ocaml1.gif
العدد ٤٦: أن تحبّ فعلًا لا قولًا Print
Written by Administrator   
Sunday, 14 November 2021 00:00
Share

أن تحبّ فعلًا لا قولًا
الأحد ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢١ العدد ٤٦ 

الأحد الحادي والعشرون بعد العنصرة

الرسول فيليبّس

القدّيس غريغوريوس بالاماس

 

كلمة الراعي

أن تحبّ فعلًا لا قولًا

أن تحبّ فعلًا لا قولًا يفتح يسوع عينَيك على الحياة بكامل معناها، أي الحياة مع الله والحياة مع أترابك، عبر حوار جرّه إليه ناموسيّ لكنّ يسوع قاده فيه إلى رؤية الحقيقة، تلك الكامنة في كلمة الله وتلك التي علينا أن نجسّدها في سلوكنا وحياتنا بالإيمان الفاعل بالمحبّة. عبّر يسوع عن هذا الارتباط في مثل السامريّ الشفوق وفضح الرياء والإهمال الذي يغلّف ممارستنا على أرض الواقع، وذلك عبر اختياره شخصيّات المثل: الكاهن واللاويّ والسامريّ. فما معنى أن تصنع الرحمة؟ ماذا يعني أن تحبّ فعلًا لا قولًا فحسب؟

أن تحبّ فعلًا يعني أن تلمس أوّلًا محبّة الله لك ولسائر الناس، وأنّ صلاحه يشمل الكلّ، فهو القائل: «يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين» (متّى ٥: ٤٥).

أن تحبّ فعلًا يعني أن تفهم إرادة الله وتحبّها وتتبنّاها، فتتعلّم أن تصوّر محبّتك انطلاقًا من محبّة الله لك وعلى شاكلتها، طالبًا إليه النعمة في سبيل تجسيدها مع أقرانك وفي حياتك.

أن تحبّ يعني أن تكون مع المسيح حيث هو، إن كنتَ خادمَه. فهو اتّخذنا كلّنا بتجسّده وخدم خلاصنا، أي نموّنا في كمال إنسانيّتنا حتّى نتّحد بالله ونكون في شركة تامّة معه. ربّ قائل: طالما أنّك خادم لله، فافعلْ ما قد يفعله المسيح لو كان في مكانك.

أن تحبّ فعلًا يعني أنّ تدع تواضع المسيح يلمسك في العمق، فيصير الأرضيّة الصالحة في علاقتك مع إخوتك وأترابك. فالمتكبّر لا يسعه أن يرى أحدًا أو شيئًا بعين المؤمن الذي يبحث عن تحقيق قصد الله في حياته وحياة سواه.

أن تحبّ فعلًا يعني أن تتعهّد واقعك وأن تبني طريق المعيّة مع أترابك في صيرورة تكشف معالمَها الحياةُ المشتركة ونورُ الإيمان الذي يهدي اتّجاهها وغايتها. هكذا تغلّف واقعك وواقع أترابك وحاجاتهم وضعفاتهم بغلاف الخدمة الصبورة والمتأنّية.

أن تحبّ فعلًا يعني أن تبدّي غيرك عليك، في الاحترام والكرامة، ولكن أيضًا في الانتباه والرعاية والاحتضان، بحيث لا ينحصر اهتمامك بما هو خاصّ بك، بل تشمل بعنايتك القائمين حولك في معيّة الحياة.

أن تحبّ فعلًا يعني أنّك تصبر على أوهان الآخرين، الأمر الذي يتطلّب منك حتمًا أن تبذل من وقتك ومواردك ومن صحّتك، ولكن بالأخصّ أن تضبط انفعالاتك تجاه أخطائهم أو مرارتك من ظلمهم وذلك بأن تتعلّم الصلاة من أجلهم وتضع نفسك في خدمتهم.

أن تحبّ فعلًا يعني أنّ تبذل نفسك، بحيث تبقى حرًّا لتخدم ومستعدًّا للخدمة متى طُلبت منك، بحسب ما يشي به قول الربّ: «مَن سخّرك ميلًا واحدًا فاذهبْ معه اثنَين» (متّى ٥: ٤١).

أن تحبّ فعلًا يعني أنّك تعلّمتَ أن تنسى نفسك، فلا تبقى هي مركز اهتمامك وانشغالك ومحور حياتك، بل تنضج أكثر فأكثر بأن تتعلّم أن تعطيها. فنكران الذات هو إيّاه نسيانها في طريق اتّباع المسيح وحمل صليب خدمة الآخر.

