Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2014 العدد 21: أهذا أخطأ ام أبواه؟
العدد 21: أهذا أخطأ ام أبواه؟ Print Email
Sunday, 25 May 2014 00:00
Share

تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

الأحد 25 أيار 2014   العدد 21  

أحد الأعمى

logo raiat web



كلمة الراعي

أهذا أخطأ ام أبواه؟

هوذا الأحد الأخير من الفصح، وبعد ثلاثة أيام نختتم هذا الموسم القيامي المبارك. كنا نرتل طوال أربعين يوما "المسيح قام" ونتبادل التحية كمسيحيين، واليوم نقرأ هذا الفصل الإنجيلي الذي يختتم فترة الفصح ويتكلم عن انسان أعمى منذ مولده، والسؤال المطروح في الشعب: أهذا أخطأ أم أبواه؟ وهذا سؤال لا يزال مطروحا اليوم اذا مرض انسان أو مات انسان.

  كنت أقوم بواجب التعزية في احدى القرى وطُرح عليّ السؤال: لماذا مات هذا الشاب؟ ألعله يستأهل الموت؟ ألعل الله كان ينتقم من أحد من الناس به؟ وكأنهم يريدون أن يستبقوا البشر، أن يستبقوا أعزاءهم حتى لا يموتوا، في حين أننا نعرف أن ما يُسمّى الموت هو جزء من مسيرة كبرى تبدأ بالخلق وتمر بالولادة، وتنتهي لا إلى الموت بل إلى القيامة من الموت. ونحن تعوّدنا أن هذه المواقف مدهشة. هكذا يفكر شعبنا، وهكذا يسلك، ولهذا نراه عند محنة أو شدة يسأل: "أهذا أخطأ أم أبواه؟".

يسوع يجيبنا من خلال قوله الكريم الأبدي: "لا هذا أخطأ ولا أبواه". المرض ليس قصاصًـا لأحد، والموت ليس قصاصًـا لأحد. ليس المرض أو الموت قصاصا شخصيا. ولكن الذي يموت شابا ليس اسوأ حالا من الذي يموت شيخًا، والذي يبقى على عافيته ليس أوفر حظا من الذي يفقد عافيته. فالإنسان قد يستفيد من عافيته ليقترب من الله، وقد يستفيد من مرضه ليقترب من الله. والموت في كل حال هو انتقال صاحبه إلى وجه الله المُشرق وهو أفضل من وجودنا جميعا. ومن أجل ذويه وأصدقائه قد يكون افتقاد الميت فرصة تقرّبهم من قلب الله. أمام الموت موقفنا الوحيد هو موقف دعاء: "ربي قرّب أبا هذا الميت وأُمه وإخوته وأصدقاءه، قرّبهم منك بسبب ما حصل". وكثيرا ما نرى المؤمنين يدنون من المسيح ويتطهرون ويتلطفون ويجملون بسبب الموت. قياس المؤمن هو فقط هذا: أأعطاني الله فرصة لأتوب وأتعافى روحيا ولأعرفه أكثر مما كنت أعرفه؟ فإذا كان المرض فرصتي أنا للسموّ فليكن، واذا كان الموت فرصة أيّ منا للسموّ فلتكن مشيئة الله.

كثيرا ما يحدّثنا الإنجيل عن النور. في إنجيل اليوم أعمى يصبح بصيرا، فورا، بكلمة المسيح، بلمسة من المسيح. أمنيتنا في الأرض أن نبصر. كيف نبصر وعيوننا مفتوحة؟ نبصر ما لا يراه غير المؤمن، نبصر ما لا يراه المؤمنون الضعفاء، أي اننا نبحث عن إرادة الله فينا وعمّا يرفعنا اليه، ونبتعد عما يبعدنا عنه. كل منا عنده القدر الكافي من النور ليُبصر. بعد قيامة المخلّص بشّر الرسل بالإنجيل، والمأمول أن كلا منّا يحتوي إنجيلا في بيته أو بالأقل يصغي اليه إصغاء شديدا في الكنيسة. ثم بثّت الكنيسة تعاليم المسيح فينا بصلواتها واجتماعاتها. فإذا كانت آذاننا مفتوحة، فالنور كاف لكي نُبصر.

