Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2024 رعيتي العدد ٥١: الميلاد بين الحرص الإلهيّ والحرص البشريّ
رعيتي العدد ٥١: الميلاد بين الحرص الإلهيّ والحرص البشريّ Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 22 December 2024 00:00
Share

رعيتي العدد ٥١: الميلاد بين الحرص الإلهيّ والحرص البشريّ
الأحد ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٤ العدد ٥١ 

الأحد الذي قبل عيد ميلاد المسيح

أحد النِسبة

اللحن ١ - الإيوثينا ٤

 

كلمة الراعي

الميلاد 

بين الحرص الإلهيّ والحرص البشريّ

رعيتي العدد ٥١: الميلاد بين الحرص الإلهيّ والحرص البشريّ في عرضه نَسَب يسوع، شاركَنا الإنجيليُّ متّى محطّاتٍ علّامةً في قراءته لتدبير الله بدأت بإبراهيم، فداود، فالسّبي، وأخيرًا المسيح. على هذا المنوال، انكشف لنا اكتمال الزمن، وبه اكتمال العهد، وعلى أساسه اكتمال التدبير، وبواسطته اكتمال الإنسان بحسب قصد الله، وذلك بفضل تبنّي الله الكامل لواقعه الساقط ومرتجاه النيّر.

بمولد المسيح، ظهَر حرْصُ الله على الإنسان، حرصٌ وجد مَن يأخذه على عاتقه، ويتبنّاه ويساهم في تدبيره من أجل خلاصنا. كيف استبان هذا على أعتاب ميلاد المخلّص؟

أوّلًا، بحرص العذراء مريم. منذ أخذها يوسف إلى بيته، لم تتفوّه العذراء بكلمة بشأن حبَلها، وإن انكشف أمرها ليوسف (متّى ١: ١٨). كتمتْه عليه، ليس من باب إخفائه، إذ يتعذّر ذلك، بل لإيمانها بالله. هي أَمتُه كما أعلنت في أعقاب بشارة رئيس الملائكة لها، فتركت له أن يتدبّر كلّ ما ينشأ عن هذا الحبل. هذا دليل نضجها الروحيّ الكبير، وصلاتها المستمرّة، واستعدادها التامّ لتحقيق إرادة الله في مطلق الأحوال.

ثانيًا، بحرص يوسف خطيب مريم. هذا انكشف لنا بما لمسه من تبدُّل في مريم بظهور علامات الحبَل عليها، وما استتبعه من رغبة في تخليتها سرًّا (متّى ١: ١٩). هذا لم يأتِ من باب حرصه على سمعته، بل من باب أمانته لله وجهاد الفضيلة وحُسن التدبير. كان بارًّا أمام الله وأمام العذراء، وأراد أن يبقى على هذا النحو. 

ثالثًا، بحرص ملاك الربّ. هو مرسَل من الله وحامل بشراه إلى يوسف. أطلّ علينا الملاك ليكشف النقاب عن عمل الله في تعاطيه مع هذا البرّ الموجود تحت سقف واحد، فبشّر يوسفَ بما سبق وأُعلن لمريم (متّى ١: ٢٠-٢٣). هو مرسَل جوابًا على برّ العذراء في صمتها، وعلى فضيلة يوسف في حُسن تدبيره. فأتتنا هذه البشرى لتكون جسرًا بين العهدَين، القديم والجديد، واضعةً نصب أعيننا تحقيق المرتجى منها: «هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا ويَدعون اسمه عمّانوئيل».

رابعًا، بحرص الآباء والأنبياء القدّيسين. نَسَبُ يسوع بحسب إنجيل متّى أتى على ذِكر اسم البعض منهم (١: ١-١٥)، بينما أتى الملاك على ذِكر النبي إشعياء (١: ٢٣). هؤلاء جميعًا بذلوا ذواتهم في مخاض تهيئة شعب الله لقدوم المسيّا المخلّص. بفضلهم تجلّت «البقيّة» الأمينة من هذا الشعب، والتي كان على عاتقها أن تَخدم تدبير الله متّى دقّت ساعة الله من أجل خلاصنا.

