الكاهـن والنبـي 07/10/2010 |
|
|
Saturday, 10 July 2010 00:00 |
Share الكــــــاهــــــن والنبــــي
المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 07/10/2010
جدلية العلاقة بينهما قائمة في المسيحية فقط وقد زال الكهنوت في اليهودية بزوال الهيكل السنة السبعين ميلادية وما من كهنوت في الإسلام. المسألة في المسيحية ان فيها مدبرين ورعاة يمارسون باسم الله سلطة وتجب لهم الطاعة وينطق الكتاب بهذا ما يجعل الكنيسة في جانبها البشري تتسم بطابع المؤسسة وهذا يعرضها لأخطار لا حد لها ليس أقلّها الاستبداد. كيف تعامل الرئيس الروحي ان نطق عن هوى أو وجّه الرعية بما هو ضد الفكر الإلهي أو قادته "شهوات الخديعة"؟ احتاطت الكنيسة الأولى للأخطار نسبياً بإيجاد مؤسسة المشيخة حول الأسقف بحيث يشاور الشيوخ وعلى صعيد أعلى وُجد مجلس شورى سمي المجمع او السينودوس. ولكن لا شيء يضمن احتضان الروح القدس لأي تجمع بشري. يمكن أن يُجمع البطريرك والأساقفة على خطأ او خطيئة او بدعة. وهذا حدث مرّات أرّخ لها المؤرخون. ولكون الكنيسة تبغي الحقيقة لا يصح أن نعمل كمؤسسة على صورة الدولة او الجيش. ولا يؤخذ فيها مفهوم الطاعة على مقياس الطاعة في الجيش. هي لا تُشبّه بأية جماعة أخرى.
المبدأ الأساسي الذي ينقح فيه المبالغة في المأسسة او يرفع عنها روح التحكم هو "حرية أبناء الله». والمعنى ان الروح القدس يمد المؤمنين بنفحات منه إذ "يهب حيث يشاء» فإنه غير مقيد بالكهنوت او الأساقفة وهم مقيدون به. إذا أردنا تعبيراً ورد في المجادلات المسيحية الغربية لقلنا إن الروح القدس ينقي الكنيسة بناس ليس لهم مقام ولا درجة او رتبة لأن الروح القدس حرّ هو من المؤسسة وله أن يختار لكلامه أداة من بين أصحاب الرتب العليا والدنيا او من عامة الناس الذين اعتدنا حديثا أن نسميهم علمانيين. إذا صح هذا اللاهوت يتراجع اي مسؤول عن قرار اتخذه لما لم يستلهم الروح ونطق كبشر او تصرف كذي هوى ويكون بذا عاد الى "الجماعة التي هي حافظة الإيمان" حسب الرسالة الشهيرة التي كتبها البطاركة الأرثوذكسيون الى بابا رومية في منتصف القرن التاسع عشر. أنت آمر مبدئيا ان كنت ذا مقام ولكنك لست أماراً الى النهاية إلا بروح الرب الذي يدلك عليه الأنبياء.
