للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
البغض 11/17/2012 |
Saturday, 17 November 2012 00:00 |
بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 11/17/2012 "انهم أبغضوني بلا سبب" (مزمور 29: 15) وفي ترجمة حديثة "بحماسة يبغضونني". هل كان صاحب لسان العرب واعيا وعيا عميقا لما عرّفه على انه نقيض الحب. أليس هو أسوأ من ذلك بكثير؟ فإن للحب مراتب او كثافات. اما البغض فهو العداء بالذات بحيث لا تبقى عند المبغض ذرّة واحدة من المحبة. انه بدءًا، فصل الآخر عن نفسك وعيشك موته فيك ولو كنت لا تريد إماتته الجسديّة خوفا من عواقبها في دنيا الجزاء او لكونك لم توهب شجاعة الإبادة للآخر. لكن شهوة القتل قائمة فيك. ليس هناك نصف بغض او ربع بغض. هناك ذوق قتل انت خائف من اتمامه. الذات فيك اعني أعمق كيانك نافرة من ذاته ولا تلتقيان في الخيال لأنك في خياله غير موجود. المقولة الداخلية فيك هي محو الآخر. في هذه الحال سبب لكن المسبب ضخم جدا لا يفهم بخلل نفساني على ما أرى لكنه يفهم بأهواء كثيرة معششة انفجرت بلا معادلة بين من آذى ومن تأذّى، هناك خروج عن العقل الطبيعي أو المألوف للدخول في عواصف لا نفهمها بالتحليل بحيث لا نستطيع ان نلمس صلة بين الضربة التي حدثت وردّة الفعل عليها. عند غياب الصلة بين ما قام به المعتدي وما قام به المعتدى عليه لكوننا قد خرجنا عن المألوف من المعقول ودخلنا في عالم الجنون. ***
ما المسيرة التي توصل الى البغض؟ في هذا يسعفني القديس دوروثيوس الغزاوي وكان ناسكا من غزة في القرن السادس للميلاد. هذا يقول: الضغينة شيء والبغض شيء آخر ثم السخط وأخيراً الكدر. نساكنا كانوا يعرفون الخطيئة في جزئياتها. جاؤوا الى ما يشبه علم النفس من علمهم بالخطيئة.
في العهد القديم الغضب والبغض متلاقيان او متلازمان وكأن الغضب تعبير خارجي للبغض. الغضب يشبه بالنار. يحرق صاحبه وقد يحرق من انصبّ عليه. هناك ايضا حديث عن غضب الله وهذا من باب التشبيه. على هذا هناك رجاء على ان يعبّر الغضب. ما من شك عند الأبرار ان ثمّة إمكانا للتحرّر من الشهوات والبغض في قراءتي شهوة رهيبة لا تضربها الا عاصفة من المحبة تنزل برضاء الرب فقط لأن القلب على طبيعته يقصفه البغض قصفًا شديدا. ***
أنت تحمل مبغضك بقوتك الوحيدة التي هي الغفران. لا شيء يؤكّد ان الغفران يشفي العدو ولكن لا حيلة لك فقد كتب: "احبّوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا الى مبغضيكم... لأنكم ان احببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم" (متى 5: 44-46). |
|