Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2024 رعيتي العدد ٣٧: سيادة الملكوت وملْحُه
رعيتي العدد ٣٧: سيادة الملكوت وملْحُه Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 15 September 2024 00:00
Share

رعيتي العدد ٣٧: سيادة الملكوت وملْحُه
الأحد ١٥ أيلول ٢٠٢٤ العدد ٣٧ 

الأحد بعد عيد رفع الصليب

اللحن ٣ - الإيوثينا ١

القدّيس نيقيطا الشهيد،

والقدّيس سمعان التسالونيكيّ

 

كلمة الراعي

سيادة الملكوت وملْحُه 

رعيتي العدد ٣٧: سيادة الملكوت وملْحُه عندما يعِدُ يسوع بأن نرى «ملكوت الله آتيًا بقوّة» (مرقص ٩: ١)، فهذا يقودنا إلى التأمّل في جملة حقائق متّصلة بهذا الملكوت على أرض الواقع، على ضوء احتفال الكنيسة بعيد رفع الصليب، أبرزها معنى السيادة المرتبط به.

أوّلًا، سيادة المحبّة، وهذا يتجّلى في كلّ ما أتى به يسوع، لا سيّما بآلامه الطوعيّة من أجلنا وارتفاعه على الصليب وموته الاختياريّ ودفنه، وبكلّ كلمة تخرج من فم الله، وبكلّ نعمة وحقّ أتيا به، بكلّ إلهام من الروح القدس في الصلاة والخدمة والذي أرسله إلينا ليرشدنا إلى كلّ ما علّمنا إيّاه وأوصانا به. إّنها المحبّة الممنوحة لنا لنُجسّدها بدورنا بالعلاقة معه ومع قريبنا.

ثانيًا، سيادة الحقّ، وهذا يتجلّى بما يجسّده يسوع ويعلنه باسم أبيه تحقيقًا لإرادته وإعلاء لمحبّته. إنّها سيادة تتحقّق بالإيمان به والطاعة له والتوبة إليه، وتنمو بعمل الفضيلة وتثمر عدلًا وسلامًا، وتعلو بالكرامة التي يمحنها الله للتائبين إليه. إنّه الحقّ الذي وجدناه في يسوع ونسعى أن نتصوّر عليه محتذين به.

ثالثًا، سيادة الحياة، وهذا يتجلّى بانتصار يسوع على الموت والشيطان والخطيئة، وما يعكسه من انتصار فينا -إنْ سألْنا وطلبْنا وقرعْنا- للخير على الشرّ، وللحياة والشركة مع الله على الموت والبعد عنه، وللبِـرّ الإلهيّ على كلّ أنواع البِـرّ البشريّ، وللمجد الإلهيّ على كلّ مجد آتٍ من الناس. إنّها الحياة التي نتنفّس هواءها برئتَي الاتّكال على الله والجهاد من أجل اكتساب هذا الانتصار في واقعنا اليوميّ.

رابعًا، سيادة التواضع، وهذا يتجلّى بكلّ ما أتاه يسوع بسرّ مجيئه الأوّل، حيث التَحَفَ بالتواضع وشاحًا غلّف به مجده الإلهيّ، وأبرزه سبيلًا وحيدًا لسلوك طريق سيادة المحبّة والحقّ والحياة والبلوغ به إلى ملء الحياة، إلى رؤية ملكوت الله آتيًا بقوّة فينا. إنّه تواضع المتجسّد من البتول، والمولود في مذود، والملتجئ إلى مصر، والقائم في طاعة والدَيه، والمتعمِد في الأردن، والمجرَّب في البريّة، والقاصد القرى كارزًا بالملكوت وشافيًا كلّ مرض وعلّة في الشعب. إنّه التواضع الذي يدرّبنا على قبول مشيئة الله في حياتنا بفرح ورجاء، وبه يرتفع ملكوتُ الله خدمةً وصلاةً دائمَين.

إنّ الحديث عن ملكوت الله وسيادته كشف لنا شرعته التي بـيّـنّا أوجهها الأربعة، وأظهر لنا مواطنيه الذين يحملون فكر المسيح ويجسّدون إيمانهم به. شأنهم في هذا شأن مَن كوّنهم الإنجيل في كلّ مراحل حياتهم على القاعدة التي أرساها يسوع: «مَن أراد أن يأتي ورائي فلينكرْ نفسه ويحملْ صليبه ويتبعْني» (مرقص ٨: ٣٤). إنّه اتّباع له موصول، جهاد مستمرّ، مخاض ولادة ينكر فيها المرء نفسه من أجل المسيح، ويحمل صليب الالتزام باتّباعه في كلّ شيء، وطلبه هو، دون سواه، في كلّ ما يأتيه مَن يتتلمذ في عمل مشيئته وطاعة وصيّته.

