Share تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس الاحد 4 كانون الثاني 2009 العدد 1 الأحد الذي قبل الظهور
رعيّـتي
كلمة الراعي العطايا كل شيء صالح فينا هو من النعمة، من الهبة المجانية التي يهبنا الروح القدس . ويوضح بولس لتلميذه تيطس في رسالته الثانية اليه أن صعود المسيح الى السماء من بعد قيامته كان سببا لإرسال الروح المعزي الى العالم. بهذا الصعود وجلوس السيّد عن يمين الآب نزلت العطايا على البشر. والعنصرة دائمة. كل الأسرار المقدسة عنصرة. صعد "ليملأ كل شيء" ومظاهر العطاء انه جعل في الكنيسة رسلًا وهم الإثنا عشر. "والبعض أنبياء". كلمة نبي اذا أُطلقت في العهد الجديد على إنسان مؤمن بالمسيح تدلّ على ذاك الذي يدل الكنيسة والقيادة فيها على مشيئة الله في الوقت الذي يتكلم فيه هذا الانسان، وممكن أن يكون هذا الانسان من العلمانيين. كذلك المبشّر. اما الذين يُعلّمون في اجتماع الكنيسة فهم رعاة. ففي الاجـتماع الكنـسي، الكـاهن او الأسقـف معلّم فالوعظ جزء من القداس الإلهي ولا يقوم به علماني. العلماني في كنيستنا يمكن ان يكون استاذا في معهد اللاهوت، ولكن الاستاذ لا يعظ في القداس الإلهي. الغاية من تنوّع المواهب وتعددها يقول الرسول انه "لأجل تكميل القديسين" ويعني بهم المؤمنين الذين قدسَتْهم المعمودية وتُجدّدهم القرابين. القديسون الذين على الأرض يُكمّلهم الله لعمل الخدمة. أية خدمة في الكنيسة، ومنها العمل الاجتماعي، تحتاج الى نعمة. واذا قامت خدمة التعليم او الوعظ او افتقاد الفقراء، فهذا كله "لبنيان جسد المسيح" الذي هو نحن. نحن بعضنا مع بعض في الإيمان والصلاة نبني الكنيسة التي هي مجموعتنا بالروح القدس. بهذا البناء المستمر "ننتهي جميعنا الى وحدة الايمان" فهذا لا تحفظه الا بالصلاة مع الإخوة والتماسك بالمحبة والتعاضد في العمل الصالح. هذه العناصر كلها تؤدي بنا الى "معرفة ابن الله"، فاذا لم يكن فيك عمل صالح وفكر مستقيم ومحبة للإخوة، لا تقدر أن تعرف ابن الله ولا ان تصير انسانا كاملا. الانسان الكامل هو الذي يصل الى "قامة ملء المسيح". فالمسيح الممتلئ من الروح القدس، المستقر فيه الروح هو النموذج الذي عليك ان تتبعه فتصير قامتك الروحية هنا بطول قامة المسيح، وبهذا المعنى تصير مسيحًا آخر. هذه هي الدعوة التي دُعينا اليها في هذا العام الجديد. المهم الجديد فينا بالنعمة المسكوبة علينا. السنة ليس فيها بالضرورة شيء جديد. انت جديد بالروح القدس إن تحررت من كل شيء عتيق لتصير خليقة تُكوّنها النعمة. امـا وقـد ظهر على نـهر الأردن فأنـت تـغتسل به وتصبح نقيا يومًا بعد يوم ويتهيأ لك ملكوت النقاوة.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
الرسالة: 2 تيطس 5:4-8 يا إخوة لكل واحد منا أُعطيت النعمة على مقدار موهبة المسيح. فلذلك يقول: لما صعد الى العلى سبى سبيا وأعطى الناس عطايا. فكونه صعد هل هو الا انه نزل أولا الى أسافل الأرض؟ فذاك الذي نزل هو الذي صعد ايضا فوق السماوات كلها ليملأ كل شيء وهو قد أعطى أن يكون البعض رسلا والبعض أنبياء والبعض مبشّرين والبعض رعاة ومعلمين لأجل تكميل القديسين ولعمل الخدمة وبنيان جسد المسيح الى أن ننتهي جميعنا الى وحدة الإيمان ومعرفة ابن الله، الى إنسان كامل، الى مقدار قامة ملء المسيح.
