Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2021 العدد ٤٠: المرآة الصادقة للمحبّة الإلهيّة
العدد ٤٠: المرآة الصادقة للمحبّة الإلهيّة Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 03 October 2021 00:00
Share

raiati website
الأحد ٣ تشرين الأوّل ٢٠٢١ العدد ٤٠ 

الأحد الخامس عشر بعد العنصرة

الشهيد ديونيسيوس الأريوباغيّ أسقف أثينا

 

كلمة الراعي

المرآة الصادقة للمحبّة الإلهيّة

المرآة الصادقة للمحبّة الإلهيّة في الإنجيل، يسلّط يسوع الضوء على المعيار الذي يتعاطاه أهل العالم في ما بينهم ألا وهو التبادل. إنّه معيار المعاملة بالمثل الذي يضعك على قدم المساواة مع أترابك: أن تُبادلَ بالحبّ مَن أحبّك، وبالإحسان مَن أحسن إليك، وهكذا دواليك. انطلاقًا من هذا الواقع، ينقلنا يسوع إلى مستوى آخر، وهو أن تعامل غيرك كما يعاملك الله، فتأتي معاملتك للآخرين على مثال معاملة الله لك. فيسوع، بعد أن كنّا أعداء لله، صالحنا مع أبيه: أحبّنا وتجسّد من أجلنا؛ أعطانا فيض روحه القدّوس، وأخذ على عاتقه آثامنا؛ أعطانا كلمة الحياة وفرصة حياة أبديّة بعد هلاك موت.

من هنا، يدعونا يسوع إلى أن نحبّ من دون حدود ومن دون مقابل فيوصينا: «أحبّوا أعداءكم وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئًا» (لوقا ٦: ٣٥). هو يطلقنا في رحاب مجّانيّة محبّة الله للإنسان ويرانا من منظار أنّ الابن لا بدّ من أن يتحلّى بشيم أبيه ومناقبه. ويسوع هو مَن جسّد هذه الحقيقة في علاقته بنا وجعلنا نلمس كيف أنّ الآب السماويّ أحبّ حتّى بذل ابنه الوحيد من أجل أن يحيا الإنسان.

خبر القدّيس نيقولاوس فيليميروفتش (+١٩٦٥)، وهو أسقف من الكنيسة الصربيّة، خبرة محبّة الأعداء، إذ سُجن في المعتقلات النازيّة خلال الحرب العالميّة الثانية. في تأمّل له، يشاركنا وقع هذه الخبرة عليه: «بارك أعدائي يا ربّ ولا تلعنهم! فأباركهم أنا أيضًا. قادني الأعداء إلى أحضانك أكثر مـمّا فعل أصدقائي. أصدقائي ربطوني بالأرض، أمّا أعدائي فحلّوني منها وبعثروا مطامحي الدنيويّة كلّها. (...) وجدتُ الملاذ الأكثر أمنًا بلجوئي إلى خيمتك، حيث لا أعداء ولا أصدقاء يقدرون على إيذاء نفسي».

ثمّ يصفها من زاوية علاقته بنفسه: «باركْ يا ربّ أعدائي ولا تلعنْهم! فأباركهم أنا أيضًا. لقد اعترفوا بخطاياي بدلًا منّي أمام العالم. عاقبوني عندما تردّدتُ في معاقبة نفسي. عذّبوني بينما كنتُ أحاول تجنّب العذابات. أهانوني في حين كنتُ أتملّق نفسي. بصقوا في وجهي حينما امتلأت نفسي من الافتخار والكبرياء».

وبعدها، يتناولها بالعلاقة مع الآخرين: «في كلّ مرّة ادّعيتُ فيها الحكمة كانوا ينادونني بالأحمق. في كلّ مرّة قمتُ فيها بدور القويّ، كانوا يسخرون منّي وكأنّي قزم. كلّما تمنّيتُ أن أقود الناس، كانوا يدفعونني إلى خلف. كلّما حاولتُ أن أغْني نفسي، كانوا يمنعونني بيد من حديد. كلّما فكّرتُ بأن أنام بسلام، كانوا يوقظونني من النوم. في كلّ مرّة حاولتُ أن ابني بيتًا لحياة مديدة هادئة، كانوا يطردونني منه ويهدمونه. حقًّا قطع أعدائي كلّ ارتباط لي في هذا العالم، فمددتُ يديّ لألامس هدب ثوبك. لذا باركْ يا ربّ أعدائي ولا تلعنْهم! فأباركهم أنا أيضًا».