ماذا نُبصر؟ كيف نتحوّل إلى تلاميذ يسوع كما تَحَوّل هذا الأعمى؟ الجواب هكذا: أن نعرف ماذا يُعمينا. شهواتنا تُعمينا، وكل منّا له شهوة أو شهوتان أو اكثر: هذا للمال، وذاك لحب المجد، والثالث لحب القوة وما إلى ذلك من رغبات. فليمتحن كل منا نفسه ويرى ويلاحظ ويعترف بنفسه قبل كل شيء. فإذا اعترف، فليأتِ إلى السيد ويقول له: أنا غارق في بحر شهواتي، وأُريد منك يا رب أن تشفيني منها وأن تجعلني مسيحيا جديدا مغتسلا كما اغتسل الأعمى في بركة سلوان.

سلوان معناها "المُرسَـل"، أي إذا أَرسل الله الينا نعمته وافتقدنا نغتسل فتتجدد معموديتنا كل يوم بصورة روحية، وهكذا ندنو من القيامة ويكون لنا كل يوم عيد لنكمل الفصح طيلة السنة، بحيث ندفن شهواتنا في قبر المسيح ونقوم معه إلى حياة جديدة أحياء مستنيرين.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

الرسالة: أعمال الرسل ١٦: ١٦-٣٤

في تلك الأيام، فيما نحن الرسل منطلقون إلى الصلاة، استقبلتْنا جاريةٌ بها روح عرافة، وكانت تُكسِب مواليها كسبا جزيلا بعرافتها. فطفقت تمشي في إثر بولس وإثرنا وتصيح قائلة: هؤلاء الرجال هم عبيدُ الله العليّ وهم يُبشّرونكم بطريق الخلاص. وصنعتْ ذلك أياما كثيرة، فتضجّر بولس والتفت إلى الروح وقال: إني آمرُكَ باسم يسوع المسيح أن تخرج منها، فخرج في تلك الساعة. فلما رأى مواليها أنه قد خرج رجاء مكسبهم قبضوا على بولس وسيلا وجرّوهما إلى السوق عند الحُكّام، وقدّموهما إلى الولاة قائلين: إن هذين الرجُلين يُبلبلان مدينتنا وهما يهوديّان، ويُناديان بعادات لا يجوز لنا قبولها ولا العمل بها إذ نحن رومانيون. فقام عليهما الجمع معا ومزّق الولاةُ ثيابهما وأمروا أن يُضربا بالعـصيّ. ولـما أَثخنوهما بالجراح أَلقوهما في السجن وأَوصَوا السجّان بأن يحرسهما بضبط. وهو إذ أُوصي بمثل تلك الوصية ألقاهما في السجن الداخلي وضبط أرجلهما في المقطرة. وعند نصف الليل كان بولس وسيلا يُصلّيان ويسبّحان الله والمحبوسون يسمعونهما، فحدث بغتة زلزلة عظيمة حتى تزعزعت أُسس السجن، فانفتحت في الحال الأبواب كلّها وانفكَّت قيود الجميع. فلما استيقظ السجّان ورأى أبواب السجن انها مفتوحة استلّ السيف وهمَّ أن يقتل نفسه لظنّه أن المحبوسين قد هربوا. فناداه بولس بصوت عال قائلا: لا تعمل بنفسك سوءا فإنّا جميعنا ههنا. فطلب مصباحا ووثب إلى داخل وخرَّ لبولس وسيلا وهو مرتعد. ثم خرج بهما وقال: يا سيديّ، ماذا ينبغي لي أن أَصنع لكي أَخْلُص؟ فقالا: آمنْ بالرب يسوع المسيح فتخلُص أنت وأهل بيتك. وكلّماه هو وجميع من في بيته بكلمة الرب. فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسل جراحهما واعتمد من وقته هو وذووه أجمعون. ثم أَصعدهما إلى بيته وقدّم لهما مائدة وابتهج مع جميع أهل بيته إذ كان قد آمن بالله.

