للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
العدد 43: ضعف الله |
Sunday, 27 October 2013 00:00 |
تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس الاحد ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٣ العدد ٤٣ الأحد الثامن عشر بعد العنصرة / القديس الشهيد نسطر
كلمة الراعي ضعف الله يحدثنا إنجيل اليوم عن عجيبة للسيد تُظهر مرة أخرى ان السبب الرئيسي في صنع يسوع للمعجزات هو انه كان يحب الناس: تحنن على رئيس المجمع فأقام له ابنته. ليست المعجزات في كتاب الله شيئًا ليبرهن عن شيء، وما اجترحها السيد لكي يعطي دليلا على ألوهيته لأنه هو القائل: “آمنوا بي بسبب الكلام الذي أكلمكم به”. وان أضعف الإيمان ان نتبعه بسبب العجائب. ولكن أقوى الإيمان أن نتبعه بسبب الكلام، بسبب هذا العطاء الإلهي بكلمات لم ينطق بها انسان، وبسبب الحياة التي قضاها بيننا حبًّا حتى الموت. ولذلك تُسمّى العجائب في إنجيل يوحنا آيات لأن الإنجيلي يشير بها الى تعليم، يدلّ بها على مقاصد الإنجيل ولا يدل بها على جبروت. المسيح ما كشف جبـروت الله كما كان اليهـود يفـعـلـون. انـه بيـّن قـوة اللـه بطريقـتـه هو وكانت قـوة اللـه الصليب. اي انه كشف ضعفًا يُستدل منه من بعد القيـامـة على انه كـان بالفعـل قـوة. فالله ينـزل الى البشـر ويحيـا معهم. هذه هي قوته. انه يستطيع ان يتخلّى عن مجـده ليكـون مخـفـيـا بيـن النـاس. المسيـح تنـازل عن مجده وقوته وعف عن كل هذا ليموت. الموت شيء ضعيف. ثم تسطع قوته من هذا الشيء الضعيف لينتصر بالمجد. في هذا الإطـار أقام الصبية من بين الأمـوات ودفعـهـا لأبـويهـا. ومـن وراء هـذه الحـادثـة ينظـر كل منـا الى ضعـفـه والى موته الـروحـي، الى سقـوطـه وتـدهـوره واهتـرائـه، وينظـر بـآن معـًا الى بهـاء المسيـح، لأن كلا منـا ميت والمسيح يقول لكل منا باسمـه: يا فـلان قـم. وما ينبغي أن يؤمن به كل فرد منا هو ان المسيح، مع انه مخلّص العالم، وبالتالي منقذ كل الناس، فهو مخلّص كل فرد منا. المسيح مخلصي انا، بمعنى انه يبعث حياته في موتي وقوته في ضعفي. فان أدركت هذا أكون قد أدركت معنى إيماني. هذه هي المسيحية: أن أدرك ضعفي وخطيئتي وأن أقبـل الى السيـد فأكشـف ضعـفي أمـامـه. إذ ذا أسمعـه يقـول لـي: يا بني قـم. تكفيـك نعـمـتـي لأن قـوتـي في الضعـف تكمل (رسالـة بـولس الثـانيـة الى أهـل كـورنثـوس ١٢: ٩). فأقوم بالمسيح من موت الى حياة ومن ضعف الى قوة. جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) الرسالة: ٢كورنثوس ٦:٩-١١ يا إخوة إنّ مَن يزرع شحيحًا فشحيحًا أيضًا يحصد، ومَن يزرع بالبركات فبالبركات ايضًا يحصد، كلّ واحدٍ كما نوى في قلبه لا عن ابتئاس او اضطرار، فإنّ الله يُحبّ المعطي المتهلّل. والله قادرٌ أن يزيدكم كلَّ نعمةٍ حتى تكون لكم كلّ كفاية