Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2024 رعيتي العدد ٢١: البركة-العلامة: مشروع على قدم وساق
رعيتي العدد ٢١: البركة-العلامة: مشروع على قدم وساق Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 26 May 2024 00:00
Share

رعيتي العدد ٢١: البركة-العلامة: مشروع على قدم وساق
الأحد ٢٦ أيار ٢٠٢٤ العدد ٢١ 

الأحد الثالث بعد الفصح

أحد المخلع

اللحن ٣ - الإيوثينا ٥

الرسول كَرْبُس أحد السبعين،

القدّيس يعقوب بن حلفى

 

كلمة الراعي

البركة-العلامة:
مشروع على قدم وساق

رعيتي العدد ٢١: البركة-العلامة: مشروع على قدم وساق الرجل المخلّع منذ ثمانٍ وثلاثين سنة انتقل من حالة «مَن ليس له إنسان» يعينه، إلى حالة «مَن حمل سريره ومشى»، على قاعدة أن يتعهّد وضعه الجديد بألّا يعاود الخطيئة «فيكون له أشرّ» (يوحنّا ٥: ٧ و٩ و١٤). كيف يمكننا، على ضوء شفاء هذا المخلّع، أن نقرأ هذا الحدث المفتوح على ما هو أبعد من حالته التي كانت مزمنة، أي حالة الإنسانيّة المعذّبة منذ سقوط الإنسان بالخطيئة والشرّ والموت والشيطان؟ 

القراءة الأولى توجّه النظر إلى إرادة يسوع في تعهّده الإنسان، كلّ إنسان، في واقعه المزمن، ورعايته له حتّى بلوغه عافيته الكاملة الكائنة في الإيمان به. اقترب يسوعُ من هذا الرجل المخلّع منذ ثمانٍ وثلاثين سنة، إلّا أنّه، عبره، وبه، يقترب ويدنو من كلّ إنسان في مرضه المزمن ليشفيه. فهل ننسى كيف أكّد لتلاميذه، قبل صعوده إلى السماوات، أنّه باقٍ معهم إلى انقضاء الدهر؟

القراءة الثانية تأخذ بنا إلى التآلف بين الله والإنسان الذي يُبنى عليه تعهّد الله شفاء الإنسان، تآلف يقتضي من المخلّع أن يتعهّد واقعه الجديد بالحرص الشديد على النعمة الممنوحة له. وما طلب يسوع إليه أن يحمل سريره إلّا تدريب له على ألّا ينسى ما كان عليه من بؤس، فيشكر كلّ يوم على النعمة المجانيّة الحاصلة له، ولا ينتفخ بها، ولا يتعالى بسببها على سواه ممّن لا يتمتّعون بالنعمة ذاتها، ولا يدين أحدًا، بل يدنو منهم دنوّ يسوع الوديع والمتواضع منه ومن واقعه الروحيّ والجسديّ المزمن. 

القراءة الثالثة تطلّ بنا على الوجه الرسوليّ لهذا الحدث وكيفيّة امتداد مفاعيله من شخص هذا المخلّع إلى الإنسانيّة قاطبة المتخبّطة في واقعها المزمن المحتاج إلى فداء وشفاء وخلاص. مَن حصل على نعمة الشفاء كالمخلّع بات يحمل نور الإيمان بالمخلّص، نورًا ليس من هذا العالم، لكنّه مضيء لأترابه في هذا العالم، دون أن تدركه ظلمته. حريّ بهذا النور أن يلامس كلّ واقع مظلم لينيره بنور الإيمان بالمسيح، وينحني عليه سائلًا: «أتريد أن تبرأ؟» (يوحنّا ٥: ٦). إنّها الخدمة الرسوليّة التي أطلقها يسوع ليكون تلاميذه، على غراره، حاملين إلى أترابهم نعمته الشافية والمخلِّصة.

