، أيّام الاثنين ٢٥ والثلاثاء ٢٦ نيسان (الحلقة ١ و٢)، الخميس ٢٨ والجمعة ٢٩ نيسان (الحلقة ٣ و٤).

Last Updated on Friday, 11 February 2022 18:13