للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
من رودس الى البلمند 06/19/1993 |
Saturday, 19 June 1993 00:00 |
بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار لسبت 19 حزيران 1993 من شرفتي أرى شواطئ تركيا. في مخيلتي انه بعد رمية حجر يجلس البطريرك المسكوني يدعو من اجل الوحدة للكنائس. الفريق القاصد من هنا لبنان هو الآن في مدى البطريركية القسطنطينية. جئنا نتدارس موقفنا كما سنشرحه لكبار من الكنيسة الغربية سنلقاهم في البلمند عشية قراءتكم هذه السطور.رودس كانت منذ مطلع الستينات تلك الجزيرة التي وضعت فيها الكنائس الأرثوذكسية جدول اعمال لمجمع عالمي لها لا تزال دورات الإعداد له تنعقد. ومنذ 13 سنة انطلق فيها الحوار الكاثوليكي الارثوذكسي مبدأ وسار في آلية له يراها بعضنا بطيئة ولكنه قال كلاما لاهوتيا عظيم التجذر وقابلا لإخصاب التلاقي عند الجذور بلا غلو ولا سلفية. وكنا على مد هذا الزمن تبسطنا في الأسرار الكنسية الثلاثة الاولى جئنا منها الى بحث الكنيسة من حيث انها مكانية في حيز الأبرشية او الحيز البطريركي او من حيث انها عالمية عسانا نتمكن من هذه المقاربة وهي تراثية من الإطلالة على مكانة الأسقف الروماني. وفيما كنا نستشرف البحث قيل ان اوربا الشرقية تتحرر وكذلك اوربا الوسطى والارثوذكسيون لهم فيها كثافة كبرى. وكان في بعض من بلدان الكتلة الاشتراكية السابقة كاثوليك من ذوي الطقس البيزنطي وذلك في اوكرانيا ورومانيا ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا. وقد اطلقت لهم حرياتهم المكبوتة في ظل الحكم الشيوعي الذي كان قد اغلق كل كنائسهم فاحتضنتهم الارثوذكسية بعد ان باتوا بلا مرجعية ولا مأوى وقيل، هنا وثمة، ان هذا كان من قبل الارثوذكسية ضما قسريا. ولعل الحقيقة ان بعضا من المسؤولين الارثوذكسيين لم يخفوا احساسهم بأن من يعاد بقهر سياسي كان آخرون قد سلخوه سلخا بما كان عنفا واضطهادا بدءا من القرن السادس عشر. اجل لم يكن للسلطات الارثوذكسية بطولة الحماية للحرية الكاثوليكية في ظل الحكم الستاليني وما تحلق حوله في البلقان. *** من منا لم يغتبط لعودة الإخوة الكاثوليك الى حريتهم؟ وهذا ما تعهدته الكنيسة الروسية للبابوية تعهدا خطيا ولم تشذ عن ذلك ولكن الغلو أتى من اهل السياسة فلا شك ان من القوى الحاكمة في اوكرانيا من يدعم الانبعاث الكاثوليكي على حساب الكنيسة الروسية التي لا تزال الكنيسة القانونية في اوكرانيا المستقلة وقد حمل الكاثوليك لواء الاستقلال الاوكراني منذ مطلع البلشفة ويشجع الحكم اليوم انفصالا ارثوذكسيا رهيبا. ويتخذ البعث الاوكراني الكاثوليكي وجه العنف ويتجسد ذلك بخاصة حول ملكية الكنائس. وقيل مبدئيا ان التي كانت للكاثوليك قبل سنة 1948 تعود اليهم. ولعل في التداول على الارض تجاوزات كثيرة وقد بلغ التجاوز أوجه في تشيكوسلوفاكيا حيث طرد الارثوذكسيون من كل الكنائس طردا شنيعا وصلوا على الثلج في الشتاء الماضي. في رومانيا صدر قرار من الحكومة يولي لجنة مختلطة ان توزع المعابد على المذاهب بعد استمزاج المؤمنين. غير ان ما لدينا من اخبار يؤكد ان الكاثوليك الشرقيين يرفضون ذلك بعد ان احتلوا 33 كنيسة في ترانسلفانيا غربي البلاد واقاموا دعاوى لاسترجاع ملك بلا مؤمنين وليس لديهم مؤمنون. فمن اصل مليونين ونصف باتوا الآن اقل من مئتي وخمسين الف. ومن اصل ثلاثة آلاف كاهن بقي لهم 17 الآن. مع ذلك اقاموا اربعة معاهد لاهوتية عليا وبعثوا بمئة طالب الى روما. فلأي شيء يهيأ هؤلاء؟ في روسيا في مدينة سمولنسك تبنى كنيسة كاثوليكية ضخمة وما من طائفة. وكذلك في الفولغا وسيبيريا وكازخستان والمرسلون بعث بهم الى موسكو وسواها وكأن روسيا صحراء. هذه الوقائع في ملفات اخواننا الذين اقاموا في البلمند منذ امس. واجهوا او يواجهون بها اليوم الوفد الكاثوليكي الرسمي. غير ان العلماء يقيمون في الهدوء. العلماء تبدأ مشكلتهم اذا اضطربت عقولهم. فالعقل الارثوذكسي لا يستوعب ان تحدثه في اللاهوت وابن كاهن ارثوذكسي مجروح في المستشفى فيما اكتب هذه السطور اذ اعتدى عليه اخ له في المسيح بسبب من ملكية عقار ديني. كما ان العقل الارثوذكسي يستغرب الكاثوليكي اذا اراد الشيء وضده اي ان يحاور ومع ذلك يدعو عامة الارثوذكسيين ان ينضموا الى روما انضماما. لذلك قطع الارثوذكسيون الحديث اللاهوتي وسألوا روما ان يكالموها في مسألة واحدة متماسكة الطرفين: الكثلكة الشرقية والاقتناص فوافقت. فالورقة المطروحة في البلمند بهذا المعنى هي "التوحيدية (المصطلح الذي يدل على الكاثوليك الشرقيين) والسعي الحالي الى الشركة الكاملة". هذه الورقة وضعتها في حزيران 1991 في أريتشي "لجنة التنسيق المختلطة" المتفرعة من اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنيستين. النص بطبيعته القانونية مؤقت. اما اذا استطعنا وضع نص في الجمعية العامة المنعقدة الآن سوف يطرح على الكنائس لتقول كلمتها فيه. النص المطروح يبين ان مساعي الاتحاد التي بذلت خلال قرون باءت بالفشل وان "الاتحادات الجزئية" التي تمت بنشوء كنائس شرقية كاثوليكية جاءت لتقطع الشركة مع الكنيسة، الأمر الذي ادى الى آلام في الكنيستين. نتيجة لمحاولة "الهداية" هذه، فرديا وجماعيا، اخذت الكثلكة تقول ثم الارثوذكسية كردة فعل ان كلا من الكنيستين هي المستودعة الوحيدة للخلاص واعتبرت ضم الآخرين خلاصا لهم، فقهر الناس في حرياتهم. واتفق واضعو ورقة العمل ان التوحيدية هذه لن يمكن قبولها اسلوبا ونموذجا بسبب من رؤية الارثوذكس لأنفسهم والكاثوليك لأنفسهم في علاقتهم مع سر الكنيسة. فمنذ الاجتماعات الاعدادية للمجمع الارثوذكسي العالمي وبعد المجمع الفاتيكاني الثاني رأى الطرفان ان ما سلمه المسيح الى كنيسته من ايمان واحد واسرار وكهنوت وخلافة رسولية لا يمكن ان يكون حكرا لكنيسة. من هنا الاعتراف بكنيستين شقيقتين تسعيان الى شركة كاملة لا ابتلاع فيها ولا انصهار بل لقاء في المحبة والحق. لذلك لم يبق محل للحديث عن اهتداء كنيسة الى اخرى فاذا اتحدتا تزول المصاعب المتأتية من وجود كنائس كاثوليكية شرقية. هناك اعتراف بالتالي ان كل فريق يرعى باسم المسيح الرعية الموكلة اليه إلهيا. ابتغاء الوحدة وضعت مبادئ تستوحي المبادئ التالية: 1. حوار المحبة 2. ان تسعى الكنيسة الكاثوليكية على أعلى صعيد ان تدير الحالة المعقدة التي نشأت في اوربا الشرقية والوسطى. 3. يقبل الارثوذكس ان الكنيسة الكاثوليكية في رعايتها للكاثوليك الشرقيين تقوم بواجبها الرعائي هذا اذا كفت الكثلكة عن الاقتناص وعن اعتبار الارثوذكس موضوع تبشير. 4. حرية المؤمنين الكاملة ان يختاروا بين الارثوذكسية والكثلكة فلا تستغل المساعدة المالية ولا المدارس لجذب ابناء الكنيسة الاخرى. 5. انشاء لجان متساوية العدد او تفعيل اللجان القائمة لمواجهة الصعوبات التي على الارض. 6. الكف الكامل عن العنف الجسدي او الكلامي. 7. الكف عن الاستيلاء على كنائس الآخرين وعند الاقتضاء استعمال كنائس واحدة لاداء الصلاة في وقتين متواليين. 8. التشاور لاتخاذ اية كنيسة مبادرة رعائية هامة في منطقة هي تقليديا لكنيسة اخرى. 9. السهر على تربية الرعاة حتى تأتي ايجابية تجاه الكنيسة الاخرى ومقاربة التاريخ بصورة صادقة وشاملة في تحاشي الاسلوب الجدلي. 10. عدم اللجوء الى السلطات المدنية لحل المشاكل العقارية. 11. الاحترام الواحد لكل الشهداء. وتنتهي الورقة-المشروع برجاء تجديد حوار المحبة والحوار اللاهوتي. اللاهوتيون في البلمند في عهدة ادعية ترتفع حارة من العالم كله ولا سيما من لبنان. |
|