أن نرى ملكوت الله آتيًا بقوّة حقيقة مختبَرة في أبناء الكنيسة الذين أطاعوا الله ووضعوا كلّ رجائهم عليه، فصاروا قائمين فيه. هؤلاء منحهم الله نعمته، فأرشدتهم في كلّ صلاح وخير، ومنحتهم القدرة على أن يقيموا في الخير. يشاهدون الشرّ ولكنّه لا سلطة له عليهم، هذا لأنّ نعمة الروح القدس مقيمة فيهم وتحفظهم من كلّ خطيئة. هؤلاء هم الذين أهلكوا أنفسهم من أجل يسوع ومن أجل إنجيله فخلّصوها. ما استحوا بكلام يسوع بل جسّدوه في حياتهم اليوميّة، في التنشئة والخدمة والمهنة والمجتمع والعائلة والرعيّة والدير، في البتوليّة والزواج، في كلّ تكريس للذات لله، في كلّ نضال من أجل الحقّ والعدل، في كلّ جهاد باسم المحبّة وبتواضع. هؤلاء هم علامة فارقة وسط ممالك هذا العالم المتنوّعة، يشعّون فيها سلامًا وفرحًا ونورًا، سلامًا من معطي سلامه الخاصّ لتلاميذه، وفرحًا كاملًا لا يُنـزَع منهم، ونورًا من المنير كلّ إنسان وارد إلى العالم.

ملكوت الله يأتي بقوّة في تجلّي يسوع على جبل ثابور، وفي مجيئه الثاني المجيد، ولكنّه يأتي أيضًا في حياتنا متى أرسينا نكران الذات وحمل الصليب واتّباع يسوع قاعدةً لحياتنا. هذا لأنّ هذا الملكوت «لا يأتي بمراقبة»، لكونه قائمًا «داخل» مَن أخلَص ليسوع وكان أمينًا له (لوقا ١٧: ٢٠ و٢١). 

ألا أعطِنا يا ربّ أن نذوق من تلك الحياة التي فيك بأن نُنكر ما يعيق تذوّق طعمها فينا، ونعين أترابًا لنا على أن يتذوّقوها بدورهم، فنكون ملح الأرض الذي يملِّـح الذبيحة، دون أن يدوسها الناس لأنّنا بلا ملح في أنفسنا (متّى ٥: ١٣ ومرقص ٩: ٥٠).

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: غلاطية ٢: ١٦-٢٠

يا إخوة، إذ نعلم أنّ الإنسان لا يُبرَّر بأعمال الناموس بل إنّما بالإيمان بيسوع المسيح، آمنَّا نحن أيضا بيسوع المسيح لكي نُبرَّر بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس، إذ لا يُبرَّر بأعمال الناموس أحد من ذوي الجسد. فإن كنّا ونحن طالبون التبرير بالمسيح وُجدنا نحن أيضا خطأة، أفَيكون المسيح إذًا خادمًا للخطيئة؟ حاشى. فإنّي إنْ عُدتُ أَبني ما قد هدمتُ أَجعلُ نفسي متعدّيًا، لأنّي بالناموس مُتُّ للناموس لكي أَحيا لله. مع المسيح صُلبتُ فأَحيا، لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحياه في إيمانِ ابنِ اللهِ الذي أَحبَّني وبذل نفسه عنّي.

 

الإنجيل: مرقس ٨: ٣٤-٩: ١

قال الربّ: مَن أراد أن يتبعني فليكفُرْ بنفسه ويَحمل صليبه ويتبعني، لأنّ من أراد أن يُخلّص نفسه يُهلكها، ومن أَهلَكَ نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يُخلّصها. فإنّه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه، أَم ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟ لأنّ من يستحيي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ يستحيي به ابنُ البشر متى أتى في مجد أبيه مع الملائكة القدّيسين. وقال لهم: الحقّ أقول لكم إنّ قومًا من القائمين ههنا لا يذوقون الموت حتّى يرَوا ملكوت الله قد أتى بقوّة.

