Saturday, 22 March 2014 00:00 |
Share الصوم رؤية
بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت ٠٣/٢٢/٢٠١٤
لن تفهم شيئا من الصوم ان ظننته إمساكًا فحسب. تفهمه اذا شعرت انه اتحاد. قال أسلافنا الصيام لله. الإمساك بدء منتهاه الانضمام. ولكن الله يتروض الانسان من أجله. بلا رياضة ليس من رؤية. انه ليس إماتة لهذا الجسد العظيم الذي يقول بعض من آبائنا ان الله اذا خلقنا على صورته ومثاله لا يريد النفس المجردة فقط بل يريد الانسان كله بما فيه الكيان الجسدي.
يخطئ من ظن ان الصيام مجرد جهد بشري اذ ليس من جهد لا تنشئه فيك النعمة. أنت لا تمسك الا لأنك تحب. فليس من ألم عند المحبين. المحب يطرد ما يؤذي الحبيب. أنت تطرد عن الله ما ليس يرضيه، ما ليس وجهه. لقد نزل الرب اليك قبل ان تباشر الإمساك. أنت لا تسير خطوة إلى الله بلا الله. هو رفيقك في دربك اليه. كل حركة تقديسك لنفسك هي منه إلى يوم يستردك اليه.
لذلك ليس من حركة هي الامساك ثم الرؤية. الإمساك نفسه يبدأ بالرؤية. كل شيء عندنا حب وليس من خطوة إلى الله ليس هو حاضرا في مبادرتها. الله فيك يتمم صيامك. ليس عندك اية حركة اليه مستقلة عن روحه. والحب عندنا في البدء وفي المنتهى. كل رياضة روحية منطلقها رؤيتنا للحب الإلهي ومنتهاها ارتماؤنا في الحب الإلهي. والله هو الذي يحب فينا اذا أحببنا. كل ما حسبناه رياضة هو حضوره. لذلك صدق قول الرب انه البداءة والنهاية. أي انه هو رفيق الدرب وهو الدرب إلى ان ينتهي كل شيء إلى وجهه. هو الوجه والويل لك ان حسبت ان ثمة وجوها اخرى. ان رأيت هذا فانك في ضلال مبين. ليس من شرعية لجمال مخلوق ان لم تحسبه انعكاسا للجمال الإلهي. لا يضاف جمال على الجمال غير المخلوق. ما الصوم الا تمرينا على تذوق الوجه الإلهي. المهم هذا الوجه إلى ان تنتهي كل الطرق إلى الله مع هذه الدنيا ولا يبقى غير وجهه ذي الجلال والإكرام. يلفتك قول المسيح المبارك: «أنا هو الطريق والحق والحياة» كلام فيه مفارقة يعني بها انه هو الطريق وغاية الطريق. هو وحده سبيل إلى ذاته وليس يسبقه أحد. أجل يمكنك ان تنتقل الى الله توا بالحب. لكن الوسائل يتنزل اليها الحب اذ لا يمكنك ان تحب الله الا اذا وضع فيك لهفة اليه. سره انه هو المبدئ والمنهي لتبقى في الحنين. صح ان الرب نهاية المطاف ولكنه هو أيضا الحنين. الرب هو الطريق الى ذاته. هو الملهم والمنهي ومن تذهب انت اليه. وهذا هو معنى قوله انه البداءة والنهاية. آخر قولة عن الله انه هو المحبة اذا فهمنا ان المحبة هي ذاته. المحبة وجه. صحيح ان الله قائم بذاته من حيث الجوهر ولكنه قائم في الحركة، في الانعطاف وانت تعرفه بعد ان صرت حبيبه. كلمك وناداك فرأيته فيك. تدركه بالتعاطف. واذا ازداد التعاطف تحس بنفسك مندمجا. صحيح ان لكما وجهين ولكنك تحس انك تجيء منه. في الكنيسة وسائل، ورياضات للتقرب من الله ورجائي الا نبدل الله بالوسائل. واسم الله المحبة. هي ذاته. ولكن لا ينبغي ان نهمل الرياضات إلى الرب لئلا نقع في الشاعرية. الحب فيه تمارين. ينبغي الا نهمل التمارين والتمارين على المحبة تضمن ديمومتها. العواطف لا تصل بك إلى المحبة. المحبة تقوم على الطاعات، على دقائق الطاعة. «من أحبني يحفظ وصاياي» تنبيه مستمر على ان قولك للرب انك تحبه قد تعني شوقا وقد لا تعني التزاما. لا محك للمحبة الا الطاعة. اغراء المؤمن مجرد الشعور. «من احبني يحفظ وصاياي». مجرد الاختلاج الروحي ليس طاعة. المبتغى تطويع النفس بكل ما فيها من ميول. فالمهم ان تطلب إلى الله ان يحول محبتك إلى ميول دائمة فيك فتتربى على الله لتذكره على الدوام. |
Last Updated on Saturday, 22 March 2014 09:49 |