Share تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس الاحد 11تموز 2010 العدد 28 الأحد السابع بعد العنصرة القديسة الشهيدة أوفيميا رَعيّـتي
كلمة الراعي
توصيات بولس الرسول هي توصيات الرسول في رسالته الثانية الى أهل كورنثوس (اليونان) يبدأها بالتأكيد أن الوقت الآن وقت مقبول أي أن المؤمنين في هذه المدينة هم تحت النعمة. كما يلحّ على أن القائمين بالخدمة يجب أن يسهروا على ألاّ يلحق بالخدمة عيب اذا كان المسؤولون هم بلا عيب.
ثم يؤكّد بولس على الفضائل التي ينبغي أن يتحلّى بها المسؤولون الروحيون إزاء صعوبات الحياة ويصرّ أولاً على الصبر واحتمال الشدائد والضيقات ويُلمح على أنه احتمل ضيقات وجلدات في السجون وواجه اضطرابات وأتعابًا وأسهارًا، وقام بأصوام، وبقي في الطهارة ومعرفة كلمة الله، وعنده طول أناة و"رفْق في الروح القدس" الذي يمدّ الرسول المجاهد بقوة الرأفة والحنان ومحبة بلا رياء، وهو ثابت في كلمة الحق ومتشدد بقوة الله وحامل أسلحة البر أكان هذا بمجدٍ او بضعف. ويتّهمه بعض الناس بأنه مضلّ، والحقيقة أنه صادق ويصبر على كل شيء، كأنه مائت والحقيقة أنه حيّ بالمسيـح. ويحسـب بعض أنـه حـزين والحقيقـة أنـه يعيش في الفرح. ويحسبه قـوم على أنـه فقير وقد كان كذلك فعلا إذ لم يكن يتقاضى مالاً من الرعية. وبالرغم من رؤيتهم له على أنه فقير، ففي عمق وجوده هو يُغني كثيرين بالنعمة التي تسكنه والتي تمتدّ إليهم بقدوته وتعليمه وقدسيّة حياته. يتصرّف السيئون معه على أنه لا شيء وهو يملك كل شيء. يملك المسيح الذي هو غنانا جميعا. سوف يقول بولس في هذه الرسالة إنه في "أخطار من الإخوة الكذبة". في أماكن مختلفة من رسائل بولس يوضح أن ناسا من الكنيسة كانوا يرفضونه ويرفضون ما سمّاه إنجيله وحجّتهم أنه لم يكن من الإثني عشر أو أنه كان يتخطّى اليهودية ويُعلّم أن التبرير لا يأتي من ناموس موسى ولكن من يسوع المسيح. في كل جيل من الأجيال المسيحية، المُحبّون ليسوع، الطاهرون في مسالكهم يُفترى عليهم وتحصل مشادّات في الكنائس وانقسامات، وكثيرا ما يحصل أن الأتقياء يضطهدهم غير الأتقياء. والاضطهاد يتمّ باسم التقوى، وغاية هذا الاضطهاد أن يُعزَل الصالحون ليبقى النفوذ لغير الأتقياء. وذلك يحصل بسببٍ من التعلّق بالسلطة، ولا يريد الأشرار سلطة من الله يُعطيها أحباءه، ولكنهم يريدون سلطة بشرية لأنفسهم. لم يخلُ زمن من محاولة قمع للأطهار والودعاء وذلك بتصوير الأشرار أنفسهم على أنهم هم الأطهار. وهذا الخصام يجري أحيانا بين علمانيين وإكليريكيين او بين خدّام الهيكل أنفسهم. يبقى على الذين هم متسلّحون بالحقيقة والفضائل أن يُدافعوا عنها بالصبر وبالكلمة الصحيحة والصريحة دون تجريح. أحيانا يبدو لك أن الشيطان يُحرّك بعض الناس في الكنيسة على من هم الأفضلون في كل شيء. ينبغي ألاّ نخشى مَن يعمل نفسَه "قبضاي" ولا من يصرخ او يشتم، وردّنا على القبضاي يكون بالاستمرار في الحق وطهارة الحياة. فالنصر في الأخير هو للحقيقة وللبر. جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
الرسالة: 2 كورنثوس 6: 1-10 يا إخوة، بما أنّا معاونُون نطلب إليكم أن لا تقبلوا نعمة الله في الباطل لأنّه يقول: في وقت مقبول استجبت لك وفي يوم خلاص أَعنتُك. فهوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص. ولسنا نأتي بمعثرة في شيء لئلا يلحَق الخدمة عيبٌ، بل نُظهر في كلّ شيء أنفُسَنا كخدّام الله في صبرٍ كثير، في شدائد، في ضرورات، في ضيقات، في جلدات في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام، في طهارة، في معرفة، في طول أناة، في رِفقٍ في الروح القدس، في محبة بلا رياء، في كلمة الحق، في قوّة الله بأسلحة البرّ عن اليمين وعن اليسار، بمجدٍ وهوان، بسوء صيتٍ وحُسنه. كأنّا مُضلّون ونحن صادقون، كأنّا مجهولون ونحن معروفون، كأنّا مائتون وها نحن أحياء، كأنّا مؤَدَّبون ولا نُقتَل، كأنّا حزانى ونحن دائمًا فرحون، كأنّا فقراء ونحن نُغني كثيرين، كأنّا لا شيء لنا ونحن نملك كلّ شيء.
