Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2010 الطوباوي اسطفان نعمة 07/03/2010
الطوباوي اسطفان نعمة 07/03/2010 Print Email
Saturday, 03 July 2010 00:00
Share

الطوبــــاوي اسطفــــان نعمــــة

المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 07/03/2010

السبت الماضي لمستْني نعمة الاستماع الى جوقات اجتمعت بقيادة غير راهب احتفاءً بتطويب الأخ اسطفان نعمة. الجو جو انتظار فرح أو انتظار الفرح في الغد عند إعلان التطويب البابوي في كفيفان في القداس الذي كان سيقيمه غبطة البطريرك الكاردينال نصرالله بطرس صفير ويتلو فيه الكاردينال أنجلو أماتو الوثيقة البابوية التي تعلن فيها طوباوية الأخ نعمة.
ألوف من المؤمنين أحيوا الليل تأسيسًا على الترنيم وإكمالا له في صلوات الأفراد والجماعات متوقّعين كلامًا في القداسة في اليوم اللاحق. كان في هذا خشوع شاركناه في القلب داعين للمصلّين بالتبريك والنموّ الروحي اذ جاؤوا لالتماس التوبة وتقديس النفس.

لعلّ في هذا رمزًا لسلوك الكنيسة المارونية على دروب روحانية معمّقة ومثابرة تستمدّ ذكر الأبرار المطوّبين منهم وغير المطوّبين. ثلاثة او أربعة قديسين تعلن روما قداستهم إنما هو رضاء علوي عن الكنيسة المارونية.
الى هذا لفتني أن الأخ اسطفان نعمة اللحفدي كان إنسانا بسيطا لم يطلب العلوم العالية مع أن ثمّة من قال: "عالِم كراهب ماروني" لا سيما بعد تأسيس الكلية المارونية في روما التي أنتجت الحاقلاني والصهيوني والسمعانيين والدويهي ومن إليهما. ولا يزال كبار الرهبان يجيدون التاريخ الكنسي والطقوسيات والقانون ولم تنكبّ الا قلّة عزيزة على البحث العقدي. البحث عن الهوية الخاصة وتاريخ الملّة والليتورجيات دعامة من دعائم الهوية كان ما ميّز الكنيسة المارونية وأنا لست مؤهّلا لتقويم البحّاثة الموارنة في التاريخ ولكني التمست من كبارهم منذ عشرات من السنين أن يذيقونا الروحانية السريانية وباتوا قادرين على تقصّي الروحانية اليونانية اللغة أفي أنطاكية كان هذا أم في الاسكندرية. وعند التعمّق ترى أن الكنيسة في هذه البلاد تقوم على أعمال الآباء في اللغتين اذ ليس صحيحًا أن نتحدث عن كنائس بيزنطيّة التراث وكنائس سريانيّة التراث في هذه المنطقة من العالم. أنطاكية واحدة في الأصل ومسعانا أن نترسخ على هذا الأصل مع إطلالنا على حداثة التعبير ونقل هذا التراث الى أهل هذا العصر.
هل نحن راغبون في التشريق؟ صارت محاولات إصلاح ليتورجيّ في الكنيسة المارونية وليس فقط للقداس الإلهي. مرة حضرت رتبة المعمودية عمّد فيها طفل من أنسبائي المقرّبين. فرحت لها بسبب اقترابها الكبير من التراث. وكلما أُنعى الى مأتم مارونيّ مقول في شعر مقفّى وموزون أجد أنه مُركّز على لاهوت الآباء وليس فيه أثر للأُخرويات اللاتينيّة. الكنيسة المارونية ذات هيكلية ذاتية sui juris. وهذا تنظيم أرادته روما لبطريركات الشرق الكاثوليكية ما يفتح لها مجالا في التشريق إن أَحسّت بضرورته لبنيان روحانية لها ممارسة في اللاهوت من جهة وفي الطقوسيات من جهة.
هل يحقّ لأخ مثلي أن يذكر بخفر أننا جميعا نوقّر مار مارون ونقيم له عيدا ولم تبادر روما إلى إعلان مجده وقد اقتبلنا جميعا مجده قبلها وبدونها. ألا يستطيع المقام البابوي أن يتوسع بمفهوم ذاتية الكنائس الشرقية بحيث يُفسح لها في المجال مثلا لتطويب القديسين المحليين في بلادنا؟
لقد دعانا غير مرجع ديني الى إقامة حوار بين الكنائس الأنطاكيّة كلها. كيف يتم هذا إن لم تتشرق الكنائس الكاثوليكية الى أقصى حدّ ممكن؟ إن كان الأثر اللاتيني عالقا بها فماذا تكون مساهمتها في هذا الحوار؟ اذذاك، يكتفي الأرثوذكسيون بمحاورة روما مباشرة كما نفعل الآن. والى هذا فالحديث يدور في الأوساط اللاهوتية الأرثوذكسية منذ سبعين سنة ودار في المجمع الفاتيكاني الثاني على الكنيسة المحليّة التي تتحقق فيها الكنيسة الجامعة. الكنيسة الواحدة المقدسة الرسولية الجامعة قائمة في كل كنيسة متّسمة بطابع استقامة الرأي. الكنائس الكاثوليكية الموصفة بذاتيتها في أمور كثيرة من المدى الروحاني ماذا تعني ذاتيتها؟
ما يبدو واضحًا مما تركه لنا الذين تابعوا مسألة تطبيق التوصيات التي صدرت عن مجمع الفاتيكان الثاني أن روما هي التي بدت راغبة في ذاتيّة الكنائس الشرقية الكاثوليكية اكثر مما هذه راغبة في هذه الذاتية في ناحية او في أخرى. هذا ليس مشكلة كاثوليكية فحسب. هذه مسألة تتعلّق برصانة الحوار القائم بين الأرثوذكسية والكثلكة كلها.
ملاحظة أخيرة أرجو ان تُفهم بالأخوّة الإنجيلية التي تجمعنا وهي تتعلق بأفراد من صحافيين وغيرهم. انا لم أُحبّ عبارة «قديس من لبنان» ولم أذق كثيرا الحديث عن يوم التطويب على انه يوم وطني بامتياز للمسلمين والمسيحيين. لماذا إقحام المسلمين بشؤون لا يتحسّسونها على الإطلاق؟ ولماذا لبننة القديسين ووطنهم السماء كما يقول بولس الرسول؟ انا لا أفرح بقديس من بلدنا أكثر من فرحي بقديس من الصين. هذا مأخذي على الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي خصّصت يوما تُعيّد فيه لقديسي الأرض الروسية. الوطنية اللبنانية لا تخضع لها القداسة. إنه خفض لهذه إن جعلناها جزءًا من تلك.
يبقى القديس اسطفان نعمة ساطعًا. هنا أقول لإخوتي الأرثوذكسيين انهم اذا شاؤوا أفرادًا أن يُكرّموه في منازلهم فلا شيء يمنعهم من ذلك وأن يضعوا صورته حيث شاؤوا دون دور العبادة بسبب الانقسام القانوني القائم بيننا وبين روما.
أهلا وسهلا للأخ اسطفان نعمة ولبهائه وتواضعه في قلوبنا. ما من جامع مثل القداسة.

Last Updated on Saturday, 03 July 2010 16:23
 
Banner