Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2023 رعيتي العدد ٤١: التحدّي المحيي والتحدّي المميت بين منازلة إنسانيّة وتنازل إلهيّ
رعيتي العدد ٤١: التحدّي المحيي والتحدّي المميت بين منازلة إنسانيّة وتنازل إلهيّ Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 08 October 2023 00:00
Share

رعيتي العدد ٤١: التحدّي المحيي والتحدّي المميت بين منازلة إنسانيّة وتنازل إلهيّ
الأحد ٨ تشرين الأوّل ٢٠٢٣  العدد ٤١ 

الأحد ١٨ بعد العنصرة

اللحن ١ - الإيوثينا ٧

تذكار بلاجيا التائبة، وتبُس التائبة،

والقدّيس سرجيوس رادونج

 

كلمة الراعي

التحدّي المحيي والتحدّي المميت
بين منازلة إنسانية وتنازل إلهيّ

رعيتي العدد ٤١: التحدّي المحيي والتحدّي المميت بين منازلة إنسانيّة وتنازل إلهيّ في حادثة إقامة ابن ارملة نائين، تحدّى يسوع واقعنا ومقاربتنا لحياتنا. فالأمّ الثكلى، التي انتحبت مرّة على زوجها وتنوح الآن على ابنها، أمرها: «لا تبكي»، وأمّا ابنها الشابّ الميت والمحمول على النعش، فأمره: «أيّها الشابّ، لك أقول قمْ» (لوقا ٧: ١٣ و١٤). كيف يتحدّانا يسوع ويدعونا إلى قبول هذا التحدّي؟

تحدّى يسوع واقعنا في حادثة إقامة ابن أرملة نائين بالأفعال التي سطّرها الإنجيل: أوّلًا، بأن اقترب يسوع من الموكب الجنائزيّ؛ ثمّ بأن تحنّن لمرأى الأمّ الأرملة التي فقدت وحيدها؛ وأخيرًا، بأن أعطى كلمته إلى مَن يعنيهم الأمر مباشرة، أي إلى الأمّ وابنها. تعكس هذه الأفعال الثلاثة عمل الله الخلاصيّ وتبرز ثلاثة جوانب منه.

أوّلًا، اقتراب يسوع منّا هو نتيجة طبيعيّة لتجسّده، فهو صار منّا بحسب الجسد وهو معنا. بتجسّده يتحدّى قوقعتنا على ذواتنا، انغماسنا في غربتنا عن الله، عجزنا تجاه واقع سقوطنا وموتنا. تجسّده يضعنا أمام التحدّي الكبير بأن نقف عند الحدّ الذي يُظهر فيه يسوعُ حقيقةَ الله وحقيقتنا أيضًا، وأن نحسن الاختيار.

ثانيًا، تحنُّن يسوع تجسيدٌ لحقيقة محبّة أبيه لنا، وهو الدافع الرئيس لتجسّده وتدبيره الخلاصيّ. بهذه المحبّة يتحدّى ظنّ العالم بأنّه متروك أو يتيم أو وحيد أو هالك. هذا لا يستقيم وما أعلنه يسوع لتلاميذه ولكلّ المؤمنين به في إنجيل يوحّنا: «لن أترككم يتامى» (١٤: ١٨)، أو تأكيده: «الآب نفسه يحبّكم» (١٦: ٢٧)، أو تصريحه إلى الآب: «أنا قد أعطيتُهم المجد الذي أعطيتني، ليكونوا واحدا كما أنّنا نحن واحد» (١٧: ٢٢).

وأخيرًا، كلمته المعلَنة لنا منذ خلَق اللهُ الإنسانَ تطبع علاقة الخالق بالمخلوق على صورته والمدعوّ إلى أن يصير على مثاله. يخاطبه على الدوام ويمدّه بحقيقة الوجود وسرّها وغايتها، ويعلن له مشيئته. هي النور والهدي والحياة. كلمته تتحدّانا، فهل نصغي إليها؟ هل نحاورها؟ هل نتبنّاها؟ هل نختبر الحقّ والحياة القائمَين فيها؟

إنّ موقفنا من هذه الجوانب الثلاثة إنّما يقودنا إلى تفحّص موقف سابق، حيث تحدّى آدم وحوّاء، الجدّان الأوّلان، اللهَ في الفردوس قبل أن طُردا منه. وبرز تحدّيهما له بأشكال ثلاثة. 

