للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
مريم المصريّة ٠٣/٢٨/٢٠١٥ |
Saturday, 28 March 2015 00:00 |
بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت ٢٨ آذار ٢٠١٥ لست أعرف لماذا الكنيسة الأرثوذكسية تحب هكذا القدّيسات العائدات من التوبة ولا تبدو مسحورة بالقوة نفسها بالذين كانوا دائمًا تائبين. هل ان الأرثوذكس خطأة تائبون؟ ربما ليس عندنا تعريف عن المؤمن الكبير أقوى من قولنا إنه جاء من التوبة. المسألة انك لا تقدر ان تتكلم عن البرّ ما لم تتكلم عن الخطيئة. هذا أسلوبنا من أجل الهداية. ثم لماذا هذا الكمّ من القديسين الذين كانوا خاطئين؟ هل لأن الكنيسة لا تعرف كثيرًا عن ناس كانوا دائمًا تائبين؟ أنت لا تستطيع ان تتعاطى الكنيسة الأرثوذكسية بسهولة. هي صعبة المنال وأصعب ما فيها انها لا تصدّق ان الناس الذين كانوا طوال حياتهم أطهارًا كثيرون. أجل هذا صحيح ولكن يبدو لي أيضًا انها تريد ان تعزّي الذين كانوا خطأة بتصويرها ان مصيرهم في حنان الله وتوبتهم في الخلاص. أجل نعرف من سيرة القدّيسين ان بعضهم كان طاهرًا منذ شبابه ولكن ما في أذهان الناس ان كثرة من الأبرار جاؤوا من الخطيئة. ويلفتك في العبادات الأرثوذكسية انها لا تتكلم كثيرًا عن طهارة دامت عند بعض بقدر ما تتكلم عن التائبين. هل لأننا نعرف واقع الحياة أم نريد ان نرى أنفسنا خطأة لئلا نستكبر؟ ثم يلفتني في سيرة القديسين عندنا أننا نقول عن بعض من آبائنا إنهم كانوا زناة. لماذا اللفتة إلى الخطيئة دائمًا؟ هل لأننا نخاف الغلو ان لم نصف الأبرار بأنه كانت لهم شوائب؟ لماذا الإلحاح على مريم المصرية ومريم المجدلية؟ ألا يوجد غير هذين الاسمين في الخاطئات؟ ثم لماذا هذا الإكثار من ذكر خاطئات وليس من ذكر خاطئين؟ هل لأن من كتب السيرة هم الرجال؟ ثم لماذا انتقاء الخاطئات من مصف الفاسقات التائبات وليس ممن كنّ يتعاطين خطايا أخرى؟ هل الكنيسة ترتجف أولاً من الزنى ولا نرى مثلاً انها ترتجف من الكذب؟ هل الكنيسة تكثر من الكلام على العفة لاحتسابها اننا من حيث الكم نخطئ أولاً اليها؟ لم اعثر في الأوساط التقية عمن تكلم جهارًا ضد الكذب. هل لأن من تحصيل الحاصل قول الكتاب إن "كل إنسان كاذب". لست أعلم لماذا الانتباه الشديد إلى عفة النساء في الأدب المكتوب لا إلى عفة الرجال؟ هل المضمون ان الرجل مباحة له أشياء وأشياء لأنه قوي أو معه مال والمرأة مقيدة بالعفة ليعرف ان أولادها هم أولاد زوجها. ثم لماذا الخاطئات اسمهن مريم؟ هل كان المسيحيون الأوائل قليلي الخيال في اختيار اسماء لبناتهن أم انهم يحبون كثيرًا أم يسوع فيرون ان في هذا الاسم دعوة إلى توبة صاحبته؟ لافت ان الكنيسة لتتكلم عن التوبة اختارت كثيرًا نساء وركّزت على انهن آتيات من الفسق. هل ان الرجال قليل فيهم الزنى أم لإحساسها ان المرأة العفيفة هي الكائن الذي يدعونا إلى الطهارة؟ أنا لست عالمًا في الطقوس المسيحية المقارنة ولكن لفتني ان الكنيسة الأرثوذكسية تتكلم كثيرًا عن العفة بمعناها الجسدي. هل هذا التركيز أتى من ان كتاب الطقوس عندنا كلهم رهبان وما يجذبهم في الفضيلة أولاً هو العفاف؟ هل لأنه صعب حتى على الذين في الدير ولا يمسون امرأة؟ في غرفتي ايقونة هامة لمريم المصرية. لماذا؟ من أتى بها؟ هل لكون التوبة معجزة، قريبة من المستحيل؟ بمعناها الكامل باللغة اليونانية هي تحويل كل ما في عقلك إلى الله. هل من إنسان له ان يصبح إلهيًا إلى هذا الحد؟ لماذا بقيت مريم المصرية نموذجًا لي جاذبًا ولم اختر قديسًا عاش القداسة طوال حياته؟ لماذا يعجبنا التائبون أكثر من الذين كانوا دائماً طاهرين؟ تروقني الكنيسة الأرثوذكسية لأنها عرفت ان تختار قدّيسين ممن خطئوا. ربما لتقول للمؤمنين إنهم جميعًا قادرون على التوبة ان رغبوا. كل يوم نحتفل بقدّيس. لماذا في الأيام المكثّفة التقوى نحتفل بالقدّيسين الذين خطئوا؟ أظن ان هذا تربية لنا جميعًا أي القول بالتوبة مهما عظمت معاصينا. أظن ان أهم ما في التوبة ارتياح التائب مع معرفته لضخامة خطاياه ان الله محاها له بلحظة. لماذا المؤمن الكبير تجذبه توبة الآخرين؟ الأنه رأى فيهم ان مراسهم أبعدهم كثيرًا عن الحق وان رجوعهم إلى الرب صعب المنال ومع ذلك يرجعون؟ الرجعة الكبيرة إلى الله هل هي ممكنة؟ أنا أعرف انها صعبة ولكن ليس عند الله فينا مستحيل. هل كل منا يريد ان يكون مريم المصرية في طور توبتها؟ هل يؤمن بأن هذا ممكن لله اعطاؤه لنا؟ لماذا تريد الكنيسة ان يكون التائبون والتائبات نماذج لنا؟ هل هي تصدّق اننا راغبون في الصورة؟ تؤمن على الأقل اننا بالنعمة قادرون عليها. |
|