Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

المرأة 08/27/2011 Print Email
Saturday, 27 August 2011 00:00
Share

المرأة    

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 08/27/2011
موضوع المرأة وارد في اللاهوت الذي تعنى فيه هذه الزاوية الا انه في معظم جوانبه موضوع إناسي (انثروبولوجي بلغات الغرب) ولكني أحببت ان أتطرق اليه بسبب المغالطات الكثيرة والأخطاء التي يقع فيها المفكرون في الحديث عنه. المشكلة كامنة في ان الرجال يتحدثون عن النساء وهم قوامون عليهن بسبب من دين أو بسبب من الأثر الذي تتركه المخالطة في ما بينهم لكني احببت ان أخوض المغامرة علي اسهم في شيء من التقويم.

مرة قال القديس غريغوريوس اللاهوتي الذي تثقف عندنا في مدرسة الحقوق البيروتية في القرن الرابع: الرجال غير منصفين في حق المرأة لأنهم هم يشرعون وكأن هذا الكلام يعني انه لا بد من المنافسة بين الجنسين. هل الخلاف في طبيعتيهما أصيل ويتأزم في الحياة الزوجية فيظهر عنف أسري من هذا الطرف أو ذاك ام ان الخطيئة تستثير القوة البدنية أو قوة الإغراء لتسود؟ يدل هذا التساؤل على انك لا تقدر ان تعالج شأن المرأة الا بنسبتها الى الرجل. اذا كان الأمر كذلك يبطل عنوان هذا المقال.
اما اذا أحببنا ان نعود الى البدايات لنتفهم شيئا نقرأ: "خلق الله الانسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وانثى خلقهم" (تكوين 1: 27). قال: خلق الانسان على صورته ولم يقل خلق الرجل. لذلك يبدو لي ان الصورة الإلهية ليست في الذكر والأنثى مجتمعين، ليست في الزوج الذي يقول له الفرنسيون Couple. في الرواية الثانية للخلق: "فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرئ أخذت. لذلك يترك الرجل أباه وامه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا" (تكوين 2: 23-24). يتضح من هذا انها على تكونها منه صارت انسانًا آخر ولا يصيران واحدا الا بإرادة الوحدة الزوجية، بالعقد يقول الكل بطريقة أو بأخرى وبالعهد كما يقول المسيحيون ولا سيما الأرثوذكسيون منهم. الوحدة موقف روحي واستمرار روحي بين كائنين مستقلين. الشوق لا يخرج الانسان عن وحدته. القربى مسعى أو تدرج واشتهاء وحدة. فلو كانت انصهارا يقرب من الذوبان لا يكون احدهما وحده على صورة الله. الحب بينهما ان يكون هناك محب ومحبوب.
استقلال المرأة عمقه في ما كتبه بولس في رسالته الى أهل غلاطية اذ يقول: "ليس عبد ولا حر ليس ذكر وانثى" (3: 28). ليس ذكر وانثى تعني انه لا يعطف الواحد على الآخر من حيث ان واحدا منهما لا يحدده الآخر ولا تحدده العلاقة الثنائية وان كلا من الرجل والمرأة كامل في المسيح يسوع وغير المتزوج ليس دون المتزوج لأن كلا منهما على صورة الله. الزواج ينشئ علاقة لا تغير صورة الله عند احدهما. وهنا يأتي الرسول في ما كتبه الى اهل أفسس ليبين طبيعة العلاقة.
* * *