أوّلًا، لم يصغيا إلى تحذير الله بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشرّ، بل ذهبا بتحدّيهما له إلى النهاية، فخالفا الوصيّة، وكانت النتيجة أن تحقّق في حياتهما، وفي حياتنا، قوله بأنّه موتًا يموتان (تكوين ٣: ١٠). 

ثانيًا، لم يقرّا بخطيئتهما، بل اعتراهما الخوف من أن يكونا في حضرة الله. قادهما هذا الخوف إلى أن يختبئا وآثرا ألّا تظهر أعمالهما في نوره (تكوين ٣: ١٠). اختارا القطيعة والبقاء في الظلمة. تحدّياه بأن يعيشا في الظلمة والموت.

وأخيرًا، لم يتحمّلا مسؤوليّة فعلهما، بل حمّلاها اللهَ، فهو الذي خلق حوّاء بالنسبة إلى آدم، وهو الذي خلق الحيّة التي أغوتهما بالنسبة إلى حوّاء (تكوين ٣: ١٢ و١٣). تحدّياه بعدم التوبة وغياب الامتنان والشكر على نِعَمه والتي دافعها محبّته للإنسان، فخسرا نعمة الحياة واستهترا بنعمة الكلمة وأساءا إلى نعمة الحرّيّة المعطاة لهما. 

إذا عدنا إلى إقامة الشابّ الميت، يطالعنا الإنجيل بموقفَين ظهرا في أعقاب الحادثة، حيث اعترى الجمعَ خوفٌ مـمّا جرى، كما مجّدوا الله على ما صنع. إنّه انقلاب في الأوضاع، حيث الموت يُبطَل والحياة تُستعاد، وحيث الميت يسمع ويطيع كلمة الله. وفي السياق عينه، يواجه الجمعُ حضورَ الله ومحبّته وكلمته بأن يقرّوا بعمله المجيد ويمجّدوه عليه ويقرّوا بمحبّته إيّاهم. بالفعل، تلمّس الجمعُ عملَ الله الخيّر والصالح والمحيي فصدح إقرارهم وتمجيدهم بالإعلان: «قد قام فينا نبيّ عظيم وافتقد اللهُ شعبَه» (لوقا ٧: ١٦). وبات الخوف الراهن هو على نقيض الخوف السابق، خوف آدم وحوّاء في الفردوس. هو الخوف الذي نعيشه حين نقيم في حضرته وليس الذي نختبره في الابتعاد عنه. 

هكذا انعكس المسار الروحيّ للإنسان بيسوع المسيح، من هلاك إلى خلاص، ورأينا براعمه في حادثة إقامة الشابّ الوحيد لأمّه. الآن انتقل إلينا التحدّي، ذاك المتبادَل بيننا وبين الله. فأيّة خبرة سنستعيد مـمّا سلف؟ أَهي خبرة الأمّ وابنُها على المحمل، أم خبرتها مع يسوع بعد أن أقام ابنها؟ أَهي خبرة حياة مع يسوع أم خبرة حياة من دونه؟ أَهي خبرة منازلة لله أم خبرة تنازل منّا على غرار تنازل يسوع؟ أم أَهي خبرة تحدٍّ بموتنا أم خبرة اتّضاع بتوبتنا؟ ها قد افتقد الربّ شعبه، هلّا شكرناه لأنّ كلمته تبعثنا إلى الحياة وتقيمنا كلّ يوم من موتنا؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ٢كورنثوس ٩: ٦-١١

يا إخوة إنّ مَن يزرع شحيحًا فشحيحًا أيضًا يحصد، ومَن يزرع بالبركات فبالبركات أيضًا يحصد، كلّ واحدٍ كما نوى في قلبه لا عن ابتئاس أو اضطرار، فإنّ الله يُحبّ المعطي المتهلّل. والله قادرٌ على أن يزيدكم كلَّ نعمةٍ حتّى تكون لكم كلّ كفاية كلَّ حينٍ في كلّ شيء فتزدادوا في كلّ عمل صالح. كما كُتب إنّه بدّد، أَعطى المساكين، فبرّه يدوم الى الأبد. والذي يرزق الزارع زرعًا وخبزًا للقوت يرزُقكم زرعكم وبكثرة ويزيد غلال برّكم، فتستغنُون في كلّ شيء لكلّ سخاء خالص ينشئ شكرًا لله.

