Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

غيرك 02/12/2011 Print Email
Saturday, 12 February 2011 00:00
Share

 

غيرك   

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 02/12/2011

كل سياسة احتمال خصومة. كل تكتل مجتمعي يحمل بذرة سياسة. الكتل إبراز بشر اي إبراز للدنيا والدنيا وما فيها الى فناء. والنظام الطوائفي هو بحد ذاته تهيؤ لصدامات لأنه يعني الأنا في ديمومتها تجاه الأنا الأخرى وقد تنتهي مقابلة الأنا السياسية بالأنا الأخرى اذا سقط حائط العداوة بالحب.
التاريخ وظلمه يفرزان رؤية عندك للكتل الأخرى لأن الجماعات تقرأ نفسها والأخرى من إحساس مجروح أو جامع وتفخر فتتشنج او تسترخي حتى المحضونية وتتمايز فتغنج فتتسلط. كل لعبة التصدي او الذوبان لا مهرب منهما ليستقيم وجه التلاقي بين الناس على صورة من الصور.


في بلدنا نقرأ الآخر من تاريخنا المشترك او الزمن الذي تريده في الآتي وقد تأتي قراءة الآتي مما نشتهيه وفق العلاقات التي ورثنا او التي نريدها. نقرر المستقبل حتى مشتهانا في الحاضر وصورة المستقبلات هي ما ينفعنا اليوم، ما يعززنا. كل تعزيز لفريق لا بد أن يؤذي الآخر او ينتقص شأنه او يحجم ماضيه. لا بد من انثلام في وقت ذهب من اجل الافتخار اليوم وبلا افتخار تتوحد بالآخرين.
من الصعب جدا ألا يكون عند اللبناني رأي في الطوائف ذات الأهمية السياسية لأنه يريد مصيرا لنفسه وسط هذه الجماعات . اي لأن لهذه الجماعات وزنا في تقرير مصيره فمنها يأتي وزنه ولذلك يريد ان يعرف وزنها ازاءه وفي الكتلة الوطنية كلها. خطر التحليل لرؤى الطوائف الأخرى انه غالبا ما أتى من المؤرخين وعلماء الاجتماع حصرا. فيرى مثلا المؤرخ كمال الصليبي ان استعلاء الروم الأرثوذكس على الموارنة هو التعبير عن ان اهل المدن او التجار يحسون انهم اعلى من المزارعين. هذا اولا تجاهل لكون المزارعين الكبار بينهم اغنياء كثر. المجموعات المسيحية كلها فيها عدد من الفلاحين. والأهم من هذا كله ان الدكتور الصليبي يرى التعصّب في فريق واحد. والأخطر من كل هذا ان هذا المؤرخ البارز لا يرى الحشو الكاثوليكي في عقول الذين انضموا الى الكرسي البابوي من مسيحيي الشرق.
• • •
التكثيف العقدي يكفي وحده احيانا لفهم ظواهر التشدد في هذه الطائفة او تلك.
مع تقدم الحركة المسكونية اعني حركة التقارب الروحي بين المسيحيين وهي لا علاقة لها بالوضع السياسي نرى ان ما سمي استعلاء طائفة على طائفة صار باطلا لأن الاتحاد بالمسيح طغى على كل اعتبار والوحدة باتت حسا عالميا والشعب العادي لا يفهم لماذا يستمر هذا الانقسام وهو لم يشارك فيه.
ان هذا التلاحم الرعائي هو النظام وهو ليس موجها ضد احد وهو ليس تلازما بين قبائل وقبائل ويفرح كل المسيحيين بالبهاء الطقوسي والالتماع اللاهوتي عند مسيحيين آخرين والعالمون الأعماق يسعون الى ما هو اعمق حتى يمنحنا الله الانصهار الكامل.
