Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2023 رعيتي العدد ١٥: سكّتا الإيمان ومجد الله لقطار التدبير الإلهيّ
رعيتي العدد ١٥: سكّتا الإيمان ومجد الله لقطار التدبير الإلهيّ Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 09 April 2023 00:00
Share

raiati website copy
تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ٩ نيسان ٢٠٢٣ العدد ١٥  

أحد الشعانين

 

كلمة الراعي

سكّتا الإيمان ومجد الله 
لقطار التدبير الإلهيّ

رعيتي العدد ١٥: سكّتا الإيمان ومجد الله لقطار التدبير الإلهيّ في وقفتنا على عتبة أسبوع الآلام، يرسم لنا أحد الشعانين مسار إيماننا وتمجيد يسوع لأبيه، وذلك على وقع أحداث وهي: الاحتفال بيسوع في بيت عنيا بعد إقامته لعازر؛ ودهنه بالطيب فيها من أخت لعازر؛ وموقف يهوذا الإسخريوطيّ من ذلك وتعليل يسوع له؛ ثمّ دخول يسوع الظافر إلى أورشليم واستقبال الجموع له بالتهليل؛ وأخيرًا، هاجس رؤساء الكهنة بشأن القضاء على لعازر حتّى لا يذهب اليهود إلى يسوع ويؤمنوا به.

يبدو أنّ معركة الإيمان بيسوع هي على قدم وساق، من حيث إذكاؤها أو إطفاؤها، في كلّ هذه الأحداث. ربّ قائل إنّ المواقف فيها تعدّدت: كالموقف التكريميّ في العشاء الذي أُقيم ليسوع في بيت عنيا على ضوء إقامته لعازر، أو الموقف العاطفيّ بدهن مريم ليسوع بالطيب، أو الموقف المشروع بما صدر عن يهوذا الإسخريوطيّ بشأن أوّلويّة محبّة الفقراء، أو الموقف الاحتفاليّ-الشعبيّ في استقبال الجموع ليسوع في دخوله إلى أورشليم، أو الموقف الكتابيّ الذي سطّر به الإنجيليّ معنى الأحداث ذاتها على وقع نبوءات العهد القديم. هذه المواقف، على اختلافها، تعانق حضور المسيح فيها، وتقرأها بحسب «هوى» صاحبها، أي بحسب العمق الذي بلغه في معرفة سرّ المسيح.

ما يهمّنا في هذا السياق هو كيف مجّد يسوعُ أباه في كلّ شيء وكيف أعطانا إيمانًا لا يُنـزَع منّا. قراءة يسوع لهذه الأحداث، والإنجيليّ يوحنّا من بعده، وضعتها في سياق تدبير الله الخلاصيّ. هذا يساعدنا على ولوج سرّ يسوع معنا ومن أجلنا، وسرّ تلمذتنا له. فمعركة إيماننا بيسوع ومعركة تمجيد يسوع لأبيه تسيران معًا، جنبًا إلى جنب، كسكّتَي حديد القطار، قطار هذا التدبير الإلهيّ.

فيسوع، أوّلًا، حوّل تكريم مريم له إلى استذكار للحظة تكفينه المقبل: «اتركوها! إنّـها ليوم تكفيني قد حفظتْه» (يوحنّا ١٢: ٧). أحجم عن قبول هذا التمجيد بأن جعله مناسبة لمعاينة موته. حفظ نفسه من المجد الآتي من الناس ولم يستبدل به المجدَ الآتي من الله. أراد بموته أن يتمجّد أبوه، الذي بدوره سيمجّد ابنه بالمجد الذي له قبل إنشاء العالم.

وأولى يسوعُ الفقراءَ كلّ إكرام في تدبيره ووصاياه إلى شعبه. لكنّه في بيت عنيا وضع محبّتنا له كأولويّة مطلقة وجعلها علاقة مرجعيّة في تعاطينا مع الفقراء: «لأنّ الفقراء معكم في كلّ حين، وأمّا أنا فلستُ معكم في كلّ حين» (يوحنّا ١٢: ٨). مَن وجد يسوع وأحبّه بإمكانه أن يخدم الفقراء بتجرّد يسوع وانسكابه من أجلهم. أمّا مَن فَقَد يسوع، فهذا قد يُصاب بالسقوط في حفظ الأمانة كيهوذا الإسخريوطيّ.

