ocaml1.gif
العدد ٣٠: من طارد ليسوع إلى جاذب له Print
Written by Administrator   
Sunday, 25 July 2021 00:00
Share

raiati website copy
الأحد ٢٥ تمّوز ٢٠٢١  العدد ٣٠ 

الأحد الخامس بعد العنصرة

رقاد القدّيسة حنّة أُمّ والدة الإله

 

كلمة الراعي

من طارد ليسوع إلى جاذب له

من طارد ليسوع إلى جاذب له عجيب أمر الخليقة مع خالقها! ففي كورة الجرجسيّين، وضعت الخلائقُ العقليّة يسوعَ في قفص الاتّهام. فمن جهة، تنظر الشياطين إليه على أنّه جلّادها: «ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؟ أَجئتَ إلى هنا قبل الوقت لتعذّبنا» (متّى ٨: ٢٩)، ومن جهة أخرى، يطلب أهل المحلّة إلى يسوع «أن ينصرف عن تخومهم» (متّى ٨: ٣٤) لكونه تسبّب بخسارتهم مصدر رزقهم. التقى الفريقان، الشياطين وأهل المحلّة، على أن يختاروا النجاسة، فالشياطين آثرت أن تطلب إلى يسوع أن يأذن لها بالذهاب إلى قطيع الخنازير التي قام أهل المحلّة بتربيتها والاسترزاق منها، بخلاف ما يأمر به الناموس.

كيف دافع يسوع عن الاتّهامَين الموجّهَين إليه؟ اكتفى يسوع بأن شفى المجنونَين، ثمّ «دخل السفينة وجاء إلى مدينته» (متّى ٩: ١). قوّة الشفاء التي خبرها المجنونان لم تمسّ غيرهما في تلك المحلّة، لكنّها كانت كافية للدلالة على إرادة الله الخيّرة والصالحة والفاعلة من جهة خليقته، واحترامه حرّيّة الاختيار التي زيّنها بها وإن أساءت خليقته استخدامها. واللبيب يعي أنّ يسوع إنّما فضح واقع الحال ولو لم ينبسّ ببنت شفة. تواضعه ووداعته شكّلا القوّة التي بها واجه خيارات الذين أعرضوا عنه.

بقي يسوع سيّد الموقف، إذ إنّه لن يتهاون في شقّ طريق تحرير الإنسان من القوى الداخليّة والخارجيّة التي تستعبده أو تأسره أو تعنّفه، كنزواتنا أو شهواتنا أو القوى الشيطانيّة وإيحاءاتها. هذه كلّها تجلدنا في معيشتنا، ونسيء بها إلى أنفسنا وإلى سوانا سيّما إذا ما آثرنا روح العبوديّة والنجاسة في حياتنا على الحرّيّة التي في المسيح. قد يبلغ بنا المطاف إلى أن نصير جلّادي يسوع بتوجيهنا إليه التهم الجائرة والكاذبة. أَلم يُنعَت بأنّه «مختلّ» (مرقس ٣: ٢١)؟ أَلم يُطلَق عليه اسم «بعلزبول» رئيس الشياطين (متّى ١٠: ٢٥)؟

هل تعطّلت بشرى يسوع أو استُنفدت مساعيه بسبب ما جرى؟ تابع يسوع طريقه إلى أن يحين وقت تقديم ذبيحته من أجلنا. فهو أتى من أجل تلك الساعة، ولم يتعثّر من موقفنا، جيلًا بعد جيل. فالمعالجة الموضعيّة والمؤقّتة التي شهدناها بأن سمح للشياطين بدخول قطيع الخنازير أو بأن لبّى طلب أهل المحلّة بالذهاب عنهم لا يعدو أنّه سماح منه، ولا يلغي بأيّة حال من الأحوال قصد الله من خلاص الإنسان.