 

الإنجيل: لوقا ٧: ١١-١٦

في ذلك الزمان كان يسوع منطلقًا إلى مدينة اسمها ناين، وكان كثيرون من تلاميذه وجمع غفير منطلقين معه. فلمّا قرُب من باب المدينة إذا ميتٌ محمول وهو ابن وحيدٌ لأُمّه وكانت أَرملة وكان معها جمع كثير من المدينة. فلمّا رآها الربّ تحنّن عليها وقال لها: لا تبكي. ودنا ولمس النعش فوقف الحاملون. فقال: أيّها الشابّ لك أقول قُم. فاستوى الميت وبدأ يتكلّم فسلّمه إلى أُمّه. فأخذ الجميعَ خوفٌ ومجّدوا الله قائلين: لقد قام فينا نبيّ عظيم وافتقد اللهُ شعبه.

 

المجمع المقدَّس

المطران جورج خضر

في الكنيسة المحلّيّة (القسطنطينيّة، الإسكندريّة، أنطاكية، موسكو، تسمّى كنائس محلّيّة) المجمع المقدّس هو أن تلتقي الأبرشيّات بأشخاص رؤسائها يتقدّمهم البطريرك الأوّل بين إخوة متساوين. فيأتي كلّ أسقف بأخبار أبرشيّته ويكون شاهدًا للعمل الذي يقوم عنده وتتقابل الشهادات. والبطريرك يوجّه هذا اللقاء وينسّق بين الإخوة ويدفع العمل المشترك والتأمّلات المشتركة إلى الأمام. والسعي الطيّب ألّا يعمل البطريرك شيئًا دون الإخوة ولا الإخوة شيئًا دون الأوّل ليأتي المجمع على صورة المحبّة القائمة بين الآب والابن والروح.

وإذا كانت الكلمة اليونانيّة التي نقلناها بالعربيّة إلى مجمع تدلّ على الناس السائرين معًا على الطريق، فالمهمّ في المجمع التوافق بروح الربّ وفي معرفة الإنجيل وإرادة الخضوع للقوانين المقدّسة. وإذا كان المجمع مسعى توفيقيًّا فكلّ أسقف يحافظ فيه على رأيه ما لم يقتنع بخلاف ذلك. أي أنّ المجمع ليس سلطة فوق سلطة المطران المحلّيّ. هذا ليس له في ما يختصّ بأبرشيّته أن يتلقّى أمرًا أو نهيًا من إخوته المطارنة. ومن قرارات المجمع يَقبل ما يَقبل ويرفض ما يرفض. ذلك بأنّ الكنيسة الأساسيّة التي يتحدّث عنها العهد الجديد هي الكنيسة المحلّيّة التي تتمّ فيها القرابين وتتجلّى فيها استقامة الرأي. أمّا البطريركيّة فأخذت تظهر تدريجيًّا ولم يأتِ الحديث عن الأوّل إلّا في القرن الرابع، وما ظهر لقب البطريرك إلّا في القرن الخامس. الأسقفيّة أسّسها المسيح. البطريركيّة مهمّة جدًّا لأنّـها تساهم في حفظ الوحدة في منطقة رسوليّة مثل الكرسيّ الأنطاكيّ. ولكنّها تطوُّر تاريخيّ ولم تأتِ من تأسيس إلهيّ. البطريرك ليس رأس المطران. المطران رأسه المسيح.

بعد هذا الإيضاح وعلى أساسه، نفهم مسيرة المجمع المقدّس. يهتمّ بانتخاب المطارنة؛ فإنّ القوانين القديمة نصّت على أنّ الأسقف المحلّيّ ينتخبه أساقفة الجوار ويرسمونه. هذا دليل محبّتهم وتقديرهم له. الأمر الثاني أنّ مجموعة الأبرشيّات التي تدور حول أسقف أنطاكية تواجه مسائل متشابهة بسبب وحدة الحضارة والتاريخ وبسبب المسؤوليّة المشتركة أمام الإنجيل. الثقافة الواحدة تفرض أساليب تربويّة واحدة أو متقاربة ويتعاضد المؤمنون في بيئة جغرافيّة واحدة ويعيشون بذهنيّة واحدةٍ العبادات ويواجهون العالم معًا بما ذاقوه من الجمال الروحيّ والآلام الواحدة.

كيف نواجه مشاكل العصر، كيف نبشّر الإنسان المعاصر، كيف نُظهر محبّتنا الواحدة ليُشفى الناس بها، كلّ هذا يتطلّب استمرار الشورى واستمرار التناصح. قد يستنير المطران كثيرًا مـمّا يسمعه من إخوته.

