ocaml1.gif
رعيتي العدد ٣٧: «الخروج» المزمع أن يتمّ فينا Print
Written by Administrator   
Sunday, 11 September 2022 00:00
Share

رعيتي العدد ٣٧: «الخروج» المزمع أن يتمّ فينا
الأحد ١١ أيلول ٢٠٢٢   العدد ٣٧ 

الأحد قبل عيد رفع الصليب

البارّة ثيوذورة الإسكندريّة، القدّيس إفرسينوس الطبّاخ

 

كلمة الراعي

«الخروج» المزمع أن يتمّ فينا

رعيتي العدد ٣٧: «الخروج» المزمع أن يتمّ فينا عندما رفع موسى النبيّ الحيّة في البرّيّة لم يكن بإمكانه أن يدرك حينها رمزيّة ما قام به وفسّرها لنا الإنجيليّ يوحنّا بإشارته إلى ارتفاع المسيح على الصليب: «كما رفع موسى الحيّة في البرّيّة هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان» (يوحنّا ٣: ١٤). لكنّنا عرفنا أنّ حقيقة هذا الرمز انكشفت لموسى النبيّ عندما انتصب مع يسوع في تجلّيه على الجبل وتحدّث مع إيليّا النبيّ بشأن «خروج» يسوع المزمع أن يتمّ في أورشليم (لوقا ٩: ٣١)، خروج إلى الآب وعودة إليه تحقّق بعد صلب يسوع وقيامته وصعوده إلى السماء وجلوسه من عن يمين الآب.

قاد موسى النبيّ الشعب العبرانيّ في خروجه من مصر متّجهًا إلى أرض الميعاد، عابرًا صحراء سيناء. في هذا العبور، اختبر عنادَ هذا الشعب وقلّة امتنانه وشكره الله على صنائعه معه وعنايته به عناية الأب بابنه. لو لم يشفع موسى بهم، لـما بلغ أحد أرض الميعاد. واللافت في هذا المسار، هو أنّ الله اختار، عبر قصاصاته العديدة لهم، أن يؤدّبهم وأن يربّيهم على أن يكون إيمانهم إيمانًا صافيًا وثابتًا. وهذا ما نعثر عليه بطريقة إنقاذ شعبه من الحيّات السّامّة. فالله لم يقضِ على الحيّات ليحجب خطرها عنهم، بل دعا موسى إلى أن يصنع حيّة نحاسيّة تشفي كلّ مَن لدغتْه حيّة بأن ينظر إليها بإيمان. نعم، ترك اللهُ الحيّاتِ على قيد الحياة ولم يرفع خطرها عن شعبه، لكنّه بالمقابل دعا كلّ مَن تعرضّ للسعةِ حيّةٍ إلى أن يؤمن به عبر التعبير عن ذلك بأن ينظر إلى الحيّة النحاسيّة فيجد الشفاء.

إذا أخذنا هذه الصورة وقابلنا بها ما أشار إليه يوحنّا لجهة قيادة يسوع شعب العهد الجديد إلى ملكوت أبيه السماويّ، نرى ساعتها يسوعَ ينتصب أمامنا مرفوعًا على الصليب ويدعونا إلى الإيمان به أنّه مخلِّصنا من الخطيئة والشرّ والموت والفاتح لنا باب الحياة الأبديّة. بالعمق، لم يلغِ يسوعُ وجودَ أيّ من هذه المخاطر المميتة الثلاثة، بل أعطانا أن نتسلّح بالإيمان به والتأمّل بموته على صليب كيما نصير شجعانًا بإزاء خطرها علينا ونواجهها من دون وجل ونتعلّم كيفيّة التغلّب عليها في واقعنا بأن نموت معه لكي نحيا معه.

لافت القول الذي يصرّح به الإنجيليّ يوحنّا في معرض كشفه تدبير الله الخلاصيّ: «هكذا أحبّ اللهُ العالمَ حتّى بذل ابنه الوحيد، كيلا يهلك كلّ مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة» (٣: ١٦). نفذ به إلى عمق محبّة الله التي تتجاوز كلّ عناد وسوء وغربة يبديها الإنسان تجاه ربّه، وأفرد للمحبّة باعًا يطال كلّ امرئ مهما كان سوؤه وأينما كانت «كورة الموت وظلاله» التي يعيش فيها أو يستحبّ البقاء فيها عن جهل أو كسل أو عناد.