ما يبرز من هذه الحادثة هو الموت الروحيّ لدى أهل تلك الكورة. وهذا تجلّى على أكثر من صعيد: أوّلًا في غياب تحسّسهم معاناة الممسوسَين وعدم التهليل لشفائهما؛ ثانيًا، في غياب تحسّسهم وجود جيش من الشياطين في منطقتهم وعدم اكتراثهم للخطر الذي يشكّلونه وكان ظاهرًا في نفق قطيع الخنازير كلّه؛ وثالثًا، تفضيلهم طعامًا روحيًّا غير الطعام الذي يقدّمه المسيح إليهم سواء بشخصه، أو بحضوره، أو بكلمات الحياة الصادرة من فمه وأفعال تجسّد المحبّة الإلهيّة وقصد الله الخلاصيّ.

فهل نحن يا تُرى فريسة لموت روحيّ مماثل؟ هل للشيطان تأثير ما علينا؟ هل انعدم حسّنا الروحيّ لجهة عمل الله في حياتنا من أجلنا ولجهة واقع قريبنا وشريكنا في الحياة؟ هل نعي طبيعة الأخطار التي ينجّينا الله منها أم نقيس مجريات الأحداث على أساس ما تخلّفه من خسارة أو ربح مادّيّ لا غير؟ تساعدنا الإجابة عن هذه الأسئلة على اكتشاف طريق تمتين الأواصر الروحيّة التي تجمعنا في جسد المسيح، وعلى تعزيز نباهتنا الروحيّة، لا سيّما في الأزمات والشدائد، فلا تفوتنا عطيّة الله لنا بيسوع وحضوره وتدبيره من أجلنا. 

بين روح النجاسة وروح القداسة بون شاسع، لا يخلط بينهما إلّا من مات روحيًّا. أمّا مَن اتّحد بالمسيح، فقد صار إناء لحكمة الله وقوّته، ووكيلًا أمينًا على عطاياه، وعاملًا فطنًا في تجسيد تدبيره ومشيئته، وطاردًا فاعلًا للشرّير ومغناطيسًا جالبًا للنعمة. هلّا جذبنا يسوع إلينا بعد أن طردناه من حياتنا؟ هلّا أتيتَ إلينا يا ربّ فننعم بك وتقيمنا من موتنا؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: غلاطية ٤: ٢٢-٢٧

يا إخوة إنّه كان لإبراهيم ابنان، أحدهما من الجارية، والآخر من الحُرّة. غير أنّ الذي من الجارية وُلد بحسب الجسد، أمّا الذي من الحُرّة فبالموعد. وذلك إنّما هو رمز، لأنّ هاتين هما العهدان، أحدهما من طور سيناء يلد للعبوديّة، وهو هاجر. فإنّ هاجر بل طور سيناء جبل في ديار العرب ويناسب أورشليم الحاليّة. لأنّ هذه حاصلة في العبوديّة مع أولادها. أمّا أورشليم العُليا فهي حُرة وهي أُمّنا كلّنا. لأنّه كُتب افرحي أيّتها العاقر التي لم تلد، اهتفي واصرخي أيّتها التي لم تتمخّض، لأنّ أولاد المهجورة أكثر من أولاد ذات الرجل.

 

الإنجيل: متّى ٨: ٢٨-٩: ١

في ذلك الزمان لمّا أتى يسوع إلى كورة الجرجسيّين استقبله مجنونان خارجان من القبور، شرسان جدًّا، حتّى إنّه لم يكن أحد يقدر على أن يجتاز من تلك الطريق. فصاحا قائلَين: ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؟ أجئت إلى ههنا قبل الزمان لتُعذّبنا؟ وكان بعيدًا عنهم قطيع خنازير كثيرة ترعى. فأخذ الشياطين يطلبون إليه قائلين: إن كنت تُخرجنا فأْذَنْ لنا أن نذهب إلى قطيع الخنازير. فقال لهم: اذهبوا. فخرجوا وذهبوا إلى قطيع الخنازير. فإذا بالقطيع كلّه قد وثب عن الجُرف إلى البحر ومات فـي المياه. أمّا الرعاة فهربوا ومضوا إلى المدينة، وأخبروا بكلّ شيء وبأمر المجنونين. فخرجت المدينة كلّها للقاء يسوع. ولمّا رأوه طلبوا إليه أن يتحوّل عن تخومهم. فدخل السفينة واجتاز وأتى إلى مدينته.

