Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2010 العدد13: الدخول إلى أورشليم
العدد13: الدخول إلى أورشليم Print Email
Saturday, 27 March 2010 00:00
Share

تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس
الأحد 28 آذار 2010 العدد 13
أحد الشعانين
رَعيّـتي

كلمة الراعي

الدخول الى أورشليم
هذا دخولُ فرَح لأن الرب يسوع جاء ليعطي المحبة لقاتليه. ويؤكّد هذا بولس في رسالته: "افرحوا في الرب كل حين وأقول ايضًا افرحوا". السيد هو الذي تطوّع للموت. كذا كانت مشيئة الآب وارتضاؤه هو، وكان حضور الروح القدس في الصلب.
يوم الجمعة العظيم عملُ الثالوث القدوس كله. والأسبوع العظيم الذي نفتتحه اليوم يحمل كل قوة الصليب مغنّاة كل يوم وليلة حتى نتهيأ للقاء السيد منتصرًا بالآلام ومعلنًا نصره بالقيامة.
ودليل الفـرح أننـا منـذ أحد الشعانين نستقبل المسيـح الخَتَن. الختن كلمـة سريـانيـة تعـنـي العـريس. فكلمـات الرسـول: "افـرحـوا فـي الـرب في كل حيـن" تعنـي في هذه المناسبـة: افـرحـوا بعُـرس الحَمَل (يسـوع) مـع كنيستـه، هـذا العـُرس الذي نـردّد كلماتـه حتى الثلاثـاء مساءً لنُـلاقـي الفصح تدريجيـا يومًـا بعـد يـوم حتى نُعلـن إتمـام العـرس على الجلجلـة لأن كل عـرس يتمّ بالدم.
بعد قولنا: "هوذا الخَتَن يأتي في نصف الليل" ليتخذ كل نفس وليس فقط الكنيسة ككل عروسًا له، نبوح له أننا له في رتبة مسحة الزيت، فنقرأ نصوص توبة مع كلمة الله (رسائل وأناجيل)، وإذا امتلأنا توبةً نذهب الى قداس الخميس العظيم ليتمّ الحب كاملا بيننا وبين المخلّص ويصير جسدُه جسدنا ودمُه دمنا كما في كل قداس، ولكنه هنا مقـرون بصورة خاصة بذكرى العشاء السريّ، حتى إذا تعلّمنا فيه التواضع بغسل المعلّم أرجل التلاميذ نعدُه نحن بأن يمُدّنا بتواضعـه لكي ننسحق أمام الإخوة حتى يَعلو المسيح وحده.
إنه يَعْلو بآلامه التي نقرأ رواياتها في الأناجيل الأربعة لنعيش صميميا وسط هذه الآلام دائمًا بالفرح منتظـرين خلاصنا بالصليـب. واذا قلنـا: "اليـوم عُلّق على خشبـة" نفهـم أننا نرث اليوم ثمار الخلاص بحيث نرجو السيد أن يُنزل علينا خلاصه الآن ولا نبقى متردّدين بينـه وبين خطايانا. نحـن له حسب كلمات الإنجيـل نُفعلّهـا لننـهض معه ليس فقط في الموسم ولكن كل يوم. مَن لبـس نور المسيح ثوبًا لا يُرى فيه غير المسيح إذ يكون قد صار إنسانًا قياميًا وعـاش الفصح كل يوم. الموسم تحفيزٌ ليبقى عمقه حقيقة فينا وفي سلوكنا.
قمّة الأسبوع العظيم هي الساعات الملوكية التي نُقيمها بين الصباح وصلاة الغروب التي بها نُنهي الرتبة فنزيّح الإبيتافيون اي أيقونة المسيح المدفون لنرتل له في جنّاز المسيح التي خدمته في الحقيقة سَحَر سبت النور. ولكن الكنيسة تسهيلا للمؤمن قدّمت السَحَر الى اليوم السابق ليُتاح للمؤمنين حضور الخدمة. ولكون خدمة الجناز هي سَحَر سبت النور، تأتي التقاريظ كلها فرحًا بالقيامة. فنأتي الى ما يُسمّونه النعش باللغة العامية لنُعانق الإله الدفين ونَعده أننا معه عند الاحتفال الطقوسيّ بالقيامة.