خامسًا، بحرص الآب. شاء أن يخلّص خليقته التي خلقها على صورة ابنه الوحيد. أحبّ الإنسانَ، وأتاه بابنه معلنًا حبّه له. وتُشكّل البشرى الإنجيليّة الإعلانَ عن هذه المحبّة، التي تستند إليها، وتنطلق منها، وتعود إليها، على الرجاء أن تظفر بالإنسان تائبًا إلى مَن أَحبَّه أوّلًا وأعطاه أن يكون أباه بالنعمة.

سادسًا بحرص الابن الوحيد. سكب ذاته حبًّا بالآب السماويّ وبالإنسان الذي يريده مساويًا له في الكرامة والمجد. اسم «يسوع»، والذي معناه «الله يخلّص»، واسم «عمانوئيل»، والذي معناه «الله معنا»، يشكّلان الحقيقة الثابتة لكلّ إنسان يشاء أن يعرف الحقّ ويقيم فيه ويحرّره. رأيناه في العذراء مريم محقِّقًا مشيئة أبيه السماويّ. نعم، لقد تبنّى الإنسانَ الساقط، بغير رجعة، حتّى يتعلّم هذا الأخير منه الاتّضاع، ليرفعه بعدئذٍ إلى علياء مجده.

سابعًا، بحرص الروح القدس. رأينا فعله في العذراء مريم، فهي «حبلى من الروح القدس» (متّى ١: ١٨). الإنسان الجديد سيظهر في الميلاد. وستكون العذراءُ والدتَه، لا بل والدة الإله، كون المولود منها هو الابن الوحيد. وإن تميّزت مريم عنّا بكونها والدته، إلّا أنّ خبرة أن يصير المسيح قائمًا فينا، فهذه خبرة معطاة لكلّ الذين، بالروح القدس، يقدّسون حياتهم باتّباعهم يسوع. فتبنّي يسوع لنا يعني عمل الروح القدس الذي يحقّق هذا التبنّي فينا لنصير على شاكلته وإخوة له.

في العيد القادم، بات بإمكاننا أن ندعو المولود من العذراء «يسوع» (متّى ١: ٢٥)، على غرار ما فعل يوسف. وباستدعائنا اسمه القدّوس، نضع أنفسنا في خطّ التدبير الذي سبق بيانه، بعد أن وضع يسوع نفسه في خطّ سقوطنا ليقيمنا منه ويعيدنا إلى البهاء الذي لنا من أبيه السماويّ. انكشف لنا الاسم المحبوب جدًّا، وانكشف لنا حِرْص الآب بالروح القدس على خليقته العاقلة، كما وحِرْص كلّ الذين وضعوا أنفسهم في خدمة تدبير الله من أجلنا. ألا أَعطِنا يا ربّ أن نكون من عداد هؤلاء الحريصين على محبّتك للبشر.

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: عبرانيّين ١١: ٩-١٠، ٣٢-٤٠

يا إخوة بالإيمان نزل إبراهيم في أرض الميعاد نزوله في أرض غريبة، وسكن في خيام مع إسحق ويعقوب الوارثين معه للموعد بعينه، لأنّه انتظر المدينة ذات الأسس التي الله صانعها وبارئها. وماذا أقول أيضًا؟ إنّه يضيق بي الوقت إن أخبرتُ عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء الذين بالإيمان هزموا الممالك وعملوا البرّ ونالوا المواعد وسـدّوا أفواه الأسود وأطفأوا حدّة النار ونجوا من حدّ السيف وتقوّوا من ضعف وصاروا أشدّاء في الحرب وكسروا معسكرات الأجانب، وأخذت نساء أمواتهنّ بالقيامة، وعُذّب آخرون بتوتير الأعضاء والضرب ولم يقبلوا بالنجاة ليحصلوا على قيامة أفضل، وآخرون ذاقوا الهزء والجلد والقيود أيضًا والسجن، ورُجموا ونُشروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف وساحوا في جلود غنم ومَعز وهم مُعوَزون مُضايَقون مجهودون (ولم يكن العالم مستحقًّا لهم)، وكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض. فهؤلاء كلّهم، مشهودًا لهم بالإيمان، لم ينالوا المواعد، لأنّ الله سبـق فنظر لنا شيئًا أفضل أن لا يَكمُلوا بدوننا.

