للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
رعيتي العدد ٤٠: رؤية الله لنا وتحقيقها في المؤمنين بها |
![]() |
![]() |
Written by Administrator |
Sunday, 01 October 2023 00:00 |
اللحن ٨ - الإيوثينا ٦ الرسول حنانيا أحد السبعين، والقدّيس رومانس المرنّم
كلمة الراعي رؤية الله لنا وتحقيقها في المؤمنين بها
لذا وجب، عند هذا المنعطف، التأكيد على وجه آخر من إيماننا، والذي يحقّق قول يسوع أن نكون رحماء كالآب السماويّ. هذا يكون بأن يأخذ المؤمن على عاتقه آثام البشر، ويعيش وحدته معهم، وحدة حقيقيّة ومصيريّة بآن، فيتفادى ما ارتكبه آدم في الفردوس، حينما تنحّى عن تحمّل مسؤوليّته في تعدّيه وصيّة الله ملقيًا اللوم كلّه على حوّاء. لم يأخذ آدم موقفًا متضامنًا مع حوّاء أمام الله بعد حادثة التعدّي، فلو فعل لتغيّر مسار التاريخ البشريّ كلّه. فصَل مصيره عن مصيرها فانتهى بهما الأمر إلى أن يتحمّلا معًا وكلًّا بمفرده المصير الجديد عينه، الذي سبق الله أن حذّرهما من مغبّة حصوله، ألا وهو الموت. هنا يبرز أمامنا ما قام به آدم الجديد، يسوع المسيح، حيث عكس الطريق الذي سلكه آدم، فأخذ على عاتقه مسؤوليّة تعدّي الإنسان لوصيّة الله، وأظهر أيضًا الطريق المؤدّي إلى الآب السماويّ وشقّه أمامنا. تضامن مع الإنسان ومع البشريّة كلّها، واتّحد بها، فلم يرذلها ولا لامها، بل قال صراحة إنّه لم يأتِ ليدين العالم بل ليخلّص العالم (يوحنّا ١٢: ٤٧). ظهر يسوع أنّه أمين لهذا التدبير الإلهيّ، وأظهر بتجسّده أنّه تدبير ذو شموليّة تامّة وامتداد كامل عابر للأجيال والأقطار، فأضحى نورًا لكلّ إنسان في أيّ ظرف وزمان. أليس هذا هو طريق الرحمة الذي رأيناه بيسوع المسيح ولمسناه فيه؟ ألم نعاين ثماره في أصفياء الله وخدّامه والتائبين إليه على حدّ سواء، كلّ بحسب درجة محبّته لله وسعيه ومقدار بذله لذاته؟ أمّا قول يسوع: «كما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضًا بهم هكذا» (لوقا ٦: ٣١)، فينمّ، هو الآخر وفي السياق عينه، عن وسْع يتناول عيش إيماننا وانعكاسه على رؤية الحياة ذاتها والعلاقة بالقريب والغاية من كلّ تصرّف أو فكر أو نيّة تحملنا إلى الآخرين أو نحملهم بها إلى قلبنا. بهذا القول يدفعنا يسوع إلى أن ننطلق في تعاطينا مع أخينا بالوسع الذي من الله وليس بالضيق الحاصل من واقع الخطيئة الذي نعيشه، ويفتح لنا آفاقًا جديدة بالكلّيّة تحرّكها روح المحبّة التي زرع يسوعُ بذورها في قلوب المؤمنين به. هؤلاء، بتجسيدهم هذا القول، إنـمّا يشكّلون خميرة صالحة في عالمنا الساقط، خميرة تشير إلى حقيقة ملكوت الله القائم في قلوبهم، خميرة