للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
العدد ٢٠: العطشان المنتظِر والساقي المنتظَر |
Written by Administrator |
Sunday, 17 May 2020 00:00 |
الأحد الرابع بعد الفصح أحد السامريّة القدّيسان الرسولان أندرونيكوس ويونيا كلمة الراعي العطشان المنتظِر والساقي المنتظَر خبرنا في القيامة كيف نزل يسوع إلى الجحيم وخلع أقفاله وحرّر المعتقلين. لكنّنا نحتاج إلى أن نرى هذه الخبرة ونعاينها قريبة منّا وفي حياتنا، بحيث نتعلّم معناها وندرك فعلها عبر مثال حيّ وحقيقيّ. خبرة المرأة السامريّة خير مثال وأفضل شهادة. بفضل الإنجيليّ يوحنّا يمكننا أن نتابع نزول يسوع إلى جحيم هذه المرأة وكيف أصعدها منه، وأطلقها حرّة في رحاب الوجود وهي شاءت أن تصير مبشّرة باسمه بين أبناء مدينتها سوخار (يوحنّا ٤: ٢٩؛ ٤٢). جمال اتّضاع المسيح وقيامة السامريّة يظهران تباعًا في الحوار الذي قام بينهما عند البئر. لقد نزل يسوع إلى مستوى واقعها بكلّ بساطة من باب حاجته إلى أن يشرب (يوحنّا ٤: ٧). فما هو هذا الواقع؟ أوّلًا، واقع أنّه رجل يهوديّ يلتقي بامرأة سامريّة، مع العلم أنّ «اليهود لا يعاملون السامريّين» (يوحنّا ٤: ٩). ثانيًا، واقع أنّهما يبحثان عن أن يستسقيا من البئر ليرويا عطشهما. ثالثًا، واقع أنّ المرأة تتحاشى أترابها، وعلى الأرجح نظراتهم وتعليقاتهم، لذا اختارت وقت الظهر والحرّ لتستقي الماء، إذ «كان نحو الساعة السادسة» (يوحنّا ٤: ٦). رابعًا، واقع أنّ السامريّة تتستّر على وضعها العائليّ المتبدّل ولربّما المبتذل، فهي أفصحت: «ليس لي زوج» (يوحنّا ٤: ١٧). هكذا اختار يسوع وقتًا غير مناسب على الإطلاق، لا من جهة ظرف حياتها لأنّه ليس الأمثل، ولا من جهة توقيت اللقاء ساعة الظهر. لقد اختار اللحظة الأضعف بالنسبة إلى السامريّة، اللحظة التي لا تريدها، وفيها استدرجها، من حيث لا تدري، ورويدًا رويدًا، لتكشف حقيقة ذاتها. فالحديث ابتدأ من حاجة يسوع إلى ماء الشرب من يد السامريّة وانتهى بالحديث عن الماء الذي يعطيه يسوع والذي يصير في من يشربه «ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبديّة» (يوحنّا ٤: ١٤). هذا أيقظ لدى السامريّة الرغبة في أن تضرب عصفورين بحجر واحد، أي حاجة العطش، من جهة، وحاجة تحاشي الخروج من بيتها، من جهة أخرى: «يا سيّد، أعطني هذا الماء، لكيلا أعطش ولا آتي إلى هنا لأستقي» (يوحنّا ٥: ١٥). حينئذٍ، كاشفها يسوع وأخرج إلى النور ما كانت تخجل من البوح به عندما طلب منها أن تذهب وتستدعي زوجها: «حسنًا قلت: «ليس لي زوج»، لأنّه كان لك خمسة أزواج، والذي لك الآن ليس هو زوجك. هذا قلت بالصدق» (يوحنّا ٥: ١٧، ١٨). هذا كان الحضيض الذي نزل إليه يسوع في حديثه مع المرأة. من هناك ابتدأ صعودها، فأتى الجزء الثاني من الحوار حول العبادة الحقيقيّة، وفيه رفعها يسوع إلى جوهر رسالته: «الساجدون الحقيقيّون يسجدون للآب بالروح والحقّ، لأنّ الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له» (يوحنّا ٤: ٢٣)، وكاشفها بشأن هويّته، موافقًا على ما