ثمّ جعل يسوعُ من حتميّة موته بنظر اليهود فرصةً لتمجيد أبيه وتأسيس ملكوته. فهو كان عالِـمًا بما يضمره رؤساء اليهود بشأن القضاء عليه، وبهوى الجمع الكثير الحماسة والسريع التقلّب والسهل الانقياد، لكنّه آثر أن يأتي إلى مدينته أورشليم، وسيدخل الهيكل لكونه بيت أبيه السماويّ، ولن يردعه الموت المرتقب عن تحقيق سيادة الله وسط شعبه وعلى كلّ شعوب الأرض. نعم، من هناك سيبسط مجدَ الله على المسكونة بالكرازة الإنجيليّة.

وأخيرًا، دخل يسوعُ مدينةَ السلام كملك. كان دخوله منسجمًا مع طبيعة سيادته وملكه، بالروح التي أراد بها أن يسود على أبناء الملكوت، روح الرئيس الذي أتى ليَخدُم وليس ليُخدَم وروح رئيس الكهنة العظيم الذي يبذل نفسه فدية عن كثيرين (متّى ٢٠: ٢٨)، وروح الطبيب الذي أتى من أجل المرضى (متّى ٩: ١٢)، وروح الراعي الذي يبحث عن خروفه الضالّ ليحمله على منكبَيه (لوقا ١٥: ٥). إنّه السلام الإلهيّ الذي يحلّ باستعادة يسوعَ كلّ إنسان إلى المجد الذي أعدّه له أبوه، بوداعة دخوله على جحش وتواضعه! 

هذا هو يسوع الذي صار «آية» للمؤمنين، وإن كان هو مَن صنع الآية، أي آية إقامته لعازر من الموت (يوحنّا ١٢: ١٨). هو صار «منظرًا للعالم والملائكة والناس» (١ كورنثوس ٤: ٩)، محكومًا عليه بالموت، تتويجًا لمحبّته لأبيه وأيضًا لكلّ قريب، لكلّ مَن «صنع معه الرحمة» (لوقا ١٠: ٣٧).

«لـمّا تمجّد يسوع» (يوحنّا ١٢: ١٦) هي شرارة إيمان التلاميذ بيسوع، وشرارة اتّباعهم إيّاه بالروح عينه الذي حرّكه، وشرارة انطلاقهم في خدمتهم الرسوليّة. إنّها عبارة، إنّ تذكّرْناها وأخذناها على عاتقنا، أيقظت فينا شهامة الإيمان وروح البذل، وجعلتنا خدّامًا للعهد الجديد ومعاونين في الكرازة بملكوت الله الذي لا نهاية له. ساعتها يمكننا أن نهتف بحقّ: «أوصنّا! مبارك الآتي باسم الربّ» (يوحنّا ١٢: ١٣)!

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: فيليبّي ٤: ٤-٩

يا إخوة افرحوا في الربّ كلّ حين وأقول أيضًا افرحوا، وليَظهَر حِلْمُكم لجميع الناس فإنّ الربّ قريب. لا تهتمّوا البتّة، بل في كلّ شيء فلتكن طلباتُكم معلومة لدى الله بالصلاة والتضرّع مع الشكر. وليحفظ سلامُ الله الذي يفوق كلّ عقل قلوبَكم وبصائرَكم في يسوع المسيح. وبعد أيّها الإخوة مهما يكن من حقّ، ومهما يكن من عفاف، ومهما يكن من عدل، ومهما يكن من طهارة، ومهما يكن من صفة محبّبة، ومهما يكن من حُسْن صيت، إن تكن فضيلة، وإن يكن مَدْح، ففي هذه افتكروا. وما تعلّمتموه وتسلّمتموه وسمعتموه ورأيتموه فيّ فبهذا اعملوا. وإله السلام يكون معكم.

