ocaml1.gif
العدد ٤٩: استقامة الإنسان في الإيمان والعبادة والمسؤوليّة Print
Written by Administrator   
Monday, 01 January 2007 00:00
Share

استقامة الإنسان في الإيمان والعبادة والمسؤوليّة
الأحد ٥ كانون الأوّل ٢٠٢١ العدد ٤٩ 

الأحد الرابع والعشرون بعد العنصرة

البارّ سابا المتقدّس - الشهيد أنستاسيوس

 

كلمة الراعي

استقامة الإنسان
في الإيمان والعبادة والمسؤوليّة

استقامة الإنسان في الإيمان والعبادة والمسؤوليّةواجه يسوع في حادثة شفاء المرأة المنحنية الظهر واقعَين مَرَضيَّين، الأوّل يتعلّق بواقع المرأة المنحنية الظهر ذاته، والآخر يتعلّق بموقف المؤسّسة الدينيّة التي يمثّلها رئيس المجمع في حادثة شفاء هذه المرأة. في هذَين الواقعَين تظهر ميزات تفيدنا في اكتشاف معارج الاستقامة على أنواعها. فما هي؟

أوّلًا، القساوة. إنّها القساوة التي مارسها الشيطان على المرأة لمدّة ثماني عشرة سنة، والقساوة التي مارسها رئيس المجمع على كلّ مَن تُسوّل له نفسه طلب الشفاء يوم السبت بمنعه من القيام بهذه الخطوة يومها (لوقا ١٣: ١٦ و١٤). إنّها قساوة لا تعكس الحالة الطبيعيّة التي شاء الله أن يكون الإنسان المخلوق على صورته عليها. فالقساوة التي كانت سيّدة الموقف في المجمع في صبيحة ذاك السبت، والتي فيها يستريح الإنسان من كلّ أعماله من أجل تقديم العبادة لله، إنّما كانت على عكس روح هذه العبادة والتي كشفها لنا يسوع بصراحة: «فاذهبوا وتعلّموا ما هو: إنّي أريد رحمة لا ذبيحة» (متّى ٩: ١٣).

ثانيًا، عدم إمكانيّة الانتصاب. عانت المرأة ردحًا من الزمن من انحناء ظهرها، فكانت تنظر إلى الأرض، كما هي حال الحيوانات عمومًا، الأمر الذي يتبادر إلينا في التشبيه الذي استعمله يسوع بإشارته إلى إرواء الثور والحمار، في معرض تأنيبه رئيس المجمع (لوقا ١٣: ١٥). أمّا الوضع الطبيعيّ للإنسان فهو أن يكون منتصب القامة وينظر إلى الأفق، وهو المعنى المضمور في عبارة «إنسان» في اللغة اليونانيّة. أمّا رئيس المجمع فقد افتقد إلى حالة انتصاب القامة الروحيّ، أي الاستقامة الروحيّة، والتي كان من المفترض أن يتحلّى بها بحكم موقعه المسؤول كرئيس للمجمع.

ثالثًا، عدم رؤية إمكانيّة للخلاص. حضور يسوع ومخاطبته هذَين الواقعَين كان أساسيًّا ومحوريًّا لجهة إخراج الواقعَين من العجز الفادح الذي بلغاه، إلى الخلاص الذي ينشده الله للإنسان والذي جاء يسوع يكرز به ويدعو إليه ويحقّقه بيننا. فواقع المرأة المزمن لم يجد سوى بيسوع الجواب على انفكاك المعاناة واستعادة الحالة الطبيعيّة، ليس فقط الجسديّة من جهة شفائها من دائها، ولكن الروحيّة بشكل خاصّ، فهي للحال «مجدّت الله» (لوقا ١٣: ١٣). أمّا الواقع المزمن لرئيس المجمع، والذي شخّصه يسوع بالرياء (لوقا ١٣: ١٥)، فما كان ليجد طبيبًا شافيًا له منه أفضل منه، لكونه مَن وضع الشريعة، والقادر بامتياز على تفسير معانيها، ومَن وضعها موضع التطبيق بنفسه بحسب قلب الله، ويرشد إلى الحقّ من تاب إليه من ريائه.