 

القدّيسة حنّة أمّ والدة الإله

لا نجد في الكتب المقدّسة القانونيّة ذِكْرًا للقدّيسَين الصِدّيقين يواكيم وحنّة جدَّي المسيح الإله، فمعلوماتنا بشأنهما مستقاة بشكلٍ خاصّ من إنجيل يعقوب التمهيديّ. هذا الإنجيل هو من الأناجيل المنحولة وهي الأسفار التي لم تعتمدها الكنيسة كالأناجيل الأربعة المعروفة لدينا، بل صنّفتها كأناجيل منحولة/أبوكريفيّة. وتعني كلمة «أبوكريفا» في الأصل «خفيّ، غامض، مبهم».  أُطلقت هذه اللفظة ليس فقط على الأناجيل التي رفضتها الكنيسة، بل أيضًا على بعض الكتابات غير القانونيّة في العهد القديم، وأُطلقت أيضًا على بعض الكتب اليهوديّة والمسيحيّة، والتي كُتبت بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الأوّل الميلاديّ. الكنيسة المقدّسة إذًا، وإن رفضت الكتب المنحولة، إلاّ أنّها أخذت ببعض ما ورد فيها. 

إنجيل يعقوب الأوّليّ أو التمهيديّ، ألُّف في منتصف القرن الثاني، ويذكر العلماء أنّ سبب وصفه بالأوّليّ أو التمهيديّ يرجع إلى أنّه يمهّد لقصّة المسيح، إذ إنّه يروي أحداثًا سابقة لروايات الأناجيل القانونيّة، وفي الوقت عينه يحاول كاتبه سدَّ الفراغ في الأناجيل المعترف بها، وذلك بذكر أحداث مهمّة في حياة يسوع وأمّه لم تُذكر في الأناجيل القانونيّة. ويقدَّم الإنجيل على أنّه من تأليف «يعقوب أخي الربّ»: «أنا يعقوب، الذي كتب هذه القصّة...»، إنّه الرسول يعقوب الصغير، أخو يسوع، أي نسيبه، بحسب الأناجيل القانونيّة. ويظهره إنجيلُ يعقوب التمهيديّ أنّه وُلِدَ من زواج سابقٍ ليوسف.

نقرأ في هذا الإنجيل أنّ يواكيم كان غنيًّا جدًّا وكان يقدَّم لله قرابين مضاعفة، قائلًا في قلبه: «لتكن خيراتي للشعب كلّه، من أجل مغفرة خطاياي لدى الله، ليُشفق الربّ عليَّ». وحلَّ عيد الربّ الكبير وكان أبناء إسرائيل يأتون بقرابينهم، فاحتجَّ رأوبين على يواكيم، قائلًا: «لا يحقّ لك أن تقدّم قربانك، لأنّك لم تنجب ذرّيّة في إسرائيل». فاستولى على يواكيم حزن عظيم واعتزل في البرّيّة صائمًا أربعين يومًا وأربعين ليلة وقائلًا في قلبه: «لن أتناول طعامًا ولا شرابًا، وصلاتي ستكون طعامي الوحيد». وكانت امرأته حنّة تعاني حزنًا مضاعفًا، وكانت فريسة ألم مضاعف قائلة: «إنّني أرثي لترمّلي وعقمي». فقالت لها يهوديت خادمتها: «إلى متى تستسلمين للحزن؟ ليس مسموحًا لك بالبكاء، لأنّنا في العيد الكبير». ونزلت حنّة إلى الحديقة لتتنزَّه، وإذ رأت شجرة الغار، جلست تحتها، ووجَّهت صلواتها إلى الربّ، قائلة: «يا إله آبائي، باركني واستجبْ صلاتي، كما باركت أحشاء سارة ورزقتها إسحق ابنًا». وإذا بملاك الربّ ظهر لها وقال: «يا حنّة، إنّ الله سمع صلاتك، سوف تحبلين وتلدين، ونسلك يُحكى عنه في العالم كلّه». فقالت حنّة: «حيٌّ هو الربّ إلهي، سواء كان من ألده ذكرًا أم أنثى فسوف أُقدّمه للربّ، وسوف يكرِّس حياته للخدمة الإلهيّة». وإذا بملاكَين أتيا، قائلين لها: «هوذا، يواكيم، زوجك، يصل مع قطعانه». ونزل ملاك الربّ نحوه، قائلًا: «يا يواكيم، يا يواكيم، إنّ الله سمع صلاتك، وستحبل امرأتك حنّة». وهذا ما حصل بعد لقائهما.

