Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2019 العدد ٥٠: حكاية رفض ومبادرة مستمرّة
العدد ٥٠: حكاية رفض ومبادرة مستمرّة Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 15 December 2019 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ١٥ كانون الأوّل  ٢٠١٩ العدد ٥٠ 

أحد الأجداد القدّيسين

logo raiat web

كلمة الراعي

حكاية رفض ومبادرة مستمرّة

5019 أن يولم لك أحد ولا تلبّي الدعوة في آخر لحظة لأمر محرج، خصوصًا عندما تكون الاستعدادات بحجم ونوعيّة العشاء الذي نقرأه في الكنيسة في أحد الأجداد، في معرض تهيئتنا للاشتراك في مأدبة ميلاد المخلّص. فصاحب الدعوة «صنع عشاء عظيمًا ودعا كثيرين»، وبالغ بتكريمهم عندما «أرسل عبده ساعة العشاء» لتذكيرهم بالدعوة على نحو مميّز، «لأنّ كل شيء قد أُعدّ» بإتقان (لوقا ١٤: ١٦-١٧). ولكن أن يتّفق المدعوّون جميعًا على عدم تلبية الدعوة في آخر لحظة، فهذا رفض مبطّن موجّه إلى صاحبها. بالفعل، دوافع صاحب الدعوة النبيلة والكريمة والشهمة اصطدمت بواقع مخالف لها وعلى نقيضها تمامًا، حيث ابتدأ المدعوّون الأوّلون «برأي واحد يستعفون»، بحجّة الانهماك بأمور ثانويّة، كشراء حقل أو أبقار أو الزواج بامرأة (لوقا ١٤: ١٨-٢٠).

لم يثنِ هذا التصرّف صاحب الدعوة عن متابعة ما شرع به. كادت جهوده أن تذهب أدراج الرياح لو لم يستدرك الموقف برحابة صدر لافتة، لا بدّ من أنّها أخجلت مَن امتنعوا، لربّما كيدًا، عن تلبيتها. وسّع على الفور لائحة المدعوّين وأرسل عبده مرّة تلو الأخرى ليدعو، على وجه السرعة، مَن لم يكن مدعوًّا إلى العشاء، أي «المساكين والجدع والعرج والعمي»، ثمّ المتسكّعين على «الطرق والسياجات». تمّ هذا كلّه بإلحاح وإصرار لافتَين من قبل صاحب الدعوة، إذ كان العبدُ «يُلزم» المدعوّين «بالدخول حتّى يمتلئ» المكان (لوقا ١٤: ٢١-٢٣).

لا شكّ في أنّه تطغى على المثل لهجة تحذيريّة قاسية مقصودة تجاه واقع تاريخيّ وواقع مستمرّ في التعاطي مع حدث التجسّد والتدبير الخلاصيّ بيسوع المسيح. هذا ما عبّرتْ عنه العبارة النهائيّة الجازمة لصاحب الدعوة: «ليس واحد من أولئك الرجال المدعوّين يذوق عشائي» (لوقا ١٤: ٢٤). فعندما يكون الله هو صاحب الدعوة إلى العشاء، نعي ساعتها فداحة موقف مَن يرفضه لأسباب واهية، سيّما إذا قابلنا بين نيّة الداعي وموقف المدعوّ من موضوع العشاء وما يفترضه من لقاء وحوار واحتفاء وتكريم.

لعلّ المثل يصوّر واقعنا فنحن لا ندنو من الله طوعًا، كما يتّضح من موقف المدعوّين الأوائل، بل عن اضطرار وعوز، وهذا أمر تتولّاه شؤون الحياة وشجونها، صعوباتها وضيقاتها، بأن تدفعنا إلى قبول دعوته. فتكون هذه الأوضاع الرسول الذي يختاره الربّ لكي يدعونا إلى عشائه ويضطرّنا إلى دخول بيته. نقصان محبّتنا الأولى تجاهه وتلهّينا بالأمور الثانويّة جعلنا نعرض، عمليًّا، بوعي أو بغير وعي منّا، عن مقتضى دعوة المسيح إلينا. فاجتمعت فينا، والحال هذه، صورة مَن رفضوا حياتيًّا دعوة المسيح، ثمّ صورة مَن تمّت دعوتهم إلى العشاء الإلهيّ وقد جعلتهم ظروف الحياة من ذوي العاهات الروحيّة ومن دون مأوى آمان يناسب كرامتهم في عين الله.

