ocaml1.gif
العدد ١٤: من تجربة الاثنَي عشر أمس إلى تجربتنا اليوم Print
Written by Administrator   
Sunday, 05 April 2020 00:00
Share

raiati website copy

الأحد ٥ نيسان ٢٠٢٠  العدد ١٤ 

الأحد الخامس من الصوم

البارّة مريم المصريّة

كلمة الراعي

من تجربة الاثنَي عشر أمس 
إلى تجربتنا اليوم

1420 يحار المؤمنون اليوم كيف بإمكانهم أن يعيشوا صلوات الأسبوع العظيم في كنائسنا، وأن يعيّدوا عيد الفصح، بعد أن صارت الإجراءات المتّخذة في غير مكان تضيّق عليهم، أكثر فأكثر، بشأن إمكانيّة ممارسة الحياة الطقسيّة كما اعتدنا أن نعيشها. فهل هذا يعيق نموّنا الروحيّ؟ لمستُ في إنجيل الأحد الخامس من الصوم جوابًا واقعيًّا، لأنّه يصوّب على واقعنا وعلينا، فردًا فردًا.

انظروا، من جهة، كيف كان يسوع يستعدّ لآلامه التي خصّصت الكنيسة أسبوعًا بكامله لنعيشها. انظروا كيف كان يسوع يهيّئ تلاميذه لهذه المسيرة المحتّمة بالتفصيل: «ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلَّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم، فيهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم» (مرقس ١٠: ٣٣-٣٤). لم يخفِ عنهم الحقيقة ولم يخِفْهم بها. إنّه واقع يجتازه بكلّ جوارح نفسه، باذلًا نفسه حبًّا.

راقبوا، من جهة أخرى، مواقف التلاميذ. بدءًا، حيرة فخوف كبير يعتمرهم في اتّباعهم يسوع، ليس خوفًا عليه، بل على أنفسهم. يدركون أنّ الصدام مع السلطة الدينيّة في أورشليم بالغ ذروته لا محالة: «كانوا يتحيّرون. وفيما هم يتبعون كانوا يخافون» (مرقس ١٠: ٣٢). ثمّ استفاق اثنان منهم على موقع مميّز لا بدّ من أن يكون من نصيبهما بجانب يسوع، إذ اعتقدا أنّ نتيجة المنازلة في أورشليم ستكون في صالح المعلّم، فرتّبا حساباتهما على هذا الأساس: «يا معلّم، نريد أن تفعل لنا كلّ ما طلبنا... أعطنا أن نجلس الواحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك» (مرقس ١٠: ٣٥، ٣٧). وأخيرًا، ظهر موقف ثالث، هو الانفعال الذي تحكّم في بقيّة التلاميذ من مطلب هذَين، انفعال كاد يؤدّي إلى خصومة حقيقيّة بينهم: «لـمّا سمع العشرة ابتدأوا يغتاظون من أجل يعقوب ويوحنّا» (مرقس ١٠: ٤١).

تذهلنا هذه المواقف الثلاثة بواقعيّتها وآنيّتها في تظهير ما يعتمل نفوسنا من مشاعر، أو نتّخذه من مواقف، أو نصرّح به عند مقاربتنا طريقة مواجهة ڤيروس كورونا. حيرة وخوف لدى الجميع؛ ثمّ شطارة في استغلال الظرف لزعامة مبكرة، قبل أوانها، من قبل يعقوب ويوحنّا اللذَين سيصبحان بعد العنصرة من أعمدة الكنيسة في أورشليم (غلاطية ٢: ٩)؛ وأخيرًا، إمكانيّة انفراط وحدة الجماعة في الوقت الذي كان فيه يسوع الأحوج إلى أن يتبعوه جميعًا حتّى النهاية. لقد كشفت هذه المواقف المختلفة استعدادات غريبة وبعيدة كلّ البُعد عمّا سعى يسوع إلى أن يهيّئ تلاميذه من أجله. باختصار، «هو بوادي، وهنّي بوادي»، بحسب ما نقول بالعامّيّة.