سبت النور قمّة أخرى في الأسبوع العظيم. ولكن لكونه مندمجًا بغروب العيد نُناشد الرب يسوع أن يقوم بقولنا: "قُمْ يا الله واحكمْ في الأرض". الخدمة هذه كان يجري فيها عماد المـوعوظين الذي كانوا يتعلّمـون ليستحقـّوا العمـاد، فيجـري هـذا في بيـت المعموديـة الذي كان بناء مستقلا عن مبنى الكنيسة. واذا انـتهوا من العماد يدخلون الى الكنيسة. لذلك نرتل: "انتم الذين بالمسيح اعتمدتُم المسيحَ لبستُم" ونُباشر العيد في انتظار الصباح.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
الرسالة: فيليبي 4:4-9
يا إخوة افرحوا في الرب كل حين وأقول ايضا افرحوا، وليَظهَر حِلْمُكم لجميع الناس فإن الرب قريب. لا تهتمّـوا البتـة، بل في كل شيء فلتكـن طلباتكم معلومة لدى اللـه بالصلاة والتضرّع مع الشكر. وليحفظ سلامُ اللـه الذي يفوق كل عقل قلوبَكم وبصائرَكم في يسوع الـمسيح. وبعد أيها الإخوة مهما يكن من حق، ومهما يكن من عفاف، ومهما يكن من عدل، ومهما يكن من طهارة، ومهما يكن من صفة محببـة، ومهما يكن من حُسْن صيت، إن تكن فضيلـة، وإن يكن مَدْح، ففي هذه افتكروا. وما تعلّمتمـوه وتسلّمتمـوه وسمعتمـوه ورأيتمـوه فيّ فبهذا اعملـوا. وإلـه السلام يكـون معكم.

الإنجيل: يوحنا 1:12-18
قبل الفصـح بستـة ايام أتى يسوع الى بيـت عنيا حيث كان لعازر الذي مات فأقامه يسوع مـن بين الأموات. فصنعوا له هناك عشـاء، وكانت مرتا تخدم وكان لعازر احد الـمتكئـين معـه. اما مريم فأخذت رطل طيب من ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيـب. فقال احد تلاميذه، يهـوذا بن سمعان الاسخريـوطيّ، الذي كان مزمعا أن يُسْلمه: لمَ لم يُبَـعْ هذا الطيـب بثلاث مئـة دينار ويُعـطَ للمساكين؟ وانما قال هذا لا اهتماما منه بالمساكين بل لأنـه كان سـارقا وكان الصنـدوق عنـده وكان يحمـل ما يُلقـى فيــه. فقال يسـوع: دعها، إنما حفظَتْـه ليوم دفنـي. فإن المسـاكين هم عندكم في كل حـين، وأما انا فلسـتُ عندكم في كل حين. وعلم جمع كثير من اليهود أن يسوع هنـاك فجاؤوا، لا مـن اجل يسوع فقـط، بل لينظروا ايضا لعازر الذي أقامه من بين الأموات. فأتمر رؤساء الكهنة أن يقتـلوا لعـازر ايضا، لأن كثيرين من اليهود كانوا بسببه يذهبـون فيؤمنـون بيسـوع. وفي الغد لما سمع الجمع الكثيـر الذين جاؤوا الى العيد بأن يسوع آتٍ الى اورشليم أخذوا سعـف النخل وخرجوا للقائه وهم يصرخون قائلين: هوشعنا، مبارك الآتي باسم الربِّ، ملـكُ اسرائيـل. وإن يسوع وجد جـحشا فركبـه كما هو مكتوب: لا تـخافي يا ابنة صهيـون، ها إن مَلِكك يـأتيـك راكبـا على جـحـش ابــن أتـان. وهـذه الأشيــاء لم يــفهـمـهـا تـلامـيـذه اولاً، ولكـن، لمّـا مُـجّد يسوع، حيـنئـذ تذكّروا أن هذه إنما كُتبت عنه، وأنهم عملوها لـه. وكان الجمع الذين كانوا معـه حين نادى لعازر من القبر وأقامه من بين الأموات يشهـدون لـه. ومن اجل هذا استقبله الجمع لأنهم سمعـوا بأنه قد صنع هذه الآيـة.

