Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2020 العدد ٢٦: حوار طرشان أم تعميد الرؤية؟
العدد ٢٦: حوار طرشان أم تعميد الرؤية؟ Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 28 June 2020 00:00
Share

raiati website copy
 
تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ٢٨ حزيران ٢٠٢٠   العدد ٢٦ 

الأحد الثالث بعد العنصرة

كلمة الراعي

حوار طرشان أم تعميد الرؤية؟

2620إنجيل اليوم يحدّثنا عن رؤية الله لوجودنا وحياتنا، ويدعونا لنكوّن رؤيتنا على أساسها وأن نبني حياتنا عليها. يحدّثنا عن أمور جوهريّة تمسّنا، عن حاجاتنا اليوميّة، عن توجّهاتنا الحياتيّة، المنزليّة والمهنيّة والتربويّة والاقتصاديّة، وعن حياتنا الروحيّة. 

بالطبع، لم يستخدم يسوع هذه التعابير المتداولة في عالمنا المعاصر، بل تناول علاقتنا بالمال والمأكل والملبس، وهمّنا في تأمينها أو حيازتها. يتميّز كلامه بالبساطة الكلّيّة. وبهذه البساطة يقودنا يسوع إلى الآب. غايته أن يصير أبوه أبانا، بملء قناعتنا وخيارنا وإيماننا به. ينقل إلينا بساطة الحياة مع الآب والوقوف في حضرته والعمل تحت عنايته، ويترك عرضه في عهدتنا لنرتاح إليه ونحيا به. هكذا تنقلب حياتنا رأسًا على عقب، فعوضًا من أن تكون سلسلة متلاحقة من هموم ومآزق، تتحوّل إلى حلقات بركات وعناية.

ما رأيك، مثلًا، حينما يطرح علينا السؤال: «انظروا إلى طيور السماء: إنّها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماويّ يقوتها. أَلستم أنتم بالحريّ أفضل منها؟» (متّى ٦: ٢٦)؟ أو هل تثق بتأكيده الذي خلُص إليه: «لا تهتمّوا قائلين: ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس؟ فإنّ هذه كلّها تطلبها الأمم. لأنّ أباكم السماويّ يعلم أنّكم تحتاجون إلى هذه كلّها» (متّى ٦: ٣١-٣٢)؟ فعناية الله وحرصه يظهران في اهتمامه بدقائق الأمور، وبكلّ النواحي، تلك الخاصّة بالإنسان وتلك المتعلّقة بالخليقة الجامدة والحيّة. والذين يعرفون الله ويؤمنون به، حريّ بهم أن يقرنوا القول بالفعل، فلا تكون شهادتهم مثل الأمم الذين لا يعرفون مقدار عناية الله وصلاحه ومحبّته.

يبدو لنا هذا الكلام «حوار طرشان». ربّ قائل إنّنا نعيش على المقلب الآخر من حديث يسوع معنا. فنحن منغمسون في شؤون الحياة وشجونها، وقد بلغت من التعقيد مبلغًا أفقدت نظرتنا تلك الرؤية المنيرة التي يتحدّث عنها يسوع. هناك بون شاسع بين نظرتنا وبين تلك التي يدعونا الربّ إلى أن نتبنّاها في واقعنا الشخصيّ والجماعيّ.

يبدو أنّ المسألة التي يطرحها يسوع علينا في الإنجيل تتمثّل بأن نجيب عن هذه الأسئلة: بماذا تثق؟ على مَن تتّكل؟ ما الذي يؤمّن لك الحماية؟ مَن الذي يضمن حياتك؟ هل تضع ثقتك أوّلًا في ما لك من قدرة شخصيّة أو خبرة أو علاقات أو مقتنيات أو أموال؟ هل تربّي عليها وتبني حياتك على أساسها؟ هل السعادة والأمان يكمنان في المادّيّات والمقتنيات؟

لقد تشرّبنا كثيرًا ما يروّج له الإعلام ومجتمع الاستهلاك بحيث استحوذ علينا روح العالم، وما عاد روح الربّ مقيمًا في قلوبنا. اضطرابنا يزيد بفعل هذه الغربة فينا، غربتنا عن روح الله المعزّي التي تحيي وترشد وتشفي. لهذا قال يسوع: «لا تقدرون على أن تخدموا الله والمال» (متّى ٦: ٢٤). هذه الغربة تجعل رؤيتنا مضطربة، فلا هي واضحة ولا واثقة ولا صحيحة. أن تكون الرؤية واضحة وواثقة وصحيحة أمر يبثّه فينا روح الله فتعمل الأشياء كلّها للخير في عين مَن يؤمن به.