 

الإنجيل: يوحنّا ١٢: ١-١٨

قبل الفصح بستّة أيّام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الذي مات فأقامه يسوع من بين الأموات. فصنعوا له هناك عشاء، وكانت مرتا تخدم وكان لعازر أحد المتّكئين معه. أمّا مريم فأخذت رطل طيب من ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب. فقال أحد تلاميذه، يهوذا بن سمعان الإسخريوطيّ، الذي كان مزمعًا أن يُسْلمه: لمَ لم يُبَعْ هذا الطيب بثلاث مئة دينار ويُعطَ للمساكين؟ وإنّما قال هذا لا اهتمامًا منه بالمساكين بل لأنّه كان سارقًا، وكان الصندوق عنده وكان يحمل ما يُلقى فيه. فقال يسوع: دعها، إنّما حفظَتْه ليوم دفني. فإنّ المساكين هم عندكم في كلّ حين، وأمّا أنا فلستُ عندكم في كلّ حين. وعلم جمع كثير من اليهود أنّ يسوع هناك فجاؤوا، لا من أجل يسوع فقط، بل لينظروا أيضًا لعازر الذي أقامه من بين الأموات. فأْتَمَرَ رؤساء الكهنة بأن يقتلوا لعازر أيضًا، لأنّ كثيرين من اليهود كانوا بسببه يذهبون فيؤمنون بيسوع. وفي الغد لـمّا سمع الجمع الكثير الذين جاؤوا إلى العيد بأنّ يسوع آتٍ إلى أورشليم أخذوا سعف النخل وخرجوا للقائه وهم يصرخون قائلين: هوشعنا، مبارك الآتي باسم الربِّ، ملكُ اسرائيل. وإنّ يسوع وجد جحشًا فركبه كما هو مكتوب: لا تخافي يا ابنة صهيون، ها إنّ مَلِكك يأتيك راكبًا على جحش ابن أتان. وهذه الأشياء لم يفهمها تلاميذه أوّلًا، ولكن، لـمّا مُجّد يسوع، حينئذ تذكّروا أنّ هذه إنّما كُتبت عنه، وأنّهم عملوها له. وكان الجمع الذين كانوا معه حين نادى لعازر من القبر وأقامه من بين الأموات يشهدون له. ومن أجل هذا استقبله الجمع لأنّهم سمعوا بأنّه قد صنع هذه الآية.

 

الأسبوع العظيم:

مسيرة شفاء للعائلة والزواج

تكثر اليوم المشاكل العلائقيّة، وبالأخصّ في العائلة وبين الزوجَين. كلّ إنسان لديه نزواته وشهواته التي تعطّل تواصله مع الآخرين، وبالأخصّ حبّ الذات والأنانيّة، وحبّ التملّك والسيطرة، والغيرة، إلى ما هنالك. نظنّ أحيانًا أنّ هذه الشهوات الكامنة فينا غير موجودة أصلًا. وفجأة، تهبّ رياح التجارب، فنثور كالنار في الهشيم، إذ تشتعل نار الأنانيّة بين الزوج والزوجة، تتأزّم علاقتهما، فيدخلان في نزاع يمكن أن يخرُب البيت. وما جمعه الله تفرّقه الآن نار التجارب! فما العمل؟

الأسبوع العظيم كأسبوع الشفاء الداخليّ

إنّ مواسم الكنيسة الارثوذكسيّة هي بالحقيقة مواسم التوبة والشفاء من الضعفات ومن جروحات الخطيئة. إنّ موسم الأسبوع العظيم هذا هو عطيّة من الله، لا نعرف قيمته إلّا إذا اختبرناه كعائلة. إنّه يوطّد علاقة الزوجَين، ومحبّتهما لله وأحدهما للآخر... فيه إعادة تصويب الرغبات باتّـجاه ما هو طبيعيّ وجيّد بحسب مشيئة الله. إنّه فترة نُضعِف فيها ما هو عاطل فينا، لكي يقوى ما هو صالح، ولكي نقتني ثمار الروح: المحبّة والفرح والسلام والصبر واللطف والصلاح والأمانة وضبط النفس (غلاطية ٥). كيف، إذًا، تختبر العائلة، والزوجان بشكل خاصّ، الأسبوع العظيم المقدّس، ويكون لهما مسيرة شفاء؟

«كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ» (لوقا ٢٢: ٤٤): هكذا كان الربّ يسوع يصلّي في بستان الزيتون. تتكثّف الصلوات اليوميّة في الكنيسة خلال الأسبوع العظيم، مـا يعيدنا إلى أهمّيّة الصلاة في حياتنا. يقول الشيخ مكاريوس من دير أوبتينا: «عادة الصلاة المشتركة بين الرجل والمرأة هي قوّة كبيرة. وهذا سبب من الأسباب التي من أجلها يسعى العدو إلى أن يكسر هذه العادة بينكما». الصلاة هي تواصل مع الله، يؤدّي إلى تواصل جيّد مع الآخرين أيضًا. مَن تدرّب على فنّ الصلاة، امتلك أيضّا فنّ التواصل مع الآخر. لهذا مَن يحبّ الله، يحبّ أخاه أيضًا (أو الزوج، أو الزوجة) (١يوحنّا ٤). الحياة الزوجيّة في كلّ تفاصيلها محورها المسيح. عندما نقترب من المسيح أكثر، نقترب من بعضنا البعض أكثر. هكذا مَن يصلّي جيّدًا، يعرف الله ومحبّته، وهذا ما يجعله يحبّ الآخر ويتواصل معه جيّدًا. إنّ نعمة الله تعطيه ما يقول وكيف يعبّر. التواصل الفعّال أساس في حلّ المشاكل الزوجيّة. والصلاة توطّد هذا التواصل مع الآخر.

«لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ» (يوحنّا ١٧: ٢٦): في فترة الأسبوع العظيم، ينكشف حبّ الله لنا، وهذا الحبّ يترجمه الربّ يسوع بتواضعه الأقصى وبذله ذاته من أجلنا. يعطينا الربّ، بمثاله، أن نحبّ بشكل أعمق، أن نفرغ الذات أكثر، بدلًا من تحقيق رغباتنا الذاتيّة الأنانيّة وتمزيق علاقاتنا. نسعى إلى عيش صلاة التوبة للقدّيس أفرام السريانيّ، وأن يكون لنا «اتّضاع الفكر...»، وهو يرشدنا أيضًا: «إذا أردتَ أن تحيا حياة هانئة، عليك أن تتمرّن على التواضع. إذا لم تفعل ذلك، سيكون من المستحيل أن تعيش حبّك مع الآخر أو تكون حياتك جيّدة». الكبرياء يحثّ الزوج أو الزوجة على اتّهام الآخر، ووضع اللوم على الآخر وعلى محيطنا... أمّا اقتناء التواضع فيحثّنا على تحمّل المسؤوليّة، والتوبة، والاعتراف بمسؤوليّتنا وذنبنا. كم هو سهل اتّـهام الآخرين وكشف عيوبهم! سيكون لديك الكثير من الوقت لتبيان ذلك، ولتصحيح الآخر، ولكنّ التواضع يجعلك تصمت أحيانًا، حتّى لو كنت على حقّ، والآخر على خطأ. يقوم الشيطان بدوره بتذكير الزوج (أو الزوجة) بخطايا سابقة ارتكبتها الزوجة (أو ارتكبها الزوج). لكنّ المسيح يعلّمنا أن نصلّي دومًا: «واتركْ لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه». والصوم موسم نتذكّر فيه خطايانا، فنتواضع ونتوب. 

«كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ» (متّى ٢٦: ٣٩): روحيّة الأسبوع العظيم تذكّرنا بأنّ الحرّيّة التي لدينا مفيدة إن كانت تعمل بحسب مشيئة الله للإنسان. المجتمع اليوم ينشر روحًا غير روح الكنيسة: الحرّيّة المتفلّتة، غير المسؤولة، اللامحدودة! كلّ شيء مباح لي، وكلّ شيء يناسبني... بالمقابل، ينبّهنا القدّيس بولس الرسول: «دُعيتم إلى الحرّية أيّها الأخوة غير أنّه لا تصيّروا الحرّيّة فرصةً لإشباع شهوات الجسد، بل بالمحبّة اخدموا بعضكم بعضًا» (غلاطية ٥: ١٣). متطلّبات العصر، متطلّبات مجتمع الاستهلاك، شراء ثياب بحسب الموضة، وأن يكون لدينا «طلّة عصريّة» "new look"، يساعدنا الصيام على تقوية إرادتنا، فنتعلّم أن نقول لا لبعض الأمور التي تؤذينا وكنّا نعملها بالعادة. يقول المتروبوليت أفرام راعي أبرشيّة طرابلس: «في كلّ مرّة تقول «لا» تكون قد غلبتَ». تساعدنا مسيرة الأسبوع العظيم على أن نوجّه حرّيّتنا في المسيح، فنقول ونفكّر ونعمل هكذا: «كلّ شيء مباح لي ولكن ليس كلّ شيء يناسبني» (١كورنثوس ٦: ١٢). نكتسب شجاعة فنحكم في كلّ شيء: في شؤون البيت وفي ترتيب أمور اللباس والحياة، بشكل عامّ، ولا شيء يحكم فينا. إنّ حسن استعمال الحرّيّة وضبط النفس يساعدان على حلّ الكثير من المشاكل الزوجيّة، وعلى اكتشاف الأسلوب المحبّ في العلاقة الزوجيّة: اقتناء الهدوء، والبدء بالتفكير بالآخر وحاجاته، التعامل مع الأهل والأقارب (الكنّة والحماه)، والعيش بتقشّف وقناعة كما هو ضروريّ بالأخصّ في هذه الأيّام.