تعكس استعداد أصحابها لأن ينكروا ذواتهم حبًّا بقريبهم. لم يكتفِ يسوع بأن أعطانا أن نرى مثاله، بل كشف لنا ما هي قدرتنا في كمالها الأقصى. إنّنا نحن البشر، إذا ما آمنّا بيسوع وعشنا وفق ما سلف الإشارة إليه، قادرون على أن ننمو بحيث نصير «بني العليّ»، فنحقّق صيرورة جديدة بالكلّيّة في خبرتنا البشريّة، صيرورة جسّدها آدم الثاني بيننا ومن أجلنا. إنّها أعظم من خبرة آدم الأوّل في الفردوس. بالإرشاد العمليّ، أعطانا يسوع أن نبلغ محبّة الله عبر امتحان محبّة أعدائنا. إنّها الصورة الأنقى لوحدتنا مع أترابنا وأنّنا نأخذ، بالكلّيّة، آثام قريبنا على عاتقنا، ونصلّي من أجل شفائه وخلاصه، كما لو كنّا نصلّي من أجل أنفسنا. هذا هو العلاج الذي يشاركنا إيّاه يسوع لخلاص الكلّ. هذا هو الطريق الذي نقدر، بنعمته، أن نسلك فيه. هذا هو المآل الذي نبلغه إن تعلّمنا أن نزرع بذوره لتنمو فينا ثلاثين وستّين ومئة ضعف. هذا هو الاسم الجديد الذي نحمله، مسيحيّ كالمسيح يسوع. هذه هي قامتنا، أن نكون أبناء العليّ. يسوع عاملنا كأبناء، وينتظر منّا أن نعامله انطلاقًا من هذه الحقيقة. هلّا برّرناها في حياتنا، وسلوكنا، وخدمتنا، وعملنا، وتربيتنا، وصلاتنا؟ ألا أعطِنا يا ربّ أن ندخل إلى هذا الخدر الفائق النقاوة والطهارة ونقِّ نفوسنا! ألا أنرْ عينَي قلبنا حتّى نقبل ما تعطينا أن نصيره ونؤمن بأنّك قادر على مساعدتنا لتحقيقه! هلّا شكرنا مَن برّر يسوع بتجسيده هذه الحقيقة وصار مثالًا لنا للاحتذاء به؟ + سلوان
الرسالة: ٢ كورنثوس ٦: ١٦-٧: ١ يا إخوة أنتم هيكل الله الحيّ كما قال الله إنّي سأسكن فيهم وأسير في ما بينهم وأكون لهم إلهًا ويكونون لي شعبًا. فلذلك أخرجوا من بينهم واعتزلوا يقول الربّ ولا تمسّوا نجسًا، فأقبلكم وأكون لكم أبًا وتكونون أنتم لي بنين وبناتٍ يقول الربّ القدير. وإذ لنا هذه المواعد أيّها الأحبّاء فلنطهِّر أنفسنا من كلّ أدناس الجسد والروح ونكمل القداسة بمخافة الله.
الإنجيل: لوقا ٦: ٣١-٣٦ قال الربّ: كما تريدون أن يفعل الناس بكم كذلك افعلوا أنتم بهم. فإنّكم إن أحببتم الذين يحبوّنكم فأيّة منّة لكم؟ فإنّ الخطأة أيضًا يحبّون الذين يحبّونهم. وإذا أحسنتم إلى الذين يُحسنون إليكم فأيّة منّة لكم؟ فإنّ الخطأة أيضًا هكذا يصنعون. وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستوفوا منهم فأيّة منّة لكم؟ فإنّ الخطأة يقرضون الخطأة لكي يستوفوا منهم الِمثل. ولكن أحبّوا أعداءكم وأحسنوا وأقرضوا غير مؤمّلين شيئًا، فيكون أجركم كثيرًا وتكونون بني العلّيّ، فإنّه منعم على غير الشاكرين والأشرار. فكونوا رحماء كما أنّ أباكم هو رحيم.