عبّرتْ هي عنه: «أنا أعلم أنّ مسيّا، الذي يقال له المسيح، يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكلّ شيء» (يوحنّا ٤: ٢٥). لقد اكتشفتْ السامريّة أنّ مَن كانت تنتظره، هو سبق وكان في انتظارها! فعوضًا من أن تسقيه ماء، «تركت جرّتها ومضت إلى المدينة» (يوحنّا ٤: ٢٨) لتسقي أترابها، الذين تخجل منهم، ماء سقاها إيّاه يسوع. هذه كانت أقوالها: «هلمّوا انظروا إنسانًا قال لي كلّ ما فعلت. ألعلّ هذا هو المسيح؟» (يوحنّا ٤: ٢٩). هذه كانت لحظة انتصارها على ذاتها، انتصارٍ نابعٍ من جحيمها عينه وخلاصها منه. بشارتها هذه كانت علامة قيامتها. بأقوالها هذه نزعت عنها «أوراق التين» (تكوين ٧: ٣) التي خبّأت عريها خلفها. بها ختمتْ حوارها مع الربّ ولقاءها به إلى الأبد. لربّما اليوم وقت غير ملائم بالنسبة إلينا على غير صعيد، سواء في حياتنا الشخصيّة أو واقعنا العامّ، لكنّه الوقت الملائم ليسوع ليفتح معنا حوارًا أحجمنا عن خوضه فعلًا، حوارًا يبغي عبره يسوع أن يحرّرنا من وهمنا وتمويهنا الواقع، من توارينا الواعي أو غير الواعي عن الإله الحيّ، من تحاشينا رؤية الحقيقة التي تخصّنا وتخصّ الله بآن. هل يوجد بيننا من يستطيع أن يقود حوارًا كالحوار مع السامريّة وبروحيّته ليستدعينا من الظلال إلى النور؟ هل بيننا من يجرؤ على أن يأتي إلى النور وينكشف أمام الربّ بعورته؟ ويدعو غيره معه أيضًا؟ المسيح يقصد أن يلاقينا في الأوقات غير المناسبة لتصير مناسبة لكلينا، له ولنا. يسوع عطشان اليوم إلى مثل هذه اللقاءات والحوارات وينتظر حدوثها ليحرّرنا من جحيمنا، فيضعنا في رحاب الوجود والعبادة، ويطلقنا في البشارة والخدمة، ويسقينا ويكرمنا بنعمته التي لا تنضب أبدًا. سلوان
الرسالة: أعمال الرسل ١١: ١٩-٣٠ في تلك الأيّام لما تبدّد الرسل من أجل الضيق الذي حصل بسبب إستفانس، اجتازوا إلى فينيقية وقبرص وأنطاكية وهم لا يكلّمون أحدًا بالكلمة إلّا اليهود فقط. ولكنّ قومًا منهم كانوا قبرسيّين وقيروانيّين. فهؤلاء لمّا دخلوا أنطاكية أخذوا يكلّمون اليونانيّين مبشّرين بالربّ يسوع. وكانت يد الربّ معهم، فآمن عدد كثير ورجعوا إلى الربّ. فبلغ خبر ذلك إلى آذان الكنيسة التي بأورشليم، فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى أنطاكية. فلما أقبل ورأى نعمة الله، فرح ووعظهم كلّهم بأن يثبتوا في الربّ بعزيمة القلب، لأنّه كان رجلًا صالحًا ممتلئًا من الروح القدس والإيمان. وانضمّ إلى الربّ جمعٌ كثير. ثمّ خرج برنابا إلى طرسوس في طلب شاول. ولمّا وجده أتى به إلى أنطاكية. وتردّدا معًا سنة كاملة في هذه الكنيسة وعلّما جمعًا كثيرًا، ودعي التلاميذ مسيحيّين في أنطاكية أوّلًا. وفي تلك الأيّام انحدر من أورشليم أنبياء إلى أنطاكية. فقام واحد منهم اسمه أغابوس فأنبأ بالروح أنْ ستكون مجاعة عظيمة على جميع المسكونة. وقد وقع ذلك في أيام كلوديوس قيصر. فحتم التلاميذ بحسب ما يتيسّر لكلّ واحد منهم أن يرسلوا خدمة إلى الإخوة الساكنين في أورشليم. ففعلوا ذلك وبعثوا إلى الشيوخ على أيدي برنابا وشاول.