الإنجيل: متى 9: 27 - 35 في ذلك الزمان فيما يسوع مجتاز تبعه أعميان يصيحان ويقولان: ارحمنا يا ابن داوُد. فلما دخل البيت دنا اليه الأعميان فقال لهما يسوع: هل تؤمنان أنّي أقدر أن أفعل ذلك؟ فقالا له: نعم يا رب. حينئذ لمَس أعينهما قائلا: كإيمانكما فليكُن لكما. فانفتحت أعينهما. فانتهرهما يسوع قائلا: انظرا، لا يعلم أحد. فلما خرجا شهَراه في تلك الأرض كلّها. وبعد خروجهما قدّموا إليه أخرس به شيطان. فلمّا أُخرج الشيطان تكلّم الأخرس. فتعجّب الجموع قائلين: لم يظهر قطّ مثل هذا في إسرائيل. أمّا الفريسيون فقالوا: إنّه برئيس الشياطين يُخرِج الشياطين. وكان يسوع يطوف المدنَ كلّها والقرى ويُعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كلّ مرض وكلّ ضعف في الشعب.
ضوء من لعن شجرة تين قَبْلَ دخول الربّ المدينة العاصية، شعر بالجوع. فرأى، عن بُعْدٍ، شجرة تين مورقة. فاتّجه نحوها. ولمّا وصل إليهـا، لم يجـد عليها غيـر الورق، لأنّ الوقت لم يكن وقت التين. فخاطبها قال: "لا يأكلنّ أحد ثمرًا منك للأبد". وسمع التلاميذ ما قاله (مرقس 11: 12- 14). ثمّ وصلوا إلى أورشليم. فدخل الهيكل. وطرد الذين يبيعون ويشترون فيه. وقلَبَ طاولات الصيارفة ومقاعد باعة الحمام. وصدّ كلّ حامل متاع عن أن يمرّ من داخل الهيكل. وأخذ يعلّمهم أنّ "بيته بيت صلاة". ووبّخهم على أنّهم خالفوا البرّ ومقتضى الشريعة بجعلهم إيّاه "مغارة لصوص" (قابل مع: إشعيا 56: 7؛ وإرميا 7: 11). فسمع عظماء الكهنة والكتبة كلامه. فجعلوا يبحثون كيف يُهلكونه. وعند المساء، خرج يسوع وتلاميذه من المدينة (11: 15- 19). وفي اليوم التالي، وبينما هم مارّون في الصباح، رأوا التينة قد يبست من أصلها. فتذكّر بطرس كلامه. فقال له: "رابّي، انظر، إنّ التينة التي لعنتَها قد يبست" (11: 21(. لا يصعب على أيّ قارئ عارف أن يرى، في طلب يسوع ثمرًا من تينة، دليلاً على قحط المؤتمنين على هيكل أورشليم (أنظر: إرميا 8: 13؛ هوشع 9: 16 و17؛ يوئيل 1: 7؛ وميخا 7: 1). لن نطوف بمعنى هذه الخيانة العظمى، بل سنحاول أن نتأمّل في معنى ما قاله بطرس هنا. أوّلاً، يَحلو لنا أن نبدأ بالتصوّر. فنحن، الذين وصل إلينا ما قاله الرسول، لم نُعطَ أن نراه يلفظه. ولذلك سنتصوَّر. وما يعنينا أن نراه أنّ بطرس، بدعوة الربّ إلى أن ينظر إلى التينة، كان يرقص طربًا. فلقد قال له: "انظر"، كما لو أنّه رأى ما لم يَرَهُ آخر، كما لو أنّه اكتشف اكتشافًا عظيمًا. يُشعرنا بأنّ ردّ فعله ملؤه المبالغة، المبالغة التي هي شأن أطفال. إنّه كما الطفل الذي يريد أن يبيِّن أنّه قد فهم معنى ما سمعه قَبْلاً. فالربّ لعن التينة أمس. وبطرس، في اليوم التالي، قفزت عيناه نحوها، كما لو أنّه لا يريد أن يرى سواها. رآها. لا يقول المشهد إنّهم كانوا قد اقتربوا من التينة. يقول إنّه خاطب معلّمه أن ينظر إلى أنّها قد يبست. ليست المسافات هي التي تهمّ هنا. ما يهمّ أنّ كلّ تركيز الرسول كان على كلام وُجِّه إلى تينة. تينة سمع معلّمه يخاطبها. في الظاهر، ليس لعن التينة خبرًا يستحقّ أن يتذكّره أحد. أمّا بطرس، فيخالف الظاهر. لقد رأى يسوع يطلب أن يأكل. سمعه يتكلّم. وتذكّر ما سمعه. "تذكّر بطرس كلامه". هذا، تحديدًا، شأن مَنْ يتبعون الربّ. قال له: "رابّي"، أي: يا معلّم. فهم أنّ ربّهم، بما يقوله، يعلّمهم دائمًا. هل أدرك أنّ يسوع، بلعنه التينة، يستبق ما سيحدث في الهيكل؟ هل عرف أنّ الجوع، الذي شعر به، معنى من معاني توقه إلى أن يطيع الناسُ، كلُّ الناس، إرادة ربّهم؟ هذا ممكن. ولكنّ الثابت أنّ بطرس يبدو أنّه يعرف، تمامًا، أنّ السيّد، متى تكلّم، وإلى مَنْ/ما وجّه كلامه، يبدو أنّه المعلّم الذي كلمته لا بدّ من أن تتحقّق. متى تكلّم، يجب أن يُتذكّر كلامه. يُتذكّر، أي يُحفظ. نرى بطرس، في هذا التذكّر، يقول إنّ يسوع لا يرمي كلماته كيفما كان. يقول إنّه، متى فتح فاه، يرسم مقتضى تجديد الكون كلّه. يقول لنا. يعلّمنا أنّه أن نكون مع الربّ لهو أن نركن إليه كتلاميذ دائمًا. قال له: يا معلّم، انظر. وقصده أنّ كلمتك قد تحقّقت. لم يستفض بطرس. لم يقل لربّه حرفيًّا: "أنت لست نبيًّا تُردّد كلمات كُلِّفتَ أن تردّدها، بل أنت إلهي الذي وهبتني أن أرى قدرتك". لكنّه قصد، بقوله، ما ذكرناه. "تذكّر بطرسُ كلامه". وحسبُنا أنْ ليس مشهد التينة هو ما جعله يسترجع ما سمعه أمس. فنحن، بقوله، يجب أن نرى أنّ ما قاله يسوع قد سكن فؤاده، أي نفذ ما بين نفسه وروحه، ودخل ما بين أوصاله (وهي كلّ عضو على حدةٍ) ومخّه، وحكم على خواطر قلبه وأفكاره (عبرانيّين 4: 12). هذا مقتضى علاقتنا بالكلمة. فأن يتذكّر المرء أمرًا سمعه أو رآه، لهو دلالة على أنّ ما سمعه أو رآه كان يلازمه في أعماقه (من دون أن ننفي أهمّيّة أن يُذكّر الإنسانَ أمرٌ بما يعرفه). مشهد التينة اليابسة كانت فرصة بطرس، ليُظهر ما سَكَنَهُ. كان يمشي مع يسوع. وفي مشيه، لا نشعر بأنّه كان مأخوذًا بالطرق، بالجوّ، بِمَنْ حوله. ما يأخذه كلماتٌ ربّما لا تأخذنا، كلماتٌ وُجّهت إلى تينة، كلماتٌ تعجّ بالغضب النبويّ، كلماتٌ لا نحبّ أن ينطبق معناها علينا. انظر، قد يبست، أي كلّ ما يخرج من فمك يعنيني كما قلبي. انظر، أي ساعدني على أن أخاطبك دائمًا، أن أرى ما قلتَهُ محقّقًا، أن أبقى أتبعك، وأراك، وأسمعك، وأن تُثمر كلمتُكَ فيَّ. هذه الكلمات، التي وجّهها ربّنا إلى شجرة تين، يُعلّمنا بطرس أن نراها تخصّنا. أو، بكلام آخر، يدفعنا إلى أن نرى فيها مقتضى حياتنا كلّها. فالربّ سيمرّ بنا يومًا. سيأتي إلينا سريعًا. وسيقترب منّا. وسيسألنا عن الثمر. سيسألنا عمّا وضعه فينا من مواهب روحه، عمّا يجب أن نحيا بموجبه، لنُثمر مئة ضعف. ما جرى على ذلك الطريق، لا بدّ من أن يجري لنا في يوم قريب. ماذا سيكون ردّنا، يا ترى؟ ماذا سنستحقّ؟ هل سنُخزى أمام جميع الذين أطاعوا الربّ جيلاً فجيلاً؟ هذا ما يجب أن نفكّر فيه مليًّا. يجب أن نعتبر أنّ الربّ زرعنا على طرقات الناس، ليقطفوا منّا ثمر محبّته ورحمته. قَبْلَ دخول الربّ مدينةَ أورشليم، مرّ أمام شجرة تين، استباقًا لمروره القريب بنا. يبقى أن نفهم أنّ حياتنا إنّما هي انتظار أن يأتي بمجده. فإنّما حياتنا فرصة، لنُثمر.
