Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2010 إخوة يسوع الفقراء 12/18/2010
إخوة يسوع الفقراء 12/18/2010 Print Email
Saturday, 18 December 2010 00:00
Share

إخوة يسوع الفقراء 

المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 12/18/2010

في ميلاد يسوع "قمّطته (مريم) وأضجعته لأنه لم يكن لهما موضع في المنزل" (لوقا 2: 10). المراد هنا هو إما "ردهة" خان والخان فيه زريبة، وإما مضافة احد المنازل. لم يأتِ حديث عن مغارة. ذكر المغارة متأخر. الإقامة كانت قياسا على ما بقي في هذا المشرق من خانات الطبقة السفلية منها لدواب المسافرين الذين كانوا ينزلون في الطبقة العلوية. اذ يبدو لي أن يسوع الطفل ظهر في هذا العالم محاطا بحيوانات ليست بالضرورة حمارا وبقرة وذكرهما غير وارد في النص. في نقاهة الوالدة بقي السيد عشير أدنى المخلوقات الحية المحسوبة لا شيء.
يسوع لمّا بلغ حوالى الثلاثين حسب تقاليد اليهود، أخذ يعلّم ولازم أدنى طبقة اجتماعية الصيادين على بحيرة طبرية الذين ما كان عندهم دخل ثابت اذ يقول الإنجيل انهم أحيانا ما كانوا يحصلون على صيد. وكان فقرهم باديا اذ اخذوا مرة "يقطفون السنابل ويأكلون" (لوقا 6: 1).


بعد القيامة ظهر لهم مرة وقال: "يا غلمان ألعل عندكم إدامًا؟" (يوحنا 21: 5) وبتعبير آخر: هل عندكم شيء من المأكول؟ فقالوا لا. هذا يعني انهم لم يصيدوا في تلك الليلة شيئا.
الى هذا يذكر لوقا أن نساء كن قد شُفين من ارواح شريرة وأمراض كن يخدمنه من أموالهن (8: 1-3). طبعا هذا لم يكن راتباً شهرياً للجماعة. كان يسوع اذًا لا دخل له نظاميّ اي كان ينتمي الى الطبقة الدنيا من اهل فلسطين. فلما طوّب الفقراء عرف الشدة التي كانوا عليها وعلم أن الموسرين عليهم واجبات عظيمة لهؤلاء المحرومين. واذا قاموا بها يدخلون ملكوت السموات.
ان كنت انت محبا للمسيح تحب أهله هؤلاء فيكون لك معه نصيب. هذا في الميلاد القادم وفي كل ذكرى ميلاد. انضمامك الى يسوع يعني رفع الظلم عن الكواهل التي يُتعبها الفقر.