القراءة الرابعة تضعنا أمام شهادة الجماعة الحيّة المتحلّقة حول يسوع، وليس حول بِركة «بين حسدا»، والحاملة رسالته كجماعة حاضنة وشاهدة وخادمة لإرادته في تعهّده خلاص البشريّة، من جهة، ولأترابها في واقعهم المزمن، من جهة أخرى. إنّها الجماعة التي لا تترك العالم غارقًا في يأسه أو في انتظار مخلّص، بل، لكون المسيح حاضر في وسطها، فهي بالتالي حاضرة في وسط العالم لتكون خميرته وبوصلته ونبع الماء الذي ينبع إلى حياة أبديّة. إنّها شهادة مَن يؤمنون بيسوع شافيًا لنفوسهم وأجسادهم، وغافرًا لخطاياهم، وراعيًا لنفوسهم في مسيرة حمل سريرهم وسيرهم بهدى الإيمان به، ومعلّمًا لهم في طريق حفظ النعمة المعطاة لهم، ومطلقًا إيّاهم في حمل كلمته إلى أترابهم. بمثل هؤلاء تصير بِركةُ «بيت حسدا» بركة المعموديّة التي تستقبل القادمين إليها بالإيمان، وواحة شفاء ومدرسة رجاء وقاعدة انطلاق لخدمة تصيير العالم ملكوت الله.

هلّا شكرْنا إذًا مَن افتقدنا في ضعتنا، وأفاض علينا في قحطنا، وقادنا إلى النور والحياة بالإيمان به؟ هلّا شكرْنا مَن ربّانا ونصَحنا وأعاننا ورافقنا ووفّر لنا الزاد في طريق عبورنا من واقعنا المتأزّم إلى شفائنا بالإيمان بيسوع؟ ألا باركْ يا ربّ خادميك الذين ينحنون علينا بمحبّتك ويسألوننا إنْ كنّا نريد الشفاء، وأعطِهم أن يبقوا أمناء لك في خدمتك ويُنشئوا سواهم على محبّتك فيكتسبوا غيرتهم الحسنة ويسكبوها بدورهم في خدمتك.  

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: أعمال الرسل ٩: ٣٢-٤٢

في تلك الأيّام فيما كان بطرس يطوف في جميع الأماكن، نزل أيضا إلى القدّيسين الساكنين في لدّة، فوجد هناك إنسانًا اسمه أينياس مضطجعًا على سرير منذ ثماني سنين وهو مخلَّع. فقال له بطرس: يا أينياس يشفيك يسوع المسيح، قم وافترش لنفسك، فقام للوقت. ورآه جميع الساكنين في لدّة وسارون فرجعوا إلى الربّ. وكانت في يافا تلميذة اسمها طابيتا الذي تفسيره ظبية، وكانت هذه ممتلئة أعمالًا صالحة وصدقات كانت تعملها. فحدث في تلك الأيّام أنّها مرضت وماتت، فغسلوها ووضعوها في العلّيّة. وإذ كانت لدّة بقرب يافا، وسمع التلاميذ أنّ بطرس فيها، أرسلوا إليه رجلين يسألانه ألّا يُبطئ عن القدوم إليهم. فقام بطرس وأتى معهما. فلمّا وصل صعدوا به إلى العلّيّة، ووقف لديه جميع الأرامل يبكين ويُرينَه أقمصة وثيابًا كانت تصنعها ظبية معهنّ. فأخرج بطرسُ الجميع خارجًا وجثا على ركبتيه وصلّى. ثمّ التفت إلى الجسد وقال: يا طابيتا قومي. ففتحت عينيها، ولـمّا أَبصرتْ بطرس جلست. فناولها يده وأنهضها. ثمّ دعا القدّيسين والأرامل وأقامها لديهم حيّة. فشاع هذا الخبر في يافا كلّها، فآمن كثيرون بالربّ.

 