إنّ قدرةَ الله الـمُحبِّة ومحبّةَ الله القادرة، من جهة، وعدالةَ الله الـمُحبِّة ومحبّةَ الله العادلة، من جهة أخرى، قد قادته إلى أن يعلن، بفمّ الإنجيليّ يوحنّا، أنّه فتح لنا باب العودة إلى الآب عبر اعتماده هذا النهج الجديد: «لم يرسِل اللهُ ابنَه إلى العالم ليَدين العالمَ، بل ليخلِّص به العالم» (٣: ١٧). فهو يضحّي بنفسه ولا بسواه، من أجلهم! وهو بذلك يعطي فرصة لكلّ مؤمن به أن يستلهم ما جاء في أدبنا النسكيّ: «مَن مات قبل أن يموت، لن يموت عندما يموت»، فيموت عن كلّ شرّ وخطيئة وأفكار الشيطان وأعماله قبل أن يموت، فلا يجد رئيسُ العالم ما يدينه به عندما يموت، على غرار ما جاء على لسان يسوع (يوحنّا ١٤: ٣٠).

هلّا خرجنا إذًا مع يسوع إلى حيث اختار أن يمنحنا الغفران والبنوّة والحياة، إلى موضع الجلجلة، حينما قدّمنا إلى أبيه وطلب من أجل خلاصنا؟ هلّا احتفلنا من الآن فصاعدًا بسرّ الشكر من منظار هذا الخروج، خروجه وخروجنا معه إلى الآب، فيقودنا الراعي الصالح والكاهن الأعظم والواضع الجهاد في أن نحمل صليبه ونتبعه إلى حيث يمضي؟ لقد تباركنا يا ربّ بابنك الذي أرسلتَ مَن أجل خلاصنا، فأهِّلْنا، كاللّص اليمين، لملكوتك.

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: غلاطية ٦: ١١-١٨

يا إخوة، أنظروا ما أعظم الكتابات التي كتبتُها إليكم بيدي. إنَّ كلَّ الذين يريدون أن يُرضُوا بحسب الجسد يُلزمونكم أن تَختتنوا، وإنّما ذلك لئلّا يُضطهدوا من أجل صليب المسيح، لأنّ الذين يختتنون هم أنفسهم لا يحفظون الناموس بل إنّما يريدون أن تختتنوا ليفتخروا بأجسادكم. أمّا أنا فحاشى لي أن أفتخر إلّا بصليب ربّنا يسوع المـسيح الذي به صُلِب العالم لي وأنا صُلبت للعالم؛ لأنّه في المـسيح يسوع ليس الختان بشيء ولا القلف بل الخليقة الجديدة. وكلّ الذين يسلكون بحسب هذا القانون فعليهم سـلام ورحمة، وعلى إسرائيلِ اللهِ. فلا يجلبْ عليَّ أحدٌ أتعابًا في ما بعد فإنّي حامل في جسدي سِماتِ الربّ يسوع. نعمة ربّنا يسوع المـسيح مع روحكم أيّها الإخوة، آمين.

 

الإنجيل: يوحنّا ٣: ١٣-١٧

قال الربّ: لم يصعد أحد إلى السماء إلّا الذي نزل من السماء، ابن البشر الذي هو في السماء. وكما رفع موسى الحيّة في البرّيّة، هكذا ينبغي أن يُرفع ابن البشر كيلا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة، لأنّه هكذا أَحَبَّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد كيلا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة. فإنّه لم يرسل الله ابنه الوحيد إلى العالم ليدين العالم بل ليخلِّص به العالم.