الإنجيل: يوحنا 9: 1-38

في ذلك الزمان فيما يسوع مجتاز رأى إنسانا أعمى منذ مولده. فسأله تلاميذه قائلين: يا رب، من أخطأ أهذا أم أبواه حتى وُلد أعـمى؟ أجاب يسوع: لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه. ينبغي لي أن أَعمل أعمال الذي أَرسلني ما دام نهارٌ، يأتي ليل حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دمتُ في العالم فأنا نور العالم. قال هذا وتفل على الأرض وصنع من تفلته طينا وطلى بالطين عينَي الأعمى وقال له: اذهبْ واغتسلْ في بركة سِلوام (الذي تفسيره المرسَل). فمضى واغتسل وعاد بصيرا. فالجيران والذين كانوا يرونه من قبل أنه كان أعمى قالوا: أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي؟ فقال بعضهم: هذا هو، وآخرون قالوا: إنه يشبهه. واما هو فكان يقول: إني أنا هو. فقالوا له: كيف انفتحتْ عيناك؟ أجاب ذاك وقال: انسان يُقال له يسوع صنع طينا وطلى عينيّ، وقال لي اذهب إلى بركة سلوام واغتسل، فمضيتُ واغتسلتُ فأبصرتُ. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أَعلم. فأَتوا به، أي بالذي كان قبلا أعمى، إلى الفريسيين. وكان حين صنع يسوع الطين وفتح عينيه يوم سبت. فسأله الفريسيون أيضا كيف أبصر، فقال لهم: جعل على عينيّ طينا ثم اغتسلتُ فأنا الآن أُبصر. فقال قوم من الفريسيين: هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت. آخرون قالوا: كيف يقدر إنسان خاطئ أن يعمل مثل هذه الآيات؟ فوقع بينهم شقاق. فقالوا أيضا للأعمى: ماذا تقول أنت عنه من حيث إنه فتح عينيك؟ فقال: إنه نبي. ولم يصدّق اليهود عنه أنه كان أعمى فأَبصر حتى دعَوا أبوَي الذي أَبصر وسألوهما قائلين: أهذا هو ابنُكما الذي تقولان انه وُلد أعمى، فكيف أبصر الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلم أن هذا ولدنا وانه وُلد أعمى، وأما كيف أَبصرَ الآن فلا نعلم، أو من فتح عينيه فنحن لا نعلم، هو كامل السن فاسألوه فهو يتكلّم عن نفسه. قال أبواه هذا لأنهما كانا يخافان من اليهود لأن اليهود كانوا قد تعاهدوا أنه إن اعترف أحد بأنه المسيح يُخرَج من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامل السنّ فاسألوه. فدَعَوا ثانيةً الانسان الذي كان أعمى وقالوا له: أَعطِ مجدا لله، فإنا نَعلم أن هذا الإنسان خاطئ. فأجاب ذاك وقال: أخاطئ هو لا أعلم، إنما أَعلم شيئا واحدا أني كنتُ أعمى والآن أنا أُبصر. فقالوا له أيضا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينيك؟ أجابهم قد أَخبرتكم فلم تسمعوا، فماذا تريدون أن تسمعوا أيضا؟ ألعلّكم أنتم أيضا تريدون أن تصيروا له تلاميذ؟ فشتموه وقالوا له: أنت تلميذُ ذاك. واما نحن فإنّا تلاميذُ موسى ونحن نَعلم أن الله قد كلّم موسى. فأما هذا فلا نعلم من أين هو. أجاب الرجل وقال لهم: إن في هذا عَجَبا أنكم ما تعلمون من أين هو وقد فتح عينيّ، ونحن نعلم أن الله لا يَسمع للخطأة، ولكن اذا أحدٌ اتقى الله وعمل مشيئته فله يستجيب. منذ الدهر لم يُسمع أن أحدا فتح عيني مولودٍ أعمى. فلو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا. أجابوه وقالوا له: إنك في الخطايا قد وُلدتَ بجملتك. أفأنت تُعلّمنا؟ فأَخرجوه خارجا. وسمع يسوع أنهم أخرجوه خارجا، فوجده وقال له: أتؤمن أنت بابن الله؟ فأجاب ذاك وقال: فمن هو يا سيد لأؤمن به؟ فقال له يسوع: قد رأيتَه، والذي يتكلّم معك هو هو. فقال له: قد آمنتُ يا رب، وسجد له.