الإنجيل: متّى ١: ١-٢٥

كتاب ميلاد يسوع المسيـح ابن داود ابن إبراهيم. فإبراهيم ولد إسحق وإسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا وإخوته، ويهوذا ولد فارص وزارح من تامار، وفارص ولد حصرون وحصرون ولد أرام وأرام ولد عـمـيناداب وعـمـيـناداب ولد نحشون ونـحشون ولد سلمون وسلمون ولد بوعـز من راحاب وبوعز ولد عـوبيد من راعوث وعوبيد ولد يسّى ويسّى ولد داود الملك. وداود الملك ولد سليمان من التي كانت لأُريّا وسليمان ولـد رحبعام ورحبعام ولد أبيّا وأبيّا ولد آسا وآسا ولد يوشافاط ويوشافاط ولد يورام ويورام ولد عُزّيّا وعُزّيّا ولد يوتام ويوتام ولـد آحاز وآحاز ولد حزقيّا وحزقيّا ولد منسّى ومنسّى ولد آمون وآمون ولد يوشيّا ويوشيّا ولد يَكُنْيا وإخوته في جلاء بابل. ومن بعد جلاء بابل يَكُنْيا ولد شألتئيل وشألتئيل ولد زَرُبابل وزَرُبابل ولد أبيهود وأبيهود ولد ألياقيم وألياقيم ولد عازور وعازور ولد صادوق وصادوق ولد آخيم وآخيم ولد ألِيهود وألِيهود ولد ألِعازار وألِعازر ولد متّان ومتّان ولد يعقـوب ويعقـوب ولد يوسف رجل مريم التي وُلد منها يسوع الذي يُدعى المسيح. فكلّ الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلًا، ومن داود إلى جلاء بابل أربعة عشر جيلًا، ومن جلاء بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلًا. أمّا مولد يسوع المـسيح فكان هكذا: لـمّا خُطبت مريم أُمّه ليوسف، وُجدت من قبل أن يجتمعا حُبلى من الروح القدس. وإذ كان يوسف رجلها صدّيقًا ولم يُرِد أن يُشْهِرها، همّ بتخليتها سرًّا. وفيما هو مفتكر في ذلك إذا بملاك الربّ ظهر له في الحُلم قائلًا: يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم، فإنّ المولود فيها إنّما هو من الروح القدس. وستـلد ابنًا فتسمّيه يســوع، فإنّه هو يخلّص شعبه من خطاياهم (وكان هذا كلّه ليتمّ ما قيل من الربّ بالنبيّ القائل: ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا ويُدعى عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا). فلمّا نهض يوسف من النوم، صنع كما أمره ملاك الربّ، فأخذ امرأته ولم يعرفها حتّى وَلدت ابنها البكر وسمّاه يسوع.

 

بائعة الكبريت والعيد

بائعة الكبريت رائعة الكاتب الدنماركيّ هانز كريستيان أندرسن (١٨٤٥)، تحكي قصة فتاة صغيرة وفقيرة حافية القادمَين بملابس قديمة تتجوّل في شوارع مدينة باردة ومثلجة، تبيع الكبريت لكسب قوت عائلتها. عشية العيد، لجأت الطفلة إلى زاوية الشارع وراحت تشعل عيدان الكبريت التي لم تتمكّن من بيعها كي تتدفّأ. ومع كلّ عود كبريت أشعلته، كانت تعيش رؤية مليئة بالدفء والفرح. 

أشعلت العود الأوّل فتخيّلت نفسها أمام موقد ونار ودفء. أمّا العود الثاني فأخذها إلى مائدة مليئة بالطعام يتوسّطها إوزّة مشويّة جميلة. عندما أشعلت عود الكبريت الثالث، وجدت نفسها أمام أجمل شجرة عيد ميلاد. أمّا اشتعال العود الأخير، فقد أعاد لها جدّتها وهي الشخص الوحيد الذي منحها الحبّ في حياتها. صرخت الفتاة الصغيرة: «جدّتي! خذيني معك! أعلَم أنّكِ ستذهبين عندما ينطفئ عود الكبريت». وكي تبقي جدّتها معها، أشعلت كلّ عيدان الكبريت في الحزمة، وذلك كي لا تختفي جدّتها لوحدها. واحترقت كلّ عيدان الكبريت. وانتقلت هي مع جدّتها إلى مكان راحة. ماتت الفتاة بردًا. شكّلت عيدان الكبريت رمز لقيا الأرضيّات بالسماويّات والأمل والحبّ والدفء العابر لعالم مملوء برودة ولامبالاة. والرؤى شكّلت وسيلة الهروب من واقع مرير إلى عالم الراحة. كانت الجدّة رمز الخلاص والتحرّر بالحبّ.