الإنجيل: يوحنّا ٥: ١-١٥

في ذلك الزمان صعد يسوع إلى أورشليم. وإنّ في أورشليم عند باب الغنم بِركة تسمّى بالعبرانيّة بيت حَسْدا لها خمسة أروقة، كان مضطجعًا فيها جمهور كثير من المرضى من عميان وعُرج ويابسي الأعضاء ينتظرون تحريك الماء، لأنّ ملاكًا كان ينزل أحيانًا في البركة ويُحرّك الماء، والذي ينزل أوّلًا من بعد تحريك الماء كان يُبرأ من أيّ مرض اعتراه. وكان هناك إنسان به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة. هذا إذ رآه يسوع ملقى، وعلم أنّ له زمانًا كثيرًا، قال له: أتريد أن تبرأ؟ فأجابه المريض: يا سيّد ليس لي إنسان متى حُرّك الماء يُلقيني في البركة، بل بينما أكون آتيًا ينزل قبلي آخر. فقال له يسوع: قم احمل سريرك وامش. فللوقت برئ الرجل وحمل سريره ومشى. وكان في ذلك اليوم سبت. فقال اليهود للذي شُفي: إنّه سبت فلا يحلّ لك أن تحمل السرير. فأجابهم: إنّ الذي أبرأني هو قال لي: احمِلْ سريرك وامشِ. فسألوه: من هو الإنسان الذي قال لك احمِـلْ سريرك وامشِ؟ أمّا الذي شُـفي فلم يكن يعلم من هو، لأنّ يسوع اعتزل إذ كان في الموضع جمع. وبعد ذلك وجده يسوع في الهيكل فقال له: ها قد عوفِيْتَ فلا تعُدْ تخطئ لئلّا يُصيبك أشرّ. فذهب ذلك الإنسان وأخبر اليهود أنّ يسوع هو الذي أبرأه.

 

أن نحيا فصحيًّا

غاية التعييد للفصح أن يصبح حدث انتصار المسيح على الموت وطننا في أيّامنا الحاضرة بتفصيلها، في أوان الفرح أو الحزن... الفصح، إن استطعنا فعلًا أن نؤمن بأنّ المسيح هو حياتنا كلّها، قادر على أن يحملنا، الآن وهنا، إلى الفصح الأخير.

هذا، باختصار، ما دفع الكنيسة إلى ترتيب هذه الفترة الفصحيّة التي تمتدّ من العيد إلى وداعه. ما تريد الكنيسة أن تُمرّننا عليه في هذه الفترة، ظاهر في اختياراتها الكتابيّة، لا سيّما في أناجيل الآحاد.

لنبدأ بأحد توما. في هذا الأحد الذي يأتي بعد الفصح، نلاحظ أنّ أناشيد العيد تهدأ كثيرًا. توما هنا يحمل سؤاله. يبدو الهدوء فسحتنا من أجل أن نصغي إلى ما عنده وما سيسمعه. «هل المسيح قام، فعلًا؟»، هذا، واقعيًّا، هو سؤال توما الذي كان غائبًا في أوان ظهور المسيح لتلاميذه يوم الفصح. «أريد أن أراه، أن أرى جروحه، أن أضع إصبعي في أثرها». الذي نراه في الإنجيل أنّ الرسل وجدوا أنفسهم مسؤولين عن تبليغ البشارة السارّة للتلميذ الذي لا يعلم أحد منّا لِم كان خارج العلّيّة في الفصح. تبدي الكنيسة، بهذا الخيار، أنّ التلاميذ مسؤولون أوّلًا عن الإخوة الذين يغيبون عن لقاء الجماعة الذي المسيح يكشف نفسه دائمًا أنّه حيّ فيه.

أحد حاملات الطيب، الذي يلي أحد توما، يضجّ بسؤال آخر. النسوة، اللواتي قبِلن تكليفَهنّ أن يذهبن إلى القبر في فجر اليوم الثالث، كان سؤالهنّ على الطريق: مَن يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟ هناك عائق، يحول دون الوصول إلى المسيح الحيّ، يلتصق بتاريخنا. مَن يزيل العائق؟ يقول إنجيل اليوم إنّه الملاك، أي السماء وقدّيسوها، أو الذين نالوا المعموديّة. مسؤوليّة المعمَّد تشبه مسؤوليّة السماء بإزالة العائق الذي يقف ما بين الإنسان ومسيح الله. هذا باقٍ إلى الأبد.

