Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2023 رعيتي العدد ٣٦: الوارث والوارثون معه في صورة الكرّامين وحجر الزاوية
رعيتي العدد ٣٦: الوارث والوارثون معه في صورة الكرّامين وحجر الزاوية Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 03 September 2023 00:00
Share

رعيتي العدد ٣٦: الوارث والوارثون معه في صورة الكرّامين وحجر الزاوية
الأحد٣ أيلول٢٠٢٣ العدد ٣٦  

الأحد ١٣ بعد العنصرة

اللحن ٤ - الإيوثينا ٢

الشهيد في الكهنة أنثيمُس أسقف نيقوميذية

القديسة فيفي

 

كلمة الراعي

الوارث والوارثون معه
في صورة الكرّامين وحجر الزاوية

رعيتي العدد ٣٦: الوارث والوارثون معه في صورة الكرّامين وحجر الزاوية في مثل الكرّامين القتلة تصوير حيّ لعلاقة الله بشعبه بالاعتماد على صورتَين، صورة الكرمة والعناية بها، وصورة الحجر الذي صار رأس الزاوية.

في الصورة الأولى، تتجلّى لنا عناية الله بكرّاميه، فهؤلاء هم كرمته الحقيقيّة. فيهم زرع كلمته، قصده، وصيّته، لا بل صورته، أي الإمكانيّة أن يصيروا على شبهه. اعتنى بهذه النفوس من خلال مَن أرسلهم إليهم من عبيده الأمناء، أي الأنبياء، ليوقظ فيهم حسّ الله وحسّ المسؤوليّة الحقيقيّة بالوكالة التي أُعطيت لهم من الله، أي حسّ العمل بوصيّة الله في حياتهم والإتيان بثمار وتقديمها إلى الله شكرًا وامتنانًا.

ربّ قائل إنّ صورة الاعتناء بالكرمة تحمل وجهَين متلازمَين. ففي الوجه الأول، تظهر عناية الله بالإنسان، عناية واضحة وكاملة وشاملة، عناية تعهّدها منذ البدء وهي مستمرّة دون انقطاع. فصاحب الكرم، أيّ الله، وفّر منذ البدءللكرّامينكلّ إمكانيّات النموّ وإطار النجاح وفرص الإثمار، حيث «غرس كرمًا وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجًا» (متّى ٢١: ٣٣)، وما فتئ عن متابعة أحوال كرمته، فاستفقدها من خلال عبيده، أي الأنبياء، واستمرّ على هذا المنوال على الرغم ممّن تعرّضوا له من تنكيل وقتل.

بالمقابل، يظهر، في الوجه الثاني، غياب حسّ المسؤوليّة عند الإنسان بالاعتناء بكلمة الله المزروعة فيه. وهذا نجد صداه بالرفض الذي جابه به الكرّامون مَن حملوا إليهم الكلمة، وحتّى الكلمة المتجسّد. أظهروا رفضًا وعدوانيّة واستشراسًا في إلغاء كلّ علاقة بالله، فلا وصاية له عليهم ولا سيادة ولا حقوق. لا بل ذهبوا إلى ما هو أبعد من هذا كلّه، فاختاروا أن يرثوا الوارث عبر قتله خارج الكرم. ظنّوا أنّهم وجدوا الوسيلة ليكونوا في مكانته، من دونه. ظنّوا أنّهم يبلغون السيادة المطلقة على هذا الكرم، على حياتهم، عبر الإجهاز على كلمة الله نفسه.

ساعتها أظهر يسوع واقعًا جديدًا، استكمالًا لما سبق، فأعطانا،في نهاية المثل، صورة جديدة للعلاقة مع شعبه وهي صورة حجر الزاوية، والحجر الذي لا يمكن لأحد أن ينزعه من مكانه أو يتجاهله، الحجر الذي يمسك أطراف تدبير الله كلّها، بعهدَيه القديم والجديد، ويظهر هذا التدبير بكلّ بهائه ونجازه وكماله: «الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية. مِن قبَل الربّ كان هذا وهو عجيب في أعيننا» (متّى ٢١: ٤٢).