رابعًا، الغيظ. اغتاظ رئيس المجمع لعدم احترام المرأة قدسيّة يوم السبت، قدسيّة نفت عن هذه المرأة إنسانيّتها، كما يشي به انفعاله الكبير من شفائها، وتوجيهه إرشادًا شاملًا إلى الحاضرين كافّة بخصوص ما هو لائق القيام به يوم السبت، متسلّحًا بالطبع بما يمنحه إيّاه موقعه الدينيّ وعلمه من سلطان وقدرة. فهل كان غيظه في مكانه، سواء من وجهة نظر إنسانيّة أم من وجهة نظر دينيّة؟ الجواب أعطاه يسوع. فهو اغتاظ منه، إنّما غيظه بخلاف ذاك، كانت الغاية منه مواجهة القوّة الغاشمة التي استخدمها الرئيس بحقّ المرأة وأمثالها من الذين يبتغون الاستشفاء يوم السبت، وبالدرجة عينها، مواجهة المفهوم الدينيّ الخاطئ القائم خلف هذا الاستخدام، وأخيرًا، مواجهة الرئيس بحالته الروحيّة الشخصيّة المسيئة والتي كان لها الأثر الكبير في موقفه من المرأة. غيظ يسوع فيه تصويب للرئيس أوّلًا، لكيفيّة ممارسته موقعه كرئيس؛ وثانيًا، لكيفيّة فهمه يوم السبت وتفسيره له؛ وأخيرًا، لكيفيّة تطبيقه الشريعة.

هكذا انكشفت لنا في هذه الحادثة حكمة الله بالرحمة التي ترجمها يسوع في إطلاقه سراح الإنسان من علل الجسد ونجاسة الروح وانحراف العبادة وتشويه قصد الله. وانكشف لنا أيضًا طريق استقامة شخص المؤمن بحسب نعمة الله وقصده منه، ولكن أيضًا طريق استقامة الجماعة المؤمنة، وبخاصّة استقامة المسؤولين فيها على درجاتهم كافّة، بحيث لا يتحصّنون بالدور أو الموقع الذي يمارسونه، فلا يعيشون أو يعلّمون أو يحكمون، باسم الله وشريعته وكلمته، على سواهم، بخلاف ما تأمر به كلمة الله أو تدعو إليه. فكلمة الله لا تقيّدها قوّة شيطان ولا خطيئة إنسان، فهي قاصدة الشفاء والخلاص، وتُخجل كلّ مَن يعاندها، بحيث تنقلنا إلى مشاركة حالة ما عاشه مشاهدو الحادثة، إذ «فرح كلّ الجمع بجميع الأعمال المجيدة الكائنة منه» (لوقا ١٣: ١٧). هلّا تخلّصنا إذًا من قيودنا فنبارك اسم الربّ مخلّصنا؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: غلاطية ٥: ٢٢- ٦: ١-٢

يا إخوة، إنّ ثمر الروح هو المحبّة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والصلاح والإيمان والوداعة والعفاف. وهذه ليس ناموسٌ ضدّها. والذين للمسيح صَلبوا أجسادَهم مع الآلام والشهوات. فإن كنّا نعيش بالروح فلنسلكْ بالروح أيضًا، ولا نَكن ذوي عُجب، ولا نُغاضب، ولا نحسد بعضُنا بعضًا. يا إخوة إذا أُخذ أحد في زلّة فأَصلحوا أنتم الروحيّين مثلَ هذا بروح الوداعة. وتبصّر أنتَ لنفسك لئلّا تُجَرَّب أنت أيضًا. احملوا بعضكم أثقال بعضٍ، وهكذا أَتمّوا ناموس المسيح.

 

الإنجيل: لوقا ١٠:١٣-١٧

في ذلك الزمان كان يسوع يعلّم في أحد المجامع يوم السبت، وإذا بامرأة بها روح مرض منذ ثماني عشرة سنة، وكانت منحنية لا تستطيع أن تنتصب البتّة. فلمّا رآها يسوع دعاها وقال لها: «إنّك مُطْلقة من مرضك»، ووضع يديه عليها، وفي الحال استقامت ومجّدت الله. فأجاب رئيس المجمع، وهو مغتاظ لإبراء يسوع في السبت، وقال للجمع: هي ستّة أيّام ينبغي العمل فيها، ففيها تأتون وتستشفون، لا في يوم السبت. فأجاب الربّ وقال: «يا مرائي، أليس كلّ واحد منكم يحلّ ثوره أو حماره في السبت من المذود وينطلق به فيسقيه؟ وهذه، وهي ابنة إبراهيم التي ربطها الشيطان منذ ثماني عشرة سنة، أما كان ينبغي أن تُطْلَق من هذا الرباط يوم السبت؟» ولـمّا قال هذا، خزي كلّ من كان يقاومه، وفرح الجمع بجميع الأمور المجيدة التي كانت تصدر منه.