غير أنّ هذا يفرض أن يكون الإيمان عميقًا عند الأحبار وأن يكونوا قد أدركوا النضج الروحيّ وشفافيّةً بينهم فتزول الغيرة والحسد ويفرح أحدهم بما أنجزه الآخر ويتبادلون الخبرات ويتعاونون على البرّ. عند ذاك يجوز أن نسمّي المجمع مقدَّسًا. المفروض أن يحسّ كلّ مطران أنّه يأتي من الآخر، من حبّ الآخر، من فهم الآخر. وإذا استفاد كلّ من الإخوة من تقوى زميله يكون المجمع قد حقّق غرضه.

طبعًا ليس من الأمر السهل أن يواجه المطران عقليّات كلّ أخ له. فقد تكون هناك أهواء ومنافع فرديّة. وقد يظهر شطط لا بدّ من تقويمه. الربّ يحفظ كنيسته بقوّة فدائه وكثيرًا ما كان المجمع أداة لنقل هذا الفداء.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ:

الكتاب المقدّس (العهد الجديد)

التلميذ: كيف نشأت فكرة تدوين العهد الجديد؟

المرشد: تأسّست الكنيسة على الإيمان بأنّ يسوع هو «المسيح ابن الله الحيّ». وهي، منذ صعوده إلى السماء، تنتظر عودته الوشيكة، ولذلك ما كان همّها في الأصل أن تكتب أقوال الربّ بقدر اهتمامها بأن تحيا وفق كلّ ما رأت أو سمعت منه. ولكن لـمّا أشرف الجيل المسيحيّ الأوّل على نهايته برزت الحاجة إلى تدوين شهادة الرسل، فأتت كتابات العهد الجديد شهادة عيان لكرازة يسوع على الأرض وموته وقيامته ولردع كلّ ما تسرّب من تعاليم غريبة ولرصد كلّ انحراف.

التلميذ: ماذا يتضمّن العهد الجديد؟

المرشد: يتضمّن العهدُ الجديد سبعة وعشرين كتابًا وُضعت كلّها باللغة اليونانيّة، ترتيبها واحد في جميع طبعات الكتاب المقدّس: الأناجيل الأربعة، أعمال الرسل، رسائل بولس الأربع عشرة، الرسائل الجامعة ورؤيا يوحنّا. تتنوّع تقاليد كتّاب العهد الجديد بسبب تنوّع أوطانهم وثقافاتهم الدينيّة التي ورثوها، من دون أن يشوبهم في جوهر التعليم الذي تسلّموه أي اختلاف، ذلك بأنّهم جميعهم يؤمنون إيمانًا واحدًا بالبشرى السارّة (الإنجيل) التي مضمونها أنّ يسوع الناصريّ الذي صُلب على عهد بيلاطس البنطيّ هو مسيح الربّ المخلّص الذي أنبأت عنه الكتب (العهد القديم) وقد قام من بين الأموات، وهو نفسه ملك إسرائيل الحقيقيّ.

هذه البشرى-المشروع أَطلقت عليها الكنيسة في أواخر القرن الثاني اسم «العهد الجديد»، أي الميثاق الجديد بين الله والناس كما ظهر في يسوع الناصريّ. جعلت هذه التسمية المسيحيّين الأوَّلين يطلقون عبارة «العهد القديم» على مجموعة الكتب التي كانت قبلاً تسمّى «الشريعة والأنبياء». فأشاروا بذلك إلى أنّهم يرون، في تلك المجموعة، محتويات أحكام العهد الموسويّ القديم الذي جدّده يسوع وتخطّاه.

التلميذ: متى تمّ تثبيت لائحة كتب العهد الجديد؟ 

المرشد: هذه اللائحة، بالشكل الذي نعرفه اليوم، ثبتت نهائيًّا خلال القرن الرابع. فمنذ البدء وشهادات الآباء الأوّلين، أمثال يوستينُس الشهيد (+١٦٥)، وهو أوّل من ذكر أنّ المسيحيّين يقرأون الأناجيل في اجتماعات الأحد، وإيريناوس (+٢٠٢) وإكليمنضُس الإسكندريّ (+٢١٥) وترتليانُس (+٢٢٠) وغيرهم، تعطي تطابقًا كاملًا مع ما نعرفه اليوم من هذه الكتب. إلّا أنّه قام حول بعضها نزاع، ومنها الرسالة إلى العبرانيّين ورسالة يعقوب ورسالة بطرس الثانية ورؤيا يوحنّا. إفسافيوس القيصريّ (+٣٤٠) اعترف بالقانون الحاليّ من دون أن يعترف بقانونيّة كتاب رؤيا يوحنّا الذي قبِلَه القدّيس أثناسيوس الكبير في ما بعد في رسالته الـ٩٣ (السنة ٣٦٧) التي حدّد فيها قانون العهد القديم والعهد الجديد بالشكل المعروف اليوم.