تجسيد إيماننا المسيحيّ في الحياة اليوميّة أمر يشكّل مرآة لصاحبه. فالبشرى التي حملها يسوع والتي نؤمن بها تحتاج منّا إلى موقف واعٍ ورصين في تبنّيها عبر تعلّم قراءة الكلمة الإلهيّة وفهمها وتسليط ضوئها على حياتنا، وعبر خيارات وسلوكيّات نعيشها. مثل السامريّ الشفوق ينزعنا اليوم من عزلتنا وعدم اكتراثنا بالقريب إلى لقاء به مثمر ومحبّ. خبرات عديدة في بلدنا في السنتَين المنصرمتَين فتّحت أعيننا على هذه الحقيقة رغم الضائقة الكبرى التي نعيشها. هذه تشكّل خميرة نرجو أن تخمّر العجين كلّه، أينما كنّا، بحيث نلطّف مآسي الدهر الحاضر ببلسم المحبّة والنعمة بسواعد خادمة لقريبها. فهل توقظنا وتجدّد طاقتنا دعوة الربّ للناموسيّ: «اذهبْ أنتَ أيضًا واصنعْ هكذا»، أي اصنعْ مثل السامريّ «الذي صنع الرحمة» مع عدوّه اليهوديّ المجروح (لوقا ١٠: ٣٧)؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: أعمال الرسل ٨: ٢٦-٣٩

في تلك الأيّام كلّم ملاكُ الربّ فيليبّس قائلًا: قُم فانطلقْ نحو الجنوب إلى الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزّة، وهي مقفرة. فقام وانطلق، وإذا برجل حبشيّ خصيّ ذي منزلة عظيمة عند كنداكة ملكة الحبشة، وهو قيّم جميع خزائنها، وقد جاء ليسجد في أورشليم. وكان راجعًا، وهو جالس في مركبته يقرأ في إشعياء النبيّ. فقال الروح القدس لفيليبّس: ادْنُ من المركبة والزمها. فبادر إليه فيليبّس فسمعه يقرأ في إشعياء النبيّ. فقال: هل تفهم ما تقرأ؟ فقال: وكيف يمكنني إن لم يُرشدني أحد؟ وطلب إلى فيليبّس أن يصعد ويجلس معه. وكان الموضع الذي يقرأه من الكتاب هذا: قد سِيقَ مثل خروف إلى الذبح، ومثل حمَل صامت أمام الذي يجزّه هكذا لم يفتح فاه. في تواضعه يُنتَزع قضاؤه. وأمّا جيلُه فمَن يصفه. فإنّ حياته تُنتَزع من الأرض. فأجاب الخصيّ وقال لفيليبّس: أتوسّل إليك ان تُخبرَني عمّن يقول النبيّ هذا، أعَنْ نفسه، أَم عن رجل آخر. ففتح فيليبّس فاه وابتدأ من ذلك الكتاب فبشرّه بيسوع. وفيما هما منطلقان في الطريق أَقبلا على ماء فقال الخصيّ: هوذا ماء، فماذا يمنع من أن اعتمد؟ فقال فيليبّس: إن كنتَ تؤمن من كلّ قلبك يجوز. فأجاب قائلًا: إنّي أؤمن بأنّ يسوع المسيح هو ابن الله. وأَمَر بأن تقف المركبة. ونزلا كلاهما إلى الماء، فيليبّس والخصيّ، فعمّده. ولـمّا صعدا من الماء خطف روح الربّ فيليبّس فما عاد يعاينه الخصيّ. فسار في طريقه فرِحًا.