بينما كانت صورة الكرمة تحدّثنا عن إخفاق ظاهريّ لتدبير الله، أظهرت صورة حجر الزاوية انقلاب الأوضاع كليًّا فصرنا أمام انتصار لحقيقة الله في الإنسان، في يسوع المسيح، ومن ثمّ في كلّ المؤمنين به. إنّها صورة بناء متكامل يجمع الوارث والوارثين معه في وحدة مدهشة لا يمكن سوى لله أن ينجزها. إنّها صورة تستعيد الغاية من إرسال العبيد إلى الكرّامين، صورة تُبرز في هؤلاء الورثة تحقيق ما صنعته فيهم كلمة الله من إنسان جديد.

لا شكّ في أنّ هذا الانتصار لم يتحقّق بالوسائل أو بالروحيّة التي استخدمها الكرّامون في المثل، فهؤلاء خسروا الوكالة المعطاة لهم، بل بالوسائل أو بالروحيّة التي رأيناها في وجوه عبيد الله، على مرّ الأجيال، الذين بالقول والفعل، أعطونا صورة حيّة عن انقشاع صورة الله فيهم وتجلّيها في كلّ واحد منهم.

هذا كلّه يقودنا إلى التأمّل في خدمة تدبير الله في وجوه مَن تبعوا يسوع في دعوته أن ينكروا ذواتهم ويحملوا صليبهم ويتبعوه على دروب تدبيره الإلهيّ، فسلكوا هذا الدرب بحكمة وصبر، بمحبّة وطاعة، بنكران للذات وفرح بإعطائها. هؤلاء هم الكرّامون الحقيقيّون باسم الكرّام العظيم،والبناة المهرة باسم باني الكلّ، والوارثون للوارث الوحيد لمجد الله. اليوم يجد هؤلاء تكريمهم في يسوع، منيرين دربنا بشهادتهم. لم يظنّ أحد منهم أنّه أهل للميراث، لكنّهم تحلّوا بالشهامة في جهادهم، وبالأمانة في خدمتهم، وبالثقة في وعود الله لهم، وقدّموا ذواتهم ثمرًا من نتاج الكرمة، فيها يستطيع الله أن يقول: «أنت ابني الحبيب الذي به سررتُ»، أو «تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملك المعدّ لكم»، أو «ينبغي لنا اليوم أن نفرح لأنّ (فلان) كان ميتًا فعاش وكان ضالًّا فوُجد».

حبّذا لو شكرنا إذًا مَن يعطينا مثالًا صالحًا نأمن له ونحتذي به. حبّذا لو أطعنا مَن يعرف طريق صلاح الله ويرافقنا فيه حتّى نبلغ نهايته. حبّذا لو تأمّلنا في كلمة الله واستعدناها توبة وصلاة وخدمة. ألا باركْ يا ربّ سعي عبيدك-الكرّامين في عمل كرمتك، عساهم يقدّمون لك حسابًا يتمجّد به اسمك إلى الأبد.

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ١كورنثوس ١٣:١٦-٢٤

يا إخوة اسهروا، اثبتوا على الإيمان، كونوا رجالًا، تشدّدوا. ولتكن أموركم كلّها بالمحبّة، وأطلب اليكم أيها الإخوة بما أنّكم تعرفون بيت استفاناس، أنه باكورة أخائية وقد خصّصوا أنفسهم لخدمة القديسين، أن تخضعوا أنتم أيضًا لمثل هؤلاء ولكل من يُعاون ويتعب. إني فرح بحضور استفاناسوفُرتوناتوسوأخائكوس لأنّ نقصانكم هؤلاء قد جبروه فأراحوا روحي وأرواحكم. فاعرفوا مثل هؤلاء. تُسلّم عليكم كنائس آسية. يُسلّم عليكم في الرب كثيرًا أكيلا وبْرسكلة والكنيسة التي في بيتهما. يُسلّم عليكم جميع الإخوة. سلّموا بعضُكم على بعض بقبلةٍ مقدّسة. السلام بيدي أنا بولس. إن كان أحدٌ لا يحبّ ربّنا يسوع المسيح فليكن مفروزًا. ماران أَتا. نعمة ربّنا يسوع المسيح معكم. محبّتي مع جميعكم في المسيح يسوع، آمين.

