Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2011 الصوم آتٍ 03/05/2011
الصوم آتٍ 03/05/2011 Print Email
Saturday, 05 March 2011 00:00
Share

الصوم آتٍ    

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 03/05/2011

بعد غدٍ تدخل كنائس الشرق معاً باب الصيام لإيمانها انه طريقها الى الفصح. والفصح وعد العبور من الظلمة الى النور. وإبادة الظلام تحققت مرة واحدة لما قام مسيح الله من بين الأموات وبتنا نذوق الحياة الجديدة بانبعاثه. ليس لنا في المسيحية ان نعرف غير هذا اذ لم ينزل علينا سر آخر ولا تفقهنا بمضمون تعليمي آخر. كيف تتقن ما نزل عليك، كيف تصيره؟ كيف ما كان في عمق الله وسلوك ابنه يتصور فيك ويصبح مسيرتك حتى يبطل التفريق بين ما هو وحده لله وما هو لك. يبطل السؤال اذا عرفت انك تكتمل بدنوك من الرب وان هذا في الحقيقة دنوه منك. هذا هو توقك وتوقه. توقك هدية نفسه اليك هو ليس عنده غير ذاته يهديك. قد رأى ربك انك ان تحسست هديته أو تحسسته هدية تنمو به اليه.
انت لا تخرج من نفسك اليه لأن لقاءكما يتم فيك. أنْ توغل في نفسك لاستقباله وتقبُّله لا يختلف عن تقبله اياك في أنواره وهذا التحاقك به ووحدتك فيه. هذا هو التوحيد ان شئت البصيرة والا يكون قابعا في فوقيته وانت في دونيتك ولا يغدو احد منكما قد اجتاز الهوة. ردم الهوة تنازله اليك وتصاعدك اليه في اللامدى، في اللازمان، في ارتباط شاءه وأنعم به عليك، ارتباط لا يتروض هو عليه في سماء كماله وتتروض انت عليه بسبب من مخلوقيتك. ينبغي ان تنمو بشريتك فيك وينبغي ان يُسَرَّ هو بها ليجعلك ابنا محبوبا. الصوم محاولة من محاولات نموك يراه هو عطاء منه وتلمسه انت التماسا للنعمة. هذا كله تروض فيك وبه اي خروج جهاد اليه ولكن من جهته هو ضمك اليه وهو ليس فيه جهاد. انه حنانه المسكوب يسهل لك الدرب اذ قلت له: "سهل خطواتي حسب قولك ولا يتسلط عليّ إثم. نجني من بغي الناس فأحفظ وصاياك".

• • •

كل قصة الصوم ان تحفظ وصاياه. "من أحبني يحفظ وصاياي". الصوم إذًا رياضة عميقة الجذور، أمتن من أن تكون مجرد إمساك او نظام طعام "الطعام لا يقدمنا الى الله لأننا إن أكلنا لا نزيد وإن لم نأكل لا ننقص" (١كورنثوس 8: 8). الصوم لا يستغرقه إمساك على نمط معيّن. وفيه أنظمة مختلفة حسب الحضارات الدينية. فيها كلها انقطاع عن الطعام في فترة محددة نفهم منها ان هذا الانقطاع ضبط للرغبات ومراقبة لها، نوع من التسلط على الجسد ابتغاءً لحرية النفس وانعتاقها من الشراهة. وقد استفاض آباؤنا النساك في الحديث عن هذه الرذيلة وجعلوا التحرر منها شرطًا للتحرر من الشهوات الاخرى. هذا اختبار الروحانيين ومن مارس الصوم طويلا مع شرط الصلاة المكثفة ومطالعات الكلمة الإلهية التي ترسخنا في معرفة الله.
الصلاة والصوم يبدوان في الكتاب القيم مجتمعين حتى التداخل او التلازم حسب إيقاع زمني يحدده هذا الدين او ذاك، هذا المذهب او ذاك. هناك قواعد روحية او نفسية الإخلال بها مؤذٍ، مرتبطة بالتراث أحيانًا كثيرة. على سبيل المثال قوة الصلاة والاستعداد للفصح او لقداس الأحد أمست أسسا ارتبطت بها نفس المصلي حتى يعسر عليك ان ترميها وتحافظ على سلامة توازن داخلي.
اهتزاز القواعد الموروثة من خبرة القديسين يعرض النفس لخطر ولاعتبار الحياة الروحية غير متصلة بالجسد. هذا الجسد أساسي في تكويننا وفي حمله الروح التائبة. هذه الوحدة بينهما منعشة لكل منهما وتجعلهما في مسالمة تصل الى حد المصالحة.

• • •

اقتران الصوم بالصلاة ناتج من كون تفريغ الجسد من بعض طعام يستدعي ملء الكيان بالكلمة الإلهية لئلا نصل الى الفراغ الكامل. الروح ينادي الروح. بكلام آخر، الله اذا سكب نفسه فيك يخاطب ذاته وترتفع. غير ان ثمة جانبا عظيمًا في كل مواسم الصيام انك تصوم مع الاخوة. كلكم سائرون معا الى الفصح. كلكم تتنقون معا على مقدار النعمة التي تنسكب على الكنيسة، اذ ذاك تصبح الكنيسة كائنا فصحيا واحدا. شاهدا على انها تخلي ذاتها من ترابيتها لتصبح ضياء المسيح.
في حقيقة هذا الجهاد تسعى الكنيسة موحدة به ان تصبح عروس المسيح. الفصح، حقيقته لا العيد فقط. ان نخطب للسيد في عرس أبدي. هذا يتطلب ان نكون للآخرين إمساكا واستعطافا وافتقارا الى الله الذي يحبنا بوحدانيته. الله الأحد قادر وحده ان يجمعنا اليه وبعضنا الى بعض كي لا نتشرذم ونتماسك امام وجهه ونتدرج اليه فنتعلم الفقر اليه وانه هو الحاجة الوحيدة.

Last Updated on Saturday, 05 March 2011 09:28
 
Banner