 

تحقيق شركة المحبّة:

من استهلاك العالم إلى التزامه وتقديسه

ندنو في هذه الفترة المباركة من هذا السرّ العظيم، سرّ التجسّد الإلهيّ واتّخاذ ابن الله، الكلمة الأزليّ، الطبيعةَ البشريّة والتزامه بها بكلّيّتها. يشكّل هذا العيد في ما يحمله من معانٍ لاهوتيّة مدماكًا أساسيًّا لتقويم واقع حياتنا الكنسيّة، كأشخاصٍ وكجماعة، في ما يخصّ التزامنا قضايا مجتمعنا، واحتضاننا واقع الإنسان المعاصر في ظلّ ما تمرّ به بلادنا من أزمات. يدفعنا هذا العيد اليوم كمؤمنين إلى أن نلتزم قضيّة الإنسان المظلوم والمتألّم في وطننا تمامًا كما التزم يسوع طبيعتنا البشريّة بكلّيّتها متّخذًا إيّاها في ذاته، بعد أن كانت مقيّدة ومستعبدة للخطيئة. هكذا أعطي الإنسان أن يستعيد شركة المحبّة بينه وبين الله والإنسان.

ما الذي يعيقنا اليوم عن تحقيق شركة المحبّة هذه في مجتمعنا؟ تواجه المسيحيّة تحدّيًا كبيرًا في هذا الزمن وهو مجتمع الاستهلاك. يجسّد هذا المجتمع فكر العالم، فيعمل على تعزيز روح الفرديّة والمادّيّة واللامبالاة وعلى إشباع الرغبات وتثبيت الأنا. فيستعبد إرادة الإنسان ويؤرقها ويكبّلها بحاجات تنأى عن الحاجات الأساسيّة في حياته. يخدع هذا المجتمع الإنسان بفكرة أنّ أساسَ وجوده وغايتَه هو السعادة والرفاهية من طريق الاقتناء والتملّك. لعلّ عيد الميلاد هو النموذج الأبرز لمدى تأثير هذا المجتمع على الإنسان المسيحيّ، فقد تحوّل الاحتفال بهذا العيد الخلاصيّ إلى موسم استهلاكيّ فرضه هذا المجتمع القائم على ثقافة الاستهلاك الكثير والربح المادّيّ للشركات المصنّعة. هذا النوع من الاحتفال يناقض جوهريًّا المعنى الأساس لهذا العيد وذلك بأنّه يعزل الإنسان ويغرّبه عن الله والآخر فيعيقه عن تحقيق شركة المحبّة.

كيف نواجه إغراء هذا المجتمع ونحقّق شركة المحبّة؟ فيما يجسّد المجتمعُ الاستهلاكيُ فكرَ العالم، يجسّد النسكُ المسيحيّ فكرَ المسيح. قد تكون لفظة «نسك» ثقيلة على مسامعنا في هذا الزمن المعاصر لما يزرعه العالم في عقولنا من أفكار مغلوطة. فالنسك ليس خروجًا من العالم أو انكفاءً عن الحياة من أجل العيش في عزلة مع الله، إنّما هو التزام لكلّ من نال سرّ المعموديّة في عيش حياته مع الله ومع خليقته، بحيث تصبح الخيرات المادّيّة التي وهبنا إيّاها الله أداةً لتقديس النفس وتجديد العالم، لا حاجزًا يكسر شركتنا مع الله وأخينا الإنسان.

في المفهوم المسيحيّ النسك هو بداءة مسيرة تحرّر الإنسان، هو استعادة حرّيّته التي قيّدتها الخطيئة واستعبدتها. هذا النهج النسكيّ يرفع الإنسان إلى مستوى الحرّيّة الحقيقيّة والانعتاق الكامل من كلّ ما يلهينا عن الله وأخينا الإنسان، حيث تنعتق النفس الإنسانيّة من كلّ الحاجات المصطنعة الوهميّة التي يروّج لها المجتمع المعاصر، المبنيّ على ثقافة الاستهلاك والكسب، حيث تسيطر الأنا وتغيب شركة المحبّة التي أوصى بها الإنجيل.