واليوم إذ نعيّد لرقاد القدّيسة حنّة، والتي يعني اسمها «نعمة»، سنتوقّف عند أمرين من أمور كثيرة ذكرها هذا الإنجيل عنها، علّهما يكونان زادًا لنا في هذه الأيّام الصعبة: قَوْل يهوديت لحنّة: «إلى متى تستسلمين للحزن؟ ليس مسموحًا لك بالبكاء، لأنّنا في العيد الكبير».

فحنّة استسلمت للحزن أمام المشكلة التي واجهتها. وكم من مرّة نتصرّف كحنّة أمام مشاكلنا، نستسلم للحزن، لليأس، للإحباط. مشكلتنا الحقيقيّة هي ما نفعله بمشاكلنا. نحاول حلّها بقوانا الشخصيّة، فنجد أنفسنا متعبين طوال الوقت. ننسى أنّ «فضل القوّة للّه لا منّا»، كما يعلّمنا الرسول بولس الذي يضيف قائلًا: «متضايقون في كلّ شيء ولكن غير منسحقين، حائرون ولكن غير يائسين، مضطهدون ولكن غير متروكين، مطروحون ولكن غير هالكين». نحن لا نُسحق وقت الضيق، ولا نيأس وقت الحيرة، ولا نُترك وقت الاضطهاد، ولا نهلك وقت الصراع إن ألقينا رجاءنا على الله واستندنا إلى قوّته التي تجلّت بالقيامة من بين الأموات.

ألم تقل يهوديت لحنّة إنّه ليس مسموحًا لها بالبكاء لأنّهم في العيد الكبير؟ العيد المقصود هنا هو على الأرجح عيد المظالّ اليهوديّ الذي هدفه تذكير الشعب بالفترة التي قضاها آباؤهم في مظالّ/ خيام في الصحراء بعد خروجهم من مصر. والصحراء نطاق الموت، غير أنّ الله حفظهم فيها وأحياهم. فإذا كان غير مسموحٍ لحنّة أن تحزن لأنّهم في العيد الكبير، فكم بالحريّ نحن المؤمنين بالقيامة، بالفصح، العيد الكبير، عيد الأعياد وموسم المواسم؟ فمن الفصح، من قيامة السيّد، نستمدّ قوّتنا لئلّا نحزن ونُسحق ونيأس ونحبط ونهلك رغم كلّ المشاكل والصعوبات التي تواجهنا. فبغضّ النظر عمّا تحمله لنا الحياة، يأتينا الله دائمًا بالرجاء. والرجاء مرتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بالصبر المبنيّ على الإيمان والثقة بالله. هذا ما يدعونا إليه الرسول بولس في رسالته إلى أهل روميه قائلًا: «فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة». ونرى حنّة تعود وتصلّي إلى الله بأشدّ حرارة ملقيةً همّها عليه.  «فـانتظرِ الربّ، ليتشدّدْ ولْيتشجّعْ قلبُك، انتظرِ الربّ» (مزمور٢٧: ١٤).

قَولُ حنّة: «حيٌّ هو الربّ إلهي، سواء كان من ألده ذكرًا أم أنثى فسوف أُقدّمه للربّ، وسوف يكرّس حياته للخدمة الإلهيّة». 

فرغم شوق حنّة لتصبح أمًّا، وعدت بتقديم من تلده للربّ. وعدت فوَفَت. وكم من مرّة نَعِد يسوع بأنّنا سنقدّم له ذواتنا، سنكرّس له حياتنا، سنتبعه، سنحفظ وصاياه، سنتمّم مشيئته، ولكنّنا نتعثّر: «لقد وعدتك رِبواتٍ من المرّات أنا الشقيّ يا يسوع بالتوبة، لكنّي أخلفت الوعد أنا المنكود حظّه. لذلك أهتف إليك يا يسوع قائلًا: أضِء على نفسي المصرّة على عدم الشعور يا يسوع المسيح إله آبائنا» (من قانون التضرّع إلى ربّنا يسوع المسيح).