 

الإنجيل: لوقا ١٠: ٢٥-٣٧

في ذلك الزمان دنا إلى يسوع ناموسيٌّ وقال مجرّبًا له: يا معلّم ماذا أَعمل لأرث الحياة الأبديّة؟ فقال له: ماذا كُتب في الناموس، كيف تَقرأ؟ فأجاب وقال: أَحبب الربَّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ قدرتك ومن كلّ ذهنك، وقريبَك كنفسك. فقال له: بالصواب أَجبتَ، إعمل هذا فتحيا. فأراد أن يزكّي نفسه فقال ليسوع: ومَن قريبي؟ فعاد يسوع وقال: كان إنسانٌ منحدرًا من أورشليم إلى أريحا، فوقع بين لصوصٍ فعرَّوه وجرَّحوه وتركوه بين حيّ وميت. فاتّفقَ أنّ كاهنًا كان منحدرًا في ذلك الطريق فأبصره وجاز من أمامه. وكذلك لاويٌّ، وأتى إلى المكان فأبصره وجاز من أمامه. ثمّ إنّ سامريًّا مسافرًا مرّ به، فلمّا رآه تحنّن، فدنا إليه وضمّد جراحاته وصبّ عليها زيتًا وخمرًا، وحمله على دابَّته وأتى به إلى فندقٍ واعتنى بأمره. وفي الغد فيما هو خارجٌ أَخرجَ دينارين وأَعطاهما لصاحب الفندق وقال له: اعتنِ بأمره، ومهما تُنفق فوق هذا فأنا أَدفعه لك عند عودتي. فأيُّ هؤلاء الثلاثة تحسب صار قريبًا للذي وقع بين اللصوص؟ قال: الذي صنع إليه الرحمة. فقال له يسوع: امضِ فاصنعْ أنت أيضًا كذلك.

 

الصبر في الإرشاد والمرافقة

القدّيس دوروثيوس أسقف غزّة نموذج مضيء للصبر في الإرشاد. ساهمت اختبارات عدّة في حياته الشخصيّة في شحذ هذه الفضيلة في ممارسته المرافقة. عانى دوروثيوس من ضعفات صحّيّة عديدة كادت أن تفقده الشجاعة في متابعة نسكه؛ ولمّا اعترف بهذا للشيخ برصانوف أوصاه بكثير من العطف بأن يشرب بعض الخمر وأن يعتدل في نظامه الغذائيّ القاسي. عانى أيضًا في صراعه مع بعض الأهواء فسنده برصانوف وعلّمه أصول الجهاد الروحيّ ولم يخفِ عنه أنّه هو نفسه عانى الأهواء ذاتها مدّة خمس سنين. ولمّا تبرّع أخوه للدير لبناء مكان للعناية بالمرضى سُلّم دوروثيوس مسؤوليّة إدارة هذا المكان فأرهقه العمل وشعر أنّ هذا يحرمه من حياة التوحّد التي يتوق إليها. غير أنّ برصانوف لم يتوقّف عن تشجيعه مذكّرًا إيّاه بأنّ عمل الرحمة أرفع من كلّ الذبائح. طبعت هذه الخبرة نفس دوروثيوس فأكّد مرارًا للإخوة في إرشاده أنّ خدمة المريض توسّع أحشاء الرأفة. تلقّن قدّيسنا هذه العبر في مدرسة الرحمة التي عاشها فأثّرت كثيرًا في ممارسته الأبوة الروحيّة.

«فليجعلك ضعفك الشخصيّ رؤوفًا بأخيك»: طبّق دوروثيوس هذه النصيحة وشاركها مع الجماعة. وعندما سأله أحد المبتدئين بقلق كيف يمكنه أن يطير في حياته الروحيّة وأن يصل بقفزة واحدة إلى قمّة السلّم، أوضح له زيف صورة القداسة هذه، ونصحه بأن يحاول الابتعاد عن فعل الشرّ وأن يحاول فعل بعض الخير في عناية ملموسة للقريب. وهكذا «درجة درجة ستصل، بمساعدة الله، إلى قمّة السلّم». ونصح أخًا آخر بعدم الإفراط بالتركيز على نفسه في ممارسة الفضيلة، بل على الثقة بالله الذي لا يبقى أصمّ للنيّة الطيّبة عند الإنسان الذي يعمل القليل أو الكثير على قدر طاقته. لم يكن دوروثيوس يكبّل الإخوة بطلب المستحيل وهو عالم بمعطوبيّة الإنسان، ولم يكن يكسر القصبة المرضوضة ولا يطفئ الفتيلة المدخنة، بل كان يشجّع الإخوة ويسندهم من دون ملل. «قليلًا قليلًا» هو شعاره الأبرز: يكفي الإنسان القليل من التعب، القليل من ضبط النفس، القليل من التواضع، القليل من الجهاد، القليل من فعل الخير والقليل من كلّ فضيلة كي يتقدّم في الحياة في الروح. لم يكن دوروثيوس مأخوذًا بالبطولات الفرّيسيّة بل بالشجاعة في تحقيق الأعمال الصغيرة. كان مقتنعًا بأنّ الرحمة والصبر يؤولان إلى ثمار أوفر من القسوة والتسرّع والعقابات الضاغطة. فالقدّيسون يعزّون الضعيف ويسندونه ويعتنون به كعضو مريض ويفعلون كلّ شيء ليخلص. وكالأمّ التي لا ترفض طفلها المعوّق -كما يقول- هكذا القدّيسون يحيطون الضعيف بالحماية ويصبرون في مرافقته حتّى يصلحوه في الوقت الموافق ويمنعوه من أذيّة الآخرين. هذه هي أحشاء الرأفة التي يذكرها بولس الرسول (كولوسي ٣: ١٢).