وقفة أمام أناجيل الأسبوع العظيم
ما يُحرّك الأسبوع العظيم المقدّس، ولا سيّما نصوصه الإنجيليّة، أن يشدّنا إلى أن نُعمّق توبتنا إلى الربّ الذي يريد أن يضمّنا إليه في الفصح.
هذا يبدأه إنجيل سَحَريّة يوم الإثنين بذكر التينة التي "لم يجد فيها الربّ إلاّ ورقًا". وإن كان الجوّ الذي يتبع هذا الذِكر يوحي بمعناه، أي يُبدي المؤتمَنين على هيكل أورشليم عراةً من كلّ خير، غير أنّ عقمَ التينة تهديدٌ لنا أيضًا، لنذكُر، فيما نتبع الربّ إلى آلامه، أنّ كلّ قضيّة الله معنا أن نأتي بثمر يليق بمجده. فالربّ سيأتي قريبًا، وسيسألنا عمّا فعلناه بإنعاماته التي زرعها فينا. وخير ما يجب أن يستوقفنا، في هذه التلاوة، قوله إلى رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب: "إنّ العشّارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله". من دون توبة مثمرة، هذا الخزي هو ما سيُصيبنا. لا يبتعد إنجيل قدّاس اليوم عينه عمّا تناولناه في البدء. فسؤال التلاميذ عن "علامة مجيء الربّ ومنتهى الدهر"، يختم لهم جوابه بذكر تينة. يريد ثمرًا. يريد أن تثمر فينا كلمتُهُ التي هي أبقى من السماء والأرض. يريد الآن.
يروي إنجيل سحريّة يوم الثلاثاء جدالات جرت بين يسوع والفرّيسيّين والهيرودُسيّين والصدّوقيّين، حول: الجزية التي تُعطى لقيصر، وقيامة الموتى، والوصيّة العظمى، والمسيح "ابنُ مَنْ هو؟". وهذه، التي تبيّن اشتداد الأزمـة التي ستسـوق حَمَلَ الله إلى الذبح، جعلتـه يُلقم مجادليه الحجر، ويعنّف كلّ مَنْ ينصب له العداء. لكنّ ما نسمعه يحضّنا على أن نطرح على أنفسنا أسئلةً مصيريّة: مع مَنْ نحن فعلاً؟ مع الربّ أو أعدائه؟ ماذا نفضّل؟ هل نفضّل كلمته أو أفكارًا عقيمةً تعوّدناها؟ أي هل نُطيعه حقًّا، كلّيًّا؟ هذا تدعمه تلاوة إنجيل قدّاس اليوم. ففي هذه التلاوة التي تحثّنا، فيما ننتظر مجيء الربّ ثانيةً، على السهر الدائم الذي هو من معاني الطاعـة التي هي توبـة القـلب، تُمـَدُّ لنـا أمثلـة ثلاثـة (الوكيل الأمين، العذارى، والوزنات). وهذه، التي يختمها كلام الربّ على الدينونة التي قاعدتها خدمة المحبّة (ما فعلناه للإخوة الصغار)، ينقلنا غنى معانيها من جوّ الأعداء إلى جوّ الأصدقاء! ويصدمنا أنّ بين أصدقاء الربّ مَنْ يعصونه، مَنْ ليسوا بأمناء، مَنْ يبرّرون الخيانة، وَمَنْ لا يحبّونه في مظاهر تواضعه! وهذا كلّه مرآةٌ لنفوسنا: مَنْ نحن؟