على هذا النحو تفيد مؤهّلات الإنسان وموارده ومكتسباته، فتبنيه وتبني محيطه في الخير. هذا يأتي من كونها موضوعة تحت سقف الاعتماد على الله وليس فوقه أو من دونه. تنبيه يسوع واضح: «لا يقدر أحد على أن يخدم سيّدَين لأنّه إمّا أن يبغض الواحد ويحبّ الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر» (متّى ٦: ٢٤). فهو يحذّرنا من تسلّط المال علينا مع ما يستتبع تسلّطه من ويلات على حياتنا الشخصيّة في خياراتنا وتوجّهاتنا، وعلى تربيتنا لأولادنا، أو على حياتنا الاقتصاديّة والاجتماعيّة. إنّه واقعنا المرير الذي نسعى إلى أن نبدّله بقوّة الإيمان بالله، وتبديل ذهنيّتنا وتعميد نظرتنا بنظرة يسوع وعناية الله. هاكم كيف يرجونا الربّ أن ننمو ونقوى ونثمر: «اطلبوا أوّلًا ملكوت الله وبرّه وهذه كلّها تزاد لكم» (متّى ٦: ٣٣). هلّا أنارت كلمته هذه وجودنا فعاينّاها بنور عنايته وصلاحه ومحبّته؟

سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: رومية ٥: ١-١٠

يا إخوة اذ قد بُرّرنا بالإيمان فلنا سلام مع الله بربّنا يسوع المسيح الذي به حصل أيضًا لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مُقيمون ومفتخرون في رجاء مجد الله. وليس هذا فقط بل أيضًا نفتخر بالشدائد عالمين أنّ الشدّة تنشئ الصبر، والصبر ينشئ الامتحان، والامتحان الرجاء، والرجاء لا يُخزي، لأنّ محبة الله قد أُفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي أُعطي لنا، لأنّ المسيح إذ كنّا بعد ضعفاء مات في الأوان عن المنافقين، ولا يكاد أحد يموت عن بارّ. فلعلّ أحدًا يُقدم على أن يموت عن صالح؟ أمّا الله فيدلّ على محبّته لنا بأنّه، إذ كنّا خطأة بعد، مات المسيح عنّا. فبالحريّ كثيرًا إذ قد بُرّرنا بدمه نخلُص به من الغضب، لأنّا إذا كنّا قد صولحنا مع الله بموت ابنه ونحن أعداء، فبالحريّ كثيرًا نخلُص بحياته ونحن مُصالَحون.

 

الإنجيل: متّى ٦: ٢٢-٣٣

قال الربّ: سراج الجسد العين. فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كلّه يكون نيّرًا. وإن كانت عينك شرّيرة فجسدك كلّه يكون مظلمًا. وإذا كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون؟ لا يستطيع أحد أن يعبد ربّين لأنّه، إما أن يُبغض الواحد ويحبّ الآخر، أو يُلازم الواحد ويرذل الآخر. لا تقدرون على أن تعبدوا الله والمال. فلهذا أقول لكم لا تهتمّوا لأنفسكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون. أليست النفس أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس؟ انظروا إلى طيور السماء فإنّها لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن في الأهراء، وأبوكم السماويّ يقوتها. أفلستم أنتم أفضل منها؟ ومَن منكم إذا اهتمَّ يقدر على أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ ولماذا تهتمّون باللباس؟ اعتبِروا زنابق الحقل كيف تنمو. إنّها لا تتعب ولا تغزل. وأنا أقول لكم إنّ سليمان نفسه في كلّ مجده لم يلبس كواحدة منها. فإذا كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم وفي غد يُطرح في التنّور يُلبسه الله هكذا، أفلا يُلبسكم بالحريّ أنتم يا قليلي الإيمان؟ فلا تهتمّوا قائلين: ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس؟ فإنّ هذا كلّه تطلبه الأُمم، لأنّ أباكم السماويّ يعلم أنّكم تحتاجون إلى هذا كلّه. فاطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبرّه، وهذا كلّه يُزاد لكم.