 

القيّم في العمل السياسيّ

يمكن تعريف القيّم بحسب معجم المعاني بأنّها: مجموعة من المبادئ والمقاييس والمعايير عند الإنسان، تؤثّر في حياته وسلوكيّاته العمليَّة وتصرّفاته. فللقيم أبعاد منها ما هو روحيّ أو أخلاقيّ أو اجتماعيّ أو غيره، أمّا السياسة لغةً عبارة نعني بها معالجة الأمور، وهي مأخوذة من الفعل ساسَ ويسوس، وهي على مصدر فعالة، أمّا اصطلاحًا فتعرّف بأنّها رعاية شؤون الدولة الداخليّة والخارجيّة كافّة. القيم تتمّ بالحبّ كذلك بالنسبة إلى المطران جورج خضر: «السياسة ليست من عالم الاقتناء ولا من عالم اليسر. هي فقط خدمة، أي من عالم الحبّ». فالقِيَم في العمل السياسيّ عنده دائرة مقفلة قوامها الحبّ فالخدمة وهكذا دواليك.

إتمام القيم قائم بحدّ ذاته مهما تنوّعت. أمّا إتمام العمل السياسيّ على الأرض فيحتاج إلى فرقاء، أي إلى جماعة. لطالما اعتبر المطران جورج أنّ الفرديّة لا تحقّق قِيَمًا مرموقة ولا عملًا سياسيًّا وجهته التنمية. فـ «الزبائنيّة»، كما كان يصفها في حواراته، هي أفيون الشعوب حيث الفرد مركّز على «الأنا»، واستطرادًا على العائلة والقبيلة، وتاليًا، «الفرد قليل الإحساس بما هو مشترك، وبما هو عامّ، وبما هو وطنيّ». فإتمام كلّ عمل وطنيّ يحتاج إلى جماعة محضونة في الحبّ، وأيضًا إلى إيمان بالله، فهو يدرك أنّ الدِّين ظفر المستضعفين في الأرض.

في هذا السياق، نسمعه ينصح أحد السياسيّين الذي طلب إليه زوّادة لخدمته فقال له: «أثبتْ في محبّة الله في كلّ ما تسوسه». وإليكم الوجهة التي يبتغيها في خدمة الوطن وأبنائه والعيش المشترك فيه، فالعمل السياسيّ قيمته المحبّة ووجهته الخدمة «بصورة أنّه إذا ازدهر البلدُ حقيقة، وتخلَّقنا بأخلاق الله في التعامل اليوميّ، وتخلَّصنا من الزبائنيّة التي نمارسها -إذا تحرّرنا من ذلك-، يبقى لبنان وطنًا قائمًا بذاته، وقادرًا على أن يعيش في سلام مع المنطقة».

أمّا الكلام عن بعض القيم العامّة في الحياة كالصدق أو النزاهة أو الإخلاص أو القناعة وغيرها، فإسقاطها على العمل السياسيّ يحتاج إلى برهان، لأنّ خبرة العمل السياسيّ ما كانت دائماً شفّافة. من هنا نداء المطران جورج كان يتجدّد مع كلّ استحقاق انتخابيّ، وعبارته الشهيرة: «هاتوا برهانكم»، كلمة يوجّهها دائمًا إلى القائمين في العمل السياسيّ. أمّا نصيحته لهم انطلاقًا من إيمانهم وإيمانه بالله فيمكن أن تتلخّص بكلمته: «طوّعوا كلّ شيء لكلمة الله التي هي دائمًا هادئة. ثم طوّعوا كلّ شيء للصبر الذي يمكن أن يقترن بالشجاعة والحماسة. وإذا هدأت النفس، لكم أن تختاروا عباراتكم بالتأنّي والرأفة بجميع الناس، إذ ذاك، ينزل عليكم الهدى الإلهيّ».

إن كانت السياسات تتبدّل فالقيم ثابتة. وهذا ما قاده إلى توصيف واقع كلّ منخرط في العمل السياسيّ: «يلازمُ كلَّ نظامٍ ويتعدَّاه، في روح لا تستكين، نحو الأفضل. يقبحُ الظلمَ، ويباركُ العدلَ، ويسعى إلى أن يتكلَّل العدل بالرحمة. لا ينحرفُ بالحقد، كما لا يذعن للجمود. ولكنَّه، دائمًا، إلى هذا التخطِّي الذي يجعلهُ رافضًا لفكرٍ سياسيّ لا توثّب فيه أو ثورة تتبرجز. المؤمن هو هذه الثورة التي تجعل الثورات لا تضيع روحها».