هبة المعموديّة

مِنْ خير ما وهبتني إيّاه معموديّتي أن أَرتبط ببني جِلدتي، ولا سيّما منهم إخوتي في الإيمان. فهذا من أعمق ما تقتضيه حياتنا في المسيح. فأنا، مسيحيًّا، لا يمكنني أن أرى الله حقًّا، وأرتبط به فعلاً، إن لم أؤمن به قائمًا في "مجلس المستقيمين وفي الجماعة" (مزمور 111: 1). هذا لا يعني أن أَحصر ارتباطي بِمَن أُشاركهم في إيماني بأوان صلوات كنيستي، بل، إلى هذه المشاركة، أن أمدّه إلى كلّ ما يتعلّق بالتزامي حياتها ونشاطاتها وشهادتها في العالم. فالمسيحيّة لا يحتمل حقّها أن أحيا كما لو أنّني في صحراء. هذا، إن جرى، يعني أنّني لا أفهم أنّني عضو فيها، يعني أنّني لم أَدخلها حقًّا، أنّني أرى نفسي أهمّ من جميع خلق الله.

معنى ذلك، إذا تكلّمنا مسيحيًّا، أنّ الإنسان لا يمكنه أن يتربّى، حقًّا، بعيدًا من حضن جماعته. فإن وجدتَ شخصًا ملتزمًا التزامًا لافتًا، فيجب أن تعتقد أنّ إخوته المعتبَرين، في الجماعة، قد رعَوه، وبذلوا، في سبيل قيامه، عيونهم وماءها الأخّاذ (قابل مع: أعمال الرسل 20: 31). لا، لا يتربّى الإنسان بعيدًا، بل إن التزم إخوته دائمًا (إن كان يحيا معهم)، وإن قصد أن يتّحد بهم (إن كان يرغب في أن يجدّد حياته كلّيًّا). وهذا الحقّ يحثّنا، ملتزمين، على أن نذكر، دائمًا، أنّ لإخوتنا دَيْنًا علينا (فيليمون 19). لا يعني هذا أنّ للالتزام ثمنًا مادّيًّا ينبغي لكلٍّ منّا أن يؤدّيه، بل أن أعي قيمة التعب الذي بُذل من أجلي، لأردّه إلى مَنْ تعبوا عليَّ إن بدوا أنّهم يحتاجون إليه، ولأصرف نفسي، في غير وقت، في خدمة كلّ مَنْ أراه يحتاج إلى خدمة. ففي ذكر الدَيْن، أحفظ نفسي من الخروج على تربيتي، من التعالي على مَنْ كانوا سبب وجودي، من التصرّف كما لو أنّي يتيم، ومن إلغاء الآخرين كما لو أنّ أمور وعيي حدثت لي بالمصادفة.