 

شهادة بولس أثناء الاعتقال

ألقى الرومان القبض على بولس بسبب البلبلة التي أثارها اليهود في أورشليم بحجّة أنّه دنّس الهيكل (أعمال ٢١: ٢٧-٣١). قيّده آمر الكتيبة بسلسلتين (أعمال ٢١: ٣٣) ظانًّا أنّه «المصريّ الذي صنع قبل أيّام فتنة وأخرج إلى البرّيّة أربعة الآلاف الرجل من القتلة» (أعمال ٢١: ٣٨). خلال سنتين من الاعتقال، عجز اليهود عن إثبات أيّ جرم ضدّه أمام الوالي فيلكس، الذي احتجزه طول هذه الفترة «راجيًّا أن يعطيه بولس دراهم ليطلقه» (أعمال ٢٤: ٢٦). تعيّن فستوس واليًّا جديدًا عوضًا من فيلكس، وحاول اليهود مجدّدًا استمالة الوالي الجديد ليحكم على بولس، لكنّ الأخير إذ ساوره الشكّ من جهة نيّة الوالي، تحصّن بحقّه كمواطن رومانيّ والتمس رفع دعواه إلى القيصر (أعمال٢٥: ١-١٢). زار الملكُ اليهوديُّ أغريبّا الوالي فستوس مهنّئًا، فأعلمه الأخير بقضيّة بولس ملتمسًا مشورته، فعبّر أغريبّا عن رغبته في سماع بولس (أعمال٢٥: ١٣-٢٢). تمّ الأمر في اليوم التالي إذ «جاء أغريبّا وزوجته برنيكي في احتفال عظيم ودخلا دار الاستماع مع الأمراء ورجال المدينة المقدّمين فأمر فستوس بإحضار بولس» (أعمال ٢٥: ٢٢-٢٧).

لاحظ بولس أنّ الحاضرين من نخبة أهل المدينة، فعندما أذن له الملك بالكلام، خاطبهم بحرص شديد وتركيز كامل، بأسلوب مفعم بالتشويق والإثارة، ليس للدفاع عن نفسه بمقدار ما أراد إبهارهم واصطيادهم. أخذ يروي أنّه كان متّجهًا نحو دمشق متحصّنًا بتكليف رسميّ من رؤساء الكهنة لاعتقال المسيحيّين ومعاقبتهم (أعمال ٢٦: ٩-١١). لكنّ الربّ يسوع اعترض مسيرته وتجلّى له برؤيا إلهيّة وكلّفه بمهمّة جديدة تناقض بالكامل مهمّاته السابقة. يعرض بولس مشهد الرؤيا مستعملًا عناصر من أسفار أنبياء العهد القديم، يألفها الحضور من اليهود وبالأخصّ الملك. يستهلّ بولس الرؤيا ببريق النور ويحدّد السماء مصدرًا له، ليزيل أدنى شكّ لدى السامعين في أنّ الأمر نتاج خدعة بشريّة. أمّا لمعانه فيفوق ذروة توهّج الشمس عند الظهر للدلالة على أنّ هذا لمعان نور مجد الربّ. أمضى موسى أربعين يومًا على الجبل معرّضًا لنور مجد الربّ، فصار وجهه لامعًا لدرجة أنّه سبّب الذعر في قلب أخيه هارون وقلوب الشعب، فخافوا أن يقتربوا إليه إلى أن أسدل برقعًا على وجهه (خروج ٣٤: ٢٧-٣٥؛ ٢كورنثوس ٣: ١٣-١٦). هذا النور ذاته عاينه على جبل التجلّي بطرس ويعقوب ويوحنّا صادرًا من وجه يسوع (متّى١٧: ١-٨؛ مرقس ٩: ١-٨؛ لوقا ٩:٢٨-٣٦). حرص بولس على ذكر مرافقيه ليؤكّد حضور شهود عيان يثبتون صحّة ما يصرّح به. ها هم ينطرحون أرضًا كما يصف الأنبياء السلوك النموذجيّ الناتج من وطأة النور الإلهيّ وكما انطرح التلاميذ على جبل التجلّي. أمّا الصوت فلا يسمعه سوى بولس، لأنّه كالأنبياء والتلاميذ معنيٌّ وحده بالرؤيا والتكليف المنبثق عنها، وما يذكره عن التكلّم باللغة العبريّة (أعمال ٢٦: ١٤)، ومناداته باسمه العبريّ شاول عوضًا من بولس، فهو للجزم بأنّ الإله المُعتَلن  يسوع، هو نفسه إله العبرانيّين المذكور في الأسفار المقدّسة.