الترتيل والمرتّلون بقلم المطران جورج خضر «اتلوا معًا مزامير وتسابيح وأناشيد روحيّة» (أفسس ٥: ١٩). هذه القولة لبولس الرسول تعود حرفيًّا في رسالته إلى أهل كولوسي ٣: ١٦ ما يدلّ على أنّ كنيسة الرسل أخذت بالموسيقى. ويشهد العهد القديم أنّ الموسيقى عُرفت منذ بدء الإنسانيّة ثمّ عزف العبرانيّون بالآلات. «سبّحوه بلحن البوق، سبّحوه بالمزمار والقيثارة. سبّحوه بنغمات الصنوج» (مزمور ١٥٠: ٣-٥). ولكنّ الآلات لم يبقَ منها في مجامع اليهود أو كنائسهم إلّا البوق. وبانهيار هيكل أورشليم لم يحافظ العبرانيّون على آلة. ويبدو أنّ سقوط الآلات في المجامع يعود إلى إرادة القيادة الروحيّة عند اليهود ألّا تلهي المؤمنين عن النصّ الدينيّ. ولم تأخذ الكنيسة الآلات من الهياكل الوثنيّة لأنّها كانت تكرهها ولذلك بقيت الكنيسة في الشرق والغرب لا تعرف الآلة. ودخلت هذه كنائس الغرب بعد الانشقاق. ثمّ بظهور الحركة الرهبانيّة ونموّ الذوق النسكيّ صارت بعض الكنائس تقلع عن الترتيل ذاته خوفًا من الطرب. إلّا أنّنا لاحظنا دخول الموسيقى مع القدّيس رومانوس المرنّم الحمصيّ المولود والنشأة والذي خدم في كنيسة بيروت وتوفّي في القسطنطينيّة في منتصف القرن السادس. وتعاظم الترتيل مع القدّيس يوحنّا الدمشقيّ ووضْعه أو تثبيته للألحان الثمانيّة. وعشنا على تراثه حتّى يومنا هذا حتّى نهضت الموسيقى البيزنطيّة نهضة كبيرة في مطلع القرن الماضي وتكيّفت بعبقريّة الشعوب الأرثوذكسيّة وأحسسنا أنّ الصوت البشريّ يكفي للتسبيح. وقد ساعد التلحين على ألّا يملّ الشعب الأرثوذكسيّ النصوص المتلوّة وساعد على حفظها وتناولها واحتضن هذا المناخُ الجماليّ تقوانا كما تعهّدت العمارة والأيقونة تقوانا. غير أنّنا بتنا نُخضع اللحن لوضوح الكلمة. إنّه خادمها ولا يجوز أن تنساها الأذن متلهّية بالنغم. من هنا إصرارنا على أنّ التأليف الموسيقيّ لا يُعهد إلّا لـمَن يعرف معاني الخدم الإلهيّة ولا يقوم به إلّا مؤلِّفون أتقياء يحافظون على الضوابط التي وضعتها الكنيسة كما وضعت ضوابط لرسم الأيقونة التي يجب أن تخضع لقوانين في الرسم، فلا ندخل إلى كنائسنا لوحات من الفنّ الإيطاليّ يسودها الجمال البشريّ. الخشوع، ترتيلًا ورسمًا وبناءً، يسود حياتنا الطقوسيّة. من هنا إنّنا في الأصل نجعل للمرتّل رسامة كما نجعل للقارئ رسامة إذ نتحقّق أنّه يعرف القراءة فإذا أعجب الأسقف يقرأ ويرتّل. ومن هنا أنّ عندنا في الكاتدرائيّات «بروتوبسالتي» أي أوّل المنشدين. وعندنا المرتّل الثاني الذي يقف إلى الشمال أو عندنا منذ القرن الرابع جوقة إلى اليمين وجوقة إلى اليسار تتناوبان بخضوع الكلّ إلى أوّل المنشدين. لذلك نسعى إلى ألّا يأتي الإنشاد سماعيًّا بل مضبوطًا بالنوطة، فلا يأتي الإنشاد عن هوى ولكنّه يأتي من التراث. هذا ترتيل الكنيسة الحافظة لإنشاد تقلّدناه عن السلف. والذين يعتبرون أنفسهم مبدعين ينبغي أن يكونوا محافظين على روح الكنيسة. أنت تبدع ضمن التقليد الأرثوذكسيّ كما تبدع رسّامًا في إطار الأيقونة التراثيّة. ولهذا تخضع الكتب الموسيقيّة