للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
تأبين غسّان تويني 06/09/2012 |
Monday, 11 June 2012 00:00 |
كلمة المطران جورج (خضر)، السبت 06/09/2012 "روح افواهنا مسيح الرب"—على ما قال ارمياء. هو الذي أحبّ يقرّ فيك لتقول حقيقته في مسالكك وقلمك ساطعا في لبنان وما اليه من دنيا العرب. لا تستغرق الصحافة ولا الفكر الذي رافقها كلَ وجهك هذا الذي ارتسم عليه نور الرب الذي قاتل معك بسيف الكلمة هذا الذي كان من البدء ستر خفرك أبهى ما كان فيك أعني الإيمان فقد انبعثت من هذه الكنيسة العظيمة التي حفظتَ مما تنشد وملأت بيتك من ايقوناتها. أتذكر اننا لما تحلّقنا حول جثمان مكرم كنت تشاركنا الترتيل وتصلب وجهك ام تذكر بعد ان صلينا على جبران انك وقفت امام جثمانه تقول: "دفنا الأحقاد مع جبران" وتخشعنا. فوق كل شيء تبقى المؤمنَ الغفور. ترافقك المحبة الآن وهي على ما قال الرسول لا تسقط ابدا اي انك في هذه الدنيا كنت جالسا فوقُ خشية ان تسقط في مجد العالم. لم تجذبك تفاهة هذا العالم ولكنك كنت شغوفا بالقيم التي كانت تنزل عليه. قلبك قلب داعية. لذلك قلتُ لك مرة انت لست سياسيا انت فيلسوف في السياسة. والصادقون فيها اقتبسوا منك الحكمة. بها كنت تخاصم ولا تحقد لأن الوطن يحتاج الى خصومة ويحتاج الى محبة بآن ليُعلى به فوق أرضه الى حيث يستلهم ليتكون. من كل هذه الزوايا أمكن القول انك إغريقي العقل، اوربي الهوى، متنوّر مشرقي ذو لسان عربي. تحمل كل هذا الميراث في اعتزاز وزهد بآن. تحمل كل هذا الإرث نعمة نزلت عليك وتروضت بها غير مختال حاسبا ان كينونتك لا تكتمل الا بالآخرين. لذا تنوعت المقالات عند زملائك في النهار او تناقضت. وكان في هذا خدمة للحقيقة وخدمة للحرية وانت عاشق للاثنتين. لذا كنت تكره القمع وتقول القمع ترده الحرية او تبطله. ولذا آمنت بالحكم الذي يرعى الحريات ورفضت حكم العسكر ويقينك ان الشورى لا تحتاج الى غيرها لكونها العقول تتلاقى بالتواضع الذي قال عنه آباؤنا انه القمة في سلّم الفضائل. في الكثير من مزايانا اذا اجتمعت ستأتي منك يا غسان. اذ ذاك، يكون الوطن قد استلم منك وصية وهو عالم أنك ما كتبت الا لأجله وما استغرقت في الدرس الا للكلام عنه. كنت في قلبه الحبيبَ ومعنى ذلك ان اهلنا كانوا عنده واحدا ويجيئون من واحد. امتحنك الموت بكل عائلتك ولم ترزح ليس لأنك جبار ولكن لكونك مؤمنا. الموت قبل ان يتخذه المسيح كان مقيتا وغدا الآن لكل انسان طريقا الى القيامة. نحن قياميّون بامتياز. ومن رآنا يوم الفصح له ان يقول هؤلاء سكارى بإيمانهم اي يهذا الذي جعل فيهم هذا الإيمان لكونه قام حقا وهم يعيشون بهذه القناعة وقد حلّت بهم المشقات في كل بلدان انتشارهم وقاسوا ما قاسوا فوق كل تصوّر ووصف. وآخر العذاب كان في هذا القول: "ولما كان الأبناء شركاء في اللحم والدم شاركهم يسوع في طبيعتهم هذه ليقضي بموته على الذي في يده سلطان الموت اي ابليس ويحرر الذين كانوا طوال حياتهم في العبودية خوفا من الموت" (عبرانيين 2: 14 و15). يخشى الموت من لم يؤمن بالانبعاث. لذلك نودع غسانا اليوم على رجاء التلاقي في ملكوت الله. السؤال الوحيد الذي يُطرح امام مغادرتنا الجسد هو هذا: هل الله هو كل شيء. اذا آمنّا بهذا يكون موطننا في السماء. لماذا يمكن ان يزول الخوف؟ جواب القديس يوحنا الذهبي الفم ان المسيح أخمد الموت لما مات وسبى الجحيم لما انحدر اليها. "فتمرمرت حينما ذاقت جسده... تمرمرت لأنها ألغيت. تمرمرت لأنها قد أبيدت. تناولت جسدًا فألفته إلهًا. تناولت أرضًا فألفتها سماء. قام المسيح فانبثّت الحياة في الجميع. قام المسيح ولا ميّت في القبر". نقف بفرح امام هذا التأكيد الإيماني القاطع. هذه الرتبة المسمّاة جنازة ان هي الا لقاء المسيح الشخصي بالمسجى وهو حديث اقتبال. يا غسان استمع الآن الى ما قاله الرسول. "كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع. اسمع ايضا ان الله سيكون الكل في الكل. سيكون اذًا الكلَ فيك. سيبطل ما كان فيك من مجد العالم ليصبح كل مجدك معه فقط. ما كان فيك من اللحم والدم لا يقدر ان يرث ملكوت الله. ما كان فيك من الملكوت سيزول لتلبس عدم الموت". أجل سنرث منك كل ما كان عقلا وبهاء وحبا وذوقا وإبداعا وصداقة وانكسار قلب وتوهّج كيان إرثا في لبنان ودنيا العرب والذين أحبّوك فيما هو أعمق سيرثون ما كان في قلبك من القائم من بين الأموات. |
Last Updated on Monday, 11 June 2012 16:14 |
|