هل تشبهنا بشيء هذه المواقف المعلنة أو المضمَرة في أفئدة التلاميذ؟ هل هي مرآة تكشف لنا الواقع الروحيّ والنفسيّ الذي يعتمل نفوسنا اليوم، إكليروسًا ومؤمنين؟ هل يناسبنا أن يصلح الربّ مواقفنا هذه والخلفيّات التي تنطلق منها، كما فعل حينها مع الاثنَي عشر؟ هذه هي كلمته التي عبرت الأجيال والظروف كافّة لتصل إلينا: «أنتم تعلمون أنّ الذين يحسبون رؤساء الأمم يسودونهم وأنّ عظماءهم يتسلّطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم. بل مَن أراد أن يصير فيكم عظيمًا يكون لكم خادمًا، ومن أراد أن يصير فيكم أوّلًا يكون للجميع عبدًا. لأنّ ابن الانسان أيضًا لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين» (مرقس ١٠: ٤٢-٤٥). يبدو إذًا أنّ مفتاح الغلبة على الخوف والتعظّم والغيظ فيَّ مُعطى لي عندما أعتبر أنّ الآخر وخدمته هما حياتي! فهل نحن، يا تُرى، سالكون هكذا اليوم؟

بات الآن بإمكاننا أن نقارب سؤال الكثيرين: هل يُعقل ألّا نستطيع أن نحتفل بالأسبوع العظيم والفصح هذه السنة؟ بالنسبة إلى يسوع، نحن موجودون في هذا الاحتفال منذ الآن، فقد وقعت علينا القرعة لنكون أبطال الأحداث الخلاصيّة عوضًا من الاثنَي عشر. فنحن منذ اليوم أبطال ما ورد في الإنجيل عن نوم التلاميذ في البستان بينما كان يسوع يصلّي بحرارة، أو عن هربهم عند إلقاء القبض عليه، من دون أن ننسى خيانة يهوذا ونكران بطرس. أَلعلّنا كأحد هؤلاء، في هذا الموقف أو ذاك، بناء على ما نفتكر به أو نقوله أو نتصرّفه اليوم؟ أم نحن أفضل حالًا منهم؟

لا تخفى على يسوع تجاربنا الجديدة، كما لم تخفَ عليه حينها تجارب التلاميذ الاثنَي عشر. في كلتَي الحالتَين، هو يسعى إلى أن يوجّه أبطالها بحكمة نحو طريق الخلاص. فلو أجبناه اليوم، باندفاع وحماس وعنفوان، عن سؤاله ليعقوب ويوحنّا: «أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا؟»، بالثقة ذاتها التي أجاباه بها هذَان: «نستطيع» (مرقس ١٠: ٣٨، ٣٩)، لكنّا سنسمع أنّ هذا الأمر حاصل في ساعة ما، «هي الآن حاضرة» (يوحنّا ٥: ٢٥)، إن ثبتنا معه. إليك ما قاله لتلميذَيه: «أمّا الكأس التي أشربها أنا فتشربانها وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان» (مرقس ١٠: ٣٩).

لا شكّ في أنّنا نستصعب اليوم أن «نشرب الكأس» الموضوعة أمامنا، وأن «نصطبغ بالصبغة» التي اصطبغ بها المسيح. لربمّا اليوم «الكأس» هي كأس المناولة، ولربّما «الصبغة» هي الحجر الصحّيّ المنزليّ. مهما كان من أمر المعنى المقصود، فإنّنا نلمس تمامًا محبّة يسوع اللامتناهية لنا وإصراره على أن يعطينا الغلبة والحياة الحقّة. لذا يقوّم بنعمته اعوجاج تفكيرنا ويشفي أهواء قلوبنا ويصوّب عزم إرادتنا، إن شئنا. فهو يعطي حياته عنّا ولو هربنا وتركناه وحيدًا، أو أنكرناه بعد أن كنّا أقرب الأقرباء إليه، أو تشاطرنا على بعضنا البعض بحكم تفوّقنا بالغيرة أو الفهم أو الفضيلة، أو خنّاه وسلّمناه «إلى الأمم» لأنّه لم يبدّل ظروفًا صعبة لتصبح على هوانا أو قياسنا.

يرسم لنا يسوع طريق اتّباعه، أي طريق الخروج معه من تجربتنا. وهو بانتظارنا كما فعل مع الاثنَي عشر. أحداث أسبوعنا العظيم قد ابتدأت منذ فترة! هيّا بنا إذًا نسير معه إلى الفصح بثقة واتّضاع وانسحاق وتوبة!

سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: عبرانيّين ٩: ١١-١٤

يا إخوة، إنّ المسيح إذ قد جاء رئيس كهنة للخيرات المستقبليّة فبمَسكن أعظم وأكمل غير مصنوع بأيدٍ ليس من هذه الخليقة، وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل الأقداس مرّة واحدة فوجد فداء أبديًّا، لأنّه إن كان دمُ ثيران وتيوس ورماد عِجلةٍ يُرشُّ على المنَجّسين فيُقدّسهم لتطهير الجسد، فكم بالحريّ دمُ المسيح الذي بالروح الأزليّ قرَّب نفسَه لله بلا عيبٍ يُطهّرُ ضمائركم من الأعمال الميتة لتعبدوا الله الحيّ.

 

الإنجيل: مرقس ١٠: ٣٢-٤٥

في ذلك الـزمان أخذ يسوع تلاميذه الاثني عشر وابتدأ يقول لهم ما سيعرض له: هوذا نحن صاعدون إلى أورشليم، وابنُ البشر سيُسلّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت ويُسلمونه إلى الأُمم فيهزأون به ويبصقون عليه ويجلدونه ويقتلونه، وفي اليوم الثالث يقوم. فدنا إليه يعقوب ويوحنّا ابنا زبدى قائلَين: يا معلّم، نريد أن تصنع لنا مهما طلبنا. فقال لهما: ماذا تريدان أن أصنع لكما؟ قالا له: أَعطنا أن يجلس أحدنا عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك. فقال لهما يسوع: إنّكما لا تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أَشربها أنا، وأن تصطبغا بالصبغة التي أَصطبغ بها أنا؟ فقالا له: نستطيع. فقال لهما يسوع: أمّا الكأس التي أَشربها فتشربانها وبالصبغة التي أَصطبغ بها فتصطبغان، وأمّا جلوسُكما عن يميني وعن يساري فليس لي أن أُعطيَه إلّا للذين أُعدَّ لهم. فلمّا سمع العشرة ابتدأوا يغضبون على يعقوب ويوحنّا. فدعاهم يسوع وقال لهم: قـد علِمتُم أنّ الذين يُحسَبون رؤساء الأُمم يسودونهم، وعظماءهم يتسلّطون عليهم. وأمّا أنتم فلا يكون فيكم هكذا. ولكن من أراد أن يكون فيكم كبيرًا فليكن لكم خادمًا، ومن أراد أن يكون فيكم الأوّل فليكن للجميع عبدًا. فإنّ ابن البشر لم يأت ليُخدَم بل ليَخدم وليبذُل نفسه فِداءً عن كثيرين.

 

الربّ هنا

السنة ٧٢١ ق.م. سقطت مملكة إسرائيل تحت قبضة الجيش الأشوريّ. رُحِّل عدد من سكّانها إلى الأراضي الأجنبيّة حيث اندمج المجليّون في أوطانهم الجديدة وفقدوا هويّتهم كبني إسرائيل. إلّا أن ممكلة يهوذا نجحت في البقاء تحت حكم الملك حزقيّا كمملكة مستقلّة. في هذه الفترة، نشط عدد من الأنبياء في يهوذا، ومنهم إرمياء النبيّ ومعاصره النبيّ والكاهن حزقيال. إلى أن سُبي حزقيال النبيّ بدوره على يد البابليّين في السنة ٥٩٧ ق.م. ويتّضح من ٢ملوك ٢٤: ١٠-١٧ أنّ عمليّة نبوخذنصّر كانت موجّهة ضدّ بيت الملك والهيكل.

ظنّ الشعب أنّ المدينة والهيكل لن يصيبهما شيء، وأنّ مدّة السبي لن تطول، فتمادى الكلّ في الشرّ. عنفٌ وجرمٌ وإراقة دم (حزقيال ٧: ٢٣ و٩: ٩). خيانةٌ وزنى وبغاء (حزقيال ١٦: ٢٢ و٥٢). عبادة وثنٍ ممارَسة حتّى في هيكل الربّ (حزقيال ٨). إباحيّة يوميّة. إهانةُ أبٍ وأمٍّ، معاملةُ النزيل بالظّلم، جورٌ على اليتيم والأرملة (حزقيال ١٢: ٣-١٢). ظلمٌ للبائس والمسكين. باختصار، تدنّس الربّ في وسط شعبه (حزقيال ٢٢: ٢٣-٣٠). هذا ويعتبر النبيّ أنّ الخيانة الكبرى تكمن في استسلام أورشليم للكبرياء (حزقيال ٧: ٢٠ و٢٤). «كانت قلوبهم تسير وراء قذاراتهم»، «وعيون الأبناء وراء قذارات آبائهم». فهم كالأمم، كقبائل الأرض، يعبدون الخشب والحجر (حزقيال ٢٠).