يلهمنا هذا النموذج قيمة الشخص في عيني الله واختلاف إيقاع النموّ بين شخص وآخر وامتداد النموّ على فترات تطول أو تقصر بحسب فرادة كلّ وضع. الرؤية الأساس في الإرشاد أنّ الله هو الذي ينمّي أي أنّ تفتّح براعم النفس ليس في سلطان المرشد. لا تقيل هذه الرؤية المرافق من مسؤوليّة الحضن والمرافقة والمساندة وتقويم الأدوات التربويّة المستعملة ولكنّها تضع كلّ هذا في إطار علاقة شخصيّة تحكمها الرحمة أي الله نفسه الحاضر في هذه العلاقة لتتجاوز نفسها إلى ملكوت ابن محبّته معلّم الوداعة وإفراغ النفس.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: صوم الميلاد هذا العام

التلميذ: لماذا نصوم صومًا أربعينيًّا قبل عيد الميلاد؟

المرشد: قبل كلّ حدثٍ كبير أو مهمّ، يتحضّر الإنسان بأفضل طريقة. وقد وجدت الكنيسة في الصوم الطريقة الفضلى لتحضير النفس قبل الأعياد الكبيرة، كالفصح والميلاد وغيرهما، وأيضًا قبل المناولة في كلّ قدّاس إلهيّ. فالصوم يساعد الإنسان على اقتناء الهدوء الداخليّ، وتهدئة شهوات الجسد. يصير جسدنا خفيفًا، ما يساعدنا على الصلاة بشكلٍ أفضل (من دون نعاس أو تعب). أمّا الأربعون يومًا فهي مستوحاة من صوم الربّ يسوع أربعين يومًا، بعد معموديّته وقبل بدء بشارته، ومستوحاة من صوم موسى الأربعينيّ قبل استلامه الشريعة من الله.

التلميذ: إنّني لا أشعر بصوم الميلاد كما بالصوم الكبير...

المرشد: صوم الميلاد مخفَّف إذا صحّ التعبير، نسبةً إلى الصوم الكبير، لأنّنا لا ننقطع عن وجبة الفطور، بل ننقطع عن الزفَرين (اللحم والبيض وكلّ مشتقات الحليب)، ما عدا السمك الذي يُسمح بأكله إلّا يومي الأربعاء والجمعة. 

وقد اعتدنا أن نقيم الصلوات يوميًّا في الكنيسة في صوم الفصح (كالنوم الكبرى والبروجيزماني والمديح)، وهذا ما يجعله فترة مميّزة عن سواها من السنة. لذا، علينا في صوم الميلاد أن نصلّي يوميًّا في بيوتنا. فمن دون صلاةٍ مرافقةٍ للصوم، من الطبيعيّ ألّا نلمس فائدته.

التلميذ: اليوم، بسبب أحوالنا المادّيّة الصعبة جدًّا، لا نأكل اللحم أصلًا. ولا نستطيع حتّى أن نأكل السمك. فما نفع الصوم في هذه الحال؟

المرشد: صحيح أنّ كثيرين «يصومون» قسريًّا عن اللحم والسمك. لكن أن نُحرم من الأكل شيء، وأن نمتنع عنه لسببٍ روحيّ شيءٌ آخر. أضِف إلى ذلك أنّ نوعيّة الأكل ليست هي ما يهمّ. نحن نشارك كجماعةٍ مؤمنةٍ في كلّ ما تضعه الكنيسة لتقديسنا. نحن نطيع الكنيسة التي تعطينا هذه الفترة لكي نهيّئ قلوبنا، عبر الصوم والصلاة والتوبة، لاستقبال المسيح المولود فيه. 

