Share تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس الاحد 23 آب 2009 العدد 34  الأحد الحادي عشر بعد العنصرة رَعيّـتي
كلمة الراعي
ختم رسالتي في هـذا المقطع من الرسالة الأولى الى أهل كورنـثـوس يـقول بـولس لمسيحيـي كورنـثوس في اليـونـان "ان ختم رسالتي هو أنـتم في الرب". الكلام الإلـهي الذي جاء بـه الرسول يـجعل المسيحيين خـتما في الرب اي مخصَصين ليسوع، وهذا هو ردّه على الذين يفحصونه. هنا يـتكلّم عن حـقوقه. سمّى منـها اثـني: أن يكون مصحوبـا بـزوجـة اولا، وثـانـيا ان تـسنده الكنائس ماليا. وبـعد ان تـحدث في الإصحاح السابـع عن الرغبـة في عـدم الزواج تـرك الحق في الـزواج. امـا الحق في ان تـساعده الكنـائـس مـاليـا فرآه صليـبا لا يـقدر ان يتحمّله. يؤكّد حقوقه كرسول ولكن لا يستفيد من هذه الحقوق. كفاه ان يحرث كرم الرب على الرجاء وان يكون شريكا في الرجاء. يؤكّد من جديد: "قد زرعنا لكم الروحيّات أفيكون عظيمًا أن نحصد منكم الجسديّات" اي المعونة المالية، ولكنه لا يريد هذه المعونة. ثم يعرض قـضيـة السلطـان على الرعـية ويـقول ان له هذا السلطان. "لكـنّا لـم نـستـعمـلْ هذا السلطان بل نحتمل كلّ شيء لئلّا نسبّب تعويقا ما لبشارة المسيح". يحيا فقيرا طوال حياته، لا يريد من الرعيّة سوى ان تكون خاضعة للراعي العظيم ربنا يسوع المسيح. انسان مجرّد من كل شيء ويكفيه رضاء الله عنه. هو نموذج للكاهن الفقير الذي على فقره لا يشترط شيئا على من يرعاهم. يحبّهم فقط، واذا احسّوا يكرمونه. غير ان بولس لا يسعى الى أي إكرام ولا الى أي سلطان. سلطانه من حبه فقط ومن تعليمه، واذا تعرّض للجوع، وقد تعرّض، لا يهمّه الأمر. فقر الكاهن القابل بفقره لا يعفي الشعب ان يساعده. ليس الشعب مبررا ببخله او بتقاعسه عن مساعدة راعيه. هو حرّ ان يكون منزهًا عن كل شهوة من المال، ولكن ليس الشعب مبررا ألا يساهم بمعيشة راعيه أكان الدخل ناتجا من العطاء الفردي او من مال الكنيسة. الكثيرون يعفون أنفسهم من العطاء اذ يعتقدون ان في الوقف مالا وقد لا يكون فيه الا القليل. منّا من يذهب الى الكنيسة قليلا ويصرّ على وكلاء الوقف أن يتحمّلوا نفقات الراعي، ولعلّهم لا يعلمون ان الوقف ضعيف في هذه الرعيّة او تلك. بـصرف النظر عن الأوقاف، انت مسؤول ماديا عن الذي خصّص حياته لك وتعب من اجلك وترك مهنة كان يعيش منها لأجلك محتـسبا ان الكنيسة أمّه وانه يغتذي منها هو وعائلته. واحيانا كثيرة تخزن الكنيسة ما يرد اليها ولا تنظر الى الكاهن ظنا ان هذا الرجل يـحيا مما يجمع في القداس وقد يجمع قليلا. لا تدعوا الكاهن يـلتصق بالأغنياء كي يتحننوا عليه. اعطوا مما عندكم اذ لا