لإذن صريح من المجمع المقدّس فلا إطالة في غير محلّها ولا طرب يسوقك إلى الألحان الدنيويّة. ذلك بأنّ الشعب يسمّي المرتّل عندنا المصلّي أي إنسانًا ينحصر في التقوى ويخضع في الأداء للكاهن. فالكاهن يسهر على حسن الأداء ويأمر بالمطوّل أو غير المطوّل حسبما يراه نافعًا للمؤمنين. نحن لسنا فئة مستقلّة في الهيكل وفئة أخرى مستقلّة على «القرّاية». نحن كتلة واحدة تصلّي رئيسها الكاهن إِمام الصلاة. وقد نصَّت المجامع على روحانيّة المرتّل فجاء في المجمع الرابع المسكونيّ أنّه يجب أن يكون متزوّجًا من امرأة أرثوذكسيّة (قانون ١٤). أمّا في مجال الأداء فقد جاء في القانون ٧٥ لمجمع تروللو «إنّ المرتّلين في الكنائس يجب ألّا يستعملوا أصواتًا خارجة عن النظام أو يقسروا الطبيعة بالصراخ أو يخرِجوا أنغامًا لا يليق سماعها في الكنيسة. بل يجب أن يقوموا بالتسابيح لله بانتباه وخشوع تامَّين وهو المطَّلع على سرائر القلوب...». وقد سرّنا انتشارُ الجوقات في كنائس هذه الأبرشيّة انتشارًا عظيمًا وإقبال الشباب على الترتيل. ولكنّا ننبّه إلى أنّ بعضًا من المنشدين في الجوقات يحاولون أن ينفردوا لتُسمع أصواتهم. فالتواضع هو المطلوب وكذلك الانسجام حتّى لا يَطلب أحدٌ مجدًا لنفسه. والتواضع يفرض على أنّ الأولويّة في الكنيسة نعترف بها للذين يتقنون الموسيقى لا للذين بقوا على السماعي. الإنشاد صلاة وفضيلة لكي يبقى الله هو المسبَّح.
من تعليمنا الأرثوذكسيّ: لماذا نقرأ العهد القديم؟ التلميذ: لماذا يُعرض البعض عن قبول العهد القديم أو مطالعته؟ المرشد: تكثر الاعتراضات على كتب العهد القديم، على مناقبيّته، كما هو الزعم، وعلى تخلّفه وعنصريّته، وعلى أنّ أغلب نصوصه انتحلها إسرائيل من آداب مجاورة له. هذا يتأتّى من أنّ ماركيونيّة جديدة متفشّية في عقول البعض، وماركيون هو من سنوبه (بلاد البنطس) توفّي نحو العام ١٥٥، وهو أول من ابتدع في كتابه «المتناقضات» وقال بالفرق بين إله العهد القديم وإله العهد الجديد، ولم يعترف إلّا بإله العهد الجديد. ضخامة الردود التي نجدها عند الآباء الأوّلين أمثال: يوستينوس الشهيد († ١٦٥)، ترتليانوس القرطاجي (١٥٥-٢٢٠) وإيريناوس أسقف ليون (†٢٠٢) دلالة ساطعة على مخالفة ماركيون للحقيقة والتراث المستقيم. وقد اعتبر هؤلاء الآباء وغيرهم (كليمنضس الإسكندريّ، أوريجنّس، وأغوسطينس...) أنّ التوراة هي كلمة الله بالقوّة نفسها التي العهد الجديد فيها كلمة الله، وممّا قاله كليمنضس إنّ الذي يؤمن بكلام العهدَين يسمع صوت الله يحدّثه عبر قراءتهما وهو يبرهن له على أنّه موجود في كلّ حرف من أحرفهما. التلميذ: لماذا نقرأ العهد القديم؟ المرشد: لأنّه كتاب الله ولأنّه أساس لفهم العهد الجديد، والعهد الجديد يرتكز عليه ويعتبر أنّ سلطته مطلقة (متّى ٥: ١٧، رومية ١٥: ٤، ٢تيموثاوس ٣: ١٥). هذا بالنسبة إلى الكنيسة، عبر تاريخها، حقيقيّ وأصيل، وهذا ما عبّر عنه القدّيس إيريناوس الذي رأى أنّ ما كُتب قبل المسيح ما هو سوى تأكيد على ما حقّقه يسوع في حياته... لذلك اعتبر قدّيسنا أن كتّاب العهد القديم جميعهم أنبياء. التلميذ: ما هي العلاقة التي تربط العهدَين؟ المرشد: علاقة العهد القديم بالعهد الجديد تستند إلى مبدأ مهمّ هو وحدة العهدَين. هذا الترابط الذي بينهما مردّه إلى أنّ مصدرهما واحد هو الله الذي يعمل في تاريخ واحد لتحقيق خلاص واحد. إلّا أنّ العهد القديم خاضع للعهد الجديد لأنّه يصبو إليه كغايته وقمّة كماله، فهو مؤدِّب يقودنا إلى المسيح (غلاطية ٣: ٢٤)، غايةِ العهدَين ومحقّقِ كمالهما (يوحنّا ٥: ٣٩-٤٧). من دون ريب أنّ العهد القديم يحوي ألفاظًا هي جزء من ثقافة دينيّة تعبّر عن إطار اجتماعيّ وتاريخ طويل، إلّا أنّ هذه الألفاظ الكثيرة المتأصّل مضمونها في تاريخ إسرائيل، استعمل كتّاب العهد الجديد كثيرًا منها. مثلًا ألقاب يسوع: مسيح، ابن داود، ملكيصادق، ابن الله، ابن الإنسان، العبد المتألّم، حمل الله والنبيّ... وعبارات كثيرة: الكرمة، الزواج، صهيون، ذبيحة، الماء، الروح... كلّها تعابير يستحيل على القارئ فهمها فهمًا صحيحًا من دون العودة إلى جوهر الثقافة التي أتت منه. فبينما عند القارئ المسيحيّ المعاصر، مثلًا، عبارة «ابن الله» لها معنى قويّ، توحي إليه عبارة «ابن الإنسان» بالضعف، والحال أنّ العبارة الأولى تعادل في نظر إسرائيل عبارة «ابن داود» وتاليًّا هي لقب أرضيّ، وأمّا الثانية فتوحي بتلك الشخصيّة المعروفة بالأدب الرؤيويّ (دانيال ٧: ١٣-١٤) وهي شخصيّة إلهيّة محضة (متّى ٢٦: ٤٦ و٥٦). التلميذ: ولكن هناك أسلوب أدبيّ ونصوص مقتطعة من الوثيّنة! المرشد: أن نُسلم بتطوّر الوحيّ التصاعديّ مع الحياة لهُو قاعدة أساسيّة تمكّننا من أن نفهم، من دون أن نهمل المعطيات الساميّة التي للعهد القديم، أنّ دونيّة مناقبيته تمهّد للمتطلّبات التي أتى بها إنجيل يسوع، وأنّ انعزاليّته، التي ظهرت بعد العودة من بابل، لا تخفي مسكونيّته التي يؤكّد عليها الوحي. لعلّ خلاص العالم والأمم الوثنيّة لدليل قاطع فيه على هذه المسكونيّة. وأمّا ما يسمّيه المعترضون انتحالًا من آداب مجاورة (الأساطير البابليّة، الملاحم اليونانيّة...) فهو بحقيقته قدرة على التمثّل وتقدير لحضارات عند الآخرين وانفتاح إلهيّ عليها. فمع كون العهد القديم أخذ صورًا وأساليب تعبير من نصوص مجاورة إلّا أنّنا لا نجد نصًّا واحدًا في التوراة مماثلًا تمامًا لها، وإنّـما أفرغها من كلّ ما يناقض مفهومه لله والإنسان والعالم والتاريخ (وهي قيم ثابتة كلّها في العهد الجديد)، وأعطاها شخصيّته ولاهوته وروحانيّته فأصبحت تراثه وأدبه ولاهوته. التلميذ: شكرًا لك، لقد فهمت الآن أهمّيّة العهد القديم. المرشد: العهد القديم موعد في معظمه. كان اليهود ينتظرون مسيحًا يقيم ملكوت الله. أتى يسوع وافتتح هذا الملكوت وأقام الكنيسة لتتابع الرسالة. والكنيسة التي أسّسها الربّ مع كونها متّصلة بإسرائيل القديم إلّا أنّها ما عادت بعد إسرائيل الجسد، وإنّما هي إسرائيل الجديد، «إسرائيل الله» (غلاطية ٦: ١٦) التي تحيا بالإيمان به ربًّا ومخلِّصًا. |
Last Updated on Friday, 29 September 2023 11:32 |
|