Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

القتل 10/05/2011 Print Email
Saturday, 05 November 2011 00:00
Share

 

القتل

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 11/05/2011

في البدء كان القتل إذ قتل قايين أخاه هابيل بعد ان طرد الله آدم وحواء من جنّة عدن. إذا جعلتَ نفسك خارج الرعاية الإلهية يمكن أن تبيد أخاك الذي الله يرعاه كأنك تقتل الله نفسه. وقتل قايين أخاه حسدًا إذ قبِل الرب قربان هابيل وإلى قربان قايين لم ينظر فاغتاظ قايين حقًّا من الله أي انفصل عنه وتاليًا انفصل عن أخيه. وحصل انهما كانا في الحقل وليس في جنّة عدن فقتل أخاه.

 

ثم جاءت الوصية بموسى: "لا تقتل" إذ لم تسلّم اليك حياة الآخرين. هذه تذهب فقط الى من أعطاها وتدخل في رحمته.
ان انتزاع الحياة فيه استكبار أو هو آتٍ من الاستكبار. والاستكبار هو التأليه إذ الله له أن يبيد. كل معصية تأليه للذات والقاتل هو المبيد الأعظم إذ يحسب ان من هو مزمع على قتله ليس له حق في الوجود. هو يعيدك الى العدم أو هكذا يظن وبعد هذا يحس انه أعاد هو نفسه الى عدم ويزداد شعوره بعد هذا يومًا فيومًا وكثيرا ما ييأس من توبته.
إلغاء الآخر هو الشعور بأن انسانا يجب ان يعود الى العدم بسفك دمه لأن وجوده لا يطاق. ذلك ان حياته تأكيد لكيان له مزعج حتى الاختناق. ان لم تخنق العدو تختنق. الوضع الداخلي للقاتل عبّر عنه القرآن بقول: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا" (المائدة 32).
القتل في النفس يحدث. المبتغى إذًا ان تحب عدوك لأنك اذا استبقيته في الوجود تكون أنت وإيّاه ممجدين للرب وتنبسط السماء في قلبك وفي قلبه. ولك أن تفهم قول القرآن: "والفتنة أشدّ من القتل" لا بالمعنى المأثور فحسب ولكن بما هو أعمق ان ما يريده الرب منك ان تحرر قلبك من فتنته لأنه هو محرك يدك الى الجرم. وتفسيري هذا يلتقي وما جاء في إنجيل متى: "قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحكم. واما انا فأقول لكم كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم" (5: 21 و22). في اللاهوت الروحي عند آبائنا ان الغضب هو الشهوة التي تلد خطيئة القتل أو الضرب وكل نوع من أنواع العنف وتاليا ان المسعى الروحي ان تستأصل الشهوة لئلا تتحول الى المعصية. والنفس الحرة من الغضب هي النفس الهادئة وهذا المنحى في تهذبه (اي اذا نحا نحو المبدأ) هو مذهب الهدوئيين الذين أبادوا كل شهوة في أعماق نفوسهم وصار الله وحده يسودها.
إلحاح الجريمة ثقيل جدا. حكى لي صحافي كبير في النهار انه تعرّف الى قنّاص من زمن الحرب قال له: "اني كل يوم أفيق في الليل وأرى الذين قتلتهم بوجوههم وألبستهم وهذا يقلقني جدا". كانت هذه عودة الرجل الى ضميره بعدما حاول فريقه العسكري ان يطفئ فيه الضمير. تذكر القتل قد يلازم صاحبه عشرات من السنين أو طوال حياته.
مع ذلك هذا هو الخروف الذي ضلّ في الجبال ويبقى أخا لنا وعلينا رعاية نفسه المجروحة ليفسح لربه مجال زرع كلمته فيها. وقد يكون هذا قاتلا كبيرا ومع ذلك للطراوة ان تعود اليه وتجعله حملا وديعا. التوبة عمل الله في النفس فاذا انفتحت له بالبكاء يمسح الله عن عينيها كل دمعة. بعض من قديسينا كانوا من أكبر العصاة وأخذهم ربهم برأفته وحنانه ولم يتبق فيهم الا ذكره.
استخلص من هذا ان علينا ان نربي أنفسنا على الغفران وهذا يستنزل رحمة الله علينا وقوته ويضع حدا لجموح الصرع فينا. التحول الكبير ممكن بعطف العلي مهما توغلنا بالمعاصي لأن القلب البشري حبيب الله والنفس قادرة ان تقول: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مزمور 33: 8). واذا بلغنا العشق الإلهي بعد إثم لا ينكره الرب الى الأبد. من عظمة الرب ان ذاكرته تتفرغ من ذكر المعاصي. هل هذا هو غفرانه؟