يجوز ان يتـألّم الكاهن وعائلته من عوزه. لا يجوز ان ينصرف خيـال الكاهن الى المال، فهاجس المال يؤذيه اي يؤذي حياته الروحيّة وقد يـؤذي استقامته. وتتهمونه انه محب للمال. لا تضطرّوه الى هذا لئلا يسقط في التجربة. ما قلت أن اجعلوه غنيّا. قلت ألا تجعلوه متـسولا. أكـرمـوه تـُكرمـوا أنـفسكـم. تـرتـفعون اذا ارتفع وتسقطون اذا سقط. أعطوا تُحرروا أنفسكم من سيطرة المال عليكم. تكونون هكذا قد أقرضتم الله. جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
الرسالة: 1كورنثوس 2:9-12 يا إخوة إنّ ختم رسالتي هو أنتم في الرب وهذا هو احتجاجي عند الذين يفحصونني. ألعلّنا لا سلطان لنا أن نأكل ونشرب، ألعلّنا لا سلطان لنا أن نجول بامرأة أخت كسائر الرسل وإخوة الرب وصفا؟ أم انا وبرنابا وحدنا لاسلطان لنا ان لا نشتغل؟ من يتجنّد قط والنفقة على نفسه؟ من يغرس كرما ولا يأكل من ثمره؟ أو من يرعى قطيعا ولا يأكل من لبن القطيع؟ ألعلّي أتكلّم بهذا بحسب البشريّة ام ليس الناموس ايضا يقول هذا؟ فإنه قد كُتب في ناموس موسى: لا تكُمّ ثورًا دارسا. ألعلّ الله تهمّّه الثيران، او قال ذلك من أجلنا لا محالة؟ بل إنّما كُتب من أجلنا. لأنّه ينبغي للحارث أن يحرث على الرجاء وللدارس على الرجاء أن يكون شريكا في الرجاء. إنْ كنّا نحن قد زرعنا لكم الروحيّات أفيكون عظيمًا أن نحصد منكم الجسديّات؟ إن كان آخرون يشتركون في السلطان عليكم أفلسنا نحن أَولى؟ لكنّا لم نستعملْ هذا السلطان بل نحتمل كلّ شيء لئلّا نسبّب تعويقا ما لبشارة المسيح.
الإنجيل: متى 23:18-35 قال الرب هذا المثل: يشبه ملكوت السماوات انسانا ملكًا أراد أن يحاسـب عبيده. فلمّا بـدأ بالمحاسبة أُحضر اليه واحد عليه عشرة آلاف وزنة، واذ لم يكن له ما يوفي، أمر سيّده أن يُباع هو وامرأته وأولاده وكل ما له ويوفى عنه. فخرّ ذلك العبد ساجدًا له قائلًا: تمهّل عليّ فأوفيك كلّ ما لك. فرقّ سيّد ذلك العبد وأطلقه وترك له الدّين. وبعدما خرج ذلك العبد وجد عبدا من رفقائه مديونا له بمئة دينار فأمسكه وأخذ يخنقه قائلًا: أوفني ما لي عليك. فخرّ ذلك العبد على قدميه وطلب اليه قائلًا: تمهّل عليّ فأوفيك كلّ ما لك، فأبى ومضى وطرحه في السجن حتى يـوفي الدين. فلما رأى رفقاؤه ما كان حزنوا جدا وجاؤوا فأعلموا سيـّدهم بكل ما كان. حينئـذٍ دعاه سيّده وقال: أيّـها العبد الشرير كلّ ما كان عـليك تـركتـُه لك لأنّك طلبت إليَّ. أفما كان ينبغي لك أن ترحم انت ايضا رفيقك كما رحمتُك أنا؟ وغـضب سيّـده ودفعه الى المعذِّبين حتى يـوفي جميع ما له عـليه. فهكذا أبي السماوي يصنع بكم ان لم تتركوا من قلوبكم كلّ واحد لأخـيـه زلّاتـه.