واذا نظرنا الى تقارب الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس ناهيك باللحمة شبه الكاملة مع الإخوة السريان يتبيّن ان الكثير من المجد قد أطل علينا جميعا حتى يجمعنا الله في نعمته الكاملة.
اذاً ما جرى في الصف المسيحي على الصعيد الروحي حطم الحواجز التاريخية وأنهى التعليل السوسيولوجي ليظهر ان روح الرب لا يحتاج فعله الى عوامل تاريخية لأن النعمة فاعلة بحد ذاتها.
والنعمة تخترق جميع المجموعات الدينية اذا كشف الله مشيئته وهو غير مقيد بنصوص. بكلام آخر لا بد ان تبطل رؤية المسيحيين للمسلمين والمسلمين للمسيحيين على انه لا اختراق روحيا بينهم. وهذا يبدأ بالبسيط. بتنقية كل واحد منا من الأفكار المسبقة عن الجماعة الأخرى بدءًا من تطهر الذاكرة الجماعية. لا ينفع مثلا ان نذكر ما فعله المماليك بالمسيحيين . انهم لقد أبغضوا الشيعة بالزخم الواحد. وينفع كثيرا ان نفرح بالفن المملوكي العالي. اخطأ البشر كثيرا ونخترق بروح الله الساكن فينا ما افسده البشر. لا نحمل السنة وزر المماليك او وزر العثمانيين كما لا نحمل المسيحيين المشارقة وزر حروب الافرنج. لا معايشة بلا غفران ولا حاضر اذا تذكرنا معاصي آبائنا.
لن نعرف قوة الغفران الإلهي فينا اذا استمررنا نقول عن الدرزي هذه طبائعه والسني هكذا الخ... لا شيء يتجمد في الزمان ولا شيء يدل على ان طبعك يتجمّد بسبب من عقيدة. بدل رأيك في انسان لامسته النعمة واخرجته من تصوراتك لجماعته. بعض من جماعته يصبح مقرا لله. صورة الجماعة التاريخية تنكسر احياناً وتتخالط الجماعات تخالطا روحيا اذا أراد لها عمادة بالروح لا بالماء.
الوطن له ان يصبح جماعة جديدة لا ترث الماضي او ترثه قليلا. الوطن يمكن ان يتجلى.
التجلي في العلاقات الشخصية حاصل كثيرا. هذا يعني ان نقتنع بقيم واحدة لجميع الناس. اجل كل القيم موحاة من التراثات الدينية. ليست القيم قائمة بالقوة نفسها في كل الديانات ولكنها تعلمنت جيلا بعد جيل. ما من شك ان تعدد الدين موروث قرآني بمعنى ان الله يريد هذا التعدد. انت لك ان تعيد المسلم الى فكرة التعدد ولو لم يمارسها بقوة في حال سيطرته على الحكم.
على هذا المثال، فلسفة الثورة الفرنسية التي قامت ضد الكنيسة الكاثوليكية في تبنيها للحرية والمساواة والعدالة. هذه الكلمات جاءت مباشرة من الانجيل ولو تجاهلها التاريخ المسيحي كثيرا. انت تتخذها ايا كان مصدرها. طبيعي ان تتعلمن القيم بسبب من الفتور الديني او هبوط المستوى الكنسي.
تنشأ، اذ ذاك، عندك مجتمعات مدنية في ظاهرها التعبيري ناشئة من ايحاء ديني وتبقى الجماعات الدينية على أصولها ونظامها وهيكلياتها ولك ان تقرأ النص الديني كما تشاء وان تتقبل فقهه كما تشاء.
الواقع ان هناك فروقا بين الأديان كبيرة وانها تترجم في الطبائع والعقليات وتفاصيل معايشة. مع ذلك هناك تحرك نحو عقليات متشابهة ذات طابع مدني تقرب بين المواطنين بينها مباينات. هناك شبكة سلوكيات تنتج وضعا موحدًا او شبه موحد تتم فيها اختراقات مجتمعات صغيرة لمجتمعات أخرى في حلم مجتمع يربط الجميع.

Last Updated on Saturday, 12 February 2011 11:35
 
Banner