 

عيد رفع الصليب

بقلم المطران جورج خضر

مرّة سألني واحد من شهود يهوه: لماذا تكرّمون الصليب، هل تكرم أمٌّ قتلَ ولدها؟ أجبتُ: عند المسيح أداة موته هي إيّاها أداة حياته. وغدًا الذي هو تذكار رفع الصليب يحمل الكاهن في كنيستي الصليب على صينيّة مليئة بالرياحين أو الزهور ويطوف به بين المؤمنين ويسجدون حتّى تلمس جباههم الأرض، أي يلتحمون بها كما يلتحم الميت بالتراب، ثمّ يقومون كما قام المخلّص وفيما هم ينتصبون يقول الجوق: يا ربّ ارحم، ويتصاعد النغم ما صعدوا. وبعد السجدات يقبّلون المصلوب ويدفع إليهم الكاهن ريحانة أو زهرة حتّى تزهر حياتهم من سرّ المصلوبيّة التي ارتضاها السيّد لخلاص العالم.

هذا الوصف يوحي إليك بأنّ الكنائس التقليديّة تستعمل الرموز لتتكلّم. هي لا تكتفي بالتلاوة لكنّها تجعل مؤمنيها يتحرّكون استجابة للنعمة التي تنزل على لسانهم وجسدهم. ماذا يعني أن يُقبِّلوا الصليب؟ لا يمكن أن يعني إلّا أنّهم يقبّلون المصلوب تأسيسًا على هذا المحسوس عند جميع الشعوب التي فيها شِعرٌ ولحن ورموز أي تعبير. هذا هو أساس الأيقونة القائمة على أنّ ثمّة قفزة لعينَي المؤمن من الصورة إلى المصوَّر عليها، من الأرض إلى السماء. هذا يجري في النفس التي تحسّ المعنى وظاهره معًا. أمّا الذين حاربوا الأيقونة، ليس فقط في أمبراطوريّة الروم بين القرن الثامن والقرن التاسع وكلّ محاربي الصور في الدنيا المسيحيّة، وربّما في الحضارات الأخرى، فقد توقّفوا عند الكلمة المقولة باعتبارها الأيقونة الأخيرة أي المظهر الأخير لذاتها.

وإذا قلّدنا الطفل عند معموديّته صليبًا معلقًا في سلسلة فليس لأنّه يحمل في ذاته قوّة شفاء أو تقديس، لكنّه مكان تخاطب بينك وبين المسيح، أمّا إذا كان يحمل بحدّ نفسه قوّة فاعلة فيكون تعاملك وإيّاه سحرًا.

عيد رفع الصليب لا ينحصر بأن هرقل أعاده إلى القدس من بلاد فارس بعد أن وضع الملك خسرو يده عليه، وبعد أن غزا أورشليم في العام ٦١٤ وعاد به إلى عاصمة المدائن حتّى تمكّن قيصر الروم هرقل من استرداده وإعادته إلى كنيسة القيامة.

المسألة لا تنتهي بهذه الحادثة. فالأعياد عندنا، وإن استندت إلى وقائع، إلّا أنّها أعياد فكر. الفصح فكر القيامة والباقي يتفرّع عنها. والفكر تنقية قلب تشارك العقيدة. وإذا شهدنا لصلب يسوع نكون قد دخلنا عهد حبّه. وكلّ من أحبّ فهو شهيد ويحمل في نفسه المصلوبيّة. وهذا يعني أنّ عيد رفع الصليب دعوة إلى التطهّر ومن مكوّناتها أن تتنقّى النفس من الرذائل وأن تتسربل البهاء الإلهيّ لكي تقيم في الحياة الأبديّة، لكي تصبح إنسان الملكوت ولو كنتَ تعدو على الأرض. فإذا تأمّلتَ في علامة الصليب حيثما حللتَ يقيم الله بينك وبينه رباطًا، وتفكّ ارتباطك بمعاصيك وبذا تصبح إنسانًا جديدًا، أي عبدًا للبرّ بعد أن كنتَ عبدًا للخطيئة.