الغيرة على حسب المعرفة مِنْ شروط الغيرة على الحقّ أن يعرف المرء إرث كنيسته. منذ أيّام، سمعتُ أشخاصًا يتحاورون في موضوع كنسيّ. أثار أحدَ الحاضرين ما سمعه. وأخذ يهتف بحماس ظاهر: "إنّ هذا الكلام يجب أن يعمّ، يحب أن يُكتب". أدهشني هذا الحماس. ولكنّ طلب التعميم كتابةً حَرَّكَ منّي. فَمَنْ كان يتكلّم بما أثار العجب، لم ينطق بأمر جديد. كلّ ما قاله مدوّن هنا أو هناك، ولا سيّما على صفحات تصلّ إلى عمق منازلنا. هذا المثل أورده، ومن الظلم أن نعتبره عامًّا. فإن كان ثمّة غيارى لا يعرفون شيئًا، فما لا شكّ فيه أنّ هناك مَنْ يغارون على حسب المعرفة. وهذا ما يجب أن يعمّ. أن تـعرف تـعليـم كنـيستـك، لهو من ضرورات الإيمان القويم. فأنت، إن كنت ترغب في أن تحيا قويمًا، فيجب أن تتجنّب جهل ما تحييك معرفته، وتلزم نفسُك باعتقاد أنّ "ما سلّم دفعةً واحدةً إلى القدّيسين" يخصّك شخصيًّا كما يخصّ مَنْ قد تحسبهم أهلها، الكهنة مثلاً. فلسنا نرمي على واقعنا ما ليس فيه إن قلنا إنّ ثمّة مؤمنين كثيرين يأبون أن يتعمّقوا في الفهم الكنسيّ، لئلاّ يضعوا أنفسهم، أو يضعهم أترابهم، في موقع يخالونه ليس لهم (أي، مثلاً، أن ينعتوهم بأنّهم كهنة!). فجلّ المسيحيّين لا يعتقدون أنّهم "جنس مختار وكهنوت ملوكيّ أمّه مقدّسة" (1بطرس 2: 9). بلى، معظمهم يوقّرون الكهنة، ولكن، عمومًا، كما يوقّرون المقابر (والتشبيه للأب ألكسندر شميمن)، ليرجوا أن يُبعدوا عنهم الأمرين معًا! في أزمـنـة الكنـيسة الأولى، كان المسيـحيّون يعتنون بأن يعرفـوا إيمان كنيستهم. لم تكـن هذه العنـاية سببها أنّ ظروف حياة الناس، حينئذٍ، كانت تسمح لهم بأن يفعلوا، بل وعيهم أنّهم مسؤولون عن استقامة التعليم في عالم يعوزه. وتطوّرت الدنيا، أو هكذا نحسب. وغدا الناس يهمّهم أن يفقهوا كلّ شيء إلاّ إيمان كنيستهم. وتراهم يتكلّمون في الاقتصاد والسياسة ومشاكل العالم وغيرها، أي على مواضيع ربّما لا نكون جميعًا من أربابها. وأمّا في أمور الله، فتراهم، بمعظمهم، يـصمتـون كـمـا لـو ابـتـلعـوا الحـجـر. تــراهـم قـد خـلّفـوا وراءهـم ما يجب أن يشغلهم أوّلاً. وحجّتهم الراهنة، إلى أنّ الأمر يخصّ غيرهم، أنّ وقتهم ضيّق. نتكلّم أحيانًا، نبرّر أنفسنا دائمًا، كما لو أنّ الذين قلّدونا الإيمان القويم كانوا عاطلين من العمل. قلنا "في عالم يعوزه". وهذا يعني أنّ المعرفة شرط التبليغ، أي الشهادة لله في العالم. فالمسيحيّ، في تكوينه الطبيعيّ، شخص شاهد. وفي زمن غدا فيه الشهود درّةً نادرةً، يفترض استرجاع هذه الشخصيّة أن نعي أنّ "العالم يزول هو وشهواته. وأمّا مَنْ يعمل بمشيئة الله، فإنّه يبقى إلى الأبد" (1يوحنّا 2: 17). وَمَنْ يعمل، إنّما تعني شيئين، أن أعرف الله في مصادره وأطيعه، وتاليًا