للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
العدد ٣٨: مستشفانا الروحيّ |
Sunday, 23 September 2018 00:00 |
تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس الأحد السابع عشر بعد العنصرة الحَبَل بالنبيّ الكريم يوحنّا المعمدان كلمة الراعي مستشفانا الروحيّ في الأعداد السابقة من نشرة «رعيّتي» خيط يجمع «كلمة الراعي» الواحدة تلو الأخرى: عبارة لقاء أو لقاءات. تحدثّت فيها عن لقاءاتنا التي حصلت على مرّ الأسابيع الثمانية التي تلت استلامي رعاية هذه الأبرشيّة. كان بودّي - لو استطعت- تدوين مضمون لقاءاتنا التي جمعتنا في الكنائس وقاعاتها، في أديرة الأبرشيّة كلّها وقسم كبير من المخيّمات التي أقيمت حتّى الآن. فيها كلّها تقاسمنا خبرات، تساؤلات، معاناة، وأحاديث بنّاءة توّجت صلواتنا التي تشاركنا فيها وكنّا قد رفعناها معًا قبل ذلك. من المبكر عليّ تقويم هذه اللقاءات، سواء على المستوى الشخصيّ أو الجماعيّ. بدت محبّبة للمشتركين فيها، وإن مفاجئة للبعض منهم، مباركة في خلاصاتها، ومفرحة الوقع في النفوس عمومًا. أرجو أن تستمرّ بيننا كأمر طبيعيّ مفروغ منه، طالما لقاء الوجوه وبناء المعيّة والتعاون والخدمة تشكّل العناصر التي تلهم عضويّتنا في الكنيسة وخدمتنا فيها. يحلو لي أن أرى عبر هذه اللقاءات وجوهًا تلتقي مع بعضها البعض، وإن كنت في وسطها وسبب التقائها، لتعزّز معًا الخدمة والتعاون والمحبّة والسلام والوحدة في كنيستنا. يحلو لي أن تدفعنا هذه اللقاءات نحو لقاء في التوبة والتواضع اللذين نحتاج إليهما اليوم أكثر ممّا مضى، لنعيش بالفعل معنى وجودنا كبناء روحيّ نطلق عليه معًا اسمه الجديد-القديم: مستشفانا الروحيّ. ساعتها، نعي عضويّتنا في الكنيسة كامتداد طبيعيّ لرسالة الربّ يسوع حينما قال: «لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى. لم آت لأدعو أبرارًا بل خطأة إلى التوبة» (مرقس٢: ١٧). فتصير هذه عضويّتنا الجوهريّة والحقيقيّة التي نلتقي فيها وعليها ونعيشها معًا بملء النفس. طبيعة نسيجنا الكنسيّ ولقاءاتنا المختلفة، سواء في الرعيّة أو الدير، في المخيّم أو الخلوة، في الكنيسة المنزليّة أو الاجتماع الكنسيّ، حريّ بها أن تعبّر عن طبيعة وجودنا وحياتنا فيها، أي عن شفائنا الروحيّ. وهذا مؤدّاه أن نعي أكثر دورنا كأطبّاء ومرضى على السواء. فكلّنا مرضى بسبب الخطيئة، وبعضنا (وإن كان مريضًا بفعل الخطيئة) له دور والديّ، تعليميّ، تربويّ، إرشاديّ، قياديّ، أسراريّ، بحكم موقعه في عائلته، رعيّته، فرقته، كنيسته، ديره... حيث يمارس بطريقة