الإنجيل: مرقس 1:1-8 في ذلـك الزمان لما سمع يسوع أن يوحنا قد أُسلم، انـصرف الى الجليل وترك الناصرة وجاء فسكن في كفرنـاحوم التي على شاطئ البحر في تخوم زبـولون ونفـتاليم ليتم ما قيل بـإشعياء النبي القائل: أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريق البحر، عبر الأردن، جليل الأمم. الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورا عظيما والجالسون في بقعة الموت وظلاله أشرق عليهم نور. ومنذئذ ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات.
الجِدّة أن نريد الناس جددًا، أمر يفترض أن نحيا مدركين أنّ الربّ قد خلع عنّا الإنسان العتيق، وألبسنا الإنسان الجديد، "ذاك الذي يُجدَّد على صورة خالقه، ليصل إلى المعرفة" (كولوسّي 10:3). وهذا يعني، ممّا يعني، أنّه ضمّنا، في معموديّتنا، إلى جماعة المعمَّدين، وأنّه، تاليًا، كلّفنا أن نساهم في أن تبقى جِدّة المعموديّة روح حياتنا معًا. إذًا، جِدّةُ المعمَّدِ نعمةٌ يؤكّد فورانَها ارتباطُه بجماعة الله. بهذا المعنى، الجدّة مسؤوليّة، أو تكليفُ خدمةٍ هدفُها خلاصُنا وخلاصُ العالم في آن. فكما نقول إنّ كلّ إنسان يجب أن يكون له، في بيت ذويه، وجود فــاعـل، نـقـول، أيـضًا، يــجـب أن يـكون لكـلّ مـعمـَّد، فـي كنيسته، وجوده الفاعل. فأن تدرك أنّ أعضاء الكنيسة هم عائلتك، وأن تكليفهم تكليفك، أمر يلزمك أن ترتبط بهم، وتصرف نفسك في خدمتهم دائمًا. لا يقول فصاحةَ الجِدّة انخراطٌ شكليٌّ في جماعة الله، ولا خروجٌ معيب على الالتزام. فالجِدّة معنًى من معاني الارتباط الفاعل المفترض أن يكون دؤوبًا. وهكذا يفترق القريب عن البعيد كما يفترق شرق الأرض عن مغربها. فإذا تكلّمنا بالشكل، لا يمكن أن يدرك شخص أبعد نفسه عن أهل بيته ما يحدث في بيته، أو ما يحتاج إليه أهل بيته. إدراكه، واقعيًّا، رهن بوجوده أوّلاً. فالوجود هو ما يثير فينا أن نخدم. يعطينا وجودُنا أن نرى الحاجة، ويحرّكنا إلى أن نجتهد في التزامها، أو يقول لنا ما علينا فعلُهُ مَنْ كُلِّفوا أن يُريهم وجودُنا مواهبَنا التي منحنا إيّاها روح الله. فالبعد لعنةٌ، أو، بكلام ألطف، خسارةٌ للذات وللجماعة في آن واحد. أمّا الجِدّة، فيمكن أن تظهر في القول القويم كما في المسلك الراضي، أيًّا تكن بـساطـته. في مطلع التزامنا، كان الإخوة المعتبرون بيننا يردّدون علينا: "إنّ خروجكم صباح الأحد، من منازلكم، لتشاركوا في الخدمة الإلهيـّة في كنـيستـكم، يقول الشيء الكـثير لمعظم الذين يمشون على الطريق باتّجاه آخر، أو ترونهم يحملون فطورًا أعدّوه في الخـارج، أو يحتسون قهوتهم على شرفـات منـازلهم". وكانوا، بهذا القـول، يـريدون أن يـزداد وعينا أنّ الشهادة، التي لا تحتمل أن ندين أحدًا أو نـستعلي على أحد، لا تحتاج إلى كلام مستـفيض دائمًا، بل يظهرها أيـضًا، ببلاغة كليـّة، أيُّ تصرّفٍ يرضي الله. لم نفهم، حـنئـذٍ، أنّ ما كان الإخوة يـريـدونـه سيـَجـري، فيـما نـفعله، إلى قـلوب الناس كما تـجري المياه في المنحدرات. فأذكر، مثلاً، أنّني كنـت، وأحـد الإخوة الشمامسة الـذي رسم حديثًا، نسير جنبًا إلى جنب، في صباح أحد الآحاد، باتّجاه الكنيسة. وأتانا، من شرفة أحد المنازل، بصاق مدوٍّ تصحبه شتائم مقزّزة هزّت صمـت الشارع الذي كنّا فيه وحدنا. ومن دون