من حيث لا تدري، يساعدك هذا المثل على مواجهة خجلَين ينبعان من الصورتَين السابقتَين. الخجل الأوّل ينشأ من وعيك رفضك الثابت عن أن تلبّي الدعوة إلى العشاء الإلهيّ فتنكفئ على ذاتك وتتّخذ لنفسك خيارات أخرى في الحياة غير إيمانك بالمسيح. والخجل الثاني ينشأ من وعيك عجزك عن أن تتجاوز واقعك المستجدّ، المزري والقاسي ولربّما المهين، قياسًا لوضعك السابق والسليم. في كلتَي الحالتَين ما أجمل الإقرار بالضعف والاعتراف به؛ إذ حريّ بك أن تجد بالتواضع طريق الخروج من خجلك الأوّل والثاني معًا، فتعود أدراجك إلى الربّ.

ولكن ما أجمل الرسالة التي ينقلها العبد في المثل لكلّ العاملين في حقل الربّ، والذي عكس إرادة سيّده، بشجاعة وإقدام وجهد مضاعف، أمينًا على متابعة تدبير الله في ظروف صعبة، ولو اضطرّ إلى أن يخرج مرّتَين إضافيّتَين ليجد المدعوّين الجدد، بعد أن واجه رفض المدعوّين الأوائل. هلّا تجاوزنا إذًا اليوم خجلنا من تصرّفنا إن كنّا من عداد المدعوّين، وإحباطنا من واقعنا إن كنّا من عداد عبيد الربّ، في الظروف الدقيقة التي نعيشها، فلا نبقى بعد الآن غرباء عن مائدة المسيح ولا عن خدمتها بتفانٍ، والتي أرسى بداءتها في المذود حيث وُلد؟

سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: كولوسي ٣: ٤-١١

يا إخوة، متى ظهر المسيح الذي هو حياتنا فأنتم أيضًا تُظهَرون حينئذ معه في المجد. فأَميتوا أعضاءكم التي على الأرض: الزنى والنجاسة والهوى والشهوة الرديئة والطمع الذي هو عبادة وثن، لأنّه لأجل هذه يأتي غضب الله على أبناء العصيان، وفي هذه أنتم أيضًا سلكتم حينًا إذ كنتم عائشين فيها. أمّا الآن فأنتم أيضًا اطرحوا الكلّ: الغضب والسخط والخبث والتجديف والكلام القبيح من أفواهكم. ولا يكذّب بعضُكم بعضًا بل اخلعوا الإنسان العتيق مع أعماله والبسوا الإنسان الجديد الذي يتجدّد للمعرفة على صورة خالقه حيث ليس يونانيّ ولا يهوديّ، لا ختان ولا قلف، لا بربريّ ولا إسكيثيّ، لا عبد ولا حُرّ، بل المسيح هو كلّ شيء وفي الجميع.

 

الإنجيل: لوقا ١٤: ١٦-٢٤

قال الربّ هذا المَثَل: إنسان صنع عشاء عظيمًا ودعا كثيرين، فأَرسل عبده في ساعة العشاء يقول للمدعوّين: تعالوا فإنّ كلّ شيء قد أُعدّ. فطفق كلّهم، واحد فواحد، يستعفُون. فقال له الأوّل: قد اشتريتُ حقلًا ولا بدّ لي من أن أَخرج وأنظره، فأسألُك أن تُعفيني. وقال الآخر: قد اشتريتُ خمسة فدادين بقرٍ وأنا ماضٍ لأُجرّبها، فأسألك أن تُعفيني. وقال الآخر: قد تزوّجتُ بامرأة، فلذلك لا أستطيع أن أجيء. فأتى العبد وأخبر سيّده بذلك. فحينئذ غضب ربّ البيت وقال لعبده: اخرُجْ سريعًا إلى شوارع المدينة وأَزقّتها، وأَدخِل المساكين والجُدع والعميان والعرج إلى ههنا. فقال العبد: يا سيّد قد قُضي ما أَمرتَ به، ويبقى أيضًا محلّ. فقال السيّد للعبد: اخرُجْ إلى الطرق والأسيجة واضطررهم إلى الدخول حتّى يمتلئ بيتي. فإنّي أقول لكم إنّه لا يذوق عشائي أحد من أولئك الرجال المدعوّين، لأنّ المدعوّين كثيرون والمختارين قليلون.