الآحاد الثلاثة الباقية، أحد المخلّع والمرأة السامريّة والأعمى، أيضًا لكلّ منها سؤاله (أو أسئلته). السؤال يتغيّر من: أتريد أن تبرأ؟، إلى سؤال يسوع للمرأة أن تعطيه أن يشرب أو سؤالها إن كان هو المسيح، ثمّ إلى سؤال الأعمى للذين أنكروا شفاءه: هل تريدون أن تكونوا له تلاميذ؟ في هذه الآحاد، نبتعد عن السؤالَين الأوّلَين. الأجواء مختلفة. تُشعرنا هذه الآحاد بأنّنا أمام الكنيسة التي شأنها أن تُواجه العالم البعيد عن خلاصه. هذا هو مسرى الشهادة. الإنسان (الرسول، المعمَّد) ينطلق من البيت، أي من كنيسته كما في أحد توما، إلى حلقة قريبة إنّما أبعد من البيت كما في أحد حاملات الطيب، ثمّ إلى العالم أجمع. هذا من بلاغة الفصح. أن نحيا فصحيًّا، لهو أن نعي أنّنا مسؤولون عن كشف أنّ المسيح قام لكلّ إنسان في الأرض.

هناك أمران أودّ أن أَذكرهما قبل أن أختم هذه العجالة. الأمر الأوّل أنّ الآحاد كلّها يحرّكها، إلى المسيح الحيّ، شخصٌ واحد. توما ثمّ الملاك ثمّ الأشخاص الثلاثة الأخيرون. هذا أساس للدلالة على مسؤوليّة الشخص في الجماعة، الشخص الذي انتسب إلى الله في معموديّته.

أمّا الأمر الثاني، فهو ضعف المختارين. من توما الذي شكّ إلى حاملات الطيب إلى المخلّع والسامريّة والأعمى الذين، قبل يسوع، لم يكن لهم ذكْر. هذا أيضًا من بلاغة الفصح. ماذا يقول الفصح؟ يقول إنّ المسيح باقٍ يصنع الشهادة لمجده باختياره للخدمة «أدنياءَ العالم والـمُزدرى وغير الموجود…» (١كورنثوس ١: ٢٨). هذه البلاغة هي قوّة الكنيسة في زمان الغربة. المسيح، في الفصح، يقول، أمس واليوم وإلى الأبد، إنّني معكم «أصنع كلّ شيء جديدًا» (رؤيا ٢١: ٥).

أن نحيا فصحيًّا، لهو أن نهتدي دائمًا بهذا الترتيب الكنسيّ. المسيح الحيّ، الذي نراه في هذه الآحاد يتجوّل بين الناس، يتجوّل اليوم بيننا. إنّه هنا في هذه البقعة من العالم، التي يُراد لها أن تفرغ من أهلها، يبحث عن الناس الذين تُعذّبهم شكوكهم وأسئلتهم الـمُرّة. الجواب واحد: القبر فارغ، قبره وقبورنا. الحياة إلى الأمام، إلى القيامة دائمًا. لا يعيق المسيحَ شيء عن اختياره شهوده. إنّه الذي يخلق الحياة في كلّ الناس، في المكسورين والفاشلين والذين لا معنى لهم. هذا هو الذي يجعل لنا وللعالم معنًى وذكْرًا، حبّه المحيي.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: أعمال الرسل

التلميذ: متى نقرأ سِفر أعمال الرسل في خدمة القداس الإلهي؟

المرشد: منـذ القرن الرابع الميـلادي أخذ المسيحيـّون يقـرأون كتاب أعمال الرسل، فـي القدّاس الإلهي، في زمـن الفصح. هـذا يعني أنّ الكنيسة أرادت للكتـاب أكثر مـن قراءة، لأنّ غايـة كلّ تفسير كتابيّ (وعظ) هـو توزيع كلمة الله للسامعين علـى أساس أنّها موجَّهـة لـهم الآن وهنـا. وتاليًا فـإنّ هـذه القراءة الـمُفسَّرة، التي أنارت إيمـان الكنيسة الأولى، هي دعـوة وتذكيـر للذيـن اختاروا أن يكـونـوا تلاميـذ للـربّ إلى حمـل الرسالـة بإخلاص، وذلك أنّ المعموديـّة -التي كانت تُقتبل قديـمًا فـي الفصح- تتطلّب منهم أن يبقـوا شاهدين، حتّى الشهادة، للربّ فـي العالم.

