Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

2011 12/31/2010 Print Email
Saturday, 01 January 2011 18:20
Share

2011  

المطران جورج خضر، جريدة النهار الجمعة 12/31/2010

اذا حزنا كثيرًا السنة المنصرمة فلتفتح أبواب السماء لنرث الرجاء. لا نستطيع ان ننسى آلام البشر وتبقى الذاكرة موسومة بالأوجاع حتى يغرس فينا الرب شوقًا إلى الفرح الذي وعدنا به المسيح. نمتد إلى الآتي النازل علينا من فوق حتى تتجدد أبديتنا في كل لحظة.
الأبدية دفق علينا. لا نصنعها بأشواق. نتلقاها نعمة ونوزعها بالحب على الجائعين اليها ولكن ماذا نعمل بالعقل المحلل والمضني. هو يقول ان الكوارث قد تحل، قد تعيد الينا الأحزان والفقر والمرض. تتشابه الأزمان في الشقاء ويقع الموت علينا كما تحل المسرة. وما يسمى تاريخًا هو تاريخ الخوف الذي فتك أو الذي نتوقعه ما خلا القداسة التي تحمينا وحدها من مخافة الموت.
السنة التي نستهلها اليوم موصولة بالتي عبرت وقد لا تكون أفضل منها لأن للأحقاد استمرارا وللتوترات بقاء والعداوة حاكمة حتى نهاية الدهور والهويات متناحرة فأنا عدوك لأني أنا أنا وأنت أنت وثروتي كثروتك، تشبهني فأكرهك أو أنت أذكى مني ولا أعترف بذلك فأنمّ عليك وكامنة فيّ ذئبيّة مفترسة لأقضي عليك وهذا كله يبيت في السياسة بغلاف الايديولوجية اذ الكلام كالمقول ستر لكلام غير مقول. البشرية قذارات ودم حتى يتجلى الله ويغسلنا من كل ذلك.