التلميذ: من هو أوّل كاتب في العهد الجديد؟

المرشد: أوّل كاتب في العهد الجديد هو بولس الرسول. جاءت رسائله لتوازي الكرازة الشفوية في ما يختصّ بتعليم الكنائس المؤسَّسة حديثًا. كاتب رسالة بطرس الثانية (٣: ١٥ و١٦) يذكرها ويعتبرها مقدّسة ممّا يؤكّد أنّها كانت مقبولة منذ البدء وأنّ انتشارها كان واسعًا. للقدّيس بولس ثلاث عشرة رسالة يزيد عليها التقليد الشرقيّ الرسالة إلى العبرانيّين التي هي عظة طويلة أكثر ممّا هي رسالة. الرسالتان إلى تسالونيكي تعودان إلى العام ٥١، أمّا رسائله الأخرى فتعود إلى الأعوام الخمسة عشر التي سبقت استشهاده (+٦٧ م). رسائل القدّيس بولس تكشف عن إيمان الجماعات الأولى وحياتها، وهي بصورة خاصّة تحوي التعليم الرسوليّ الذي تقول به الكنيسة.

التلميذ: وماذا عن بقيّة الرسائل؟

المرشد: يتضمّن العهد الجديد، فضلًا عن رسائل بولس، مجموعة من سبع رسائل دُعيت «الرسائل الجامعة»، وهي: رسالة يعقوب، رسالتا بطرس، رسائل يوحنّا الثلاث ورسالة يهوذا. قد تكون رسالة بطرس الثانية هي آخر سفر دُوّن في العهد الجديد، كتبه تلميذ للرسول بطرس عرف تعليم معلّمه فوضعها تحت رعايته.

التلميذ: أوجه التشابه أو الاختلاف في ما بين الإنجيليّين الأربعة؟

المرشد: من المقبول بصورة عامّة أنّ الأناجيل دُوِّنت ما بين السنة ٦٦ والسنة ١٠٠، وأنّ مرقس هو أوّل المبشِّرين الأربعة، تبعه متّى ولوقا (بعد نحو عشر سنوات) ثمّ يوحنّا (أواخر القرن الأوّل). الأناجيل الثلاثة الأولى دُعيت بالأناجيل الإزائيّة لما في نصوصها - إذا قورنت - من تشابه أو اختلاف، ذلك بأنّ كلًّا من متّى ومرقس ولوقا أورد أقوالًا وأحداثًا تتعلّق بيسوع في ألفاظ متقاربة وفي تصميم متشابه. يبقى أنّ كلّ إنجيليّ له ذوقه وانسكابات الروح عليه وتأثّراته بهدفه وبالقارئ الذي يتوجّه إليه. فإنجيل متّى مثلًا وجّهه مؤلِّفه - الذي اعتمد على مرقس وعلى مصدر آخر - إلى أوساط فلسطينيّة ولذلك نرى أنّ الكتاب مليء بآيات من العهد القديم تُظهر أنّ جميع النبوءات تجد كمالها في يسوع المسيح. أمّا لوقا الإنجيليّ كاتب أعمال الرسل ومرقس قبله، لكونهما موجَّهين أوّلًا إلى أوساط وثنيّة، فهما قليلا الإلحاح على كلّ ما يتّصل بالعادات والتقاليد اليهوديّة، ويُظهر كلّ واحد في إنجيله الطابع العامّ والشامل لرسالة يسوع. أمّا الإنجيل الرابع فهو مؤَلَّف لاهوتيّ يكشف لنا يوحنّا فيه هويّة المسيح الأزليّة ومعنى مجيئه بالنسبة إلى العالم والكنيسة والإنسان.

العهد الجديد يشهد كلّه ليسوع. الوحدة العميقة لهذه الشهادة تتجلّى في حياة الكنيسة التي أعطاها الروح القدس أن ترى وتؤمن بأنّه في المسيح يسوع يتمّ قصد الله الأزليّ لخلاص العالم.

Last Updated on Wednesday, 04 October 2023 21:06
 
Banner