هذه التذكِرة تأتي في زمانٍ بات الكثيرون بيننا فيه يعتقدون أنّهم قادرون على أن يحيوا بعيدًا من حياة كنيستهم. وهذا شرّ خروج، سواء وعينا حقّ ما نهمله قليلاً أو كثيرًا، أو لم نعِهِ بتاتًا. ويمكننا أن نُلحق بِمَنْ لم يدخلوا حقّ المسيحيّة مَنْ خرجوا على التزامهم بعد إظهارهم "وعيًا لافتًا". وهل يكون مَنْ خرج على المسيحيّة قد دخلها حقًّا؟! لا أريد أن أظلم، فإنّ الظالم لا يرث ملكوت الله. لكن، ما عذر الذين يأبون أن يعمّقوا التزامهم الكنسيّ، أو عذر الذين هجروا حياة الجماعة؟ لا أعتقد أنّ ثمّة جوابًا أوضح من اعتقادهم أنّهم قادرون على أن يحيوا لله، أينما حلّوا أو نزلوا. البعيدون لا يمكنهم أن يفهموا أنّ المسيحيّة كلّها أن نعبد الله "كتفًا على كتف" (صفنيا 3: 9). المسيحيّة كلّها، أجل كلّها، أن يعرف كلّ مَن انتسب إلى الله في معموديّته أنّه "ابن البيت"، أي عضو في عائلة، غصن في كرمة، ملح، خميرة.

كلّ أخ قريب يعرف، أو يمكنه أن يعرف، أنّ هدف الحياة في المسيح هي قداستنا. ولا أعتقد أنّ جميع البعيدين يجهلون هذا الهدف. وحسبي أنّنا كلّنا ينبغي لنا أن نعرف أنّ القداسة تأبى أن يسعى إليها أيٌّ منّا فرديًّا، أي على أنقاض رفقة الإخوة. إن كنت أعرف، مثلاً، أنّ المسيحيّة تطلب أن أصلّي، فطلبها لا يعني أنّ علاقتي بالله تكمل بكلمات أؤدّيها (أينما كنت: في الكنيسة أو في مخدعي أو على الطريق). فالصلاة قربى لها وجهتان، لا تنفصلان، أفقيّة وعموديّة. وهاتان يحكمهما أن أعرف الله الذي أتوجّه إليه في صلاتي.

مَنْ هو إلهي؟ إن لم أجب: إنّه إله الكنيسة التي أحيا فيها، تسقط كلّ صلاة أؤدّيها مهما حسبتها حارّة! وإن كنت أعرف، أيضًا، أنّها تطلب أن أفهم علمها، فطلبها يعني أنّها تنتظرني، إلى التزامي علمها في حياتي، أن أبلّغ الحقّ إلى كلّ مَن يلاقونني على دروب حياتي، قريبين وبعيدين. دائمًا، في كلّ طلب، ينتصب الإخوة حاضرين أمامي. فالإخوة، في المسيحيّة، أساس على غير مستوى. فأنا، مثلاً أيضًا، لا أستطيع أن أختبر حقّ أيّ فضيلة من دونهم. إن فهمت أنّني مدعوّ إلى التوبة دائمًا وإلى الخدمة وطول الأناة والتواضع والمحبّة وغيرها من الفضائل، فهذه كلّها (وكلٌّ منها) غير ممكنة، واقعيًّا، بعيدًا من شركة الحياة الأخويّة. فمن المستحيل أن أعرف أنّني أحبّ، حقًّا، من دون وجود آخرين. ومن المستحيل أن أتوب توبةً نصوحًا، ولو التزمت الاعتراف أمام أبي الروحيّ بتواتر مستمرّ، إن لم ألتزم حياة جماعتي، وأقبل نصح إخوتي وكلّ قول يبنيني، أيًّا كان قائله. ومن المستحيل أن أعرف إن كنت صبورًا إن لم أخالط أشخاصًا بعضهم مزعج، أو أقدر على أن أخدم أشخاصًا لا أراهم أمامي، أو أن أحسب نفسي ترابًا من دون أقدام تطأني. وهذا كلّه يردّني إلى ما يجب أن يحتلّ كياني كلّه، أي إلى أن تكون حياتي اندماجًا في حياة كنيستي دائمًا.