القديسة الشهيدة أُوفيميا لما انعقد المجمع المسكونيّ الرابع سنة 451 في مدينة خلقيدونيا في آسيا الصغرى (تركيا) في كنيسة القديسة الشهيدة أوفيميا، ابتدأ الآباء المجتمعون، وعددهم 630، يدحضون الآراء الخاطئة حول طبيعة المسيح التي كان يُعلّمها الأرشمندريت إفتيخيوس مدعومًا من رئيس أساقفة الإسكندرية. ولما احتدّ النقاش ظهر رأي يقول: ليكتب كلّ فريق إيمانه وليوضَع الكتابان على رفات القديسة أُوفيميا. وهكذا صار. بعد أن أقفلوا النعش، ابتدأوا يصلّون. وبعد ثمانية أيام فتحوا النعش فوجدوا كتاب الإيمان المستقيم على صدر القديسة، وكتاب الهراطقة عند قدميها. وهكذا ظهرت الحقيقة. بعد ذلك نُقلت رفات القديسة من مكان الى آخر عدة مرات بسبب الحروب، وجرت عدة عجائب شفاء بواسطتها، إلى أن استقرّت في مقرّ البطريركية المسكونية في القسطنطينية (اسطنبول) حيث لا تزال حتى اليوم.
الأخبار عيد القديسين بطرس وبولس احتفلت هذه الأبرشية ككل الكنائس في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق بعيد هامتَي الرسل القديسين بطرس وبولس مؤسسي الكنيسة في بلادنا. وقـد تـرأس سيـادة راعي الأبرشيـة صلاة الغـروب عشيـة العيد في كنيسة القديسين بطرس وبولس في كفرشيما وصباح الثـلاثاء في 29 حـزيران، أقـام سيادتـه القداس الإلهي في كنيسة الرسولين بطرس وبولس في الحازمية. أثناء القداس تمّت رسامة الشماس نعمة (صليبا) كاهنًا ليخدم في الرعية مع الأب ايليا (متري) لتأمين القداس والصلوات في كنيستَي الرعية الرسولين بطرس وبولس والقيامة. ألقى سيادته عظة توجّه فيها إلى الكاهن الجديد قائلا: "لقد ظهرَتْ نعمةُ الله المخلّصة جميعَ الناس". يا أخي الخوري نعمة، لمّا لامستْك النعمة أو صعقتكَ لم تتمكّن إلا مِن التحديق بعيني يسوع. اذكرْ حادثة السير على الماء، إذ كان التلاميذ في السفينة، وشيئا فشيئا عرفوا أن الرب يقترب إليهم. فتنطّح بطرس العظيم الذي نعيّد له اليـوم أن يقول للمعلّم: دعني آتي إليك. قـال: تعال. وبعد هنيهة يقول الإنجيليّ: هذا التلميذ "رأى النوء" فوقع في الماء. الإنسان لا يرى النوء. الإنسان يسمع النوء. لماذا اختار البشير هذا الفعل "رأى"؟ لأنه أراد أن يوحي بأن المرء، إذا كان يرى يسوع فقط، يمشي اليه ويلازمه. وأما اذا أراد أن يتسلى بالوجود ليبصر شيئا آخر يغرق. شاء أبوك وأُمك، رحمها الله، أن يقتبلاك نعمةً من الله فقالا هذا بالتسمية. وشعوري أنك لبّيت حسّهما ودُعاءهما، وبقيت تلازم النعمة، أو ظلّت هي تُلازمك. ولكن الإنسان لا يُرسم كاهنا في لحظة كما فعلنا. هذا جهد موصول طوال الحياة. يصبح كاهنا حقيقيا عند موته. إذ سوف نضع على وجهك سِتْرَ القرابين لنقول إنك الآن أَمسيتَ قربانا لله. الحياة جهادٌ لنصبح قرابين. إنك لقد جاهدت وأَحببت. الحبّ الإلهي صَحّ أنه يهبط علينا، ولكن واجبنا أن نحفظه بالجهاد. أخيرا، اذكرْ ما ورد في إنجيل السَحَر اليوم، إذ ظهر الرب يسوع لبطرس بعد القيامة. وسأله "أتحبّني أكثر من هؤلاء؟"