 

 

***
كان هذا كلاما في القتل الفردي. ما الكلام في قتل الجماعات بعضها بعضا؟ ما الحروب؟ ما من شك ان هناك بلدانا تبغض الاخرى أو كان هذا عميما قبل الحرب العالمية الثانية ثم رأينا شعوبا بات من شبه المستحيل ان تتقاتل الآن. هناك ترويض ممكن.
هناك شعوب عرفت التحارب بما بدا سببا دينيا. أجل، يستعار الله من أجل القتل. على منطقة الجندي الألماني في عهد هتلر كان مكتوبا "الله معنا" واعتقدت شعوب ان الله يفوض اليها بقتل شعوب وان القتلة عسكر الله ومن هذا القبيل لم يخطئ كارل ماركس بقوله: "الدين أفيون الشعوب". هو شاهد القتل باسم الله واستمرار الفقر باسمه أو قبول الفقر باسمه. هل اذا ذُبح فريق باسم الله يحزن الفريق الآخر؟ ملاحظتي ان هذا قليل جدا وكأن الذين لم يحزنوا شاركوا في القتل. متى نتصالح ونغفر الخطأ للخاطئين؟ ليس أحد منا وكيلا لله في سفك الدم. وكل تفسير أو تأويل يتضمن معنى كهذا يكون من الشرير. ألا يستطيع المؤمنون في كل دين ان يدعوا بعضهم بعضا الى ميثاق سلام يجعل القتل في سبيل الله بدعة أو كفرا؟
الى هذا أمن غير المعقول تغيير ايديولوجية الشعوب فتصبح ان الجيش دفاعي فقط اذا اعتدي عليه؟ اذا سمح لي ان اهذي أفلا اقول لماذا لا يمنع انتاج السلاح اطلاقا؟ يبدو ان المعامل في حالة الخطر تتحول بسرعة الى إنتاج آلات الموت. لماذا تخاف الشعوب؟ الى هذا لا أفهم كيف تقبل الولايات المتحدة اقتناء كل فرد من افرادها السلاح. ماذا يعمل اذا غضب الانسان وتشنج؟
يعطى المواطن أداة القتل لم يحاسَب اذا قتل. كيف يتكلون على فضيلته؟ طبعا لا يمكنك ان تشفي الانسان من الغضب ومن امكان إبادته للإنسان الآخر الا اذا نزلت عليه نعمة الله. الغضوب جارح من داخله. لماذا اذاً ادوات الموت؟ لماذا يجب ان نموت بغير أمر الله؟
افهم ان قول الملائكة عند مولد المسيح: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام" تعني ان الطاعة لله هي سبب السلام. أليس للأديان والدول ان تعمل شيئا ليتحقق شيء من هذا ان لم يتحقق كله؟ تلك كانت الغاية من تأسيس هيئة الأمم. هل نحتاج الى اتفاق سياسي علمي لنبلغ المحبة ام نسعى بالتطهر الذاتي لنزرع التراحم بين الأفراد والشعوب؟

Last Updated on Saturday, 05 November 2011 17:56
 
Banner