 

ليرأف الله بنا ويباركنا

منذ فصل عيد الميلاد عن الظهور الإلهيّ في القرن الرابع، وانطلاق العمل على صوغ الخدم الليتورجيّة الخاصّة به، رتّبت الكنيسة تلاوة المزمور ٦٦ ضمن صلاة الساعة الثالثة من الساعات الملوكيّة في بارامون العيد.

هكذا، مع بدء اختراق ضوء الشمس ظلمة الأفق الشرقيّ، وامتداد ضوئها، شيئًا فشيئًا، إلى الغرب البعيد، تستعير الليتورجيا هذا المزمور لاستدعاء كلّ الشعوب الكثيرة، من ظلمة الخطيئة إلى الإعلان بشكران الله: «ليرأف الله بنا ويباركنا، وليُضئ وجهه علينا ويرحمنا، لكي تُعرفَ في الأرض طريقُكَ، وفي جميع الأُمَم خلاصُكَ». بينما تتكرّر اللازمة التالية في المزمور: «فلتَعتَرفْ لك الشعُوب، يا الله. فلتَعتَرفْ لك الشعُوب بأسرها». هكذا إذًا، مع انبلاج الصبح، يبدأ الله بأن «يشرق شمسه على الأشرار والصالحين»، فكلّ الأرض مدعوّة أيضًا إلى الاعتراف برحمته الكلّيّة. المسيح «شمس العدل» في تجسّده الإلهيّ «افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت» (لوقا ١: ٧٨-٧٩).

عبر العهد النهائيّ الذي منحنا إيّاه في المسيح، يحقّق إله الكتاب المقدّس كلّ وعوده الواردة في جميع العهود القديمة التحضيريّة للتاريخ المقدّس ويفي بها. رأس هذه الوعود، عهده مع نوح «بين الله وبين كلّ نفس حيّة في كلّ جسد على الأرض». تدبير النعمة القديم هذا، الذي يصفه التكوين بـ«ميثاق أبديّ» (٩: ١٦)، لم يُلغَ قطّ ولن يتمَّ إلغاؤه أبدًا، لأنّه يعتمد بالكلّيّة على وعد الله الكريم والمنزّه.

وبما أنّ رمزه هو «العلامة» السماويّة لقوس القزح، فهو إذًا عهدُ الله مع الخليقة نفسها: «مدّة كلّ أيّام الأرض، / زرع وحصاد، / وبرد وحرّ، / وصيف وشتاء، / ونهار وليل / لا تزال» (تكوين ٨: ٢٢). على هذا النحو، هو عهد جامع، لأنّ نوح هو أبونا أجمعين.

على هذا يكون إذًا، عهد الله مع نوح، «عهدًا جامعًا» على وجهين: في الزمان والمكان.

أوّلًا، في المكان، وعلى كلّ ما يحويه. العهد مع نوح هو ضمانة الربّ بأنّ طريقة تدبير خليقته ستبقى كريمة إلى الأبد، وأنّ نعمة الله سوف تُترجم بانسكابها بشكل هرميّ على بُنية الكون الطبيعيّة عينها، لتربط بين الطبائع العُليا والسفلى بترتيب حكيم أبديّ، ولتضع كلًّا منها تحت تدبير الله وعنايته.

على وجه خاصّ، بالقرب من قمّة هذا التسلسل الهرميّ للعهد، يبقى الكائن البشريّ إلى الأبد موضوعًا خاصًّا لاهتمام الله الخلاصيّ، إذ وجد العهد مع نوح تحقيقه في التجسّد الإلهيّ، والفداء، وكرازة الإنجيل. فقد اعتبر القدّيس بولس حركة الشمس ذاتها، عبر السماء، كرمز لتقدّم الكرازة الرسوليّة (رومية ١٠: ١٨). رحمة الله الأبديّة «مدوّنة» إذًا في السماوات. لذا، في التلاوة الصباحيّة للمزمور ٦٦، نسأل الله أن «يُضيء وجهه» على جميع شعوب العالم، «لكي يعرفوا في الأرض طريقه».