 

الصليب

كلّ عيدٍ في الكنيسة يسبقه تحضير للعيد، فالتعييد ثم امتداد بعد العيد. كذلك الصوم نتحضّر له، نمارسه، ونبقى بعده على مفاعيله في حياتنا. في نصف الصوم، أي أحد السجود للصليب، نقرأ ما قرأنا اليوم من فصلٍ إنجيليٍّ لمرقس البشير. ولعلّ ما يجذبنا إلى هذه القراءة هذه الآية: «من أراد أن يتبعني فليكفرْ بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني». إذا اعتبرنا أنّه بالصليب قد أتى الفرح لكلّ العالم، فلماذا هذا الكُفر بالنفس؟ ولماذا حمل الصليب الذي قد يكون ثقيلًا عليْنا كلّنا؟

الإنجيل نفسه يكشف هذه المعاني. فالسير وراء المعلّم يتطلّب إرادة واضحة، وشرط السير هو الكفر بالنفس ما يعني أنّه ليس عندنا معبود سوى يسوع المسيح. الأنانيّة والكبرياء والشهوات والمال والسلطة وكلّ ما نحسبه غنى لأنفسنا، هذا يعيقنا من اتّباع المسيح. فيأتي حمل الصليب هنا لنلتصق بالمصلوب ونتوب إليه. يسوع سار إلى الصليب ومن هناك قام. نحن نحمل هذا الصليب لكي بيسوع نقوم من كلّ تعلّقٍ على هذه الأرض. من هنا يكمل السيّد في إنجيله أن «من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها ومن أهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يخلّصها». وكأنّه ينقصنا هلاك أكثر ممّا نعيشه اليوم، لكنّ جمال يسوع في كلمته هذه يقابله جمال تعلُّقنا به وبكلمته وحده. كيف نهلك نفسنا من أجله وكلمته؟ بالجهاد الروحيّ. ومعناه اليوم أنّنا من كلمته وصليبه لا ننسى أنّ أطفالًا عاجزون عن العلم اليوم، وكذلك مرضى محرومون من الطبابة، وأنّنا مُقبلون على شتاء مسؤولون جميعًا فيه أن نحمل صليبنا وندفئ بيوتًا مِن حُبّنا لكلمته. هذا هو أسمى جهاد. قد تقولون: توجد جمعيّات كثيرة تعمل هذا العمل، لكن هذا أساس عملنا نحن الجماعيّ لأنّنا من الإنجيل والصليب نقوم بهذه الأعمال، لكي نردّ هؤلاء المحتاجين إلى قدمَي المصلوب، لا لأجل برِّنا إنّما لمجد يسوع وحده.

كلّ القصّة قلبٌ، إمّا نعلّقه على الصليب فيقوم على حبّ الآخر، أو نبقيه مكبَّلًا فيصير عبدًا للدنيا. من هنا تأتي الآية: «من يستحيي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الشرّير يستحيي به ابن البشر». بمعنى أنّه إن لم نحمل صليبه فنكون قد أنكرناه. لأنّ الصليب، علاوةً على أنّه يرمز إلى النصر، هو يرمز إلى رباط علاقتنا بالله وبعضنا بالبعض.

صلاتنا والرجاء أن نبحث عن صليبنا خارج جدران الكنيسة. فالمعوز نكرمه، والجائع نطعمه، والمريض نعزّيه، بهذا نُخلِص للكنيسة وللصليب المعلّق فيها، فنصير والمسكونة طلاب قيامةٍ عبر عود الحياة.

 

عيد رفع الصليب

بقلم المطران جورج خضر

مرّة سألني واحد من شهود يهوه: لماذا تكرّمون الصليب، هل تكرّم أُمّ قُتل ولدها بمدفع العدوّ هذا المدفع؟ أجبتُ: عند المسيح أداة موته هي إيّاها أداة حياته. والبارحة الذي هو تذكار رفع الصليب يحمل الكاهن في كنيستي الصليب على صينيّة مليئة بالرياحين أو الزهور ويطوف به بين المؤمنين خمس مرّات ويسجدون حتّى تلمس جباههم الأرض أي يلتحمون بها كما يلتحم الميت بالتراب ثم يقومون كما قام المخلّص وفيما هم ينتصبون يقول الجوق: يا ربّ ارحمْ، ويتصاعد النغم ما صعدوا.