، أي أتحبّني أكثر مما يحبّني هؤلاء. هذا هو المعنى. كيف يقول له الرب هذا وقد جحد؟ كيف يراه يسوع عظيما بهذا التفويض العظيم؟ صار عظيما لأنه بكى. بكى بكاء مُرّا. لذلك سأله المخلّص: "يا سمعان بن يونا أتحبّني أكثر من هؤلاء". ما قال له "يا بطرس"، لأنه كان لا يزال تحت وطأة الجحود بطريقةٍ ما. أعاده الى الاسم الذي ورثه من أبيه ومن أمه "يا سمعان بن يونا". قال له "نعم أودّك يا رب". قال له "ارعَ حملاني" أي صغار الرعية. ثم ثانية قال له "أتودّني؟"، فتعجب الرسول مـن هـذا الإلـحـاح. شُغـْلُ الرب أن يلــحّ. حتى سأله ثالثة: "أتودني؟". فقال له "نعم أودّك". قال له: "إرعَ خرافي"، إرعَ كنيستي منذ الآن. لاحظوا أن الوحيد الذي قيل عنه في الكتاب العزيز انه يحبّ الرب هو بطرس. هو لم يقُلْ عن يوحنا انه كان يحبّ الرب. قال إن الرب كان يحبه. المحبة هي التي تُنشئ الرعاة. هناك شيء واحد مهم وهو الحب، حبّنا ليسوع. عندذاك يصبح قلبنا كنيسة. ماذا يعني حبّنا ليسوع؟ "مَن أَحبّني يَحفظ وصاياي". نحن لسنا مع يسوع في تحرّك عاطفيّ -لنا هذا إذا شئنا-. هناك قلوب لا تشعر كثيرا. هناك طبائع باردة. لذلك قال "من يحبّني يحفظ وصاياي". القضية قضية طاعة للرب يسوع في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة. ثم هذا الحديث الذي ذكره يوحنا الإنجيليّ ينتهي بقول الكتاب إن بطرس سيموت عندما قال الرب: "لما كنتَ شابا، كنت تُمنطق نفسك وتذهب حيث تشاء. وإذا شِخْت فستمدّ يديك وآخر يُمنطقك ويذهب بك حيث لا تشاء. وكان يتكلم عن الميتة التي كان بطرس مزمعا أن يموتها". بطرس مات صَلْبا حسب تقاليد الإعدام. اليهوديّ يُعدم صلبا في الإمبراطورية. قُتل واستُشهد وشهد في التاسع والعشرين من حزيران السنة الخامسة والستين. ذروة الحب هي الموت. ليس الموتَ الدمويّ، ولكن إماتة الشهوات. هذا هو الموت في سبيل يسوع. لأنه اذا كان هو الملِك فلا مُلْك لرذائلنا علينا. اذا تحدثَتْ عنك الرعيةُ بعد أيام أو شهور أو سنوات، هذه لن تقول: هذا كاهن صوته جميل. هذا شيء سخيف في طائفتنا. قد تقول: هذا لاهوتيّ كبير. ولكن هذا أيضا لا معنى له كثيرا، لأن هذا يأتي من العلْم. انت تقرأ عشرة آلاف كتاب، تصير لاهوتيا، ويكون قلبك في مكان آخر. الرعية سوف تعرف إن كنت تُحبّ أو كنت لا تُحبّ، أي اذا دخل يسوعُ قلبك، ومكانُ هذا -من تراثنا العربيّ- مكانتُك يا عبدُ، يقول الله في حديث لهم، مكانتُك في القلب القلبُ كله. فإذا ضربتَ كل ما هو مُحالف لله في قلبك، وأخذته بكل جلاله وطويته- اذا صحّ التعبير- في قلبك كله، تكون قد تمّمتَ الخدمة، وحفظتَ الوديعة، وحفظت الإيمان، ولا يبقى لك إلا أن ترث الإكليل الذي أَعدّه الله لك منذ إنشاء العالم. والسلام عليك". |