هكذا، بالنسك، يحقّق الإنسان شركة المحبّة هذه بينه وبين الله والإنسان، إذ يفتح قلبه للذين يعيشون أوضاع الألم والمعاناة فيساهم في مداواة هذه الجراح وتضميدها. النسك إذًا مشاركة في حياة الخالق والخليقة، هو طريق التزام محبّة الله والآخر في هذا العالم، فرديًّا وجماعيًّا، في كلّ جوانب الحياة البشريّة، فيغدو الإنسان نفسه خلّاقًا عبر مشاركته الله في متابعة عمله وتجديد هذا الكون.

هكذا إذًا، نحن مدعوّون، إذ نتهيّأ لسكنى المسيح فينا، إلى أن نتحرّر من أصنام مجتمع الاستهلاك التي تستعبدنا لكي نشارك المسيح في الألوهة التي وهبنا إيّاها في سرّ تجسّده، ولندخل في شركة محبّة فاعلة تلتزم شؤون الأرض وبناء مجتمع أفضل، فيصير هذا العالم مكانًا ملكوتيًّا لعيش علاقات المحبّة ولتمجيد الله.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: ثمر الروح

التلميذ: ما معنى ثمر الروح في رسالة بولس اليوم؟

المرشد: الروح يعني هنا الروح القدس، وثمره كلمة يستعملها الرسول بالمفرد وتدلّ على مواهب عديدة، أوّلها المحبّة التي يجعلها أولى الفضائل في كلامه العظيم عليها في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس، ويتبعها الفرح الذي ليس مجرّد تحرّك نفسانيّ ولكنّه نعمة الروح، وكذلك السلام الذي هو مصالحة مع الله، وهو عنده أيضًا نعت للمسيح، ثمّ يذكر طول الأناة ويريد به الصبر على الناس أيًّا كانوا، ويعبّر عن نفسه باللطف الذي ينبعث عن الوداعة، والصلاح الذي هو التنزّه عن الخطيئة، والإيمان بكلّ ما قاله الله وإذا كان حقيقيًّا معه الاتّكال على الله، ثمّ يذكر الوداعة المتّصلة باللطف، وأخيرًا يذكر العفاف عن كلّ دنس.

التلميذ: كيف يعلّمنا الرسول أن نعيش بالروح؟

المرشد: الروح القدس يسكن فينا ويأخذنا إلى السلوك الصالح. لذا ينتقل بولس الرسول إلى ما هو سيّئ ويحذّرنا من العُجب أي الاعتداد بالنفس وهو لون من ألوان الكبرياء. كذلك يحذّرنا من الغضب الذي يجرح دائمًا الإنسان الذي نغضب عليه، ويريدنا ألاّ نحسد بعضُنا بعضًا ونفرح بالخير الذي يعطيه الله من يشاء.

التلميذ: ماذا يقصد الرسول بقوله «وهكذا أَتمّوا ناموس المسيح»؟

المرشد: هذا ناموس جديد. إنّه ناموس المحبّة التي تحوي كلّ الفضائل. المحبّة فينا تُخاطب المحبّة في الآخر، وتُنشئ كلّ الحسنات التي عدّدها بولس، وتدعونا إلى أن نتطهّر من كلّ الخطايا التي ذكرها. هناك طبعًا جهاد تبذله النفس لتحفظ المحبّة، ولكنّها قبل كلّ ذلك هي نعمة من الروح القدس الذي، إذا تغيّرنا به، نحصل على كلّ الفضائل بمعنى أنّنا نتمرّس بها وتتأصّل هي فينا، ويصبح القلب المستنير ينبوعًا ينبع فينا لنبلغ بها الحياة الأبديّة.