ثمّ يرى عبرها واقع علاقته بالله: «باركْهم يا ربّ وكثّرْهم! كثّرْهم واجعلْهم أكثر قسوة عليّ. ليكون لجوئي إليك بلا رجعة. ليتحطّم كلّ رجاء لي بالناس، كما تتحطّم شبكة العنكبوت. ليَحكم السلام المطلَق على نفسي. ليصير قلبي قبرًا لأخويَّ الشرّيرَين: العجرفة والغضب. فأخبّئ كنوزي كلّها في السماوات. وأصير مؤهّلًا للتحرّر إلى الأبد من وهم الذات الذي يأسرني في الشبكة المميتة لهذه الحياة الخدّاعة».

أمّا زبدة هذه الخبرة، فيقدّمها على النحو التالي: «علّمني أعدائي ما يعرفه القليلون، وهو أنّ ما من عدوّ للإنسان في هذا العالم إلّا نفسه. ولا يكره أعداءه إلّا مَن يفشل في معرفة أنّهم ليسوا أعداء بل أصدقاء قساة القلب!». ويختم بطريقة تلامس الشطر الثاني من قول الربّ - «... فيكون أجركم عظيمًا وتكونوا بني العليّ فإنّه منعم على غير الشاكرين والأشرار» (لوقا ٦: ٣٥) - فيشرحها لنا على الشكل التالي: «إنّ العبد يلعن أعداءه لأنّه لا يفهم، أمّا الابن فيباركهم لأنّه يفهم. يفهم أنّ أعداءه لا يستطيعون أن يهدّدوا حياته، لذلك يتنقّل بحرّيّة بينهم ويصلّي من أجلهم. فباركْ يا ربّ أعدائي، كما أباركهم أنا أيضًا».

هكذا كانت هذه الخبرة المرآة الصادقة لهذا القدّيس فجسّد وصيّة الربّ هذه في خدمته وشهادة حياته وتعليمه. إنّها خبرة تنقل المؤمن من الخطيئة إلى الشركة مع الله. لا شكّ في أنّها خبرة مؤلمة، لكنّها مخاض يعبر بنا إلى حضن الآب السماويّ. فهل من واثق بمحبّة الله له حتّى يعيش هذه المغامرة؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ٢كورنثوس ٤: ٦-١٥

يا إخوة، إنّ الله الذي أمرَ بأن يُشرقَ نورٌ هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح. ولنا هذا الكنز في آنية خزفيّة ليكون فضلُ القوّة لله لا منّا، متضايقين في كلّ شيء ولكن غير منحصرين، ومُتَحيّرين لكن غير يائسين، ومُضطهدين ولكن غير مخذولين، ومطروحين ولكن غير هالكين، حاملين في الجسد كلّ حين إماتة الربّ يسوع لتظهر حياة يسوع في أجسادنا لأنّا نحن الأحياء نُسلَّم دائمًا إلى الموت من أجل يسوع لتظهر حياة المسيح أيضًا في أجسادنا المائتة. فالموت إذًا يجري فينا والحياة فيكم. فإذ فينا روح الإيمان بعينه على حسب ما كُتب إنّي آمنتُ ولذلك تكلّمتُ فنحن أيضًا نؤمن ولذلك نتكلّم، عالمين أنَّ الذي أقام الربّ يسوع سيُقيمنا نحن أيضًا بيسوع فننتَصب معكم لأنّ كلّ شيء هو من أجلِكم لكي تتكاثر النعمة بشكرِ الأكثرين فتزداد لمجد الله.

 