كلَّ حينٍ في كلّ شيء فتزدادوا في كل عمل صالح. كما كُتب إنه بدّد، أَعطى المساكين، فبرّه يدوم الى الأبد. والذي يرزق الزارع زرعًا وخبزًا للقوت يرزُقكم زرعكم وبكثرة ويزيد غلال برّكم، فتستغنُون في كل شيء لكلّ سخاء خالص ينشئ شكرًا لله. الإنجيل: لوقا ٨: ٤١-٥٦ في ذلك الزمان دنا الى يسوع انسان اسمه يايرُس وهو رئيسٌ للمجمع وخرّ عند قدمَي يسوع وطلب اليه أن يدخل الى بيته لأنّ له ابنةً وحيدةً لها نحو اثنتي عشرة سنةً قد أَشرفت على الموت. وبينما هو منطلق كان الجموع يزحمونه، وإنّ امرأة بها نزفُ دمٍ منذ اثنتي عشرة سنةً وكانت قد أنفقت معيشتها كلّها على الأطباء ولم يستطع أحد أن يشفيها. دنت من خلفه ومسّت هُدب ثوبه، وللوقت وقف نزف دمها. فقال يسوع: من لمسني؟ واذ أنكر جميعُهم، قال بطرس والذين معه: يا معلّم انّ الجموع يضايقونك ويزحمونك وتقول من لمسني؟ فقال يسوع: إنه قد لمسني واحد، لأّنّي علمت أّن قوّةً قد خرجت منّي. فلمّا رأتِ المرأة أنها لم تَخفَ جاءت مرتعدةً وخرّت له وأَخبرت أمام كل الشعب لأيّة علّة لمسته وكيف برئت للوقت. فقال لها: ثقي يا ابنة. إيمانُك أبرأك فاذهبي بسلامٍ. وفيما هو يتكلّم جاء واحد من ذوي رئيس المجمع وقال له: إّن ابنتك قد ماتت فلا تُتـعب المعلّم. فسمع يسوع فأجابـه قائـلا: لا تخف. آمن فقط فتبرأ هي. ولما دخـل البيت لم يدَعْ أحدًا يدخل إلا بطرس ويعقوب ويوحنا وأبا الصبـيّة وأُمّها. فقال لهم: لا تبكوا، إنها لم تـمت ولكنها نـائمة. فضحكوا عليـه لعلمهم بأنها قد ماتت. فأَمسك بيدها ونادى قائلا: يا صبية قومي. فرجعت روحُها وقامت في الحال، فأمر أن تُعطى لتأكل. فدهش أبواها، فأوصاهما أن لا يقولا لأحدٍ ما جرى. قايين وهابيل يحدّثنا كتاب التكوين عن سقوط آدم وحواء فــي العصيــان والخطيئــة، فكـان جـزاؤهما الخـروج مـن الفردوس والموت، "فإنّك ترابٌ وإلى التراب تعود” (٣: ١٩). قبل السقوط، لم يُنجب آدم وحواء أولادًا، "إذ كانا يحاكيان الملائكة"، وفق ما قاله القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (+ ٤٠٧). أمّا بعد السقوط، فيذكر كتاب التكوين أنّهما أنجبا ثلاثة أبناء: قايين، وهابيل، وشيت (بعد مقتل هابيل). فحدث أنّ كلاًّ من قايين وهابيل قدّما تقدّمة للربّ، "فنظر الربّ برضى إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر برضى (...) فاغتاظ قايين جدًّا وعبس وجهه"، فقام وقتل أخاه هابيل (تكوين ٤: ١-١٥). لماذا تقبّل الله تقدمة هابيل ولم يتقبّل تقدمة قايين؟ يخبرنا كاتب الرواية أنّ الله قال لقايين: "لماذا اغتظتَ ولماذا عبس وجهك؟ إذا أحسنتَ عملاً رفعتُ شأنك. وإذا لم تحسن عملاً، فالخطيئة رابضة عند الباب، وإليك تتلهّف، وعليك أن تسود عليها" (تكوين ٤: ٦-٧). تقبّل الله تقدمة هابيل لأنّه كان أحسن عملاً من أخيه قايين، والمقصود بالعمل هنا هو المجاهدة ضدّ الخطيئة. وهذا ما تشير إليه الآيتان بوضوح من حيث التضادّ ما بين "أحسن العمل" والخطيئة. تقدّمة هابيل قُبلت في نظر الله لأنّها أتت من قلب صادق، فيما رُفضت تقدمة قايين لأنّها أتت من قلب خاضع للخطيئة. في هذا السياق يقول القدّيس أفرام السريانيّ (+٣٧٣): "قال الربّ لقايين: "لماذا غضبتَ ولماذا عبس وجهك؟"؛ عليك أن تكون متكسّر الوجه من الحزن، عوضًا من أن تستشيط غضبًا وعليك أن تذرف الدموع، عوضًا من أن يعبس وجهك... لكن، إنْ فعلتَ ما هو حَسن، قبلتُ تقدمتك مع تقدمة أخيك المختارة، وإلاّ فلن تنال الرضى. وستكون الخطيئة رابضة بالباب بانتظارك... ولكن، عوضًا من أن يعمل قايين بما أمره الربّ لتُغفر خطيئته، قدّم أخاه ذبيحةً". لم يبدأ شرّ قايين بقتله لأخيه، بل قبل ذلك حين رفض دعوة الله إليه كي يتوب ويقوم بالأعمال الصالحة، فيُرضي الله كما أرضاه أخوه هابيل. قايين قتل أخاه هابيل، وذلك ليس نتيجةً لعدم رضى الله عنه بقدر ما هي نتيجة الخطيئة الرابضة في قلبه بإرادته الحرّة. فالقدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث (+١٠٢٢) يقول: "لماذا صار قايين قاتلاً أخاه؟ لأنّه بإرادته الشرّيرة آثر نفسه على خالقه، وانقاد لأفكاره الشرّيرة، وتلظّى من الحسد، فأَقدم على قتل أخيه". غير أنّ الله يمنح لقايين فرصةً أخرى كي يتوب عن جريمته، فيسأله: "أين هابيل أخوك؟"، فيجيبه قايين: "لا أعلم! أحارسٌ أنا لأخي؟" (تكوين ٤: ٩). يقول أفرام السريانيّ تعليقًا على هذه الآية: "ظهر الربّ على قايين ظهورًا لطيفًا، حتّى، إذا تاب وندم، شفاه وكان لجريمة القتل التي ارتكبتها يداه غافرًا. أمّا إذا لم يتب فإنّه يعاقبه عقابًا مريرًا على قدر حماقته الشرّيرة. فاستطار قايين غضبًا عوضًا من أن يندم، وأجاب العليم الأعلم الذي سأله عن أخيه وهو يستعر غضبًا: لا أعلم، أحارس أنا لأخي؟". حين رفض قايين أن يتوب عن خطيئته، قال له الله: "صوتُ دم أخيك يصرخ إليّ من الأرض. والآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فمها لتقبل دم أخيك من يدك... طريدًا شريدًا تكون في الأرض" (تكوين ٤: ١٠-١٢). اللافت هنا أنّ الله لم يقل: "صوت أخيك يصرخ إليّ..."، بل قال: "صوت دم أخيك..."، وفي ذلك إشارة إلى الجريمة التي ارتكبها قايين، وإلى العقاب الذي سيناله نتيجة دم أخيه المسفوك. ويرى أوريجنّس العلاّمة (+٢٣٥) في دم هابيل رمزًا لدم الشهداء كافّة، فيقول: "إنّ ما قيل عن هابيل، الذي أزاله من الوجود قايين الجائر قاتل البشر، يطبَّق على الذين سُفكت دماؤهم ظلمًا. إنّ قوله: "صوت دم أخيك يصرخ إليّ من الأرض" ينطبق أيضًا على كلّ الشهداء". يلاحظ القدّيس كيرلّس الأورشليميّ (+٣٨٦) أنّ العقاب الذي تلقّاه قايين يعبّر عن محبّة الله اللامتناهية للبشر وعن رغبة الله بأن يتوب الإنسان إليه لا أن يموت بخطيئته، فيقول: "إنّ قايين، أوّل مولود لبشر صار قاتلاً لأخيه، ومخترعًا للشرور، ورئيسًا للقتلة، وأوّل الحسّاد. بماذا حُكم عليه بعد أن أزال أخاه من الوجود؟ "طريدًا شريدًا تكون في الأرض". الخطيئة عظيمة، والعقاب خفيف". ويذهب يوحنّا الذهبيّ الفم في الإطار نفسه إلى القول بأنّ هذا العقاب كان هدفه توبة قايين، فيقول: "يبدو أنّ الله أعدّ للعقاب طريقةً تُمكّن قايين من أن يتحرّر من خطيئته". يقول القدّيس أمبروسيوس أسقف ميلانو (+٣٩٧): "الخاطئ عبد للخوف، وعبد للجشع، وعبد للغضب. وعلى الرغم من أنّ إنسانًا في وضع قايين يظنّ نفسه حرًّا، إلاّ أنّه كان أكثر عبوديّة ممّا لو كان تحت أقدام الطغاة". وأمبروسيوس نفسه يلاحظ أنّ "قايين كان خائفًا من أن يُقتل، وكان لا يعرف إلى أين يهرب. فالشرّ يتعاظم ويتكاثر كلّما مورس، إذ لا حدود له أو اعتدال". من تلك العصور السحيقة إلى يومنا هذا، ما زال الإنسان يقتل أخاه الإنسان، وما زال الإنسان يفضّل العبوديّة للخطيئة، وما زال الشرّ يستدعي الشرّ... غير أنّنا لن نفقد الرجاء بأنّ دم هابيل المسفوك، الذي يرمز إلى دم المسيح، سوف ينتصر على السيف، وقد انتصر.
من بيان المجمع الأنطاكيّ المقدّس انعقد المجمع الأنطاكيّ المقدّس في دير سيدة البلمند ما بين ١٥ و١٧ تشرين الأول ٢٠١٣ برئاسة صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر، وحضور مطارنة الأبرشيات. افتتح صاحب الغبطة الدورة المجمعية بالصلاة، واستدعاء الروح القدس، راجيًا أن يغدق الله من نعمه على المجتمعين ليفصّلوا باستقامة كلمة حقه لشعبهم المؤمن وللعالم المتعطش لكلمة رجاء. أطلع صاحب الغبطة آباء المجمع على الزيارات الرعائية التي قام بها لأبرشية اللاذقية ومدينة طرطوس من أبرشية عكار وللقسم الألماني من أبرشية أوروبا، حيث تسنى له أن يلتقي بالمؤمنين ويجتمع بالرعاة وبالفعاليات الناشطة. وشدّد صاحب الغبطة على مدى الفرح الذي اعتراه لرؤية المؤمنين ثابتين على صخرة الإيمان ومقيمين في محبة الكنيسة وسيّدها. كذلك أطلع صاحب الغبطة المجمع على زيارته للاردن للمشاركة في مؤتمر" التحديات التي تواجه المسيحيين العرب"، وعلى زيارته الفاتيكان ولقائه بقداسة البابا فرنسيس ومشاركته في اللقاء الذي نظّمته جمعية سانت اجيديو حول "الشجاعة في الرجاء، حوار الأديان والحضارات". وكانت الزيارة فرصة لاستعراض آفاق التعاون بين الكنيستين من أجل تفعيل شهادة المسيحيين في الشرق وفي العالم، ومن أجل كرامة الإنسان وتوطيد قيم الحرية والعدل والسلام. تداول آباء المجمع بالمسائل التي تهم الكنيسة الأرثوذكسية الجامعة. وشددوا على ضرورة التنسيق بين الكنائس من أجل تفعيل الحضور الأرثوذكسي في العالم ومن أجل شهادة حية تقول المسيح للإنسان المعاصر ولتسهيل انعقاد المجمع الأرثوذكسي الكبير. استعرض آباء المجمع واقع أبرشية أوروبا