فلنسأل الله إذًا أن ينهضنا من سقطاتنا ويُمسك بأيدينا ويقودنا في موكب نصرته، حتّى يُمسي التزامنا بيسوع شهادةً لمن حولنا حتّى يؤمنوا هم أيضًا به. فلنطلبْ إليه أن نكون عبيدًا أمناء يحفظون الوديعة حتّى النهاية. فلنرجُ أن نكون بالحقيقة ملحًا للأرض ونورًا للعالم. فلنصلِّ لكي يشعر العالم حين ينظر إلينا أنّه مفتونٌ بيسوع، أنّه مسحورٌ بما يمكن أن يفعله في حياة الإنسان. آمين. 

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: صلاتي في أزمنة الشدّة

التلميذ: أين الربّ من كلّ ما يحصل؟ هل هو يجازينا على حسب أعمالنا؟

المرشد: الله لا يعمل شرًّا، هو دائمًا يعمل الخير. مثلما صنع معنا خيرًا في القديم، ما زال يصنعه وسيصنعه في المستقبل. وهذا الخير لا يعتمد على مدى برّنا، فالله يفعل ذلك لأنّه صالح. ونحن أولاده نقبل كلّ ما يعطينا كخير، ولو ظهر لنا الأمر متعِبًا. فعندما يذهب مريضٌ إلى الطبيب، يأخذ الدواء الذي يصفه له هذا الأخير، أكان حلو المذاق أم مرّه، ويثق بأنّه سيشفيه. هو يثق بالطبيب ويقول في نفسه لا بدّ من أن يكون علاجه خيرًا، بحسب قول بولس الرسول: «كلّ الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبّون الله» (رومية ٨: ٢٨).

التلميذ: إنّي عاجزٌ عن الصلاة. كيف أصلّي في هذا الوضع المُقلق والموتّر؟

المرشد: إبدأ صلاتك بالشكر. فالشكران يساعدنا على تذكّر إحسانات الله. وبذلك نرجع إلى ذواتنا الصغيرة، ونرى أنّنا لا نستحقّ محبّة الله وعطاياه. تذكّر يد الله في زوايا حياتك، فينشأ الشكر داخل قلبك ويُبعدك عن التذمّر والتضجّر. كلّ واحدٍ منّا اختبر قرب الله في حياته، وذاق محبّته. إرجع إلى تلك اللحظات التي شعرتَ بها. يقول النبيّ داود: «أمّا الذين يبتغون الربّ فلا يعوزهم أيّ خير» (مزمور ٣٣: ١٠).

 

الطهارة

للمطران جورج خضر

ما لم يقرّر كلّ إنسان، أن يلتزم المسيح الإله بالكلّيّة وأن يسلّم إليه النفس وأن يدوس خطايا هذا العالم ويتحرّر، ما لم يقرّر المرء هذا فإنّه ليس على شيء ويبقى هائمًا بجنونه، يظلّ جزءًا من هذا الجنون العالميّ الذي يقلق الناس. لكنّ الانطلاقة تأتينا من الإيمان هذا الذي كتب عنه الرسول في ما استمعتم اليوم إليه في رسالته. والإيمان في لغة هذا العصر وفي بلدنا يعني ليس فقط أن تصدّقوا أنّ شفيع هذه القرية يصنع العجائب تجاه أولادكم المرضى، فهذا أمر ليس مهمًّا كثيرًا، إنّما الإيمان اليوم هو أن نثق بأنّ الطهارة في الشخص والقرية والمدينة ولبنان وكلّ دوائر لبنان بأنّ الطهارة خير من الدنس، وأنّنا مدعوّون إلى إقرار هذه الطهارة وإلى فرضِها بشتّى طرائق الفرْض، وديعة كانت أم غير وديعة، لأنّنا لا نستطيع أن نقبل أن يستشري الفساد والظلم كما هما، لأنّ واجبنا أن نحفظ البلد وأن نحفظه ضدّ الـمُفسدين، وليس لنا أن نأخذ رأي الـمُفسدين، وذلك لكي نحفظ البلد بالقوّة في الطهارة.

Last Updated on Friday, 23 July 2021 09:35