«صعب عليك أن ترفس مناخس». المنخس أو المهماز قطعة من معدن حادّ يُثبّت أسفل حذاء الفارس ويُستعمل لوخز الحصان ودفعه إلى السير. أمّا الرفس فهو ردّ فعل الحصان للمقاومة، إلاّ أنّه مهما علا الحصان برفسه فلن يبلغ المهماز. فما يقوله الربّ لبولس: أنتَ لن تستطيع أن تقاومني وتنجح، فالأجدر بك أن تنصاع لرغبتي وتنطلق إلى حيث أوجّهك أنا. لا شكّ في أنّ بولس أدرك أنّه موجود بحضرة الإله ولا بدّ من أنّ الحيرة تملّكته، لأنّه كان يعرف جيّدًا أنّه اضطهد أتباع يسوع، لذلك وجد نفسه مضطرًّا إلى طرح السؤال: «مَن أنت يا سيّد؟» عرّف يسوع عن نفسه بكلام واضح لا يحتمل التأويل: «أنا يسوع الذي تضطهده» (أعمال ٢٦: ١٥)، وتابع بسلطان مُطلق «ولكن قم وقف على رجليك» ما معناه: لستَ في ما بعد سيّد نفسك، بل أنا مَن يُمسك بزمام الأمور، وهذه الرؤيا التي تعاينها ليست لردعك عمّا ترتكبه فقط بل «لأنتخبك خادمًا وشاهدًا بما رأيت وبما سأظهر لك به» (أعمال ٢٦: ١٦). يأمره يسوع بالوقوف كما وقف الأنبياء قديمًا (حزقيال ٢: ١-٣) وكما يقف الخادم بين يديّ سيّده ليتسلّم مهامّه، التي في حالة بولس تُترجم بالشهادة لمِا عاين ولِما سيمّده به يسوع على مدى الأيّام القادمة، ليفتح عيون الناس وينير بصائرهم. وكما طمأن الربّ النبيّ إرميا قديمًا قائلًا: «لا تخف من وجوههم لأنّي أنا معك لأنقذك...» (إرميا ١: ٨)، أعلَمَ يسوع بولس أنّه يُنقذه من اليهود الذين ينبغي أن يرجعهم من الظلمة إلى النور، ومن الأمم، أي الوثنيّين الذين ينبغي أن يحرّرهم من سلطان الشيطان ليرجعوا إلى الله، فينالوا بواسطة الإيمان بيسوع «غفران الخطايا» (أعمال ٢٦: ١٨) ونصيبًا في ملكوت الله مع جماعة القدّيسين.

عند هذه المرحلة وجّه بولس كلامه إلى الملك أغريبّا خصّيصًا، وأوضح له أنّ اعتقاله ومثوله أمامه اليوم هما نتيجة طاعته الفوريّة للرؤيا، وأنّه بأمانة تامّة بشّر على مدى السنين بما سبق وأعلنه الأنبياء، وموسى، حول آلام المسيح وقيامته من الموت (أعمال ٢٦: ١٩-٢٣). أدرك الملك أغريبّا عند هذه المرحلة نيّات بولس الحقيقيّة الكامنة في حديثه، وهي بالضبط ما كُلّف به بالرؤيا: أن يشهد للمعاينة لينير الحاضرين عساهم يؤمنون بيسوع. لذلك «قال لبولس بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًّا» (أعمال ٢٦: ٢٨)، عندها أفصح بولس عن نيّاته بصدق قائلًا: «كنت أصلّي إلى الله أنّه بقليل وبكثير ليس أنت فقط بل أيضًا جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما أنا ما خلا هذه القيود» (أعمال ٢٦: ٢٩).