التي شغرت بانتخاب صاحب الغبطة على السدة البطريركية. وبعد أن تبين أن تنامي هذه الأبرشية واتساع رقعتها وتعدد لغاتها وازدياد عدد أبنائها يتطلب إعادة النظر بحدودها من أجل رعاية فعالة، قرروا استحداث الأبرشيات والمعتمديات التالية في المدى الأوروبي: أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية، أبرشية ألمانيا وأوروبا الوسطى، أبرشية الجزر البريطانية وإيرلندا، ومعتمدية السويد والبلدان الاسكندنافية. وانتخبوا الأسقفين: إغناطيوس (الحوشي) متروبوليتًا على أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية، وإسحق (بركات) متروبوليتًا على أبرشية ألمانيا وأوروبا الوسطى. وفوّضوا البطريـرك تعيين معتَمدٍ بطريركيّ يدير أبرشية الجزر البريطانية وإيرلندا بالرجوع إليه إلى حين انتخاب متروبوليتٍ عليها. ثم قدّم الشماس بورفيريوس (جورجي)، عميد معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي، عرضًا عن واقع الرسالة التي يؤديها معهد اللاهوت ومرتجاها، فأثنى الآباء على ما جاء فيه وباركوا له الجهود التي يقدّمها لضمان حسن سير المعهد وقدموا اقتراحاتهم. توقف آباء المجمع عند معاناة سوريا وشعبها جراء أعمال العنف التي تدمّر وتقتل وتجرح وتشرد. وشددوا على أن لغة العنف والقتل غريبة عن الشعب السوري الذي يتطلع الى العيش بحرية وكرامة في أرضه، في ظل دولة واحدة، يشارك الجميع في إعلاء شأنها وترسيخها على قيم الديمقراطية والحرية والعدالة والعيش الواحد المبنيّ على احترام الآخر على اختلافه وضرورة السير في منطق الحوار والحل السلميّ. وناشد آباء المجمع أبناءهم أن يقيموا في الرجاء "الذي لا يخيب"، وأن يلتزموا بقيم الإنجيل التي تدعوهم إلى نبذ العنف، واحترام صورة الله في كل إنسان، ومسح الدموع عن وجه كل معذّب، وأن يثبتوا في أرضهم، وألا يتخلّوا عنها مهما قست الظروف، لأن ربهم أرادهم شهودًا فيها. وناشدوهم ألا يفرّطوا بأرضهم لحل مشكلات مادية آنيّة، لأن هذه الأرض جُبِلَتْ بتراب القديسين ولأنها تبقى ملاذَهم الوحيد. وحضّوهم على تكثيف الصلوات من أجل السلام، وعلى التعاضد في ما بينهم للتخفيف من وطأة الأزمة ولاسيما على الأكثر حاجة. وفي هذا المجال توجّه المجمع بالشكر إلى كل من يتعاون مع البطريركية لإغاثة الإخوة المحتاجين. وشكروا الذين تجاوبوا مع نداء البطريركية وأعطوا بكرم لدعم العمل الإغاثيّ في البطريركية في يوم التضامن الأنطاكيّ في ١٥ أيلول ٢٠١٣. وذَكَرَوا أبناءهم في حلب التي تفتقد مطرانيها وباركوهم على ثباتهم في الرجاء، إذ إن رماد التجارب لا يُخفي وجه الحبيب الباقي. وتوجّه آباء المجمع إلى المجتمع الدولي، راجين أن يلتفت إلى آلام الشعب السوري، وأن يساهم بترسيخ قيم السلام والعدل والديمقراطية. حضّ الآباء كل المنظماتِ المعنية بشؤون النازحين، على تأمين مستلزمات