 

الإنجيل: متى ٣٣:٢١-٤٢

قال الرب هذا المثل: إنسان ربّ بيتٍ غرسَ كرمًا وحوّطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجًا وسلّمه إلى عَمَلة وسافر. فلمّا قرب أوان الثمر أرسل عبيده إلى العَمَلة ليأخذوا ثمره. فأخذ العملة عبيده وجلدوا بعضًا وقتلوا بعضًا ورجموا بعضًا. فأَرسل عبيدًا آخرين أكثر من الأوّلين فصنعوا بهم كذلك. وفي الآخر أَرسل إليهم ابنه قائلًا: سيهابون ابني. فلمّا رأى العملةُ الابنَ قالوا فيما بينهم: هذا هو الوارث، هلمّ نقتله ونستولي على ميراثه. فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه. فمتى جاء ربّ الكرم، فماذا يفعل بأولئك العملة؟ فقالوا له إنه يُهلك اولئك الأردياء أردأ هلاكٍ ويُسلّم الكرْم إلى عملةٍ آخرين يؤدّون له الثمر في أوانه. فقال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب إنّ الحجر الذي رذله البنّاؤون هو صار رأسًا للزاوية؟ مِن قِبل الرب كان ذلك وهو عجيب في أَعيُننا.

 

الصبر والرّجاء

قال شيخٌ لتلميذه: «أتريدني أن أصلّي إلى الله ليخفِّف عنكَ حرب الزنى؟ فأجاب: إذا كنتُ في التعب يا أبي فأقلَّهُ أنّي أرى الثمرة في نفسي. لذا أُطلب من الله، بالحريّ، أن يَهَبني الصَّبر».

بهذه الكلمات من الأدب النسكيّ، نستشفّ فكر الكنيسة الأرثوذكسيّة وروحانيّتها وتعليمها حول الصّبر. أمّا الرجاء فهو ما لا ينفصل عن الصّبر لأنّه، وحسب الرسول بولس، بالصّبر الذي يولّد الرجاء، لا نخزى بل نستحقّ «محبّة الله التي انسكبت فينا بنعمة الروح القدس المعطى لنا» (رومية ٥: ٥).

يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفمّ إنّ الشّدائد لا تُبطل الرّجاء، لا بل هي تبْني الإنسان وثمرها العظيم هو الصَّبر لأنَّها تجعلنا أشدّاء. ويكمل الذهبيّ الفمّ ليقول إنّ ما من شيء يُعِدُّ المرء لرجاء البركات أكثر من الضمير الصالح ولذلك، «ما من أحد يعيش اليوم باستقامة ويرتاب في المستقبلات». لا يوجد أحد ممن عاشوا في حياة مستقيمة يمكن أن يشكَّ في خيرات الدهر الآتي، تمامًا كما أنَّ الذين أهملوا وتهاونوا كثيرًا في حياتهم، إذ قد صاروا مأسورين من جهة ضميرهم الشرير، فإنّهم لا يريدون أن تكون هناك دينونة ولا مجازاة. وبحسب القدّيس باسيليوس الكبير، الشّدائد تقود المجاهد إلى أن يحظى بالمجد الأبويّ. أمّا القدّيس نكتاريوس أسقف المدن الخمس، فيعتبر أنَّ الصَّبر هو أوَّل الفضائل لأنَّه بِه يتِمّ الخلاص وهذا حسب قول الرَّب «من يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص» (متى ١٠: ٢٢). يعلّمنا الصبر أن نتحمّل المعاناة بجلادة؛ إنّه مدرِّب على الحكمة ومعلّمٌ للفضيلة هو عنوان لعرقٍ كثير واحتمال كبير.

استطاع الآباء الملهَمون من الله أن يتحدّثوا عن هذه الفضائل التي من خلالها نستطيع أن ندخل الملكوت، بعد أن لاحظوا أنَّ كلَّ الذين سبقوهم في الجهاد، والذين دعاهم النّاسُ مسيحيّين، قد عاشوا بهذه الطريقة. لقد عاش الرّسل ومن بعدهم جميع الآباء والقدّيسين بصبرٍ كبير محتملين كلَّ اضطهاد مع كلّ جوعٍ وألمٍ وحزنٍ وعوز، لكنّهم كانوا «أشدّاء» على حسب وصف الرّسول الإلهيّ بولس.

أحد الأمثلة الحيّة على هذا الوصف كلّه قدّيسٌ مميّز وعظيم في كنيستنا، قدّيس شاب يافع في السنّ باسلٌ في الجهاد ظافرٌ في وجه أحابيل الذين وصفهم الرب الربّ نفسه بأنَّهم يستطيعون أن «يُهلكوا الرّوح والجسد» (متّى ١٠: ٢٨) هو القدّيس الذي احتفلنا الأمس (٢أيلول) بتذكاره المجيد، العظيم في الشّهداء ماما.