الإنجيل: لوقا ٦: ٣١-٣٦

قال‭ ‬الربُّ‭: ‬كما‭ ‬تريدون‭ ‬أن‭ ‬يفعلَ‭ ‬الناسُ‭ ‬بكم‭ ‬كذلك‭ ‬افعلوا‭ ‬أنتم‭ ‬بهم‭. ‬فإنّكم‭ ‬إن‭ ‬أحببتم‭ ‬الذين‭ ‬يحبّونكم‭ ‬فأيّة‭ ‬مِنَّةٍ‭ ‬لكم؟‭ ‬فإنّ‭ ‬الخطأةَ‭ ‬أيضًا‭ ‬يُحبّون‭ ‬الذين‭ ‬يحبونهم،‭ ‬وإذا‭ ‬أحسنتم‭ ‬إلى‭ ‬الذين‭ ‬يُحسِنون‭ ‬إليكم‭ ‬فأيَّةُ‭ ‬مِنَّةٍ‭ ‬لكم‭. ‬فإنّ‭ ‬الخطأةَ‭ ‬أيضًا‭ ‬هكذا‭ ‬يصنعون‭. ‬وإن‭ ‬أقرضتم‭ ‬الذين‭ ‬تَرجون‭ ‬أن‭ ‬تستَوفوا‭ ‬منهم‭ ‬فأيّة‭ ‬مِنَّةٍ‭ ‬لكم؟‭ ‬فإنّ‭ ‬الخطأة‭ ‬أيضًا‭ ‬يُقرضون‭ ‬الخطأة‭ ‬لكي‭ ‬يستوفوا‭ ‬منهم‭ ‬المِثل‭. ‬ولكن‭ ‬أحبّوا‭ ‬أعداءكم‭ ‬وأحسنوا‭ ‬وأقرضوا‭ ‬غير‭ ‬مؤَملين‭ ‬شيئًا‭ ‬فيكون‭ ‬أجركم‭ ‬كثيرًا‭ ‬وتكونوا‭ ‬بني‭ ‬العليّ‭. ‬فإنّه‭ ‬مُنعِمٌ‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬الشاكرين‭ ‬والأشرار‭. ‬فكونوا‭ ‬رُحماء‭ ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬أباكم‭ ‬هو‭ ‬رحيمٌ‭.‬

 

الصبر والاحتمال

في خبرة التعرّض للظلم والافتراء

يستعمل الكتاب المقدّس الكلمة اليونانيّة (ὑπομονῇ upomony) للدلالة على الصبر. لا يعني هذا المصطلح باليونانيّة أمرًا سلبيًّا، بالعكس تمامًا، فهو يعني التحمّل بفرح، لأنّ نتائج إيجابيّة ستأتي إذا صبرنا. نقرأ، على سبيل المثال، عند لوقا الإنجيليّ في مثل الزارع، أنّ الزرع، أو كلام الله، الذي يسقط في الأرض الجيّدة هو «الذين يَسْمَعون الكَلمَةَ ويَحْفظونَها في قلبٍ جيِّدٍ مُسْتقيمٍ، ويُنْتِجون ثَمَرًا بالصّبْر» (لوقا ٨:١٥). كذلك نسمع الربّ يقول «بصبركم تقتنون نفوسكم» (لوقا ٢١: ١٩). ومن أجمل ما كُتب في موضوع الصبر نقرأه في الإصحاح الثالث من كتاب يشوع بن سيراخ: «إنْ أرَدتَ خِدمةَ الربّ، فاَستَعِدَ يا اَبْني لِلتَّجرِبةِ. كُنْ حازِمًا مُستَقيمَ القلبِ، ولا تتسَرَّعْ وقتَ المَصائِبِ. تمَسَّكْ بِالربّ ولا تَبتَعِدَ عَنهُ، فتُكْرِمَ أواخِرَ حياتِكَ. تقَبَّلْ ما يَحِلُّ بِكَ، واَصْبِرْ على اَتِّضاعِ مَقامِكَ. فالذَّهبُ تُطَهِّرُهُ النَّارُ. وخِيرةُ النَّاسِ يُطَهِّرُهُم جَمْرُ الاتِّضاعِ. آمِنْ بِالربّ فيُساعِدَكَ. قَوِّمْ طريقَكَ وثِقْ بِهِ. يا مَنْ تَخافُ الربّ اَنتَظِرْ رَحمتَهُ، وحينَ تَسقطُ، لا تَمِلْ عَنهُ. الربُّ رَؤُوفٌ رَحيمٌ، في الضِّيقِ يَغفِرُ الخَطايا ويُخَلِّصُ... فرَحمةُ الرب على قَدْرِ عظَمَتِه». 

الصبر إذًا أمرٌ يعود على صاحبه بالمنفعة. أوّلًا، لأنّه يقي الإنسان من السقوط في اليأس مهما قست الظروف عليه، وثانيًّا، لأنّ من يصبر ينظر برجاء إلى «الربح» الروحيّ والمعنويّ ما بعد المحنة. وفي هذا السياق يقول الرسول «بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي» (رومية ٥: ٣-٥). 

ولنا في الكتاب آيات عديدة تتكلّم على الصبر. كذلك لدينا أمثلة عن أشخاصٍ صبروا، فتوّج الله صبرَهم إكليلًا على رؤوسهم. فلنأخذ من سفر التكوين قصّة يوسف الصدّيق مثلًا. باعه إخوته كعبدٍ. هل هناك أفظع من خيانة إخوته له؟ ومع هذا صبر على كلّ شيء وخدم حتّى كعبدٍ، ورغم اتّهامه باطلًا من امرأة فوطيفار، وزجّه بالسجن، إلّا أنّه بقي أمينّا لله، الذي حوّل هذه الضيقة، في وقت يراه هو مناسبًا، إلى خيرٍ ليوسف. فصار الوزير الأوّل في مصر وأنقذ إخوته وقبيلته كلّها من الموت. (تكوين إصحاحات ٣٧-٥٠).