الحياة الضرورية لهم ليعيشوا بكرامة فيما هم يتنظرون عودتهم إلى مدنهم وقراهم. وكرر آباء المجمع استنكارهم للدمار الذي لا يوفر دُور العبادة والمعالم التاريخية والثقافية الشاهدة على عراقة الحضارة السورية. وتوقفوا بأسى عند الغموض الذي يكتنف قضية المطرانَين المخطوفين، بـولس (يـازجي) ويـوحنا (إبـراهيم). ودعــوا المجتمَعَـــين الدولي والعربي إلى تحمّل مسؤوليتهما في هذا الشأن لجلاء الحقيقة ولكشف مصير المطرانين وجميع المخطوفين وإعادتهم سالمِين إلى أهلهم وأحبائهم. واستمطر آباء المجمع الرحمة الإلهية على نفوس الشهداء الأبرياء الذين قضَوا خاصّين بالذكر الكهنة الذين قضَوا وهم يُبلسمون جراح رعاياهم. والتفت الآباء إلى لبنان الذي يعاني أبناؤه من أزمة اقتصادية خانقة ومن قلق على المصير نتيجة الإمعان في تعطيل مؤسسات الدولة. وناشدوا جميع الأفرقاء والمسؤولين تحمّل مسؤولياتهم في سبيل إنقاذ لبنان ونمو إنسانه، ودعوهم إلى تحصين لبنان وتجنيبه المخاطر المحدقة به من كل صوب من خلال التعالي عن مصالحهم الضيقة وتجاوز خلافاتهم الآنيّة والعودة إلى الحوار بروح المصارحة والمصالحة، والمسؤولية الوطنية التاريخية، وذلك بضرورة تشكيل حكومةٍ جامعةٍ تكون قادرةً على درء المخاطر والمحافظة على الاستقرار تجنبًا للوقوع في أتون الفراغ، حفاظًا على السلم الأهلي. وتداول آباء المجمع في النشاط الذي يقوم به أبناؤهم في لبنان، مؤكدين احترامهم لتنوّع آرائهم السياسية، ومذكّرين في الوقت عينه بأن الكنيسة، وإن كانت لا تملي على أبنائها مواقف سياسية محددة، ترفض أن تحتكر هيئات أو جمعيات أرثوذكسية التعبير عن الموقف الأرثوذكسي، وتبقى الكنيسة، من خلال مجمعها المقدس وعلى رأسه السيد البطريرك، المرجع الرسمي الذي يُعبّر عن موقف الكنيسة الأرثوذكسية في كل ما ينير الطريق لأبنائها على ضوء الإنجيل في التزامهم شؤون أوطانهم. ولم يغب العراق المعذّب عن هموم آباء المجمع وكذلك فلسطين الجريحة. فصلّوا لكي يُثبّت الرب العراق وفلسطين وجميع الدول العربية على طريق الاستقرار والسلام. وشدّدوا على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية المحقّة. وطلب آباء المجمع من أبنائهم أن يواجهوا التحدّيات التي تطرحها عليهم مجتمعاتهم وعصرنا اليوم بامتحانها على ضوء قيم الإنجيل. ودعوهم إلى العمل من أجل السلام أينما حلّوا، ونبذ التقوقع الطائفي والعنصرية المقيتة، والعيش الواحد الصادق مع إخوتهم في المواطنة، والعمل من أجل كرامة الإنسان وحريته ووقف إراقة الدماء والتزام شؤون المعذَّبين في الأرض الذين وحّد المسيح نفسه بهم. وختم آباء المجمع دورتهم بكلام بولس: “اكمَلُوا، تعزّوا، اهتمّوا اهتمامًا واحدًا، عيشوا بسلام، وإله المحبة والسلام يكون معكم” (٢كورنثوس ١٣: ١١). |
Last Updated on Monday, 21 October 2013 13:37 |
|