وفي صباح اليوم التالي، وجد المارّة جسدها المتجمّد، وحزنوا عليها. إلّا أنّـهم ما أدركوا الرؤى الجميلة التي عاشتها قبل أن تنتقل. عمل كريستيان سلّط الضوء على لامبالاة مجتمع تجاه الضعفاء. لامبالاة لم تقضِ على شوق الفتاة لجدّتها رمز الحبّ وعلى تلهّفها للدفء والأمان. تحرّرت روحيًّا بالموت.

في العمل انتقاد للامبالاتنا بأولئك المطروحين على أرصفة اليأس، بينما نحن غارقون في الخمول والبطر. في العمل تذكير بمسؤوليّتنا الاجتماعيّة كي لا نقول الروحيّة تجاه إخوتنا الذين هُم المسيح. خلصتْ تلك الابنة بالحبّ الذي أنهى مأساتها. حبّ أتاها من فوق بواسطة جدّتها. جسدها المتجمّد شكّل ويشكّل في وجهنا صرخة تخرجنا من جمادنا. شكّل جسدها الصغير المتجمّد دعوة إلى الرحمة والسخاء.

في لبناننا اليوم ألف بائع وبائعة كبريت يفترشون الشوارع ويطلبون الرحمة. في عالمنا اليوم ألف نازح ونازحة وألف معدم ومعدمة يُشعلون أعواد كبريتهم، العود تلو الآخر، تحت الجسور كي يعاينوا العيد. يفترشون الطرقات. قلّة قليلة تستضيفهم أو تزورهم وتقدّم لهم الهدايا.

تتحكّم الأعراف الاجتماعية بسلوك إنفاقنا في الميلاد، وذلك كي لا نخيّب التوقّعات المجتمعيّة أو الثقافيّة. فنقدّم هدايا لا تلزم، ونفرح بزينة تشكّل معالجةُ نفاياتها عبئًا حقيقيًّا على السلطات المحليّة. قلّة قليلة ترغب في توجيه إنفاقها إلى حيث يلزم. قلّة عزيزة ترغب في ملاقاة الطفل الإلهيّ والسجود له...

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ:

شخصيّات من الكتاب المقدّس

(النبيّ دانيال والفتية الثلاثة)

التلميذ: أين نجد خَبرَهم؟

المرشد: نلقى روايتهم في سفر دانيال النبي الذي تَسمّى السفر الرابع من أسفار الأنبياء الكبار باسمه. دانيال النبي هو أحد أمراء بني إسرائيل الذين أجلاهم نبوخذنصّر، ملك بابل، إلى بلاده بعدما استولى على أورشليم في حدود العام ٥٩٧ ق.م. وقد اختير دانيال من ضمن مجموعة من الأمراء الفتية، وكان من المفترَض أن تُعدَّ المجموعة خلال ثلاث سنوات في ما يشبه الأكاديميّة الملكيّة ثم توضع في خدمة الملك. كان دانيال في حدود السابعة عشرة من عمره، وقد أُعطي اسم بلطشصّر وحُدّدت له حصّة يوميّة من طعام الملك وخمر شرابه. الأمر نفسه حصل لفتية ثلاثة آخرين من أمراء إسرائيل هم حنانيا وميصائيل وعازريا. وقد أعطي الأول اسم شدراخ والثاني اسم ميشاخ والثالث اسم عبدناغو. فاكتفوا من الطعام بحبوب القطاني ومن الشراب بالماء. وكانت النتيجة أنّ بساطة طعام الأربعة متّعتهم بصحّة وعافية فاقتا سائر الشبّان الذين اغتذوا بمآكل الملك.

التلميذ: هل هناك قصص عن هؤلاء الأبطال؟

المرشد: توجد الكثير من القصص عنهم، وكلّها مذكورة في سفر النبي دانيال، نذكر البعض منها:

- الحلم وتفسيره: سنحت الفرصة لدانيال أن يُظهر علمَه يوم عاين نبوخذنصّر الملك، أثناء نومه، حلمًا أقلقه، فانكشف لدانيال السرّ في رؤيا الليل.