القدّيس ماما الذي ولد في السّجن من أبوَين تقيَّين جدًّا، اغتذى وهو في رحم أمّه من الإيمان الثابت القويم المبني على صخرة صلدة لا تتزعزع. اختبر الاضطهاد والألم وهو جنين لم يبصر النّور بعد. ثمَّ أبصَره ليتربّى بمعونة الله في بيت مؤمن عند امرأة لا يقلّ إيمانها عن إيمان والديه. فنشأ قدّيسنا على الفضائل المسيحيّة وأهمّها كيف يجابه المحن بصبرٍ كبير ورجاء لا يخذل تمامًا كما صبر الربّ يسوع على كلّ من أهانه ولطمه وضربه وصلبه. كان القدّيس ماما كلّما تأمّل بذلك، يزداد صبرًا وتحمّلًا لأنّه عرف يقينًا أنّ الصّلب والعذاب سيودي حتمًا إلى قيامة وحياة أبديّة خالدة مع المسيح.

هذا كلّه دفع قدّيسنا للثبات والمجاهرة بالإيمان وهو في عمر يافع لا يتخطّى الخامسة عشر، أمّا العذابات فحسبها ربحٌ له، إذ صبر عليها بإيمان جاعلًا رجاؤه كلّه على الذي قال «مَن يصبرْ إلى المنتهى فهذا يخلصْ» (متى ١٠: ٢٢). ولذلك، كانت العذابات من قبل جنود الأمبراطور تتحوّل إلى نسمات صيف عابرة تزيده يقينًا وإيمانًا وثباتًا، وهذا عينه يذكره القدّيس أفرام السرياني إذ يقول: «تأمَّل وأبصر كيف الآباء منذ القديم ورؤساء الآباء والأنبياء والرسل والشهداء عبروا في طريق الغموم والمحن فاستطاعوا بذلك أن يرضوا الله حين احتملوا كلّ محنة وحزن بشهامة والتذّوا بالضيقات لأنَهم انتظروا المكافأة».

إن الصَّبر والرجاء فضيلتان لا تفترقان عن بعضهما. وذلك أنّ كلّ مَن يصبر في الشدائد والمحن والآلام، ويتجاهل الأمور العالميّة الـمُبعدة إيّاه عن المنهج الخلاصي وعن طريق الله يكون في رجاء كامل بالله نفسه، الوحيد القادر أن يبرِّره. وما قصده الرسول بولس في أنَّ «الضيق ينشأ ينشئ صبرًا والصبر تزكيةً والتزكيةُ رجاءً» (رومية ٥: ٤-٥) هو نفسه ما فسّره الآباء القديسون وعاشوه واختبروه، والقدّيس ماما خير مثال على هذا كلّه. لم يكن يحتاج لأعلى العلوم والدراسات والمراكز ليفهم، وفي سنٍّ مبكّرة جدًّا، جوهر الحياة الحقيقيّة وأن يكون قدوة لأترابه وبني جنسه في حسن العبادة والسّيرة والصّبر والرّجاء.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ:

الكتاب المقدس (الأنبياء الأوّلون)

التلميذ:مَن هم الأنبياء الأوَّلون؟

المرشد: الأسفار المسمّاة تاريخيّة (يشوع، قضاة، صموئيل، ملوك)، يطلِق عليها اليهود اسم «الأنبياء الأوَّلين»، ويساوون بينها وبين الأنبياء الأخِيرين (إشعياء، إرمياء، حزقيال وسائر الأنبياء). وقد سمّـيت هذه الأسفار هكذا لأنّ التقليد نسب تأليفها إلى المدارس النبويّة (من القرن الثامن إلى السادس ق.م). إلّا أنَ ما يبرّر هذه التسمية أيضًا هو تدخّل أنبياء عديدين في هذه الأسفار، مثل صموئيل وجاد وناثان وايليا وأليشاعوإشعياء وإرمياء وغيرهم، وأنّها (الأسفار) تقدّم تفسيرًا نبويًّا للتاريخ. لقد تأمّل المؤلِّفون في التقاليد التي تنقل الأحداث ورووها في وجوهها المختلفة، وفي هذا التأمّل في الماضي يسعى هؤلاء الأنبياء، عن طريق الكلمة التي نطقوا بها والتي تكشف أمانة الشعب أو خيانته، إلى نورٍ للحاضر ورجاءٍ للمستقبل.