التلميذ: ماذا يتضمّن هذا السِفر؟

المرشد: الكتاب هو بمثابة عرض مختارات أو مقتطفات لأعمال الرسل، وواقعيًّا، لأعمال بعض منهم. اعتمد الكاتب، الذي امتاز عمله بالدقة، على وثائق مكتوبة وشفهيّة (تقليد أعمال الرسولين بطرس وبولس، تقليد السامريّين، محفوظات جماعتَيْ أورشليم وأنطاكية، ويوميات رحلات بولس...) فأعطانا -بعد أن صاغ لوقا الإنجيليّ هذه التقاليد- صورة وافية عن الكنيسة الأولى مع بُناها وحياتها الداخلية، ودلّ على الامتداد التدريجيّ للشهادة المؤدّاة للمسيح في العالم.

التلميذ: ما هي رسالته؟

المرشد: موضوعُ الكتاب رسمَ معالـمَهُ يسوعُ القائم من بين الأموات عندما قال لتلاميذه: «وتكونون لي شهودًا في أورشليم وكلّ اليهودية والسامرة، وحتى أقاصي الأرض» (أعمال ١: ٨). هذا الانفتاح على العالم الوثني بلغ مرماه الأخير عندما وصلَت البشارة الجديدة على يد بولس إلى قلب الامبراطورية الوثنية (رومية) وظهر خلاصُ الله لكل ذي جسد (إشعياء ٤٠: ٣-٥، لوقا ٣: ٤-٦). ما لا ريب فيه أن لوقا عَكَس في كتابه الثاني نظرة العهد القديم للانفتاح على العالم الخارجي التي كانت تفترض أن يصعد الوثنيّون أنفسُهم إلى أورشليم ليلتحقوا بالشعب اليهودي، الشهادة الجديدة التي يدفع الروحُ القدسُ إلى تحقيقها تتطلب تبشير جميع الشعوب بالإنجيل انطلاقًا من أورشليم وحتى أقاصي الأرض. في نهاية أعمال الرسل (٢٨: ٣١) يعلّم الرسول بولس بكل ما يختص بالرب يسوع المسيح ويبشّر بملكوت الله، فيختم كلّ ما كتبه لوقا ويعيدنا إلى كلام يسوع قُبَيْل ارتفاعه إلى السماء (١: ١-٣)، فنفهم أننا لسنا أمام أعمال الرسل بقدر ما نحن أمام كتاب يحدّثنا عن إعلان ملكوت الله.

التلميذ: كيف تمّ انتقال الكنيسة من أورشليم إلى أقاصي الأرض؟

المرشد: وُلدت الكنيسة في أورشليم، وانطلقت منها إلى «أقاصي الأرض». وعلى الرّغم من الصعوبات الكثيرة التي واجهتها، استطاعت أن تكتشف ما يفرضه عليها إنجيلُ القائم من الموت، ذلك أن انتقالها من أورشليم إلى رومية لم يكن انتقالًا جغرافيًّا بقدر ما كان اكتشافًا أعمق لرسالةٍ جَعلت الذين آمنوا من اليهود والوثنيّين بيسوع ربًّا ومخلّصا جماعتَهُ الواحدة. على أثر الاضطهادات التي حدثت بسبب خطبة استفانُس واستشهاده (أعمال ٦: ٨ حتى ٩: ١)، تشتّتت الجماعة الأولى كلُّها، فحُمِلت البشارة إلى اليهودية والسامرة ومن ثم إلى خارج فلسطين. كتاب أعمال الرسل، كتاب الكنيسة الممتلئة روحًا قدّوسًا، هو بآن كتاب ناجزٌ ومفتوح، وذلك لأنه، من جهة، يعطينا صورة واضحة عن الرسالة التي استطاعت بقوة الروح الإلهي أن تنجح، ويدلّنا كلامُ الرسول، من جهة ثانية، في آخر السِفر: «فاعلموا إذًا أن خلاص الله هذا أُرسل إلى الوثنيّين وهم سيستمعون إليه» (٢٨: ٢٨)، أن صيغة المستقبل التي ينتهي فيها الكتاب «سيستمعون إليه» تجعله مفتوحًا إلى ما لا نهاية، وهي تشير إلى أن رسالة الخلاص تفترض وجود من يتقبلها ويعمل لأجلها في كل زمان ومكان.

Last Updated on Friday, 24 May 2024 21:36
 
Banner