• • •
نحن ليس عندنا إمام معصوم. ماذا يعني ان الكنيسة معصومة؟ عند خلاف عقدي أين تكون الكنيسة؟ الروح القدس يدل الأتقياء عليها. اما "انا ربكم فاعبدون" فهذا غير موجود في الكنيسة بما فيها الكثلكة. ليس عندنا تحديد حقوقي للكنيسة او مؤسسي. عندما نقول في رسامة انسان: "النعمة الإلهية التي للمرضى تشفي وللناقصين تكمل هي تنتدب فلانا من الشموسية الى القسوسية" نوضح ان القيام بمسؤولية أحدنا يتحدر من حركة الروح الإلهي اي انه موهبة وكذلك التكلم باسم الرب في الجماعة موهبة أخرى سماها بولس الرسول وسفر الاعمال النبوءة ولا تختلف بطبيعتها عن نبوءة العهد القديم من حيث قوة الروح الا ان الموهبة في العهد القديم كانت متجهة الى المسيح وفي العهد الجديد تأتي منه الى الجماعة. هنا يمكننا تصور اصطدام بين "الكاهن" والنبي اذا كانت كلمة الكاهن صادرة عن هواه. النبي، عند ذاك، يصلح الكاهن. أو اذا كان المسؤولون الروحيون سقطوا الي دركات اللامبالاة والجمود او التحجر أو ما الى ذلك من اهتراء واخذوا الجماعة الى دركاتهم فالله يرسل من يتكلم لاستعادة سلطان كلمته من المفروض انهم حفظتها. هذه المواجهة مُرة أحياناً ولكنها من بنية الكنيسة ومن مسيرتها. غير صحيح ان الكهنوت بُعده تكويني وان العوام (العلمانيين) غير تكوينيين. ليس صحيحاً ان هناك كنيسة معلمة وكنيسة متعلمة. التعليم موهبة من مواهب الروح القدس كما يذكر بولس في الرسالة الى أهل رومية والرسالة الأولى الى كورنثوس. غير ان من استلم موهبة التعليم او موهبة الوعظ يُجعل كاهناً لأنه خادم الكلمة. ومن لم يوهب شيئاً يبقى متلقياً. العلماني ليس بالتحديد من يتلقى ويعجنه الكاهن عجناً ببشرية الأول والثاني.
• • •
كل هذا لا يعني اننا نتفرج على الجمود والسقوط والجهل العلمي تفرجاً. لكنه يعني ان نصلح كل انسان ايا كان مقامه بروح الوداعة كما يقول الرسول بلا استكبار وفي بكاء لأن البكاء هو المعمودية الثانية. وهذا لا يعني ان الدعوة الى الإصلاح صادرة من نفس مجروحة او اساءت اليها الغطرسة او الفوقية بالاستناد الى الله. ذلك انه من السهل جدا ان تخضع للهوى في مزاعمك. ما يفرح ويؤلم معا ان روح التجديد ينبت في الكنيسة فانها هي حاملة الكلمة بمجموعتها. وهذا يفسر ان دعاة الإصلاح أرادوا أن يبقوا في الكنيسة او الا يؤلفوا جسما آخر يبثون فيه دعوتهم لأن هذا الجسم ليس الكنيسة ولا جزءا منها. كما ان مشكلة التجديد لا تحل بالانفصال للذهاب الى مكان آخر لأن هذا المكان الآخر يقع فيه المسؤولون في الأخطاء نفسها التي يقع فيها المسؤولون الذين كانوا يحيطون بك. في كنيستك تتسلح بالصبر لأن الصبر هو لله وتجهد في سبيل السلام والوحدة ومتوخيا الحقيقة بآن. المسؤولون مدعوون الى ان يصغوا الى الذين يدعون الى التجديد وإعادة كل الأشياء الى الروح القدس او استمدادها منه. هذا سلام في الروح وليس في البشرة لأن هذا تسويات على حساب الحقيقة. اعرف ان ثمة توترًا بين وحدة الرعية والحقيقة. لا يُضحى بالحقيقة التماساً للوحدة. ولا يُضحى بالوحدة بالرعونة والكبرياء. السؤال الرئيس هو فقط هذا: ماذا يقول الروح. هو الذي يرعى الكنيسة وانت تأخذ منه ان كنت قادراً على طاعته وتسوس فقط بالكلمة. هل يعرف الكثيرون ان من نرسمه أسقفا أرثوذكسيا يضع البطريرك او المطران القائم بالخدمة على رأس هذا المدعو الراكع عند المائدة المقدسة الإنجيل مفتوحا ليقول ان من نجعله اسقفاً انما لا كلمة له ولا رأي الا هذا النازل من الكلمة الإلهية. نحن لسنا متسابقين على مواقف بشر او كلمات لهم. نحن ساعون معاً الى فكر المسيح. لذلك نشاور الإخوة قبل اتخاذ قرار لأن الشورى وان لم تكن ضامنة للحقيقة فانها تقربنا منها. هذه جدلية المحافظة والتحرك. المحافظة يمكن ان تكون فهيمة والتحرك واعيا حتى يرتسم نور وجه المسيح على الكنيسة في ديمومة حياتها على الأرض. |
Last Updated on Saturday, 10 July 2010 07:58 |