للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
الدينونة والصوم 02/26/2011 |
Saturday, 26 February 2011 00:00 |
بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 02/26/2011 كلمتان لا يبدو توا كيف نجمعهما. غدا في كنيستي يقرأ ما نسمّيه في تراثنا إنجيل الدينونة الوارد في متى وفيه يتحدث يسوع عن مجيئه الثاني في مجده ليدين الأمم كلها مع انه في انجيل آخر قال انه ما أتى ليدين العالم بل ليخلص به العالم. ويظهر من الفصل الذي نحن في صدده انه يفصل في اليوم الأخير بين أحبائه واولئك المعدين للعذاب الأبدي.
كل فكر الكتاب ان الدينونة في اليوم الآخر، في انقضاء الأزمنة. ما العلاقة بيننا وبين الرب قبل انتهاء الدهور؟ ما معنى انتهاء الدهور؟ لن أغوص على هذا الآن اذ ليس من انقطاع زمني بيننا وبين الألوهة. ليس من انقطاع بيننا قبل الموت. ونحن في مواجهة دائمة. لن أبحث اذًا في الأزمنة. زمان الرب حضوره. الله يفحصنا في كل حين ويفرق عن الذهب المعادن في البوتقة الذي يجعلها على نار تمحيصه. هذه الرؤية الإلهية الخارجة عن الزمان تريدنا الكنيسة ان نكون فيها قبل ولوجنا نطاق الصوم المطل علينا بحب إلهي كبير والحب هذا يمحصنا ابتغاء النقاوة اذا قبلناها. المواجهة مع الله استنطاق وحكم. والسؤال الوحيد على لسان الرب هو هذا: «ماذا فعلت بأخيك«؟ هل أحببته؟ هل قتلته؟ ألا يقول الله لك: هل اذا قتلت أخاك تكون قتلتني واذا أحببت أخاك تكون أحببتني. يقول لك الرب: «اني جعت فأطعمتموني وعطشت فسقيتموني الى ما هناك من أسئلة متشابهات. علاقتك بي علاقتك بالآخر. أنت لا تعطيني شيئا. انا معطيك. وأنت لا تؤذيني إذ لا يعنريني فساد ولا تنقص مني شيئا ان أهملتني. لا تسربلني حلة ضياء ولا تنشر علي ظلالك فأنا نور الى أبد الآبدين. لا تميتني وانا القيامة والحياة. انت ان أعطيت الآخر تعطيني به. انا في مخلوقاتي. كلي في مخلوقاتي. يقول السيد لكل منا: لما انصرفت عنكم الى الآب تركت لك اخوتك الذين هم إخوتي. وجه كل واحد منكم صورتي. اذا اعتبرت هذه الصورة جميلة تراني انا جميلا واذا استقبحتها تكون قد استقبحتني. *** لا تقدر ان ترجىء توبتك حتى ساعة موتك لأن التوبة لا تتحكم بها ساعتك ولا ييسرها لك أحد وليس فيها إنجاز. قد ينقض عليك الموت وانت سلمت نفسك للبشاعات الروحية الكثيرة والكثيفة. واذا صرفت نظرك عن الموت وعشت لحظة بعد لحظة يدينك الله متى لقيك اي في كل حين وقد تبيد برؤيته وانت لا تستطيع ان تحجب عنه ذاتك لأنه فيك مهما فعلت وهو لا يحتاج الى عرش من ذهب يستوي عليه ليفحصك. لأنه يخشى عليك مصيرك يستبق الدينونة الأخيرة وتعذبك رؤيته ويحل فيك الخوف من عدم انعطافه ويخفي عنك قلبه وقلبه سره الكامل. الله ديان في كل حين لأن وجهه في كل حين اليك ويريد المحاكمة مرة ومرتين ومرات حتى لا تغنج ولا تتكل على مرات قد لا تعود. هو لا يقبل اجتماع الذهب والمعادن غير الثمينة لأنه يريد الثمين الخالص. وهذا ما سماه هو الكمال وتلمسا للكمال خطوة خطوة رتبت الكنيسة الصيام موسما للتقشف وضبط الرغبات والانقطاع عن استلذاذ الدنيا طلبا للفرح الالهي. وحتى لا يظن المؤمن انك قادر ان تنكب على الله دون انكبابك على الانسان جعلت محبتك للقريب مقياسا لطاعتك للرب فارتضى المسيح ان يتماهى مع الانسان تماهيا كليا فاذا أحببت هذا تكون أحببت ذاك ولا يفصل في كيانك اللاهوت المتنازل عن الناسوت المتصاعد ليتكامل في نفسك لاهوتك وناسوتك على صورة ما هو الحاصل في المسيح. اختلاطك بالآخر دنوك من المسيح والآب في الروح القدس لتحل السماء على الأرض بحلول النعمة عليك ولا تقيم الهوة بينك وبين المخلوق الآخر لئلا تتيه. التماسا لهذا التلاقي بين الناسوت واللاهوت اسهر دائما على الانسان الآخر فيحس المسيح انك له. *** الى هذا لا تقع في خطيئة الغفلة. لا يحاسبك الرب فقط على ما تقترف ولكنه يحاسبك على الغفلة، على الإهمال. ان لقيت جائعا فاطعمه لأنك تكون قد أطعمت المسيح. وان رأيته عريانا فاكسه اذ تكون قد كسوت المسيح وان لم تفعل تكون قد تركت المخلص عاريا. إهمال الآخر يستفظعه الرب كاقتراف خطيئة. انتبه دائما الى أخيك ولا ترجئ الانتباه. قد يكون في حاجة اليك في الآن الحاضر وليس في الآن الآتي. هكذا الصوم. لا نصوم اليوم ونهمل صيامنا في الايام المقبلة. شيء من خلاصنا قائم على الاستمرار. ليس من انقطاع بين الصالحات. الدوام على الخير جانب من جوانب المحبة. ادخل الصيام بإقبال وتجنح وهمة حتى لا تحسب بين الكسالى ولا تدان الهنيهة بعد الهنيهة. السماء، اذ ذاك، تهبط عليك حتى تعلنها القيامة مفتوحة. |
Last Updated on Saturday, 26 February 2011 13:03 |
|