أن أعتني بمدّ خلاصه إلى غيري. وهذا عمل لا يوافقه أن أسعى إلى ما يثبّتني في عالم سيفنى مهما لوّنت حياتي بوهم بقائه أو البقاء فيه، بل أن أقتدي بإله نزل من عليائه إلينا، ليرفعنا إليه. كلّ رسالتنا المسيحيّة قائمة في هذا الاقتداء، أي في أن ننزل إلى الناس، لنرفعهم إلى "المكان" الذي رفعهم ربّهم إليه. ليس في الكون من تحدٍّ يشبه تحدّي تبليغ الرسالة المسيحيّة. فأنت فيه لا تتعاطى مع ما يزول، بل مع أشخاص شاء لهم ربّهم أن يبقوا إلى الأبد. فكيف يقلقني أن يعرف اللهَ كلُّ مَنْ باركهم الله منذ الأزل؟ هذا شأن لا يشبهه شأن في الأرض. لا تحتمل المسيحيّة أن يبقى معظم أعضائها أطفالاً في المعرفة. إنّها تئنّ، ليبلغوا. "فالحصاد كثير، والعملة قليلون". والحصاد هم أبي وأمّي، وأخي وأختي، وزوجتي وأولادي، وجيراني وزملائي، وكلّ مَنْ يتنفّس على هذه البسيطة. ولا يكفيني أن أساعد مَنْ يحيون معي وإليَّ على أن يحصدوا نجاحًا في المعيشة. فثمّة أمر آخر أعمق، أمر أبقى، يجب أن يشغلني أن أفعله أوّلاً، أي أن يعرفوا الله. إنّني، كما غيري، أعرف أنّ إنسان هذه الأيّـام تـراه يصرف معـظـم أوقـاتـه هدرًا. يدّعـي أنّ وقتـه ضيّق، وتراه مأخوذًا بأمور وأمور. وإن قاربته وذكّرته بمصدر سلامه، يأخذه، إن لم يصفعك بقوله إنّك تتدخّل في ما لا يعنيك، أن يبرّر نفسه، أو أن يجاهر بإيمانه. وهذا يبيّن التحدّي الذي أتينا على ذكره. فالشهادة لله ليست، بالضرورة، رحلةً ممتعة. مَنْ مات ليكشف لنا حقّه، لم يعدْنا بسوى ما أصابه. ويجب أن نمشي، واعين، في إثره. خلاصنا وَمَنْ نحبّهم يلزمنا أن نفعل. وأن نفعل، يعـنـي أن نبـذل أنـفسنـا فـي سبـيل أن نعـرف حقّـه، وأن نصبر، تاليًا، على مَنْ يرفضونه. فشهادتنا، التي قلنا إنّها تحتاج إلى معرفة، تفترض، أيضًا، أن نعرف أسباب رفض الآخرين، لنعالجها عينها، ونرجو أن يُنعَم عليهم بمعرفته. وهذا لا يوافقه أيّ تراجع، ولا سيّما أيّ ارتجال. فالارتجال لعنة لا تعني سوى أنّنا نستغبي أنفسنا وَمَنْ نريده أن يسمعنا. أن نـغار على الحقّ، أمر يلزمنا أن نعتني بأن نقرأ عنه، كلّ يوم، ما دام لنا يوم. مكتبتنا المسيحيّة باتت تعجّ بالكتب النافعة. وثمّة مجلاّت دينيّة، ونشرات تصدرها غير أبرشيّة من أبرشيّاتنا الأنطاكيّة. وإذًا، بعضٌ من القراءة النافعة يبيّن أنّنا نعتقد أنّنا ذوو عقل قابل لأن ينمو، وذوو فم قادر على أن يضرب شباكه في العمق، وذوو إحساس يبدينا أنّه يـعنينا خلاص الكلّ. فالربّ ينتظر منّا جميعًا، أن نـستـعمل وقتـنا، لنـعـرفه، ونبلّغ عنه. كلّ جلسة، كلّ لقاء، كلّ مصادفة، قادر على أن يحوّلها مَنْ تزيّن بمعرفة الحقّ إلى حدث يبهج السماء. هذا ما يـنتـظره الله، اليـوم وغـدًا، ليزداد الشكر بازدياد الأكثرين.