- تمثال الذهب وأتّون النار: بعد ذلك بزمن نصب نبوخذنصّر تمثالًا من الذهب وأمر أن يَسجد له جميع الناس فأطاعه الخلق كلهم. ولكن وشى الكلدانيّون بالفتية الثلاثة إنهم لم يذعنوا. أمر الملك بإحماء النار سبعة أضعاف وإلقاء الثلاثة فيها. وعوض أن تلتَهِم ألسنةُ اللهب الفتيةَ، نزل ملاك الرب إلى الأتّون وطرد لهيب النار وجعل في وسط الأتّون ما يشبه نسيم الندى المنعش فلم تمسّهم النار البتّة، فأنشدوا وسبّحوا وباركوا الله.

- حلم الشجرة العظيمة: بعد حين عاين نبوخذنصّر حلمًا آخر أقلقه. وجيء بدانيال مفسِّرًا.

- يد خفية وكلام: حلّ بلطشصّر في الـمُلك محل نبوخذنصّر فترفّع على الرب فكانت له هذه الحادثة ضربة قاضية: دعا، مرة، ألفًا من عظمائه وشربوا خمرًا بآنية الذهب والفضّة التي أخرجها نبوخذنصّر من الهيكل الذي في أورشليم. للحال ظهرت أصابع يد إنسان وكتبت على حائط القصر والملك ينظر طرف اليد التي تكتب. ولما طلب العرّافين ليفسِّروا له الكتابة أخفقوا إلا دانيال الذي قال له لأنه ترفّع قلبه واستعمل آنية بيت الرب لشرب الخمر، لذلك يحصي الله أيام مُلك بلطشصّر وينهيها ويقسم المملكة ويسلمها إلى ميديا وفارس. وقُتل الملك في تلك الليلة عينها.

التلميذ: وماذا عن خبر النبي دانيال في الجبّ؟ 

المرشد: جعل الـمَلكُ داريوس الميدي دانيالَ أحد وزرائه الثلاثة، فالتمس الحسّاد من الملك أمرًا يمنع فيه الناس من الطلب إلى الآلهة إلّا إليه تحت طائلة الإلقاء في جبّ الأسود. وكان دانيال معتادًا أن يسجد ثلاث مرّات في اليوم ويصلّي لله ويحمده. فلما درى النُظّار بأمره نقلوا خبره إلى الملك فاغتم لأنّه كان يحبّه، لكنه لأجل الرسوم والأحكام أمر بإلقائه في جبّ الأسود. وبات الملك ليلته قلقًا. وعند الفجر أسرع إلى جبّ الأسود ونادى بصوت حزين: «يا دانيال، عبد الله الحيّ، هل استطاع إلهك الذي تُواظب على عبادته أن ينقذك من الأسود؟»، فأجابه دانيال بالإيجاب. ففرح به الملك وأمر بإخراجه من الجبّ فلم يوجد فيه أذى لأنه توكّل على إلهه. وقد أقرّ داريوس بشأن إله دانيال أنه هو «الإله الحي القيّوم إلى الأبد...». وكان دانيال ناجحًا في مُلك داريوس وقورش الفارسي معًا.

التلميذ: ماذا نفهم من صورة دانيال والفتية الثلاثة؟

المرشد: يعكس دانيالُ والفتيةُ الثلاثة صورةَ شعبٍ عرف خطيئته وتاب عنها وتمسّك بالأمانة لإلهه. أن يكون في الذلّ في العالم ولكن أمينًا لربّه خير له من أن يكون في عز الممالك من دون ربّه. به يجاهر بجرأة ولا يداور، معلّم الحكمة وسيد العطايا وحافظ خائفيه. ولا غرو فدانيال الاسم معناه «الله قاضيَّ». كلّ هذا يأتي بعدما ضلّ إسرائيل سواء السبيل وفرّط بإلهه حتّى سباه ربّه إلى بابل لينقّي بالألم والنار زغله ويمدّه، من جديد، إلى المسيح الآتي وأورشليم الجديدة وأواخر الدهور.

Last Updated on Thursday, 19 December 2024 16:20
 
Banner