إذًا المسألة تحتاج إلى صبر، وأن ننتظر الربّ، ونؤمن بأّنه قادرٌ على أن يحوّل الشر إلى خير. لا توجد مشكلة تستمرّ إلى الأبد. سيأتي يومٌ موافقٌ وتنتهي. كلّ المسألة أنّنا نحتاج إلى صبرٍ مبنيٍّ على الإيمان. 

مثلً آخر للصبر نتعلّمه من الفتية الثلاثة في الإصحاح الثالث من سفر دانيال النبيّ. فقد أمر نبوخذنصّر، ملك بابل، بطرح حنانيا وميصائيل وعازريا في أتون النار. إذ وشى بهم الكلدانيّون أنّهم لم يطيعوا أمر الملك وأبَوا السجود لتمثال الذهب. وفضّلوا الحريق على أن يسجدوا لغير الإله الحقّ. وعوضًا من أن تلتهم ألسنة اللهب الفتية نزل ملاك الربّ إلى الأتون وطرد لهيب النار وجعل في وسط الأتون ما يشبه نسيم الندى المنعش فلم تمسّهم النار البتّة، فسبّحوا وباركوا الله. موقف الفتية الثلاثة وثباتهم على إيمانهم جعل الملك العظيم نبوخذنصّر يعترف بقدرة الله الذي «أرسل ملاكه وأنقذ عبيده الذين توكّلوا عليه وخالفوا أمر الملك وبذلوا أجسادهم لئلّا يعبدوا ويسجدوا لإله غير إلههم». (دانيال ٣: ٩٥).

وفي القرن الماضي نقرأ عن كاهنٍ روسيٍّ يتكلّم بفرحٍ وامتنان على ما تعرّض له من ظلمٍ. قال لأحدهم مرّةً، وعيناه تلمعان بالامتنان والعجب: «لا يمكنك أن تتصوّر كم كان الربُّ محسنًا إليّ! في أيّام الثورة البولشيفيّة، عندما كان محظورًا على الكهنة دخول أيّ سجنٍ أو أيّ مخيّمٍ، اختارني الربُّ، أنا الكاهن غيرَ المستحقّ وعديم الخبرة، وأرسلني لأكون كاهنًا حيث الحاجة كانت الأكبر. تمّ توقيفي، أمضيْتُ سنةً في السجن، والسنوات الستّ والعشرين اللاحقة في معسكر اعتقالٍ، بين أناسٍ كانوا بحاجةٍ إليَّ، بحاجةٍ إلى الربِّ، بحاجةٍ إلى كاهن». وكلّ ما قاله عن هذه المحنة كان شكرًا غير متناهٍ للربّ الذي اختاره ليُصلب من أجل أن يعيش الآخرون.

الأمثلة التي ذُكرت لديها قاسمٌ مشتركٌ ألا وهو أنّ الصبر هو فاعلٌ. الصبور هو المبادر لا المستسلم. الصبور هو وجه الرجاء، أمّا المستسلم فهو وجه الخنوع. الصبور يتكلّم بجرأة كما فعل الفتية الثلاثة. يكافح من أجل الحقّ. لا يسكت ولا يقبل بالظلم، ولكن متى حلّ به فهو يصبر عليه.

فلنقارن أنفسَنا، مصيرَنا، عذاباتِنا، بهذه الأمثلة، لربما استطعنا عندها أن نتعلّم مواجهة الظلم، وكلّ ما يُرمى علينا من افتراءاتٍ، بالصبر الفاعل لا الخانع. وهذا الثبات قد نتعلّمه ليس من تدريب مشيئتنا، بل من تسليمها كلّيًّا لله، عربونَ شُكرٍ على كونه راعينا، وحافظَ حياتِنا وعالِمَ مصلحتنا. وإذا سلّمْنا أنفسَنا بين يديه وسمحْنا لنعمته بأن تعمل فينا بحرّيّةٍ، حينها يكون كلُّ شيءٍ على ما يُرام. هكذا كلّ ظلم وافتراء يكون درسًا لنا على أرض الواقع لنتعلّم الصبر، ونعلّمه لا بالنظريّات ولا بكثرة الكلام، نعلّمه أمثلةً معاشة. ولنحترز من أن نكون ظالمين، إن لم نمشِ مع كلّ مظلوم على الأرض، نستنشق كلّ ألم في الدنيا لنشهد لكلّ فرح فيها يأتينا من المسيح القائم، الموجود فينا ومُحرّكنا ومحيينا جميعًا. ولا ننسينَّ أبدًا أنَّ إلهَنا هو «إله الصبر والتعزية» (رومية ١٥: ٥).