وقبل انهيار المدينة، يترك الربّ الهيكل والمدينة (حزقيال ١٠: ١٨-٢٢). ويحصل الظهور الإلهيّ خارج أورشليم ويهوذا على ضفاف نهر خابور (كَبار) بالقرب من مدينة تل أبيب (١: ١-٣، ٣: ١٥). الله قادرٌ على أن يظهر هناك. لا بل يُظهر نفسه أنّه موجود في كلّ مكان في الوقت ذاته، ويصبح النبيّ حزقيال مسكنًا له. أطعمه الله الدرج فامتلأت أحشاؤه وصارت كلمة الله في فمه كالعسل حلاوة (٣: ١-٣). صار رقيبًا لبيت إسرائيل مُكلّـفًا بالمناداة بكلمة الله «سواء أسمعوا أم لم يسمعوا» (حزقيال ٣: ١١). المهمّ أن يعرف المجليّون، أيًّا كان تمرّدهم، أنّ في وسطهم نبيًّا (حزقيال ٢: ٥). ما عاد الهيكل ولا أورشليم مسكن الله الوحيد، أو حتّى الأوّل، بل صار واحدًا من الأمكنة التي يزورها.

رأى النبيّ أنّ خطيئة الشعب ستنتهي حتمًا بدينونة شديدة، فأصرّ على انذاره بأقواله (٧: ٩-١١)، وأعماله (٤-٥)، إلى أن استُولي على أورشليم وخُرِّبت وأُحرقت، وذهب الباقون إلى الجلاء. ومع سقوط الهيكل الذي لا يُغلَب ودمار أورشليم، يظهر زيف إيمان اليهوذيّين العنيد والأعمى. طُلب من حزقيال النبيّ ألّا يندب ولا يبكي ولا يذرف دمعة، وأن يتنهّد ساكتًا (٢٤: ١٥-٢٧). لا شكّ في أنّ حزنه لم يقلّ عن حزن المجليّين الذين خارت عزيمتهم فصرّحوا بأنّهم يرزحون تحت ثقل خطاياهم فقالوا: «قد يبست عظامنا وهلك رجاؤنا وتجزّأنا» (٣٧: ١١)، «وأنّ معاصينا وخطايانا علينا، ونحن بها نتعفّن، فكيف نَحيا؟» (٣٣: ١٠).

يشدّد النبي على إمكانيّة التوبة (١٢: ١٨-٣١)، ويحثّهم على نبذ جميع معاصيهم التي عصَوا بها الله.

ما يدعو إلى الرجاء أنّه ستكون هناك بقيّة (٦: ٨-١١ و٩: ٤-٨)، وأنّ الربّ يعرف كيف يعيد الحياة بروحه إلى شعبه، حتّى ولو صار عظامًا رميمًا بلا حياة. وإن كان كلّ إسرائيل ميتًا، إلاّ أنّ قيامةً ستحصل (٣٧: ١-١٤). لكنّ حياة الناجين تختلف كلّ الاختلاف عن حياتهم السابقة. ينزع الربّ قلب الحجر منهم، ويعطيهم قلبًا من لحم، ويجعل روحه في أحشائهم. يجعلهم الربّ يسيرون على فرائضه ويحفظون أحكامه ويعملون بها (٣٦: ٢٤-٤٨). العلاج بحسب تثنية الاشتراع «ختانة القلب» (تثنية ١٠: ١٦). ذلك بأنّ المطلوب «أن تعبد الرب ّمن كلّ قلبك» (تثنية ١٠: ١٢)، وأن تحبّه تجاوبًا مع حبّه لشعبه «َلأَنَّهُ قَدْ أَحَبَّ آبَاءَكُمْ، وَاخْتَارَ ذُرِّيَّتَهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ» (تثنية ٤: ٣٧)، وأن تنادي معترفًا: «اسمع يا إسرائيل، الربّ إلهنا ربّ واحد. فتحبّ إلهك من كلّ قلبك وكلِّ نفسِك وكلِّ قوتك. ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم في قلبك» (تثنية ٦: ٤-٦).