• • •
لست اقول هذا للذين يتبعون ديانة الإنجيل فحسب ولكن لمن كانوا إنجيليي الروح على أيّ مذهب كانوا. أن تقبل أن يبقى الجائع على حاله وانت قادر على عنايةٍ ما به يعني قبولك بأن تأكل انت وعيالك وتُهمله ولك القدرة الا تهمله فهو من لحمك.
تعظم الخطيئة عندما نعرف هذا الوضع وليس احد اليوم في لبنان لا يعرف والأعلمون القيّمون على الحكم وعندهم دراسات. هالني ما سمعته من مدة قريبة على الإعلام. قالت امرأة معوزة (اي غير قادرة على التوفير) ان عائلتها تنفق ثلاثين ألف ليرة في النهار على الطعام. ضربت هذا بثلاثين يوما فكانت الحصيلة أن هذه العيلة في حاجة الى ما يقرب من مليون ليرة على الطعام. اكثر من نصف الناس ليس عندهم هذا المبلغ. واذا أضفنا الى هذا الكساء وإيجار البيت ونفقات الطبابة وأقساط المدارس، إن نسبة ضخمة جدا من المواطنين دخلها دون هذه المبالغ بكثير. ربما لم يمت احد جوعا بتقدير الأطباء لكنه ضعف التغذية المؤذي للأطفال والمراهقين وشيخوخة مبكرة للكثيرين وأحزان ويأس عند غالبي السكان. الفاقة الفائقة الحد تجعلك بلا أفق ولا أمل.
هل من علاج سريع اسمه بالحد الأدنى إبعاد خطر الجوع الراهن او المحدق بنا؟ لقد أحلّ بنا المجاعة عمدا جمال باشا السفاح في الحرب العالمية الاولى إطعاما للعسكر الألماني والعثماني من جهة وقصد إبادتنا لرفضنا خدمة الدولة المستعمرة. أُبيد ما لا يقلّ عن ثلث شعبنا. هل هناك زمرة جشعة لا أتهمها بقصد الإبادة لكنها تتصرف بلا وعي ولا تخطيط ولا شفقة فينكشف تباين رهيب بين المالكين الكبار وغير المالكين لنكبتهم؟
انا ليس عندي وصفة لحل هذه المشكلة. علماء الاقتصاد والمال هم الأعلمون. ويُطلب الإحساس من القائمين على الحكم، ويُطلب الفهم وتمييز الأولويات، وهل من شك أن الأولوية الأولى لخفض الاسعار بأية وسيلة يعرفها العلماء؟
من يكلّمكم عرف الجوع الحقيقي في غربته. أكل خبزا فقط ممسوحا بزبدة نباتية خلال خمسين يوما بلا خضار ولا لحم ولا جبنة ولا لبن ولا فاكهة وذلك في بدايات الخمسينات من القرن العشرين في فرنسا. انقطع عنه مصدر تمويله بلا سبب يعرفه حتى اليوم.

• • •
لا يستطيع المواطن الظالمه جوعه أن ينتظر قيام الدولة في كل مرافقها. أُمورنا بعضها الى بعض لن تنتظم بسرعة. هناك ما يوجع وهناك ما نصبو اليه من تحسين أموالنا وترقيتنا. نتصدى أوّلا لما يوجع حتى نتمكن من ألا نصرخ، من ألا يبكي اولادنا.
من عاش في ضائقة يبقى وضعه معقولا بالنسبة الى من كان تحت الضائقة اي في حال كفر حقيقي وبكاء متواصل للأطفال. رتبوا شيئا معقولا للفم قبل اي مشروع قابل للتأجيل. أعرف أن العالمين بالأشياء قد يقولون لي مثلا ان تشجيع السياحة سيحلّ المشكلة. هل هم عارفون بأن الرضيع يجب أن يرضع الآن ولا يستطيع أن ينتظر تدفق السياح؟ من سنوات كتبتُ في هذا الزاوية ما قد أكون صغته هكذا: ماذا تنفع الطرق التي يسير عليها الفقراء الى قبورهم؟ هناك تراتب بين النافع والأنفع، بين ما نقوم به اليوم وما نقوم به غدا.
هل تريدون مني هذا الكلام المجازي: أتريدون ان يولد الأولاد في زريبة كما وُلد يسوع أَم ان أمه ويوسف قبلا بذلك حتى لا تتكرر مثل هذه الحادثة؟ من له أن يعيّد بعد أسبوع ليفرح اولاده بهداياهم والعائلة بمآكلها والأطياب ألا يستطيع شيئا لجاره المحروم ولعله يستطيع أن يحرك الدولة وأقطابها ليقوى حسهم بإخوتنا الذين الفقر الكبير قاهرهم.
القداس الحقيقي للعيد يكون بعد القداس، على مذبح الفقير الذي يقول عنه يوحنا الذهبي الفم انه أعظم من مذبح القربان. من لم يقرأ أن الفقير اهم شخص يحبّه صاحب العيد ليس له عيد.
اذهبوا وافهموا وشاركوا ليستمع الله الى صلوات عيدكم.

Last Updated on Saturday, 18 December 2010 18:24
 
Banner