تلك هي طريق الحياة. عيد رفع الصليب بات إذًا تهليلنا بالكونيّة ووعدًا بلقاء المحبّين من كلّ صوب. نحن نقدّم مصلوبيّتنا ولا نقدّم صالبيّة. نحن نُمات كلّ يوم لنحيا ويحيا الجميع، لنبقى هكذا شهداء للربّ ويصبح كلّ إنسان على طريقته شهيدًا. ليس في عقيدتنا مضمون غير الحبّ. فمن رفضه رفض ربّه، هذا الذي نقول في لغتنا إنّه أبو الناس جميعًا.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: رفع الصليب المحيي المقدّس

التلميذ: ما فحوى قراءة غروب العيد الأولى؟

المرشد: يتلى علينا في صلاة المساء نصّ من سفر الخروج (١٥: ٢٢-٢٧، ١٦: ١) وهو يحدّثنا عن سير بني إسرائيل في طريقهم إلى جبل سيناء بعد أن عبروا البحر الأحمر بسلام. يعلّق القدّيس غريغوريوس النيصصيّ حول هذا النصّ الكتابيّ بقوله إنّ الذي يترك شهوة مصر أي حياة العبوديّة، ويتعلّق بكلام الله وحده وينطلق في خطاه في برّيّة العالم، يشعر بمرارة السعي وصعوبته. العود الذي طرحه موسى في الماء هو صورة لعود الصليب المحيي، والكنيسة تعلن ذلك في حياتها الطقوسيّة في عيد الظهور الإلهيّ إذ يغطّس الكاهن الصليب في الماء لتقديسه.

التلميذ: وماذا عن القراءة الثانية؟

المرشد: القراءة الثانية مأخوذة من سفر الأمثال (٣: ١١-١٨) الذي يحدّثنا عن الحكمة، «لا يعاندها خبث... ولا جوهر ثمين يعادل قيمتها... هي عود حياة لجميع المعتصمين بها». الإشارة هنا واضحة إلى الصليب، حكمة الله التي تنشئ العالم وهي «عند الهالكين جهالة وأمّا عندنا نحن المخلّصين فهي قوّة الله».

التلميذ: وماذا عن القراءة الثالثة؟

المرشد: القراءة الثالثة مأخوذة من سفر إشعياء (٦٠: ١١-١٦) وهي تنتقل بنا إلى أورشليم الجديدة، «مدينة الربّ القدّوس»، وهي أرض جديدة يكلّلها «مجد لبنان... ويزيَّن مقدسُ الربّ بالسرو والأرز والشربين». الصورة المباشرة هنا هي لخشب أرز لبنان الذي غلّف خشبه جدران هيكل أورشليم. وأمّا المعنى الروحيّ فيشير إلى الصليب، والذي هو شجرة الحياة الموجودة في وسط فردوس لنا استعدناه في فعل المسيح الخلاصيّ.

التلميذ: ما علاقة الصليب بالفردوس؟

المرشد: الصليب هو عود الحياة الذي يشفي، وقد غُرست في المسكونة فردوسًا مستعادًا. يحدّثنا تراث الكنيسة الشفويّ عن فعل الخلق حين وضع الله علامة على شجرة من شجرة الفردوس التي سيُستخدم خشبها لصنع الصليب، «شجرة الحياة في فردوس الله» (رؤيا ٢: ٧)، «الكنز الإلهيّ المدفون في الأرض» (في صلاة المساء لتقدمة العيد).

 

الصليب

للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم

أتريدون أن تعلموا تأثيرًا آخر للصليب يفوق كلّ عقل بشريّ؟ اليوم فتح الصليب باب الفردوس الموصَد وأدخل اللصَّ فيه!

ماذا فعل اللصّ حتّى استحقَّ فجأة أن يدخل الفردوس وهو على الصليب؟ إنّه نظر بعين حقارته وبإيمان إلى المصلوب فعرف السيّدَ السماويّ، ووبَّخ نفسه بكلمات موجزة تبيَّن منها أنّه يستحقّ الفردوس: «أمّا نحن فبعدلٍ لأنّنا نلنا ما تستوجبه أعمالنا. وأمّا هذا فلم يصنع شيئًا من السوء»، وبعد هذه الكلمات تجاسر على أن يطلب منه: «أذكرني متى جئت في ملكوتك».

Last Updated on Friday, 09 September 2022 20:08