أو بأخرى دور الطبيب، حاملاً رسالة المصالحة بين الله والناس وبين الناس أنفسهم. لقد حبا الله أبرشيّتنا أن تكون إحدى المشافي الروحيّة في كنيستنا، برعاياها وأديرتها، لتعيش دعوتها بين أبنائها. لا شكّ في أنّها أبرشيّة تتميّز بالكثير، ولكنّ هذا لا يغني عن ولوج كنهها وهي أنّ ميزاتها لا يمكن أن تجعلنا نغفل عن كونها مستشفى روحيًّا، نسعى أن يؤدّي رسالته على شاكلة الربّ يسوع، باستلهام الروح القدس، الذي يقودنا إلى كمال التوبة والمحبّة والخدمة. إنّي لأرجو أن نحقّق جميعنا خدمتنا هذه بوعي كامل أنّنا مرضى نلتمس الشفاء، وأن نتدرّج، بفهم وحكمة، في نضج روحيّ يسمح لنا بأن نكون معاونين للربّ في عمله في مستشفاه الروحيّ، الذي هو جسده وبآن معًا كنيستنا. سلوان متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
الرسالة: غلاطية ٤: ٢٢-٢٧ يا إخوة إنّه كان لإبراهيم ابنان أحدهما من الجارية والآخر من الحرّة. غير أنّ الذي من الجارية وُلد بحسب الجسد، أمّا الذي من الحرّة فبالموعد. وذلك إنّما هو رمز لأنّ هاتين هما العهدان أحدهما من طور سيناء يلد للعبوديّة وهو هاجر. فإنّ هاجر بل طور سيناء جبل في ديار العرب ويناسب أورشليم الحاليّة، لأنّ هذه حاصلة في العبوديّة مع أولادها. أمّا أورشليم العليا فهي حرّة وهي أمّنا كلّنا. لأنّه كُتب: افرحي أيّتها العاقر التي لم تلد، اهتفي واصرخي أيّتها التي لم تتمخّض، لأنّ أولاد المهجورة أكثر من أولاد ذات الرجل.
الإنجيل: لوقا ٥: ١-١١ في ذلك الزمان فيما يسوع واقف عند بحيرة جنيسارت، رأى سفينتين واقفتين عند شاطئ البحيرة وقد انحدر منهما الصيّادون يغسلون الشباك. فدخل إحدى السفينتين وكانت لسمعان، وسأله ان يتباعد قليلاً عن البرّ، وجلس يعلّم الجموع من السفينة. ولمّا فرغ من الكلام قال لسمعان: تَقَدَّمْ إلى العمق وأَلقُوا شباككم للصيد. فأجاب سمعان وقال له: يا معلّم إنّا قد تعبنا الليل كلّه ولم نُصب شيئًا، ولكن بكلمتك أُلقي الشبكة. فلمّا فعلوا ذلك احتازوا من السمك شيئًا كثيرًا حتّى تخرّقت شبكتهم. فأشاروا إلى شركائهم في السفينة الأخرى أن يأتوا ويعاونوهم. فأتوا وملأوا السفينتين حتّى كادتا تغرقان. فلمّا رأى ذلك سمعان بطرس خرّ عند ركبتَي يسوع قائلاً: اخرُجْ عنّي يا ربّ فإنّي رجل خاطئ، لأنّ الانذهال اعتراه هو وكلّ من معه لصيد السمك الذي أصابوه، وكذلك يعقوب ويوحنّا ابنا زبدى اللذان كانا رفيقين لسمعان. فقال يسوع لسمعان: لا تخفْ فإنّك من الآن تكون صائدًا للناس. فلمّا بلغوا بالسفينتين إلى البَرّ تركوا كلّ شيء وتبعوه.