الإنجيل: يوحنّا ٤: ٥-٤٢ في ذلك الزمان أتى يسوع إلى مدينة من السامرة يقال لها سوخار بقرب الضيعة التي أعطاها يعقوب ليوسف ابنه. وكان هناك عين يعقوب. وكان يسوع قد تعب من المسير، فجلس على العين وكان نحو الساعة السادسة. فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماءً. فقال لها يسوع: أعطيني لأشرب، فإنّ تلاميذه كانوا قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا طعامًا، فقالت له المرأة السامريّة: كيف تطلب أن تشرب منّي وأنت يهوديّ وأنا امرأة سامريّة، واليهود لا يخالطون السامريّين؟ أجاب يسوع وقال لها: لو عرفت عطيّة الله ومن الذي قال لك أعطيني لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماءً حيًّا. قالت له المرأة: يا سيّد إنّه ليس معك ما تستقي به والبئر عميقة، فمن أين لك الماء الحيّ؟ ألعلّك أنت أعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا البئر ومنها شرب هو وبنوه وماشيته؟ أجاب يسوع وقال لها: كلّ من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا، وأمّا من يشرب من الماء الذي أنا أعطيه فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه له يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية. فقالت له المرأة: يا سيّد أعطني هذا الماء كيلا أعطش ولا أجيء إلى ههنا لأستقي. فقال لها يسوع: اذهبي وادعي رجلك وهلمّي إلى ههنا. أجابت المرأة وقالت: إنّه لا رجل لي. فقال لها يسوع: قد أحسنت بقولك إنّه لا رجل لي. فإنّه كان لك خمسة رجال، والذي معك الآن ليس رجلك. هذا قلته بالصدق. قالت له المرأة: يا سيّد أرى أنّك نبيّ. آباؤنا سجدوا في هذا الجبل، وأنتم تقولون إنّ المكان الذي ينبغي أن يسجد فيه هو في أورشليم. قال لها يسوع: يا امرأة صدّقيني، إنّها تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون فيها للآب. أنتم تسجدون لما لا تعلمون ونحن نسجد لما نعلم، لأنّ الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتي ساعة وهي الآن حاضرة إذ الساجدون الحقيقيّون يسجدون للآب بالروح والحقّ، لأنّ الآب إنّما يطلب الساجدين له مثل هؤلاء. الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجدوا. قالت له المرأة: قد علمت أنّ مسيّا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتى جاء ذاك فهو يخبرنا بكلّ شيء. فقال لها يسوع: أنا المتكلّم معك هو. وعند ذلك جاء تلاميذه فتعجّبوا أنّه يتكلّم مع امرأة. ولكن لم يقلْ أحد ماذا تطلب أو لماذا تتكلّم معها. فتركت المرأة جرّتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس: تعالوا وانظروا إنسانًا قال لي كلّ ما فعلت. ألعلّ هذا هو المسيح؟ فخرجـوا من المدينة وأقبلوا نحوه. وفي أثناء ذلك سأله تلاميذه قائلين: يا معلم كلْ. فقال لهم: إنّ لي طعامًا لآكل لستم تعرفونه أنتم. فقال التلاميذ في ما بينهم: ألعلّ أحدًا جاءه بما يأكل؟ فقال لهم يسوع: إنّ طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمّم عمله. ألستم تقولون أنتم إنّه يكون أربعة أشهر ثمّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقول لكم: ارفعوا عيونكم وانظروا إلى المزارع إنّها قد أبيضّت للحصاد. والذي يحصد يأخذ أجرة ويجمع ثمرًا لحياة أبديّة لكي يفرح الزارع والحاصد معًا. ففي هذا يصدق القول إنّ واحدًا يزرع وآخر يحصد. إنّي أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا أنتم فيه. فإنّ آخرين تعبوا وأنتم دخلتم على تعبهم. فآمن به من تلك المدينة كثيرون من السامريّين من أجل كلام المرأة التي كانت تشهد أن: قال لي كلّ ما فعلت. ولمّا أتى إليه السامريّون سألوه أن يقيم عندهم، فمكث هناك يومين. فآمن جمع أكثر من أولئك جدًّا من أجل كلامه. وكانوا يقولون للمرأة: لسنا من أجل كلامك نؤمن الآن، لأنّا نحن قد سمعنا ونعلم أنّ هذا هو بالحقيقة المسيح مخلّص العالم.