بعد تذكيرٍ بإقامةِ لعازر التي صارت على كلّ لسان، يُرينا إنجيل سحريّة يوم الأربعاء بعضَ التلاميذ يحملون إلى يسوع توق أناس، أتوا من بعيد، يطلبون أن يروه. يسمعهم، ويبدأ يكلّمهم على الساعة، التي يتمجّد فيها ابن البشر، والتي ستُلقي، الآن، رئيس هذا العالم خارجًا. ظاهريًّا، طلب رؤية يسوع وكلامه على ساعته لا علاقة لأحدهما بالآخر. أمّا واقعيًّا، فما قاله عن تمجيده هو الجواب الفعليّ عن طلب رؤيته. أن ترغب في رؤية يسوع، لهو أن ترغب فيه مصلوبًا (أنظر: 1كورنثوس 2: 2)، أن تتوب إليه "معلَّقًا على خشبة" حبًّا بك وبالعالم كلّه قريبًا وبعيدًا. ثمّ تردّنا التلاوة إلى واقع التاريخ، إلى جرح عدم الإيمان. ويعمق إلحاح الأسئلة التي تريدنا أن نطرحها على أنفسنا: أين قلوبنا؟ هل نحبّ مجد الله أو مجد الناس؟ هل نرى في يسوع كلمة الآب؟ أمّا إنجيل قدّاس هذا اليوم، فيخبرنا عن امرأة خاطئة اقتحمت بيتًا، كان يسوع ضيفًا على صاحبه، وأفاضت على رأسه قارورة طيب كثير الثمن، فاستحقّ ما فعلته أن يلتصق بكرازة الإنجيل في العالم كلّه. وهذا، أيضًا، يطرح على ضمائرنا بعض أسئلة. هل نحن نوافق على ما فعلته هذه المرأة التي ذِكْرُها يعبق، كما طيبُها، بذكر التوبة؟ يقول الإنجيل إنّ التلاميذ غضبوا، وقالوا لِمَ هذا الإتلاف، فماذا عنّا؟ هل نحبّها في ما فعلته؟ هل نرغب في أن نُشْبهها؟ وعندما نكرز (هذا، إن كنّا نفعل!)، فهل نذكرها؟ هل نقبل أنّ كلّ حبّ في الأرض (حبّنا للفقراء وغيرهم) قاعـدتـه ألاّ نبخل على يسوع بشيء، أن نحبّه أوّلاً؟ في الواقع، ما من توبة حقّ لا يستدرّها حبّنا للربّ أوّلاً.
أمّا إنجيل سَحَريّة الخميس (الذي يحجبه، في الممارسة الحاليّة، إجراء "سرّ الزيت المقدّس")، فيصفعنا بخبرَيْ خيانة يهوذا وإنكار بطرس، تلميذين من الاثني عشر! فنزداد يقينًا أنّنا كلّنا، في أيّ موقع كنّا، تحت الفحص دائمًا. أمام هذه الصفعـة المؤلمـة، مـا مـن أحد يمكنه أن يزكّي نفسه. ويشعّ إنجيل قدّاس هذا اليوم العظيم بخبر أنّ الربّ إنّما هو مُحيي العالم بتقديمه لنا جسده ودمه المباركَيْن. إنجيل طويل يُرينا أنْ ليس من توبة فعليّة لا يُنعشها قبول "سرّ الشركة" أبدًا. وفي خدمة الآلام، مساء اليوم عينه، نقرأ، إلى خطبة الوداع المنيرة، كلّ ما جرى للربّ: القبض عليه، محاكمته، والآلام (البصاق والسياط والتقريعات) التي اكتملت بصلبه ودفنه، لنسترجع أسئلتنا، ونبكي على نفوسنا المظلمة. لكنّ هذا الجوّ المفعم بالرهبة لا يحرمنا فسحة رجاء: توبة اللصّ، لنهرول إلى فمه، ونقتبس منه أن "يَذكُرنا الربّ في ملكوته".
نستعيد، صباح الجمعة، في أناجيل الساعات الملوكيّة وصلاة الغروب، بعض ما قرأناه ليلة أمس. فالحدث جلل، ويجب أن نُعيده على أنفسنا ما استطعنا. يجب أن نذكره دائمًا، ليصبح ذاكرتنا. أمّا خدمة سحريّة السبت، فتُكرِّر، أيضًا، قراءة الإنجيل الذي ختمنا به خدمة الآلام، الإنجيل الذي قرأنا فيه أنّ اليهود ضبطوا قبر يسوع بالحرّاس، وختموا ذلك الحجر الذي سيكشف إنجيلُ قدّاس سبت النور أنّه رُفِعَ، ليُنهي أسئلتنا المتعِبة، ويُثلج نفوسَنا بخبر قيامة إلهٍ غَلَبَ كلَّ خطايانا، وضمّنا إليه ضمًّا أبديًّا.

 
Banner