مسيرة شفاء نحو الفصح

التزام العائلة، والزوج والزوجة بالأخصّ، في المشاركة بالصلوات ومراجعة الذات والاعتراف، وبالأخصّ في الأسبوع العظيم، يسمح لها بأن تختبر السلام، وتحقّق غايتها أن تكون «الكنيسة البيتيّة». يعطينا هذا الموسم أن نفهم بالعمق بأنّ الله يحبّنا، وأنّ الله هو فعلًا كلّ شيء في حياتنا، وأنّنا لا نستطيع أن ننال الحياة إلّا بارتباطنا به. هكذا يكون «الزواج جسرًا يقودنا من الأرض إلى السماء... حركة، وتقدّمًا ورحلة ستنتهي في السماء، في الأبديّة» (الأرشمندريت إميليانوس الآثوسيّ). هكذا تكون خبرة الأسبوع العظيم مسيرة شفاء تعبر بالعائلة نحو واقع سماويّ جديد، فصح مقدّس!

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ:

الأقوال السبعة على الصليب (٢)

التلميذ: وماذا يقصد بالقول الرابع: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» (مرقس ١٥: ٢٤، متّى ٢٧: ٤٦)؟

المرشد: ما من خلاف بين الباحثين أنّ هذه الكلمات تؤلّف افتتاحيّة المزمور (٢٢)، الذي يشكّل صلاة البارّ المتألّم. فيه يَظهر البارُّ «عارًا عند البشر ومحتقر الشعب» (مزمور ٢٢: ٦)، تحوط به جماعة من فاعلي الشرّ الذين يعاملونه كأنّهم حيوانات متوحّشة. إلّا أنّ البارّ المتألّم لا ييأس لأنّه وضع رجاءه على الربّ وعلى خلاصه. أمّا آباء الكنيسة ففهموا المزمور ٢٢ على ضوء آلام المسيح، فالمسيح يتحدّث بلسان البشريّة كلّها وبالنيابة عنها حتّى يضع حدًّا لهذه الغربة.

التلميذ: لماذا قال يسوع: «أنا عطشان» (يوحنّا ١٩: ٢٨)؟

المرشد: ما من شكّ في أنّ عبارة «أنا عطشان» تشير إلى عذاب المسيح الجسديّ. ولكنّها تشير أيضًا إلى الهدف الحقيقيّ من الآلام والموت الذي يكمن في العودة إلى الآب... يسوع يأتي من الآب، وبالموت يعود إلى الآب، الذي إليه «يعطش». حياته مسيرة سوف تكتمل بالقيامة والصعود.

 

التلميذ: وماذا عن القول السادس: «لقد تمّ» (يوحنّا ١٩: ٣٠)؟

المرشد: تعيدنا هذه العبارة إلى صلاة يسوع الكهنوتيّة (يوحنّا ١٧) حيث يتوجّه المسيح إلى الآب قائلًا: «وأنا آتي إليك». بعبارة «لقد تمّ» بلغت مسيرةُ يسوع غايتَها. يبلغ يسوع النهاية بحبّه للآب وطاعته لمشيئته. تعني العبارة «لقد اكتمل». إلّا أنّ هذه النهاية تعني بداءة على مستوى آخر.

التلميذ: والقول السابع والأخير: «يا أبتاه، في يدَيك أستودعُ روحي» (لوقا ٢٣: ٤٦)؟

المرشد: الكلمة الأخيرة على الصليب، هي عبارات المسيح المصلوب تعبيرًا عن ثقته المطلقة بأبيه. عبّر يسوع عن الألفة والثقة باتّحاده بأبيه وعن معرفته أنّ حياته وعمله المسيانيّ قد بلغا قمّتهما، غايتهما. باستخدام يسوع آية من المزمور ٣١، هو يعبّر عن استيداعه نفَسَه الأخير في يدَي الله بثقة وأمان.

Last Updated on Wednesday, 05 April 2023 21:48
 
Banner