 

الصبر المقدّس

المطران جورج خضر

الصبر ليس التخاذل أمام الموجود والحياد تجاه النواقص. فالمؤمن يسعى إلى تغيير العالم. غير أنّ بشارته قد تطول وقد لا يستمع إليه الناس إذا شهد وتكلّم. فهناك عنصر الزمان ولا نقدر على أن نملي على الآخرين الحقيقة إملاءً. لماذا يصرّ من نحاول هدايته على خطيئته؟ هناك ما يسمّيه بولس «سرّ الإثم» إذ لا يعرف أحد متى تحلّ النعمة أو متى يتقبّلها هذا الذي نصلّي نحن من أجله. ففي النفس «حنطة وزؤان» وليس بمقدورك دائمًا أن تقتلع الزؤان.

والملحوظ أنّ أكثر الناس يبقى على الشرّ الذي ترعرع فيه وأنّ التوبة النصوح نادرة وأقصى ما تستطيعه أنت أن تنتظر وتحبّ. ومعنى ذلك أنّك تعايش في الرعيّة أو في الدنيا بشرًا متفاوتين في التقوى وفي الإخلاص وأنّه عليك أن تتقبّلهم لكونهم إخوة لك ولعلّ حظّهم الوحيد في الاهتداء أن يروا إخاءك لهم واحتمالك لما يغيظك فيهم ولما يصدمك. وقد يجرحك هذا أو ذاك كلّ يوم بسبب من عداوة متأصّلة وغيرة مريضة. وإذا رأوك يتوتّرون وقد يريدون إذلالك بغضًا وظلمًا. فإذا تضجّرت أو رددت لهم الكيل كيلين، فهذا يزيد عداءهم وتشنّجهم وأنت قادر على أن تشفيهم بالحلم وطول الأناة. وقد عيّنك الله طبيبًا لهذا الذي يؤذيك لأنّك أنت تعرف الجرح الذي فيه.

الله هو الشافي الأكبر لأنّه الصابر الأكبر. إنّه ينتظر عودتنا، يدعونا إليها ولا يغتصبنا إلى الفضيلة ويمدّنا بالزمان لعلّنا «نقرف» من الخطيئة أو نحبُّه عليها ونرى راحتنا عنده. والصبر مرتكز على الرجاء ففي المواجهات تحتاج إلى رفق وسلام لتتقبّل قلّة التهذيب وسوء المعاملة والكيد وإرادة القهر. أن تقبل الآخر في علّته وعيبه يبدأ بأنّك تعترف بأنّك لا تقدر على تبديل شيء في الناس ما لم يغيّروا هم ما في نفوسهم. العهد الجديد يعلّم عن صبر المسيح وصبر القدّيسين. هذا هو الصبر في يسوع. إن كنت في المسيح فلا نكاية عندك ولا نكد ولا نقمة ولا صفع ولا ردّ فعل وتتراجع وتسلّم بالحقّ لتخرج من الظلمة التي فيك.

وليس الصبر أن تقول أنا محكوم عليّ أن أعيش مع هذا وذاك ولكنّك تقول في نفسك إنّي أحمد الله أنّي أحيا مع من أحيا معهم لأنّي إن صبرت عليهم جميعًا أنجّي نفسي وأنجّيهم وألطف بهم علّهم يشاهدون الله. لقد جعل الله زمانًا لخلاص البشر وبعده الملكوت وجعل لكلٍّ منّا ممرًّا ليخلص به. أنت تمشي مع الآخر كلّ الخطى التي يحتاج إليها لكي يفهم ويفرح.

 

مكتبة رعيّتي

صدر عن منشورات بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، كتاب الأفخولوجي بجزئه الأوّل، بعنوان «المعموديّة».

الكتاب من القطع الصغير يتألّف من ١٠١ صفحة، ويتضمّن الصلوات والخدم التالية: صلاة على المرأة النفساء بعد ولادتها، صلاة لختم الطفل وتسميته في اليوم الثامن، صلاة على المرأة وولدها في اليوم الأربعين من ولادتها، صلاة على المرأة عندما تطرح، خدمة المعموديّة وما إليها.

يُطلب الكتاب من الدار البطريركيّة في دمشق ومن مكتبة دير سيّدة البلمند البطريركيّ.

Last Updated on Friday, 12 November 2021 17:58