ثانيًا، في الزمان. كما رأينا، يضع سفر التكوين ٩ تشديدًا خاصًّا على «استمراريّة» عهد الله مع نوح. هو العقد الذي يربط كلّ جيل بالأجيال التي مرّت من قبل بتلك التي لم تظهر بعد. وهكذا يصبح التاريخ ذاته هرميًّا، حيث يتعلّم كلّ جيل جديد لغته من سابقه (وتاليًا أنماط الفكر والتقويم المُنظَّمة)، ويخضع، بدوره، بإيمان إلى الحكمة المتراكمة التي تعود إلى العصور الماضية، كما يُرجى بالمقابل، أن تتعزّز عمليّة صقل تلك الحكمة وتزداد من أجل الأطفال المزمعة ولادتهم! وتاليًا، فإنّ العهد مع نوح هو شراكتنا المقدّسة مع التاريخ، أو «عهد المجتمع الأبديّ»، الذي يمتدّ عبر القرون، رابطًا الأحياء مع أولئك الذين رقدوا بالفعل، ومع أولئك الذين لم يولدوا بعد، ولكن على الأخصّ مع الله «الذي يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحقّ يقبلون» (١تيموثاوس ٢: ٤).

«لتَفرَح الأُمَم وتبتَهجْ، لأنَّك تحكُمُ بينَ الشعوبِ بالاستقامةِ وتَهدي الأمم في الأرض»، يؤكّد المزمور على العهد الدائم والجامع مع نوح، لأنّه الأساس لما يمكن تسميته «التقوى»، أي الاحترام العميق والقويّ لخدمة التقليد الشريف، وتقليدات الأجداد من حيث نستمدّ هويّتنا، وللإله الكريم الذي يسوس العالم بجلال حكمته، «عظيم هو سرّ التقوى: الله ظهر في الجسد، تبرّر في الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أُومن به في العالم، رُفع في المجد» (١تيموثاوس ٣: ١٦).

 

إعلان قداسة

أعلن المجمع المقدّس للبطريركيّة المسكونيّة في جلسته في الفنار في ٢٧ تشرين الثاني ٢٠١٩، قداسة راهبين من جبل آثوس هما القدّيس إيرونيموس الذي ولد في آسيا الصغرى السنة ١٨٧١، وترهّب في دير سيمونوس بترا حيث أمضى ٤٣ عامًا منها ١١ سنة كرئيس للدير، ثمّ ٢٦ سنة في أمطش الدير قرب أثينا حيث رقد السنة ١٩٥٧. كان ناسكًا كبيرًا وأبًا روحيًّا.

القدّيس صفروني الذي ولد في موسكو السنة ١٨٩٦ حيث درس الفنون. قصد باريس السنة ١٩٢٢ ودرس اللاهوت في معهد القدّيس سرجيوس. السنة ١٩٢٥ ترهّب في دير القدّيس بندليمون في جبل آثوس وصار تلميذًا للقدّيس سلوان الآثوسيّ ثمّ صار هو أبًا روحيًّا للعديد من الرهبان. عاد إلى فرنسا والسنة ١٩٥٩ قصد إنكلترا مع مجموعة من الراغبين في الحياة الرهبانيّة، وأسّس دير القدّيس يوحنّا المعمدان في مالدن أسكس. كتب سيرة القدّيس سلوان ومؤلّفات عدّة حول الحياة الروحيّة. رقد السنة ١٩٩٣.

 

راعي الأبرشيّة حول مجالس رعايانا (٥)

العلاقة مع المرجعيّة الكنسيّة

انتداب راعي الأبرشيّة لكاهن الرعيّة، من جهة، وتكليفه لمجلس الرعية، من جهة أخرى، يضعانه في موقع المرجعيّة الأولى بخصوص الشؤون الكنسيّة والإداريّة الخاصّة بالرعيّة وكاهنها ومجلس رعيّتها وذلك بحكم مسؤوليّته الروحيّة والمدنيّة. تجربتي خلال الفترة القصيرة المنصرمة في رعاية هذه الأبرشيّة مشجّعة، فقد أفسحت المجال لتفاعل بنّاء وتعاطٍ شفاف بالرعيّة وبشجونها عبر كاهنها ومجلس رعيّتها. بشكل عام، كان تعاون الجميع، كهنة وأعضاء مجالس، جيّدًا في المسائل الكنسيّة والإداريّة المختلفة، ما سمح بمتابعة معقولة ومناسِبة لكلّ واحدة منها، وذلك بحسب طبيعة الموضوع وتشعّباته وتعقيداته الموروثة في بعض الأحيان.