دعوتنا تبدأ الكنيسة الأرثوذكسيّة بقراءة إنجيل لوقا في الخدم الليتورجيّة بعد عيد رفع الصليب المحيي، وتبقى، باستثناء عيد الظهور الإلهيّ، على قراءاته حتّى مطلع الصوم الكبير. في الصوم الكبير نقرأ من إنجيل مرقس، ومع الفصح نبدأ من إنجيل يوحنّا. أمّا القراءات من الإنجيليّ متّى، فتبدأ بعد عيد العنصرة، وتستمرّ حتّى عيد الصليب. نلاحظ أنّ الكنيسة، في الأحد الأوّل من قراءات إنجيل لوقا، تقرأ علينا من الفصل الخامس عن دعوة يسوع رسله الأوّلين (٥: ١-١١). هذه الدعوة تتكّرر في الأحد الثاني من قراءات إنجيل متّى (٤: ١٨- ٢٢). وفي الأحد الأوّل من الصوم الذي تبدأ قراءات الإنجيليّ مرقس، نقرأ دعوة الرسل الواردة في إنجيل يوحنّا (١: ٤٣-٥١)، ذلك بسبب تطابق رواية دعوة الرسل في إنجيل مرقس (١: ١٦-٢٠)، بشكل شبه حرفيّ، مع رواية الإنجيليّ متّى. في الفترة الفصحيّة المخصّصة لإنجيل يوحنّا، لا نقرأ فيها شيئًا عن دعوة الرسل. ذلك بأنّ التركيز على حدث القيامة ومعانيه يطغى على كلّ شيء سواه. هذه دعوة إلينا. فمن الواضح أنّ الكنيسة تريد من هذه القراءات أن تدعونا إلى أن نكون نحن، قارئين كنّا أو سامعين، رسلاً للكلمة. هذه القراءات دعوة إلينا نحن، هنا والآن، إلى أن نحمل ما نسمعه إلى العالم. فيسوع، قبل أن يقدّم لهؤلاء «الصيّادين» عملاً جديدًا، قدّم لهم «كلمة الله» (لوقا ٥: ١). العمل الجديد أو بالحريّ «المهمّة» الجديدة هي أن يستمرّ نقل «كلمة الله» عينها إلى الناس. فيسوع، الذي يصوّره لوقا لنا في هذا المقطع، نراه يعظ من السفينة أو في السفينة. ومن المؤكّد أنّه يقصد، بهذا، الكنيسة التي تحفظ دائمًا كلمة يسوع، وتردّدها علنًا. إلى هذا دعا يسوعُ بطرسَ ورفاقه. وإلى هذه الدعوة عينها، يدعونا أيضًا. ينفرد الإنجيليّ لوقا في إيراد خبر الصيد العجائبيّ في سياق دعوة التلاميذ. المقصود أن يذكّرنا بأهمّيّة طاعة «المعلّم» وحفظ كلمته. فكيف لا يتردَّد صيّاد خبير في تنفيذ أمر «نجّارٍ» يخالف كلّ ما يعرفه عن صيد السمك؟ أجل، هذه قوّة الكلمة. فيسوع ليس مجرّد معلّم كالفرّيسيّين والكتبة (متّى ٧: ٢٩؛ مرقس ١: ٢٢؛ لوقا ٤ :٣٢)، إنّه المعلّم الذي يعلّم بسلطان، أي لا يكرّر فقط ما سمعه، بل يقول تعليمه الخاصّ أيضًا (متّى ٥: ١٧-٤٨). وهذه جرأة لم تتوفّر في معلّمي الشريعة اليهود والذين يشبهونهم في كلّ جيل. إلى هذا، ثمّة أمر يتعلّق بحمل الكلمة لا يقوم هذا الحمل من دونه. وهذا الأمر هو أن نترك كلّ ما يعيق عمل البشارة. هذا الترك يرد في المقاطع الأربعة بشكل صريح. فسمعان بطرس وأندراوس أخوه تركا الشباك، أي عملهما، وتبعا يسوع (متّى ٤: ٢٠؛ مرقس ١: ١٨). أمّا يعقوب ويوحنّا ابنا زبدى فتركا السفينة وأباهما (متّى ٤: ٢٢؛ مرقس ١: ٢٠) وتبعا يسوع. أمّا لوقا، فبتشديده على أمر الترك يقول إنّ هؤلاء الأربعة تركوا «كلّ شيء»، ليتبعوا يسوع (لوقا ٦: ١١). أمّا الإنجيلي يوحنّا، فيُفهم ممّا كتب أنّ التلميذين اللذين تبعا يسوع أوّلاً كانا من تلاميذ المعمدان. المعمدان هو الذي أشار إلى تلميذيه، وتاليًا إلى كلّ من تتلمذ على النبوءة، أن يتبعا يسوع بقوله عنه إنّه «حمل الله». ترك التلميذان النبيّ السابق، وتبعا يسوع، بل مكثا عنده في تلك الليلة (يوحنّا ١: ٣٦-٣٩). دعوة يسوع، في حسابات هذا العالم، تبدو غير منطقيّة. فكيف يترك أحدٌ عملاً مزدهرًا، كما هو الحال مع يعقوب ويوحنّا، ويتبع رجلاً لا شيء يدلّ على أنّه يملك شيئًا؟ هذه دعوة لا تفهم إلاّ اذا قبلنا أنّها دعوة الله. فما حدث يذكرّنا بأحداث مشابهة جرت في العهد القديم. (أنظر مثلاً: دعوة إبراهيم في تكوين ١٢: ١-٣، ودعوة أليشع في ملوك الأوّل ١٩: ١٩-٢١). ولأنه لا يمكننا أن نتبع يسوع إن كنّا نتبع آخرين في الوقت ذاته، فهذا الترك أساس ومهمّ. فلا يمكننا أن نلتزم سيّدين أو نعبد ربّين (لوقا ١٦: ١٣؛ متّى ٦: ٢٤). نأتي إلى المسيح أرضًا صالحة، بعد أن نزيل الأشواك والحجارة، لتستطيع كلمته أن تنمو فينا أضعاف أضعاف (متّى ١٢: ١-٩؛ مرقس ٤: ٣-٩؛ لوقا ٨: ٥-٨). يأتي التطبيق العمليّ لهذا الترك في مطلع التزامنا الحياة في المسيح. فقد احتفظت الكنيسة، في خدمة سرّ المعموديّة بالطلب من المتقدّم إلى المعموديّة، طفلاً أو بالغًا، أن يرفض الشيطان. وهذان الرفض والترك، هما تعهدٌ والتزامٌ. تعهدٌ نبدأ به مسيرتنا نحو الملكوت، والتزام يرافقنا طيلة هذه المسيرة. فلكي نعطي العالمَ مسيحَ الله، علينا أن نلتزمه هو فقط، أن نسعى لنمتلك «فكر المسيح» (١كورنثوس ٢: ١٦) حتّى تصبح أقوالنا وأفعالنا هي هي أقوال المسيح وأفعاله. هلمّ نلبّي دعوة المسيح.
القدّيس سلوان الآثوسيّ عيده غدًا في ٢٣ أيلول. وُلد القديس سلوان الآثوسيّ السنة ١٨٦٦ في روسيا في عائلة بسيطة من الفلاًحين. كان إنسانًا بسيطًا، عاديًّا، قويّ البنية يعيش حياة بقيّة الشبّان في أيّامه. تأثر كثيرًا بوالده الذي وصفه سلوان بأنّه كان رجلاً حكيمًا، لطيفًا، هادئًا، صبورًا. قال عنه: «تصوّر أنّه صبر عليّ ستة أشهر منتظرًا اللحظة المناسبة ليصلحني (في خطأ ارتكبته) من دون أن يجرحني». كان لدى سلوان إحساس عميق بالخطيئة عند كلّ أمر سيّئ يرتكبه. في التاسعة عشرة اتّجه فكره نحو الرهبنة فصار يكثر من الصلاة ويبكي خطاياه، لكنّه انتظر نهاية خدمته العسكريّة. وصل إلى دير القدّيس بندليمون في جبل آثوس في خريف ١٨٩٢. هناك عاش ككلّ الرهبان: صلوات، أصوام، أسهار، قراءة، عمل وطاعة. رقد بالربّ السنة ١٩٣٨. كتب سيرته تلميذه الأرشمندريت صفروني (سخاروف) وجمع أقواله في كتاب نقلته الأمّ مريم (زكّا) إلى العربيّة السنة ١٩٩٢. من أقواله:
زيارات المطران سلوان إلى الرعايا
|
Last Updated on Monday, 17 September 2018 07:45 |
|