Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2015 الكاتب هديّة الله 05/01/2015
الكاتب هديّة الله 05/01/2015 Print Email
Saturday, 02 May 2015 00:00
Share

الكاتب هديّة الله  

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت الأول من أيَّار 2015

georgekhodr   يأتي وقت المقال وليس عندك شيء. من أين يأتي المقال؟ هناك زاوية جريدة مبسوطة أمامك وقرّاء ينتظرونك. مشكلة كاتب الصحيفة انه مضطر واضطراره الاَّ يكون تفهًا لأن هذا حقّ القرّاء عليه. ماذا تكتب ولا تكرر ذاتك؟ لماذا لا تكرّر ذاتك ولو لعبت لعبة تغيير الكلمات أو تغيير رصفها؟ أظن أنّ كاتب الصحيفة تحديدًا هو المضطر على فكر ينتظره الناس أي انه مضطر بحياة داخلية فيه ولا يستطيع ان يرصف كلمات.

هو لا يستقبل كل كلمة تأتيه لكونه رسولاً.

ليس عندك شيء إذا لم تطلب شيئًا من فوق. فقد لا يكون في داخلك شيء إذا أردت الكتابة لأن هذه لا تفتعلها. هي تنزل إن كنت كاتبًا حقًا. الكاتب تستكتبه قوّة من خارجه. من هذه الزاوية لا يكرّر نفسه. أحيانًا تراه يردّد ما قال. في الحقيقة تنزل دائمًا الكلمات جديدة أو تأتي كلماته القديمة بوهج جديد. الكاتب الحقّ يخلق لأنه يجيء من الخالق أو من غير نفسه ولا يقول أبدًا الشيء عينه أو قل إنه يأتي به بوهج جديد. إن لم يكن ثمّة التماع غير مسبوق فليس من كتابة.

ليس للكاتب ان يقول من أنا، ماذا أعرف. عليه أن يقول: هؤلاء القراء ماذا ينفعهم ليصير كل منهم انسانًا سويًا. في الحقيقة ليس من سويّ لأننا انحرفنا بعد الخلق. أنا أفهم أن الكتابة حب. بعد هذا كلّ شيء صناعة. عندما تقول هذا مُلهم عمَّ أنت تتكلم؟ إن كنت مؤمنًا تعني أن الله يحرّك له نفسه. فالقارئ الكبير لا ينتظر ما كان دون الله. إنه لا يكتفي بالعادي، بالمكرّر. إذا كنت تحبّ قارئك يأتيك جديد القول أي الذي يجدّد روحك. دون ذلك مجرّد كلام. الناس ينتظرون منك ما يشبه لغة الله. نحن المسيحيين نقول إننا نأكل جسد المسيح. ماذا يعني هذا الكلام بعدما صعد المسيح الى السماء؟ إنه يعني ان السيّد قادر بالحبّ ان يجعل نفسه بعضًا منك أو أن يجعلك بعضًا منه. هل يكون مأخذًا علينا إن قلنا إن علاقتنا بالله علاقة حب؟ أنا لا أفهم من يتأذّى من هذه العبارة. هذه لغة الحب؟ هل هناك ما كان فيه احترام أكثر من الحب؟ عند الروحانيين أنتَ حبيب الله والله حبيبك. هذا لا يعرفه العابدون الصغار. أحد القديسين عندنا وهو من القرن الرابع أراد أن يفسّر للضعاف عبارة عبادة الله التي كانت تعثرهم لحسبانهم انها عبودية. قال: "ماذا يعمل العاشق غير ان يستبعد نفسه للمعشوق"؟ عندما قال يوحنا الرسول: "الله محبة" أراد أنّه وحده يحبّ ووحده يستحقّ المحبّة والناس به متشبّهون. لا يقدرون وهم في الجسد أي في الأنا أن يحبّوا بصورة كاملة مطلقة. الناس ما داموا أحياء خاضعون للجسد أي لكلّ ما يفنى فيهم.

أفهم أن يدّعي الكاتب أنه غير خاضع للسلف إذا وجد شيئًا جديدًا في الفكر أو التعبير. كذلك أفهم من أحسّ أنه يأتي من الأسلاف ولو كان على شيء من الابتكار. أنت كبير إذا أتيت من الله، من عمق معناه أو من صورة كلامه. لك أن تدّعي بعض الاستقلال عن أسلافك ولكن ليس لك أن تظن أن الله برحمته لم يكن لك ساترًا. أليست كبرياء عظيمة ألاَّ ترى نفسك مدينًا لله في الكتابة؟ للنقَّاد أن يقولوا إن أتيتَ مُبدعًا. إنه لكبرياء أن تهتم أنت لهذا. قلْ حقيقة الله التي فيك وامش. من تكون لتهتمّ بكونك مُبدعًا أم غير مُبدع؟ من يحكم في نفسه؟ اطرح كتابتك على ورق وامش. يفهم من يفهم ويحبّ من يحبّ وأنت تنطوي في رحمة الله. الله لا تهمّه الكتابة الجميلة. يهمّه خلاص الكاتب. ويبقى الأثر المكتوب رحمة من الله.

ربّما كتبنا للانفراج. المهم أن تأتي الكتابة نافعة للناس. ليس الأصل فيها فنّها. السؤال هو هل هي نازلة من عند الله؟ هذا لا يعني أنك تقول دائمًا قولاً تقيًّا. ولكن لا تهمل بهاء النفس عند القارئ. عند انعدام الحب "الحرف يقتل" ككل آلة قتل.

أنت، كاتبًا، ليست هدية من الجمال. أنت لست عظيمًا إن لم تكن هديَّة من الله. نحن الكُتَّاب المؤمنين عندنا مشكلة مع الجمال الأدبي. نخشى أن يُصبح عبادة. إذا أحببت الله يحرّرك من عبادة الجمال، يُعطيك الكلمة، كلمته.

 

Last Updated on Saturday, 02 May 2015 15:02
 
Banner