ألعلّك تفهم ما أنت تقرأ؟ مشكلة الترجمة أنّها تستعمل لغتك لتنقل إليك واقعًا غريبًا عنها. تحاول جاهدًا، عبر خلفيّتك الثقافيّة، إدراك ذاك المستورد من حضارةٍ اخرى. العولمة ألغت الحدود الجغرافيّة، وخلطت أوراق الثقافة مازجةً اللغات، بحيث لم يبق لا عبدٌ ولا حرّ، لا رجلٌ ولا إمرأة، لا كبيرٌ ولا صغير. المعلومات صارت مجّانيّة، ومتوفّرة بسهولةٍ للجميع، وبدون تمييز؛ كبسة جهازٍ، رسالة هاتفٍ، مشاركة ملفّ، برنامج تلفزيونيّ، نشرة أخبار عالميّة، لعبة رقميّة، حبّ افتراضيّ... لعل تمييز المعاني هو العقبة الأكبر: لأنّنا نقرأ الكلمات، ولا نعرفها، إلّا أنّنا لا نستوعب الطريقة التي سكبت فيها: «كيف يمكنني إن لم يرشدني أحدٌ؟» (أعمال الرسل ٨: ٣١). نحتاج إلى مترجمٍ يعيد لنا صوغ الكلمات بمفهومها الأساس، مستعملًا قدرة استيعابنا وعالمًا بذهنيّتنا، وبكلامٍ آخر ابن بيئتنا. هذا هو الدور الأوّل للمترجم، والمربّي، والأهل، والآباء: أن تنقل الحقيقة كما هي، بواقعيّة وموضوعيّة، وتترجم ليس حرفيًّا وحسب بل أيضًا بحسب المفهوم، حتّى ندرك الكلمة ونحياها، نتبنّى التعليم ونترجمه أعمالًا تليق بالله. هنا تكمن المعضلة الأساسيّة: فهم الكلمات لا يعني بالضرورة فهمًا عمليًّا؛ ما بين العلم والعمل تكمن هوّةٌ كبيرة. كلّ منّا اعطي أن يعرف كلمة الله، ولكنّ القدّيسين قليلون. فالحبشيّ كانت نبوءة أشعياء بين يديه (أعمال الرسل ٨: ٢٨)، تمعّن متسائلًا إذا ما كان النصّ سيرة النبيّ الذاتيّة، أم حدثًا تاريخيًّا يصف رجلًا آخر. قراءته المضمون بقيت حرفيّة سطحيّة، لم تدخل في العمق، لهذا بقيت بدون صيدٍ حقيقيٍّ للمعنى. تدخّل الرسول وترجم الآيات مبشّرًا بيسوع (أعمال ٨: ٣٥)، اصطاد الوزير بكلمة الخلاص ففهم هذا الأخير ماذا تعني «بتواضعه الغي قضاؤه» (أعمال ٨: ٣٣)؛ نقل فيلبّس للخصيّ بزرة الحياة الأبديّة، فنزع حياته من الأرض ووضعها في السماء. بركة ماءٍ وإيمانٌ حيّ بيسوع الْمسيح ابن الله حوّلا المستنير جديدًا بنعمة الروح القدس، فأكمل طريقه فرحًا (أعمال ٨: ٣٣). نحتار ونسأل لماذا نقص الفرح صاحب السلطة والمال؟ لماذا لم تكن التعزية موجودةً عند الذي قرأ الكتب، وحجّ إلى أورشليم ساجدًا (أعمال ٨: ٢٧)؟ ألعلّنا جميعًا نحيا أزمة كهذه؟ ألعلّ أبناءنا يحيون بفرح؟ كيف نبرّر تفكّك العائلات، وتباعد البشر، وتفاقم الشرّ في العالم؟ لماذا نرى الظلم رغم توفّر العلم والأدب والدين والمال والسلطة والحرّيّة؟ معرفة الإنسان لذاته باتت شبه غائبة، وإن كانت موجودة تبقى غير مكتملة. صار المرء غريبًا عن ذاته بفعل المعايير المستوردة وغير الواقعيّة، أي التي لا تمتّ إلى واقعه بشيءٍ! نأكل ونلبس ما يمليه علينا من هم يفبركون الموضة في مكانٍ آخر. نحيا ونفكّر كما يريد لنا مجتمع أجنبيّ، يحاول تدمير قيمنا بمعايير تطبيعٍ ممنهجٍ وغير بريء. نقرأ الأخبار ونسمع ردود الفعل عليها، نتصفّح الكتب ونجول الصفحات الرقميّة، نشاهد البرامج والمسلسلات الشرقيّة والغربيّة، نشارك في المعلومات والنكات والصور والتعليقات... ولكن ماذا نتبنّى منها وما هو المفيد لخلاصنا؟ كيف نعرف ما هي أبعادها النفسيّة وانعكاساتها على غذائنا الفكريّ ونموّنا الروحيّ؟ ماذا ننقل إلى أولادنا وهل نعطيهم «حجرًا إذا ما سألونا سمكةً»؟ أليس العالم حرفيًّا بين يديهم بشكل هاتفٍ زكيّ smartphone أو لوحةٍ رقميّة tablet؟ الترجمة الصادقة تحتاج إلى معرفةٍ واعية للهدف وخلفيّاته، تمييز الظاهر من المبطّن. يكمن دور الأهل في ترجمة الحواسّ في وقتها، معرفة ماذا يشاهد الأبناء أو يقرأون، ماذا يلعبون ومع من، ترسيم حدود المعلومات وضبط مخارجها... المعرفة الحقّ تنتشل الإنسان المتحيّر من عمق الجهل، ترفعه إلى مكانٍ أسمى، تعطيه نعمةً وتفرّح قلبه. الأزمة التي نحيا إنّما هي جرس إنذار لنعي أنّ الأساس في خطر، أن نواة المجتمع تحارب من كلّ صوب، والأسلحة برّاقة: تجتذب لتقتل! ألعلّنا نفهم كلّ ما هو أمامنا؟ المحبّة مجّانيّة، أُعطيت من فوق بشرط أن تنقل مجّانًا، أن تتكاثر وتوزّع. جلّ ما علينا فعله هو التفاعل معها، وترجمتها عمليًّا لنزرع بزارًا صالحة تعطي خميرًا يقدّس العالم.
القدّيسان الرسولان أندرونيكوس ويونيا نسمع عنهما من رسالة القدّيس بولس الرسول إلى أهل رومية. يقول في آخر الرسالة في الإصحاح ١٦: ٧: «سلّموا على أندرونيكوس ويونياس نَسيبيَّ المأسورين معي اللذين هما مشهوران بين الرسل وقد كانا في المسيح قبلي». نفهم من هنا أنّهما اهتديا إلى الإيمان بالمسيح قبل الرسول بولس وأنّهما مسجونان معه في رومية بعد أن كانا نشيطين في عمل البشارة. يقول التراث الكنسيّ إنّ يونيا هي زوجة أندرونيكوس إذ يقول عنها القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم: «ما أعظم تفاني هذه المرأة، يونيا، حتّى إنّها اعتُبرت مستأهلة أن تكون رسولة!» كذلك ورد في التراث أنهما كانا من أصل يهودي واهتديا إلى المسيح في أورشليم. سجن أندرونيكوس ويونيا في رومية نحو السنة ٥٨ في الوقت الذي كان بولس الرسول مسجونًا حيث قضيا شهيدين. |
Last Updated on Monday, 18 May 2020 08:46 |
|