أنا إنسان معمّد، عبارة لا تعني أنّني نلت من الله بركةً في اليوم الذي اكتسبتُ فيه عضويّتي الكنسيّة، بل أنّ الله أنعم عليَّ بأن أكون ابن بيته. هذه الغربة، التي باتت نهج الكثيرين اليوم، هي خروج على بنوّتنا لله، أسواء فهم المتغرّبون ذلك واعترفوا به، أم لم يفهموا ويعترفوا. يمكنني أن أشعر كم يمكن أن تجرح هذه الكلمات. والله شاهد عليَّ أنّني لا أتقصّد جرح أحد. فكلّ ما أريده، أو يريده الله منّي ومن سواي، أن نفتح كلّنا له كياننا كلّه، ليشفينا من كلّ بُعد وهجر وفرديّة لا معنى لها. فالربّ، الذي تنازل إلى أن يموت عن كلٍّ منّا، إنّما مات، ليجمعنا، ويوحّدنا معًا به وفيه. هذا ما من أمر، في الكون، أيًّا كان هذا الأمر، يوازيه أهمّيّة. هذا ما من أمر آخر يكشف بلاغته. عندما يلتصق بضميري أنّ الجماعة الكنسيّة عائلتي الكبرى (أو عائلتي الوحيدة)، أفهم أنّني، معمّدًا، ابن لله وأخ لكثيرين لم تلدهم أمّي.

مكتبة رعيتي

"سر الحبّ في الزواج والعائلة"، عنوان كتاب جديد للمطران جورج (خضر) قدّم له ريمون رزق. يضمّ الكتاب أبحاثا في الحب والزواج علمية وعملية ورعائية تقع في ٣٦٧ صفحة. يبحث الفصل الاول في الحب البشري والحب الإلهي، والفصل الثاني في الزواج، والفصل الثالث في العائلة. اما الفصل الرابع فيحتوي على عظات قالها المطران في أكاليل. الكتاب خير مرشد للحياة في شركة الزواج في محبة الله والمحبة المتبادلة على صورة الله. صدر الكتاب عن تعاونية النور الارثوذكسية للنشر والتوزيع. ثمن النسخة خمسة عشر ألف ليرة لبنانية. يُطلب من مكتبة الينبوع ومن المطرانية.

حمص

على أثر انتهاء المعارك في حمص، عاد أهلها ليتفقّدوا بيوتهم وأرزاقهم، وتبيّن أن الأحياء التي حصلت فيها المعارك مدمّرة بشكل كامل بما فيها دُور العبادة. وقد فتحت دار المطرانية الأرثوذكسية القائمة في بستان الديوان في حمص مجددا على رغم تدمير الطابق الثاني فيها، وبدأت تُداوم ليلاً نهارًا لخدمة العائدين لترميم مساكنهم في حمص القديمة بالتعاون مع دائرة العلاقات المسكونية والتنمية في البطريركية حيث يتم توزيع حصص من المواد الضرورية للعائلات التي تعود. قال المطران جاورجيوس (ابو زخم) راعي أبرشية حمص لوسائل الإعلام ان هناك ١١ كنيسة مسيحية في المدينة هُدمت أو تضرّرت، إضافةً إلى خراب المطرانيّات الأربع ومدرسة مار جرجس. كاتدرائية الأربعين شهيدًا وكنيسة القديس اليان الحمصي سلمتا من الهدم، ولكنهما لم تسلما من الحرق والتخريب.

وقد استُهلّت العودة بصلاة أقيمت بحضور كل الرؤساء الروحيين في كنيسة السيدة أُمّ الزنار للسريان الأرثوذكس حيث يُحفظ زنار العذراء مريم والدة الاله منذ مئات السنين.

Last Updated on Monday, 19 May 2014 18:03
 
Banner