وبعد السجدات يُقبّلون المصلوب ويدفع إليهم الكاهن ريحانة أو زهرة حتّى تزهر حياتهم من سرّ المصلوبيّة التي ارتضاها السيّد لخلاص العالم.

هذا الوصف يوحي اليك أنّ الكنائس التقليديّة تستعمل الرموز لتتكلّم. هي لا تكتفي بالتلاوة لكنّها تجعل مؤمنيها يتحرّكون استجابة للنعمة التي تنزل على لسانهم وجسدهم. ماذا يعني أن يُقبّلوا الصليب؟ لا يمكن أن يعني إلّا أنّـهم يُقبّلون المصلوب تأسيسًا على هذا المحسوس عند جميع الشعوب التي فيها شِعرٌ ولحن ورموز أي تعبير. هذا هو أساس الأيقونة القائمة على أنّ ثـمّة قفزة لعينَي المؤمن من الصورة إلى المصوَّر عليها، من الأرض إلى السماء. هذا يجري في النفس التي تحسّ المعنى وظاهره معًا. أمّا الذين حاربوا الأيقونة، ليس فقط في امبراطوريّة الروم بين القرن الثامن والقرن التاسع وكلّ محاربي الصوَر في الدنيا المسيحيّة وربّـما في الحضارات الأخرى، فقد توقّفوا عند الكلمة المقولة باعتبارها الأيقونة الأخيرة أي المطهر الأخير لذاتها...

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ:

شخصيّات من الكتاب المقدس (موسى النبيّ)

التلميذ: مَن هو النبي موسى؟

المرشد: تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة ذكرى القدّيس موسى النبيّ «مُعاين الله» و»كليم الله» في الرابع من أيلول. وهو يعَدّ من بين كبار أنبياء العهد القديم، واشتُهر بإعلان أحكام الشريعة والوصايا العشر التي أنزلها الله عليه في طور سيناء، حيث أظهر الله مجده وعلّم موسى كافّة المعاملات والعبادات الواجب على الشعب المؤمن تأديتها كي ينال الرضا من الله. أمّا المهمّة الأساسيّة التي أناطها الله بموسى فكانت قيادة الشعب في الصحراء مدّة أربعين سنة بعد أن أخرجهم من أرض العبوديّة إلى أرض الميعاد، أرض الحرّيّة، فلسطين.

التلميذ: إلامَ تشير أعمال موسى النبيّ في تدبير الله؟

المرشد: اعتُبر موسى رمزًا من الرموز التي تشير إلى الربّ يسوع المسيح. فعلى غرار موسى الذي حرّر الشعب من عبوديّة فرعون الطاغية، حرّر الربُّ يسوع العالمَ من الخطيئة والموت. وكما قاد موسى الشعب في البريّة إلى أرض الموعد، هكذا يقودنا المسيح إلى الملكوت الموعود. كما علّم موسى الشريعة، سلّمنا الربّ يسوع الشريعة الجديدة، أي المحبّة الباذلة نفسها مجّانًا، وسواها الكثير من المقابلات.

لا تقتصر سيرة موسى النبيّ على دلالاتها إلى الربّ يسوع، بل وجد فيها بعض الآباء، وعلى رأسهم القدّيس غريغوريوس النيصصيّ، رموزًا تشير إلى الفضيلة والأخلاق. فغريغوريوس وضع كتابًا سمّاه «حياة موسى أو الكمال في مجال الفضيلة»، بناء على طلب أحد الرهبان بأن يزوّده قدّيسُنا ببعض الإرشاد في موضوع «الكمال في الحياة». فاستوحى غريغوريوسُ حياةَ موسى النبيّ وجعلها نموذجًا يُحتذى في طلب الكمال، الذي هو سعيٌ دائم لا يسَعُ طالبَه التهاون في أيّ أمر ولو بسيط من أموره.

التلميذ: ما مضمون هذا الكتاب؟

المرشد: يتألّف من قسمَين. في القسم الأوّل، الذي هو بمثابة مدخل لا بدّ منه للقسم الثاني، يتناول المؤلّف خلاصة الأحداث التي جرت مع موسى مستنِدًا فيها إلى رواية سِفرَي الخروج والعدد، ومعتمدًا حرفيّة التفسير للوقائع، ثمّ يرمي إلى استخراج المعاني الأخلاقيّة التي تفيد المؤمن وتبنيه. أمّا القسم الثاني ففيه جوهر الكتاب حيث تصبح حياة موسى صورةً للترقّي في مدارج الكمال، ومثالًا للنفس في مسيرتها الروحيّة. فيعتمد المؤلّف على التفسير الرمزيّ لكتاب الخروج كما فعل القدّيس بولس الرسول في بعض رسائله، لذلك تغدو الأحداث التي وقعت مع موسى مجرّد صُوَر لحقيقة تاريخيّة هي المسيح نفسه.