 

رقاد الأرشمندريت بندلايمون (فرح)

صباح الأحد ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢١ رقد على رجاء القيامة والحياة الأبديّة في مدينة تسالونيكي الأرشمندريت بندلايمون (فرح) ودُفن في اليوم التالي في إسقيط القدّيس ديمتريوس-الجبل المقدّس (آثوس). ترأس راعي الأبرشيّة الصلاة من أجل راحة نفسه في كنيسة دير سيّدة حمطوره يوم الاثنين ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢١، حيث أقيمت صلاة السحريّة والقدّاس الإلهيّ ثمّ خدمة جنّاز الرهبان. ألقى المطران سلوان عظة في القدّاس الإلهيّ تحدّث فيها عبر الإنجيل اليوميّ عن خدمة المصالحة في الكنيسة التي يدعو إليها الربّ على ضوء سيرة الراقد. أمّا في خدمة جنّاز الرهبان، فتحدث عن النصّ الإنجيليّ الخاصّ بلبس الإسكيم الرهبانيّ، وتطرّق إلى مسيرة الراقد كمؤسّس لأخويّة الدير ورئيسه لما يقارب عشرين عامًا، وكانت له كلمة تعزية للكنيسة، للرهبان والمؤمنين على السواء، انطلاقًا من الواقع الذي تعيشه في أنواره وظلاله، داعيًا الكلّ إلى أن يكون حريصًا على خلاص الكلّ، كحرص الراعي والخراف التسعة والتسعين على خلاص الخروف الضالّ، الذي كلّ واحدٍ منّا يمكن أن يكون إيّاه.

الأرشمندريت بندلايمون من مواليد كوسبا-الكورة (١٩٥٣). نال بكالوريوس في العلوم الاجتماعيّة من الجامعة اللبنانيّة - فرع القبة (١٩٧٥) ثمّ إجازة في اللاهوت من معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ اللاهوتيّ - البلمند (١٩٨٨). بطلب من المطران جورج (خضر)، رُسم شمّاسًا ثمّ كاهنًا في كنيسة القدّيسين سرجيوس وباخوس - كوسبا (١٩٩١) بوضع يد المثلّث الرحمة المطران إلياس (قربان). كلّفه المطران جورج خضر، مع لجنة، الإشراف على ترميم وإعمار وصيانة دير رقاد السيّدة حمطوره (١٩٩٣)، ثمّ عيّنه رئيسًا عليه (١٩٩٤). رقّاه إلى رتبة أرشمندريت في دير مار يوحنّا - دوما (١٩٩٦)، ووشّحه بالإسكيم الرهبانيّ في كنيسة القدّيسَين بطرس وبولس التابعة لدير سيّدة حمطوره (١٩٩٧). غادر ديره إلى اليونان عملًا بقرار من المجلس التأديبيّ الإكليريكيّ الاستئنافيّ (٢٠١٧)، وآثر البقاء في جبل آثوس في ضوء القرار اللاحق الذي صدر عن هذا المجلس (٢٠١٩). أمام هذا الواقع، ظلّ راعي الأبرشيّة على تواصل مع الأرشمندريت بندلايمون من أجل تنسيق في كلّ ما فيه صالح الدير ورهبانه، الأمر الذي تُرجِمَ عبر الترتيبات التي حصلت فيه منذ أكثر من سنة في سبيل الحفاظ، من جهة، على الأخويّة الرهبانيّة التي أسّسها ورعاها وتعب من أجلها سنين طويلة، ومن جهة أخرى، على مقام السيّدة العذراء في الدير والقدّيسين الذين نسكوا فيه، والمحفور في قلوب المؤمنين الذين يؤمّونه للصلاة والبركة.

يدين الدير للأرشمندريت بندلايمون بكلّ ما شيّده من أبنية ومشاغل، بالإضافة إلى تنمية أراضيه وتصنيع منتوجاته، إنّما على الأخص، يدين له بالأخويّة التي أنشأها فيه والتي له في قلوب رهبانها مكانة روحيّة شاهدة. وهذا جعل الدير مقصدًا للمؤمنين لا سيّما الشبيبة، ما أنمى في نفوس كثيرين التزامهم الكنسيّ والروحيّ. إلى ذلك، له عدد من المؤلّفات والترجمات صدرت عن الدير. وهو اهتمّ بالخدم الطقسيّة فكانت له مساهمة بارزة فيها، سواء في مجال الترجمة والتأليف والتنويط والترتيل، ونقل جمالها إلى العديد من الإكليروس والرهبان والمؤمنين في أنحاء الكرسيّ الأنطاكيّ وخارجه.

Last Updated on Friday, 03 December 2021 18:51