إدانة، إن دلّـت هذه الحادثة على أنّ ثمّة أناسًا يكرهون أن يُحَبّ الـله، فلا أقصد، بإيرادها، أن أناقض طموح المعتبرين بوضع جميـع البـشر في بـوتـقة واحدـة. فالحقّ يقال إنّ ثـمّة إخوة، لا بأس بعددهم، (إن كان يليق قـياس فـعل الشهادة عـدديـًّا)، استعادوا التـزامهم الكنـسيّ بـفـضل إشـعـاع شبـاب كـانـت حيـاتهــم حـجـًّا إلـى الـله. لقد قلنا أعلاه إنّ الجِدّة مسؤوليّة. وهذا يجب أن يعني لنا، دائمًا، أنّها تلزمنا أن نكون أحرارًا من عادات الناس وتقلّبات الناس وجنون الناس. فمن خصائص الإنسان الجديد، أي الذي يعي مسؤوليّته في خدمة الله، أن يعرف ما تقتضيه خدمته. لا يتحرّك مَنْ جدّده الله وفق حدودِ ما يظهرُهُ واقعُ الناس، مهما بدا هذا الواقع صدئًا. فللإنسان الجديد أفقٌ يحكم تصرّفاته، ولا سيّما متى اشتدّ ليل هذا العالم بهيميّة. وأفقه أن يعرف اللهَ كلُّ من يتنفّس على هذه البسيطة، وأوّلهم إخوته في الإيمان. ولذلك لا يسمح المتجدّد للعالم، متى رآه يعاند الحقّ، بأن يرميه في حزن فتّاك أو يأس قاتل. إن كان معظم الناس يسيرون باتّجاهات أخرى، فيبقى تكليف الإنسان الجديد أن يسعى، بحبّ ظاهر، إلى أن يدلّهم على مصدر خلاصهم. لا يستطيع مؤمن، يدرك خلاص الله، أن ينام، مرتاح البال، فيما الناسُ يهدّدهم خطر قاتل. هذا ليس من شيم الجِدّة. هذا استسلام، أو نفضٌ لغبار أرجلنا قبل أن نكون قد دخلنا بيوت الناس التي كلّفنا الربّ أن ندخلها دائمًا (قابل مع: متّى 14:10). لمّا قال الرسول، في الإنسان الجديد، "ذاك الذي يُجدَّد على صورة خالقه، ليصل إلى المعرفة"، كشف طبيعة علاقتنا بالله الحيّ. فبولس، في استعماله لفظة "يُجدَّد"، أرادنا أن نعتقد أنّ جِدّة المعموديّة ليست لها حدود في هذه الأرض. وما يزيد هذه الإرادة بيانًا انسياب الآية التي منتهاها أن "يصل (المعمَّد) إلى المعرفة". فالمعمَّد، الذي يحيا من طاعة الله في القول والعمل، إنّما هو شخص لا تتوقّف حركة تقدّمه في النعمة والحقّ، أو هكذا يجب أن يكون سعيه. وهذا، الذي يؤكّد الحرّيّة التي أتينا على ذكرها قبلاً، يؤكّد، تاليًا، كلامنا على مسؤوليّة التزام كنيسة الله وعملها وشهادتها. فعبارة "الإنسان الجديد"، التي بات واضحًا أنّها تدلّ على المعمَّد، إنّما تدلّ، في الآن عينه، على جماعة المعمَّدين، أي على الإنسانيّة الجديدة التي تحيا، معًا، من طاعة الله وخدمة مجده. لا تفرز المعموديّة أشخاصًا هامشيّين، لا لـون لهـم ولا طـعم، بـل جـنودًا يخدمون الربّ في الكنيسة والعالم الذي يحيون فيه. يبقى أن نرجو أن يدرك جميع الذيـن وُلـدوا "بالماء والروح" أنهم أقيموا، ليخدموا جماعة الناس، ويساهموا في قيادته
م "إلى المعرفة" التي هي معنى الوحدة بالله.
عيد جامع للرسل السبعين تعيّد الكنيسة اليوم للرسل السبعين الذين تبعوا يسوع ورافقوه وأصغوا الى تعليمه ثم، بعد العنصرة، انتشروا يبشّرون في كل انحاء العالم. من هم هؤلاء الرسل؟ بعد أن اختار يسوع الرسل الاثني عشر، وهم المميزون بين الذين تبعوا يسوع وكان يعلمهم بشكل خاص، اختار الرب سبعين تلميذًا ويقول البعض اثنين وسبعين. كان يسوع يرسلهم امامه اثنين اثنين الى كل مدينة سيقصدها ويُعدّون إقامته فيها ويبشّرون أن ملكوت الله قريب. يمكننا ان نقرأ هذا في انجيل لوقا 10: 1-12.
|