لقد سمحت هذه الخبرة - وأنا شاكر لها ولمن تعاطيتُ معهم - بإيجاد قواعد عمل مناسبة كنّا نضعها في تصرّف حالات مشابهة في غير رعيّة، بحيث كانت تعمَّم الفائدة أو آلية العمل، توفيرًا للوقت والطاقات والموارد، واستدراكًا لظروف وأوضاع مماثلة. هكذا كان انتظام العمل في القضايا القانونيّة، ومتابعة الشؤون الإداريّة، والانكباب على الشؤون المصرفيّة والماليّة، وتنظيم ما خصّ المشاريع وتنفيذها، بالإضافة إلى تنسيق التعاطي مع الجهات الرسميّة والحزبيّة والكنسيّة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ، وتنظيم هذه العلاقة بحيث تواكب حاجات الرعيّة وعمل مجلسها خصوصًا، وشهادة الكنيسة عمومًا، وتقيها من تبعات مؤذية أو غير مرغوبة أو غير منتظرة.

هذا كلّه وضع حزام وقاية وحماية وأمان بالحدّ الذي نبنيه معًا كلّ يوم، بالحرص والانتباه والشورى، وما تمليه الخبرة والحكمة وتبدّل الظروف. فقد كان الهاجس الأساس هو قدر أكبر من الراحة في عمل المجالس، وهذا ما حاولنا أن نحرص عليه، ونرجو أن يستمرّ. فراحة الراعي من راحة الرعيّة، فإذا كانت هذه في راحة كان هو أيضًا، أمّا إذا كانت هي في ضيق، فالراعي في ضيق أيضًا.

من نتائج هذا التفاعل والتنظيم والتنسيق هو بناء علاقة صحيحة تتفاعل مع واقع الرعايا ومَن تجنّدوا لخدمتها والعمل على مرافقة نموّها، وتشجيع العاملين فيها وتحصين خدمتهم وشهادتهم.

لا شكّ أنّ واقع الأبرشيّة معقّد بسبب طبيعتها الجغرافيّة واتّساعها وتكوينها عبر سلسلة من الظروف التاريخيّة المعقدّة. وهذا يعني وجود مزيج بشريّ متنوّع، مختلف العقليّة ومتعدّد التحدّيات. هذا لا يمكن وضعه في قالب واحد، إذ يستحيل إيجاد سويّة واحدة موحدّة لا تأخذ بعين الاعتبار واقع الرعيّة وظرفها. من هنا كان السعي لإيجاد توازن بين ما هو عموميّ وما هو خصوصيّ، بين ما هو أساسيّ وما هو فرعيّ، بين ما هو مرجعيّ وما هو ثانويّ. فالعبرة كانت في تطبيق الآليّات المقترحة في إطار تنظيم العمل حتّى الآن، بحيث يسود العدل في التعاطي مع الوقائع كما والانتظام في الجسم الكنسيّ كلّه.

إنّ إمكانيّة تقييم الخطوات يفسح المجال للعمل بأن يصل إلى مبتغاه. أمّا الحرص على السلام بين أعضاء فريق العمل والنموّ المرجوّ على صعيد الكنيسة المحليّة، أي الرعيّة، كما وعلى صعيد الأبرشيّة، فمن شأنه أن يصون الوحدة في الجسد الواحد ويعزّز المحبّة بين أعضائه. إنّ روحًا معنويّة إيجابيّة ومتعاونة وصادقة تساعد في لحمة مَن يعيشون في الجسد الواحد وتقيهم شرورًا وأتـعابًا تعيقهم وتضرّ بأهدافهم الصالحة ونواياهم النبيلة في خدمة المسيح. حريّ بروحيّة كهذه أن تساعدنا على أن نتجنّب تبعات تجاذبات ماضية وحاضرة في واقعنا الكنسيّ والرعويّ، بحيث نصون الأخوّة بيننا كما والمكتسبات التي تراكمت بفضل عمل الكثيرين، الحاضرين والسابقين، فنكون خير من يرشّد الجهود والطاقات والموارد لنموّ رعيّتنا وكنيستنا.

Last Updated on Monday, 09 December 2019 00:08
 
Banner