يبدأ بالخضوع المتبادل بين الانسان والانسان قبل الخوض في المسألة الزوجية وعلى وضح هذه الآية 21 في الاصحاح الخامس ينبغي ان نفهم ما سيأتي. يقرأ الكثيرون نصف الآية الذي يوافقهم "ايها النساء اخضعن لرجالكن" يتبعها لأن الرجل رأس المرأة التي لا تُفهم الا بما يتبعها "كما ان المسيح رأس الكنيسة وهو مخلّص الجسد". المسيح مات من اجل الكنيسة. على هذه الشاكلة يموت الزوج من اجل زوجته وانت تطيع من يموت من أجلك. ويؤكد هذا قوله: "ايها الرجال احبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها". ثم يقول: من يحب امرأته يحب نفسه. من أجل هذا يصير واياها كيانا واحدا كما ان المسيح والكنيسة كيان واحد. خارج سر علاقة الموت والقيامة ليس من زواج مسيحي.
هذا كله مستند الى الفرق الشاسع بين العشق eros والمحبة. فالعشق من الطبيعة والكنيسة تقدسه في حفلة الإكليل. اما المحبة فهي نازلة من الله على العروسين وهي دعوة الى ان يموت كل من الاثنين عن الآخر فاذا هي لم تنسكب أو لا يريدانها يصير العشق معرضا للزوال وللبغض ويهدم الوحدة الزوجية. لذلك كان غير المؤمنين معرضين للانفصال بعد زواج ابتدأ فقط باللهب ولم يبدأ بالإيمان.
العهد الجديد لا يتكلم عن المرأة منفردة لكنه يتحدث عن علاقتها بالرجل في الحياة الزوجية اذ يتقدس بها وتتقدس به. ما هو من الحياة المجتمعية ان الرجل يرى نفسه اهم من المرأة وسيدها لمجرد كونه ذكرا. هذا تفشى في حياتنا الشرقية وربما في العالم كله اذ يرى ان الاغراء يأتي منها والحقيقة ان الاغراء ليس حصرا على جنس من الجنسين وما من شك انه قامعها لأنه يرى نفسه في آن واحد عظيما ويسعى الى تأكيد عظمته بلا مبرر ويضربها لكونه يرى نفسه مؤدبا لها. وكلما استمر هذا يحدث الخلل في الحياة الزوجية.
الواقع انها أقوى منه على مستوى الصحة وتعيش حول سبع سنوات أكثر منه في العالم كله. [لكنها تتكل عليه وتتوكأ عليه ربما لأنه هو المنتج الا اذا كانت تعمل فتصير متكلة على إنتاجها وترى انها تستقل عنه بالمال الذي تجني. بسبب هذا التساوي الذي صارت اليه بالعمل اخذت تتحرر من وطأته. ربما عقده هذا الوضع الجديد تعقيدا كبيرا. فقط الحياة الروحية عندها وعنده يجعلانهما على صعيد واحد من الكرامة. والى ان يتم استقلالها بسبب انتاجهما معا يمارس عبوديتها وفي المقابل تمارس عبوديته الى ان يعتقدا انهما بشر وان البشرية الصالحة لا دخل لها بالمال.
متى تتحرر من استعبادها له؟ هذا لن يحصل قبل فهمها انها ليست جسدا محضا وان الجمال الذي تتمتع به ليس شيئا بحد نفسه وانه فقط هبة من الله في النوع البشري.
غير ان الحياة الزوجية من أصعب الأوضاع. والحل ان يفهما معا ان الزواج ليس مجرد لقاء جسدين وان الروح عند كل منهما ينبغي ان تسمو ليتشاركا بالروح. لا مشاركة الا اذا ادركا ان الحياة الزوجية عطاء كل منهما للآخر.

* * *

هذا يفترض ان الفتاة يجب ان تعي نفسها كاملة قبل دخولها الحياة الزوجية وبالاستقلال عنها وان كان في الزوجية تكامل اذ لها مواهب خاصة بها وللرجل مواهب خاصة به. واذا ترمل كل منهما يبقى كاملا ولو كان في ذلك عذاب. فالأمومة مصلحة لها كما ان الأبوة مصلحة له.
لما قال بولس ان هذا السر عظيم اراد ان الحياة المشتركة طوال الحياة سر كما ان علاقة المسيح بكنيسته سر.
سوء الرجل ان يحس ان زوجته تريد السيطرة عليه بما وهبتها الطبيعة من جاذب. ربما كان هذا صحيحا في حالات كثيرة. فالحقيقة انها تستعمل الجمال لحمايتها وتمتعها بالاحترام الكامل. ويجب على الرجل ان يفهم ان فيها حماية لذاتها وانه هو في خدمتها كما هي في خدمته. الحياة الزوجية تبادل بين متساويين ونمو مشترك نحو الله من جهة وتربية الاولاد من جهة. فاذا نظر كلاهما الى بنيهما وبناتهما كهدف لهما واحد لا يبقيان كديكين متصارعين. يترهبان من اجل الذرية لأن الذرية لله وهما لا يملكانها.
الاولاد لله في طهارتهم ومنفتحون على المعرفة والتقدم والحياة البارة. لا يمكن ان يتقدس الرجل ان لم يفهم ان المرأة ليست دونه كرامة واخلاقا ومحبة. والله لا الاشتياق هو الموحد بينهما طوال العمر بما فيه الشيخوخة الصالحة وهو الذي جعلهما جسدا واحدا وقلبا واحدا على صورة قلبه.

Last Updated on Saturday, 27 August 2011 12:45
 
Banner