اغفروا بعضكم لبعض للقديس يوحنا الذهبي الفم اذا أمعنّا النظر في مثل إنجيل اليوم، نجد فيه إفادة عظمى. في الواقع، هل يضاهي غفراننا لأمثالنا غفران الله لنا؟ نحن نعفو عن أمثالنا من عباد الله، أما الله عينه فيعفو عنّا نحن عبيده. انتبه الى هذه النقطة: ليس مكتوبًا "إن لم تغفـروا للنـاس زلاتهم" وحسـب، بل "فهكـذا أبي السماوي يصنع بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كلّ واحد لأخـيـه زلّاتـه". لاحـظ كيـف يريد يسوع أن يرتـاح قلبنـا بالسـلام والطمأنينة، وتبتعد روحنا عن كل قلق، محرَّرة من الشهوات، وان نُظهِرَ للقريب خالص المودّة. الجدير بالذكر ما قاله المسيح في ظرفٍ آخر: "إنْ لم تغفروا للآخرين زلّاتهم، فلن يغفر لكم الآب السماوي زلّاتكم". فلا نزعمنّ اذًا اننا نمنّ على غيرنا بعفونا عنهم، فالإفادات هي لنا نحن. وان أبَينا العفوَ عنهم فلا يلحق بهم أي ضرر، بل بذواتنا، اذ نهيئ لنا عذاب الجحيم الهائل. أرجوكم تفهّموا هذه الحقيقة، لكي نتناسى تماما ما سبّب لنا الناس من ظلم وألم ومشقّة. لنتحاشَ الحقد. لنعتبر أن لنا في الغفران مكسبًآ أعظم، فضلا عن طمأنينة النفس التي تنجم عنه، حينما نمثل أمام الديّان الأسمى. فلنعلم خاصة اننا، بمصالحتنا لمن أساؤوا إلينا ننال الغفران عن خطايانا الشخصيّة.
الأخبار دير السيدة - كفتون رقدت على رجاء القيامة والحياة الأبدية الأم أنطونينا (الياس) رئيسة دير السيدة في كفتون عن 83 عامًا. جاءت الأم أنطونينا الى دير كفتون في 11 آب 1977 برفقة الأخت لوسيا (شلهوب) وببركة سيادة راعي الأبرشية حيث أسست الرهبنة. كانت الأم أنطونينا من الرعيل الأول الذي ساهم في أوائل الخمسينات في إحياء النهضة الرهبانية في العصر الحديث. بعد تنقل الأخوات من بيت الى دير، استقرّت الرهبنة النسائية الجديدة في دير مار يعقوب دده (طرابلس) سنة 1956 ولا تزال. في دير السيدة في كفتون حاليًا 11 راهبة ومبتدئة. أقيم القداس الإلهي صباح الثلاثاء في 11 آب وبعده جناز الرهبان، ثم ترأس سيادة راعي الأبرشية المطران جاورجيوس صلاة الجناز في كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس الأثرية في الدير ومعه المطران يوحنا (يازجي) وعدد كبير من الراهبات والرهبان والكهنة من مختلف الأبرشيات الأنطاكية وكثير من المؤمنين. ثم ووري الجثمان في مدفن الراهبات. ألقى سيادته عظة قال فيها: "جاهدتُ الجهاد الحسن، أكملتُ سعيي، حفظتُ الإيمان". هذه كانت، بصرف النظر عن خدمتها، سيدة كبيرة. أي إنها كانت تطلب الرفعة من الله، وأدركت الرفعة في هذه الدنيا. عرفتها في مطلع شبابها في