كيف اذًا نغير الكون؟ من يغيره؟ السؤال يفترض ان ثمة جماعات قادرة على تغيير السياسة. الناس عندنا يحسبون ان تغيير البلد في أيدي أهل الحكم لكن القلة تؤمن ان الساسة يريدون بلدًا جديدًا وان ليس لهم مصلحة في ظهور بلد حسن وجميل. ويؤتى بهم لمصالح الناس في آلية انتخابات نزيهة. ولكن لم يتبين حتى الآن إرادة تغيير. ماذا نعمل اذًا. هنا اليأس والقنوط يسودان وهذا يؤدي إلى تفجع ناتج من ان القديم على قدمه والتفجع من عدم ظهور دولة حاكمة أي قادرة.
انها لأعجوبة ان يعيش الناس في بلد لا حكم فيه أي لا عدالة فيه، بلد انقطع فيه الحوار بين الحاكم والمحكوم اذ لا يبدو فيه إرادة التعامل بينهما. وإذا نظرنا إلى غير لبنان، إلى الجوار العراقي مثلا أو الجوار المصري كل شيء يدل ان العنصرية تسود بشكل بشع عنوانه حسب الظاهر ان المطلوب تفريغ البلاد من المسيحيين. من هو العامل، من المخطط لكل ذلك، لمصلحة من؟ عند التحليل البسيط ليس ما يدل على ان المسيحيين العراقيين انحازوا في العراق الى فريق.
تعذرونهم اذا خافوا على وجودهم الجسدي وعلى شهادتهم الحضارية. وهم لا يربحون شيئا من فتنة اسلامية التي اذا حصلت، لا سمح الله، لا توفرهم. يقتلهم الغير مجانًا فإن موتهم ليس مربحا لأحد. لماذا صلاتهم في الكنائس يجب ان يحميها الجيش؟ هل جميل ان يصلي القوم خائفين أم يقبعون في بيوتهم لتصبح معابدهم أثارًا للسياح؟ من يمنع الذابحين ان يقضوا عليهم في منازلهم؟
كيف نشأت هذه البغضاء والمسيحيون قلة ليس لها قدرة ان تبغض أحدًا، قلة ليس لها أية وسيلة لتثبت نفسها في الوجود الجسدي فقط. أليس عيبًا ان تلتمس حماية بعد ان اقنعوها ان النظام في خدمة المواطنين جميعًا. ومن الثابت ان الدول الكبرى وكلها علمانية غير مهتمة بهذه الأقليات للحفاظ عليها جسديًا وهم لا ينفعون الدول بشيء. الصغار لا يدخلون في أية معادلة سياسة ولا يبدو ان أحدًا يتحرك لبقائهم واتكالهم على الله وحده.
الدنيا كلها ذبح حتى يعطل الرب أيدي الذابحين. لماذا لا يفهم القتلة ان الأخوة البشرية غير مستحيلة، انها أطيب عيش؟
حلول عالمية أو كونية ما بانت بعد. هل تنفع مناشدة الضمائر؟ السنة التي نستهلها اليوم ستراق فيها دماء ما لم تحصل أعجوبة سلام إلى هذا تفرغ فلسطين التاريخية منا بلا دم مهراق. ولكن من يقول هناك للمسيحيين الا يهاجروا؟ هل أرض المسيح معقولة حضاريا بلا أتباعه؟ هل تصبح كنيسة القيامة وكنيسة المهد أثرا بعد عين؟ هل يقال بعد بضع من سنين، هنا صلى قوم اسمهم المسيحيون ليذكرهم السياح ذكر قوم انقرضوا؟ معيب على العرب جميعا ان يتكلم يوما على كنيسة القيامة كما يتكلم الدليل عندنا على قلعة بعلبك. بلا المسيح عيسى ابن مريم اين تبقى بلاغة العرب؟
خارج الحديث عن الدول وحكامها، خارجا عن السياسة والدعاء يبقى الإنسان الفرد عربيا كان أم غير عربي وحده أمام الله. كان على كل منا ان يقول وحده لربه: ها انا لك مرميا في حضرتك، امام وجهك وحده اذ لم يبقَ لي وجه إزاء أحد. أنا لك في فقري وتعبي وأولادي الذين نسي القتلة ان يقتلوهم. أنا وهم في رحمتك. أنت طالبنا ونحن طالبوك. احينا انت في هذا الزمان الرديء الذي خلقه الأشرار وأهملنا فيه حكامنا. نعيش بفتات من الخبز وقد لا يبقى فتات. نحيا على الرجاء به نحن مخلصون. ادخل محبتك على ما تبقى لنا من هذا الجسد. ادخلها على تعبنا، على ضعف أجسادنا.
نحن عاهدناك الا نكره أحدا من حكامنا والمواطنين. ليس لنا سلاح نحمله ولا نريد. سوف نجوع إلى حبك اذ لم يبقَ لنا خبز نجوع اليه. بقوتك وحدها نحمل رجاءنا معنا ولو تشتتنا في دنياك الواسعة اذ ستكون أنت وطننا الوحيد. وفي شقاء سعينا سوف نجاهد الجهاد الحسن ونحفظ الايمان بهذا القليل الذي سيبقى لنا من التنفس.
علمنا ان نحب الذين يحبوننا والذين يبغضوننا. سنحب العراق ومصر وفلسطين حيثما استبقينا. سنحافظ على الجميع اذ لا ندين احدًا ولا نرى فيه السوء. ونسألك ان تفتقد كل البشر برحمتك الواسعة وتهديهم إلى الحق والدينونة لك وحدك في اليوم الآخر. لا نريد ان نقيم على أحد خطيئة فالقانون والراحمون كلهم ابناؤك.
امتحنا على قدر طاقتنا حتى لا تخور قوانا واجعل هذه السنة مرتعا لقدرتك أنت لنقول انها سنة جديدة. الجدة منك. أعدنا اليك وحدك حتى لا يخذلنا احد ولا نتمرمر فالتمرمر هو الجحيم. كل يوم، كل لحظة شدنا اليك حتى لا نموت حزنا. انك قضيت على الحزن بميلاد المخلص وموته وقيامته. بسبب منها نصبو إلى قيامتنا فيك كل يوم على رجاء القيامة الأخيرة والحياة الأبدية.
هل نفتتح معك السنة هذه بفضل من كلمتك ووعدك لنا بأرض يسكنها العدل. فاذا أتى أو لم يأتِ أنت وحدك مطرحنا ومطرح المطيعين لك الذين اعددت لهم ملكوتا لا يفنى.

Last Updated on Saturday, 08 January 2011 15:36
 
Banner