لم يخطّط بولس ليدافع عن نفسه أمام الملك والحضور، بل جلّ ما أراده هو أن يستغلّ الفرصة ليبشّر بيسوع ويصطاد الحاضرين بشبكة الحياة الأبديّة. لم يعطّل الاعتقالُ الرسولَ بولس عن الشهادة ونحن اليوم نظيره، تحت وجه جديد من وجوه الاعتقال، فإذ نقتدي به ونشهد لآلام الربّ وموته وقيامته، بما أوتينا من فرص ووسائل، نحرّر أنفسنا، ونمدّ السامعين بعزاء ورجاء وفرص للتمسّك بخلاص الربّ وضمان الحياة الأبديّة.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: الاستعداد للاعتراف

التلميذ: لمّا كان الكاهن يتكلّم على الاعتراف قال إنّه علينا الاستعداد قبل أن نذهب إلى الاعتراف. كيف نستعدّ؟

المرشد: قبل أن تذهب إلى الاعتراف راجع فكرك وتذكّر خطاياك منذ آخر اعتراف. يمكنك أن تقيس نفسك على الوصايا العشر واحدة واحدة وترى إن كنتَ قد خالفتها. وعندما تعدّد خطاياك لا تكبّر الخطيئة أكثر من اللازم لئلّا تقع تحت حملها الثقيل ولا تصغرّها وتقول إنّها بسيطة، فالخطيئة تبقى خطيئة ضدّ الله.

التلميذ: ماذا أيضًا؟

المرشد: اسأل نفسك إن كنتَ تخالف تعاليم الكنيسة: هل أنتَ مواظب على القدّاس الإلهيّ والصلوات والأصوام وممارسة الفضائل مثل التواضع في علاقاتك مع الآخرين؟ كلّ مخالفة لهذه خطيئة اعترف بها أمام الله.

التلميذ: أنتَ علّمتنا أنّ المحبّة أهمّ شيء.

المرشد: نعم. لا بدّ لك من أن تقيس نفسك على القاعدة الذهبيّة: «أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ قدرتك ومن كلّ فكرك وقريبك كنفسك» (لوقا ١٠: ٢٧). هذا ما قاله يسوع للذي جاء يسأله ماذا يفعل ليرث الحياة الأبديّة. ونحن أيضًا عندما نعترف بخطايانا ونبعدها عنّا نرجو الحياة الأبديّة. 

التلميذ: بعد الاستعداد نعترف بالخطايا للكاهن.

المرشد: نعم. عندما تعترف بخطاياك تندم وتقول إنّك لن «تعود إلى الخطيئة في ما بعد». لذلك انسَ الخطايا بعد الاعتراف ولا تذكرها أبدًا لأنّه بعد أن يقرأ عليك الكاهن صلاة الحلّ تختفي الخطيئة لأنّ الله محاها.

 

قصّة في حُسن المعاملة

يُحكى أنّ الأب مكاريوس (راهب من القرن الرابع في مصر) كان سائرًا مع تلميذه فقال له: تقدّمني قليلًا. تقدّم التلميذ فرأى كاهنًا وثنيًّا يحمل الحطب فصرخ به: يا خادم الشيطان إلى أين تذهب؟ فاستدار الكاهن وضرب التلميذ حتّى أفقده الوعي وتابع طريقه فالتقى الأب مكاريوس الذي قال له: يعطيك العافية أيّها النشيط. فاندهش الوثنيّ وسأله لماذا حيّيتني هكذا؟ فقال الأب: لأنّك تكدّ وتتعب ولا تدري لماذا. فأجاب الكاهن الوثنيّ: تأثّرت بتحيّتك وعرفت أنّك تنتمي إلى الإله الحقيقيّ. صادفني قبلك راهب شرّير فضربته. وأضاف: لن أتركك قبل أن تصيّرني مسيحيًّا مثلك. لمّا وصلا عمّده الأب مكاريوس وقال لتلميذه: الكلام الشرّير مع التكبّر يحوّل الصالحين إلى أشرار، ولكنّ الكلام الطيّب مع التواضع يحوّل الأشرار إلى صالحين.

Last Updated on Friday, 26 June 2020 12:32
 
Banner