هذا البيت الكريم في القرية. كانت مأخوذة، مع كل المحيطين بها، بيسوع. أن تجعل المسيح حبيبك الوحيد هو أن تكون متوحدا. النفس التي تبغي أن تنفصل عن كل ما يلهيها عن وجه الآب ومسيحه تكون مترهبة وإن كانت منخرطة في مهام العالم. خلال ثلاثين سنة، وقبل فـي ذلـك فـي ميـتـم الميـنـاء، تروّضت على الحياة الروحية وكانت تحب. قلة من الناس تحب. لأن هذا يعني أنك لست موجودًا في عينيك، أنت لا ترى نفسك شيئا. هذا شرط المحبة. إنها والتواضع متلازمان... أنا أعرف أن الأم أنطونينا كانت من تراب. كل إنسان تراب. أي إنه متلبّس بالضعف. غير أن هناك من يشتاق أن يصبح حبيب المسيح بحيث ينفض عنه غبار هذه الأرض ويظل ضياء كاملا. كان عندها اويقات كثيرة من الاستنارة إذ كانت تلوذ بمسيحها في كنيسته هنا. وللمرة الأولى في هذه الكنيسة، التي بنيت بوضعها الأخير قبل سبعة قرون، نقيم الصلاة بعد ما كشفنا جدرانياتها كما ترون وكما تشاهدون ورائي. ولما أتينا بالأم أنطونينا إلى هذه الإيقونات أردنا لها أن تصعد إلى السماء. هذا بيد الديان العادل. ولكننا صلينا لتكون ساكنة الملكوت. "جاهدتُ الجهاد الحسن، وأكملتُ سعيي". السعي كان في الإشراقة، ليس فقط في إرشاد الراهبات. في الإشراق خارج الدير، في الإشراق علي، وعلى بعض من الإخوة الواقفين. لا يعرف الكبير أنه يعطي. دائمًا يظن نفسه أنه واقع، وهذا بسبب من التوبة العميقة. ولكن هذا الإشراق له أن يوصف بكلمات الرسول بولس: أكملت سعيي. حفظتُ الإيمان". أنا أشكر الله أن معظمكم لا يشك بنقطة واحدة من الإيمان. ويهتز العميقون وقتا بعد وقت. كانت انطونينا تهتز كيانيا. ما كانت جامدة. ولذلك إذا قلت عنها إنها حفظت الإيمان، فهذا أتى من جهادها وراء يسوع. لا يحق أن نقول أننا نودّعها. هذا كلام شعبي لا يعني شيئا. نحن المؤمنين بيسوع لا نودّع. نبقى فيه. إنه هو المكان. لا نودعها إذًا ونلازمها وتلازمنا. نلازمها بأدعيتنا من أجلها. وتلازمنا هي بدعائها من اجلنا نحن. عندنا موعد إذًا معها في الذبيحة الإلهية حيث تتشكل الكنيسة... هذه السيدة العظيمة كانت تفهم جيدًا ما أقوله لكم الآن. كان ربها بإلهام منه يجعلها تحسّ بأنها مرتضاه. نحن المسيحيين عندنا الإنسان لا يموت. ليس فقط لأن الله يحفظه في السماء. ولكن الله يورثه للقادرين أن يقدروه، أن يعرفوه، أن يدخلوا في خبرته الروحية. الحزن طبيعيّ، ولكني أجترئ أن أستشهد بالرسول عندما قال: افرحوا أيضًا وفي كل حين افرحوا. لم نُـنـشد للفصح باطلا. نحن كنا نفهم ما نعمل. فلندخل جميعا بمسيرة الفـصح مـن الآن إلى أن نـنـتقل إلى وجـهه الكريـم. آمين.
|