التلميذ: كيف نفهم هذا التشابه بين موسى والمسيح؟

المرشد: يعيد غريغوريوس التذكير بما ورد في العهد الجديد من مماثلة وقائع حياة موسى وما حدث مع يسوع في أثناء بشارته. هكذا يشبّه يوحنّا الإنجيلي رفع المسيح برفع موسى الحيّة النحاسيّة في البرّيّة (يوحنّا ٣: ١٤ وعدد ٢١: ٤-٩)، والمنّ النازل من السماء قديمًا أصبح في خطاب يسوع خبزَ الحياة (يوحنّا ٦: ٤٩، وخروج ١٦: ٤)، وأيضًا الحمَل الفصحيّ يُضْحي يسوع الذي بدمه افتدى العالم مخلّصًا وحيدًا... وهذا ما نجده أيضًا في أسلوب الرسول بولس، الذي يقول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس عند حديثه عن الصخرة التي شقّها موسى النبيّ كي يروي عطش الشعب التائه في الصحراء (عدد ٢٠: ٨): «إنّ آباءَنا كلّهم كانوا تحت الغمام، وكلّهم جازوا في البحر، وكلّهم اعتمدوا في موسى في الغمام وفي البحر... فإنّهم كانوا يشربون من صخرة روحيّة تتبعهم، وهذه الصخرة كانت المسيح... ولقد جرت هذه الأمور ليكون لنا فيها عِبرةٌ» (١٠: ١-٦).

ثمّ يصل القدّيس غريغوريوس إلى الغاية التي من أجلها دُوّن الكتاب، فيرى أنّ الفضيلة سَيْرٌ دؤوب إلى الأمام، وأنّ الكمال نموٌّ دائم وتطوّرٌ متواصل. وموسى يجسّد هذه الفكرة في سيرة حياته التي كانت مسيرةً إلى أرض الميعاد. وهكذا فالكمال حركةٌ دائمة نحو الله اللامتناهي، حركة «تنسى ما وراءَها وتمتدّ إلى ما أمامها» (فيلبّي ٣: ١٣). ويذهب غريغوريوس أيضًا إلى القول بأنّ الكمال في الحياة يقوم بإعادة النفس إلى طبيعتها الحقيقيّة، أي إلى كونها مخلوقة على صورة الله، فالمفروض إذًا أن يقوم المرء بجلاء هذه الصورة وإعادتها إلى بهائها عبر التحوّل المتواصل إلى الله. والصورة ينبغي أن تشبه صاحبها، لذلك ضرورة السعي الدائم إلى اكتساب الكمال عبر التفوّق على الذات، والاستسلام التامّ لمشيئة الله، والتخلّي عن كلّ هوًى، في سبيل الدخول في شركة كاملة مع الله.

 

رسامة نقولا موسى شماسًا إنجيليًّا

يوم السبت الواقع فيه ٧ أيلول ٢٠٢٤، نال الطالب نقولا موسى نعمة الشموسية باسم استفانوس، بوضع يد راعي الأبرشية في القداس الإلهي الذي أقيم في كنيسة البشارة - مراح غانم. في العظة، تحدّث المطران سلوان عن قياس المحبّة الإلهيّة وتجسيدها في حياتنا المسيحيّة، وكيفيّة تعاطينا مع بعضنا على ضوء نظرة الله لنا وتدبيره الخلاصيّ من أجلنا.

في نهاية الخدمة، كانت كلمة توجيهية من المطران سلوان للشماس الجديد من وحي الإنجيل الذي يجسّده أوّل الشهداء ورئيس الشمامسة القديس استفانوس، الذي كان حاملًا فكر المسيح لجهة خلاص كلّ العالم.

الشماس الجديد من مواليد ١٩٩٣، متزوج، حائز على شهادة الإجازة في اللاهوت في العام ٢٠١٧ وشهادة الماجستير في اللاهوت في العام ٢٠٢٢ من معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ اللاهوتيّ في البلمند.

Last Updated on Saturday, 14 September 2024 08:01
 
Banner