 

الكنز في آنية خزفيّة

للمطران جورج خضر

- يشير الرسول بولس إلى الخلق عندما أخرج من الظلمة النور الحسّيّ. أمّا النور الحقيقيّ فهو مرسوم على وجه يسوع المسيح. وهذا النور الذي رآه بولس على طريق دمشق لمّا ظهر له السيّد سوف يعطيه لآخرين. والنور الكامن في النفوس يسمّيه كنزًا، ولكنّه ينظر إلى الضعف البشريّ ويقول: «لنا هذا الكنز في آنية خزفيّة»، حتّى إذا ظهرت منك قوّة روحيّة تعرف أنّها آتية من النعمة لا من قواك الشخصيّة.

- البشارة تبدأ في قلب المبشّر وبعد ذلك تصير كلامًا على شفتيه. بماذا نتكلّم؟ بالقيامة إذ نعلم أنّ الذي أقام يسوع سيقيمنا نحن أيضًا بيسوع. «لأنّ كلّ شيء من أجلكم» وكأنّه يقول إنّ قيامة المسيح هي لتقوية إيمانكم وخدمته «لكي تتكاثر النعمة بشكر الأكثرين فتزداد لمجد الله».

- ثقة بولس بيسوع كاملة مهما ضعف الرسول تحت الاضطهاد، أو لمس الضعف في داخل نفسه ووجهه دائمًا إلى وجه يسوع وبنوره يعاين النور. أجل نحن آنية من خزف، ولكنّه مملوء بالنعمة، والنعمة هي الفاعلة إن أطَعْنا.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: الكنز في آنية خزفيّة

التلميذ: في رسالة اليوم، يتكلّم بولس الرسول على كنز. ماذا يقصد بذلك؟ ما هو هذا الكنز؟

المرشد: قبل أن يأتي بولس الرسول على ذكر الكنز، يقول في هذه الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس إنّ الله أشرق في قلوبنا ليشعّ نور معرفة مجده، ذلك المجد الذي في وجه المسيح. إذًا، الكنز هو مجد الله، نور المسيح الذي يشرق لنا.

التلميذ: ثمّ يكمل إنّ «هذا الكنز في آنية خزفيّة ليكون فضل القوّة لله لا منّا» (٤: ٧). هل هذا يعني أنّنا نحن الآنية الخزفيّة؟

المرشد: نعم، من المعروف أنّ هذه الآنية المصنوعة من فخّار هي سريعة الانكسار، وكذلك هو جسدنا، يتأثّر بسهولة بالموت والأمراض وغيرها. جسدنا ضعيف يميل إلى الخطيئة، ورغم ذلك حَفِظَ فيه الله أعظم كنز. ينزل علينا نور الله ونحن ضعفاء. 

التلميذ: إذًا ما الذي أراد بولس الرسول أن يقوله لنا عبر هذا التشبيه؟

المرشد: يقول إنّ قوّتنا نستمدّها من الله لا من أنفسنا. هو قادرٌ على أن يفعل في أجسادنا الضعيفة. إن تضايقنا، فنحن غير محصورين، أي قادرين على الخروج من الضيق. إن تحيّرنا أو قلقنا، فنحن لا نيأس لأنّ الله يحرّرنا من القلق. إن اضطُهدنا لا يتركنا الله. نحن لا نهلك لأنّنا بقيامة المسيح نغلب كلّ ضعفٍ وألم. 

 

الرجمة

يوم الأحد الواقع فيه ١٩ أيلول ٢٠٢١، ترأس راعي الأبرشيّة خدمة تكريس كنيسة بشارة السيّدة - الرجمة. في العظة، تناول إنجيل الأحد ما بعد رفع الصليب على ضوء معنى تكريس الكنيسة. في نهاية القدّاس الإلهيّ، شكر كاهن الرعيّة وأعضاء مجلسها وأبناء الرعيّة على الجهود التي بذلوها في إعمار الكنيسة وتجهيزها، وهي تمّت ببركة سلفه صاحب السيادة المتروبوليت جاورجيوس ومساعدة المحسنين.

Last Updated on Wednesday, 06 October 2021 14:36
 
Banner