التلميذ: ألا يُحسب سفر يشوع مع الكتب الخمسة؟

المرشد: تجاذب بعض المؤرِّخين حول تبعيّة سفر يشوع، فمنهم مَن يؤكّد أنّه أصلًا من أسفار التوراة، وذلك لأسباب تتعلّق بمحتواه وشكلّه، فمصادره هي مصادر أسفار التوراة الخمسة عينها وهو يكمّلها طبيعيًّا بإيصاله الشعب إلى أرض الميعاد، وميثاق سيناء يجدَّد في شكيم.معنى السفر يُدرَك حقًا إذا فُهم أن المقصود هو تحقيق الوعد، ذلك أن الشخصيّة التي تفوق يشوع بروزًا هي أرض الميعاد. وهذا ما يعطي يشوع أهميّة، فهو خليفة موسى، والعمل الذي بُدئ به مع موسى يُكمل مع يشوع. وهناك تقليد قويّ يروي أنّ موسى أبدل اسم هوشع بن نون (عدد ١٣: ١٦) بيشوع (اسم يسوع في العهد الجديد)، وهو بذا يشير إلى مصيره الجديد.

التلميذ: ما هو سفر القضاة؟

المرشد: يروي سفر القضاة إقامة الأسباط الإسرائيليّة في فلسطين، وقصّة الرجال البارزين الذين أقامهم الله قادة لشعبه وخلصوه من ضيقاته في الفترة التي سبقت أيام صموئيل. يعود اسم السفر إلى هؤلاء الرجال. لقبهم «قضاة» (شُفِطيم في العبريّة) لا يعني أنّهم كانوا قضاة بالمعنى القانونيّ للكلمة، ففي العبرية «شَفَط» تعني «حَكَمَ» أي صحّح وضعًا مشبوهًا أو أجرى العدل، أي نصَر الحقّ المهدور بمعنى أنّه حقّق نوعًا من التحرير. عدا أبيمالك الذي انتُخب ملكًا في شكيم بذات سلطانه والذي لم يُحسَب، على ما يظهر، في عداد القضاة، نجد مجموع اثنَي عشر قاضيًاإلى أيّام صموئيل ومن دونه.

التلميذ: وماذا عن سفر صموئيل؟

المرشد: سفْرا صموئيل (اللذان كانا يؤلّفان أوّلًا سفرًا واحدًا) يرويان إنشاء الملَكيّة. وما يرويانه لا يكتمل إلّا مع كتاب الملوك بسفرَيه الأوّل والثاني. الكتاب وُضع على اسم صموئيل لأنّ التقاليد القديمة اعتبرت أنّ صموئيل كتب القسم الأكبر منه. تختصّ روايات الكتاب بشاول وداود، وتمتاز بدقّة ونضارة تستحقّ الإعجاب.إنّها، بالتأكيد، شهادة معاصرة، ولكن يصعب تحديد التواريخ تحديدًا دقيقًا. فإذا ما انطلقنا من تاريخ انشقاق الأسباط العشرة (حوالى سنة ٩٣٥ ق.م.)، نصل إلى تحديد عهد داود حوالى الألف ق.م.، لأنّ كلًّا من عهدَي داود وسليمان دام، حسبما هو مقبول، أربعين سنة.

التلميذ:ماذا تخبرنا عن سفر الملوك؟

المرشد: ينطلق كتاب الملوك من الوثائق الموجودة في البلاط الملكي ليحدّثنا عن ملوك يهوذا واسرائيل على ضوء كلام الله وتعليمه. يملأ سليمان بعهده الزاهر ووجهه المثاليّ بين وجوه الملوك الأحد عشر إصحاحًا الأولى من سفر الملوك. ويروي الكتاب الانفصال بين مملكتَي إسرائيل الذي يحدِثه انشقاق الأسباط العشرة، فتاريخ المملكتَين معًا حتّى زوال مملكة الشمال عام ٧٢٢ ق.م. ومن ثم تاريخ مملكة يهوذا حتّى زوالها أيضًا عام ٥٨٧ ق.م. استفاد واضعو الكتاب المقدس من فشل الملوك بعد داود وسقوط الملَكيّة (القرن السادس ق.م.) حتّى يتكلّموا عن الملك المنتظَر، ذلك أنّه ساد الاعتقاد بأنّ وارث المواعد الإلهيّة سيرسله الربّ ليقود الشعب في طريقه، وهو ليس أيّ ملِك  وإنّما المتحدِّر من داود أي المسيح.

Last Updated on Friday, 01 September 2023 16:40
 
Banner