لكي يحصل هذا، لا بدّ من نظام من نوع جديد، يصبح فيه الربّ نفسه الحاكم مباشرة، الراعي شعبه بعدلٍ (حزقيال ٣٤: ١١-١٦)، بدلًا من رؤسائهم المختلسين المتسلّطين الذين يزرعون أنفسهم (٣٤: ١-١٠). وانطلاقًا من الإيمان بالوحدة والكمال كصفتين لإله إسرائيل (٣٩: ٢١-٢٩)، بدأت الفكرة أنّ شعب الله يجب أن يكون كيانًا واحدًا، شعبًا لا ينقسم، بل يضمّ إسرائيل ويهوذا كليهما. ويقيم إسرائيل في أرض الميعاد المجدّدة المرتوية بالماء المنبثق من الهيكل (٤٧)، وفيها تؤَدّى العبادة ويُكرَّم مجد الربّ العائد إلى القدس (٤٣: ١-١٢). سيكون الهيكل مركز حياة الشعب، ومن ذلك اليوم يكون «الربّ هناك» (٤٨: ٣٥). يسكن الربّ مع الناس، كما يقول كاتب سفر الرؤيا، وهم يكونون له شعبًا والله نفسه يكون معهم إلهًا لهم (رؤيا ٢١: ٣٩).

الله لا يرتبط بمدينةٍ أو بمعبد، بل هو موجود في البرّيّة، مستقلًّا عن أيّة مؤسّسة قائمة أو معبد.

ظهر النبيّ حزقيال في وقت صعب من تاريخ إسرائيل، وكُلِّف بمهمّة تُناسب زمانه ونفّذها. الكلمة التي ملأت أحشاءه حلاوة تناسب الأجيال كلّها، وتخاطبنا اليوم في أصعب الظروف التي نعيشها مع العالم. الوقت ليس وقت بكاء وندب، بل زمان توبة. الخطيئة الكبرى أن نفقد هويّتنا كجسد المسيح الحيّ.

ما زال شعب الله يقع مرارًا وتكرارًا في الخطيئة، وبها يتعفَّن. غير أنّ الله قادرٌ على أن يستأصل الإثم والخطيئة بصفحه عنّا. فُرصتنا اليوم لتحقيق الجدّة في علاقتنا مع الله. علاقة جديدة بالكلّيّة لا تقتصر على معرفة مشيئة الربّ فحسب، بل على التقيّد بها.

الله معنا اليوم وكلّ يوم حيثما كنّا، في الكنيسة والبيت، في الحَجر والمستشفى، في بلادنا وسواها من أصقاع الأرض.

سيُغيّب الوباء أحبّة أعزّاء. أمّا الله، فقادرٌ على أن يُعيدنا بروحه إلى الحياة، إلى حياةٍ تختلف عن حياتنا السابقة، حتّى يتجلّى الله ويظهر بمجده هنا وهناك.

 

هيئة الطوارئ الاجتماعيّة في الرعايا

أبدى راعي الأبرشيّة فرحه بالمساعي التي تتكوّن في أكثر من رعيّة عبر تحوّل مجلس رعيّتها إلى «هيئة طوارئ اجتماعيّة»، أو عبر تشكيل لجنة مطعّمة لتتولّى مواجهة تداعيات مكافحة ڤيروس كورونا في الرعيّة، وتواكب المتطلّبات المعيشيّة الكثيرة. بناء عليه، قام عدد من الرعايا بحملة لطلب مساعدات عينيّة من أبناء الرعيّة؛ وحملة لتكوين فريق متطوّعين للخدمة الاجتماعيّة من اختصاصات متعدّدة؛ وحملة لتدريب متطوّعين على العمل والخدمة ضمن شروط الوقاية المطلوبة؛ وتكوين لوائح بأسماء اختصاصيّين من أبناء الرعيّة للمساعدة من ضمن اختصاصهم على صعيد الرعيّة أو صعيد الأبرشيّة؛ وتكوين لوائح مناطقيّة (بحسب امتداد الرعيّة الجغرافيّ) للعائلات المحتاجة، بحيث يمكنهم توفيرها متى طُلب إليهم من الجهات الإغاثيّة؛ وتكوين فرق لرصد الحاجات والظروف المستجدّة من جرّاء الحجر المنزليّ؛ ورصد أماكن يمكن تجهيزها للحجر الصحّيّ، وإقامة دورات لتدريب متطوّعين للعناية لمن هم في الحجر الصحّيّ المنزليّ ولا يستطيعون تلبية حاجاتهم؛ وأخيرًا، توسيع المساعدات الغذائيّة إلى حاجات أخرى كالدواء.

فالشكر لله على كلّ شيء، والشكر لكلّ مَن تطوّع للعمل، ولمن قدّم بسخاء، ولمن رفع صلاة، ولمن شكر على ما أُعطي من نِعَم.

Last Updated on Thursday, 02 April 2020 15:19