Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2007 العدد 25: مولد يوحنا المعمدان
العدد 25: مولد يوحنا المعمدان Print Email
Sunday, 24 June 2007 00:00
Share

تصدرها أبرشية جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد في 24 حزيران 2007 العدد 25   

الأحد الرابع بعد العنصرة

مولد يوحنا المعمدان

رَعيّـتي

كلمة الراعي

مولد يوحنا المعمدان

الواضح من قراءة الأناجيل الأربعة أنها تخصص نصوصا طويلة عن القديس يوحنا السابق (لمجيء المسيح) والصابغ (والصبغة بالعربية هي المعمودية). وهو من القلائل جدا الذين لهم عيد مولد. بعض القديسين نعرف تاريخ وفاتهم او استشهادهم، ويوم الشهادة نعتبره يوم مولدهم الحقيقي. لعل تخصيص فصول كاملة ليوحنا مرتبط بأن أول بشارة السيد: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات” هي إياها التي نادى بها يوحنا، أَم كون يوحنا دلّ على السيّد بقوله: “هذا هو حَمَلُ الله الحامل خطايا العالم” وتاليا تنبأ عن صلبه مباشرة كما لم يفعل نبي قبله بهذا الوضوح، أَم السبب يعود الى كون الثالوث القدوس قد ظهر على نهر الأردن فيما كان يعمّد السيّد، أَم ان السبب هو ان يوحنا آخِر نبي في العهد القديم الذي كان موته صورة عن موت السيد. هذه كلها أسباب تجعلني أُقدّر ما دعا الإنجيليين كلهم الى أن يتحدثوا عنه بهذا المقدار.

الفصل المتلوّ اليوم مؤلف من ثلاثة مقاطع جمعتها الكنيسة من مـطلع إنـجيل لـوقا، ونـسبها هذا الى التـراث الشـفهي السابـق لكتـابـتـه. تـقـصّى هـذه الأمــور ولا سيـما ان لوقا لا يـعرف ما يـتـعلّق بيـوحـنا مباشرة لكــونــه كان أنطاكيًا اي من خارج فلسطين، ولكنه أراد ان يؤكد انه تقصّى عن هذه الأمور مِن الذين سبقوه في كنيسة اورشليم.

روى ما حدث لزخريا والد يوحنا، وذكر ان هذا المولد فيه تدخل إلهي ويُسمّيه الولدَ المنتظَر يوحنا وهي تعني ان الله حن،ّ ولا شك ان الاسم يتجاوز الشخص الى الدور الذي سيلعبه في كشف المسيح للناس. ولهذا السبب يكون عظيما. وهذا الكلام هو من جبرائيل الملاك نفسه الذي بشّر مريم. وهو يشبه والدة الله بأن الملاك قال عنه “ويمتلئ من الروح القدس”، والملاك قال لأم يسوع الشيء نفسه لما سمّاها الممتلئة نعمة.

الجانب السياسي في شخصيته انه يتقدم امام الرب “بروح ايليا وقوّته” اي بحماسة ايليا وشجاعته. ذاك قاوم آخاب الملك، وهذا قاوم هيرودس الملك. ولا مبرر لأن نقول كإحدى الطوائف في بلدنا ان ايليا تقمّص في يوحنا المعمدان. “بروح ايليا” تعني بفضائل ايليا ونفسيّته وأسلوبه في تحدّي العظماء ولا سيما ان اليهود لم يكونوا يعتقدون في التقمّص.

وما شدد عليه لوقا ان أليصابات أصرّت على ان يُدعى يوحنا ولم تتشاور وزوجها حول هذه التسمية لأن زخريا قد صار أبكم، وما عرف الناس رأيه باسم ابنه الا بعد ان أعطوه لوحًا فكتب الاسم ذاته، وعند لوقا هذا يعني ان الاسم جاء للولد بوحي إلهي لزخريا وامرأته.

اذ ذاك انفتح فم الرجل ولسانه. وهو بدوره امتلأ من الروح القدس، وايمان كنيستنا ان أنبياء العهد القديم يحلّ عليهم الروح القدس ليكتبوا. ولذلك نـعتبر كـلًا من الستة عشر نبيًا الذيـن وضعوا 16 كتابا قديسين، ويُسمّى المسيحيون بأسمائهم.

في صلاة زخريا يقول: “انه افتقد وصنع فداء لشعبه”. معنى ذلك ان زخريا كان يتكلم عن المسيح، لأن المعمدان لم يصنع فداء لشعبه، وتنبأ عن ابنه قائلا: “انكَ تـسبق امام وجـه الـرب لتـُعِدّ طـرقـه”، وكأن هنا لوقا يشير الى نبوءة إشعياء التي اتخذها الإنجيل: “أعدّوا طريق الرب”.

بعد هذه النبوءة، ينهي لوقا الانجيلي قوله عن الصابغ بهذا الكلام: “اما الصبي فكان ينمو ويتقوّى بالروح” ويريد هنا الروح القدس. ثم يقول: “وكان في البراري الى يوم ظهوره لإسرائيل” اي الى الفترة التي عمّد فيها الشعب. هذا هو الجانب البتولي عنده، وكان هذا النوع من النسك معروفا عندهم ولو قليلا.

العيد العظيم لقديسنا يبقى طبعا عيد قطع رأسه. اذ ذاك ظهر مجد الله فيه.

جاورجويس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: رومية 11:13-4:14

يا إخوة ان خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنّا. قد تناهى الليل واقترب النهار فلنَدَعْ عنا اعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلكن سلوكا لائقا كما في النهار لا بالقصوف والسِّكر ولا بالـمضاجع والعهر ولا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع الـمسيح ولا تهتموا بأجسادكم لقضاء شهواتها. من كان ضعيفا في الإيمان فاتخذوه بغيـر مباحثة في الآراء. من الناس من يعتقد ان له أن يأكل كل شيء، اما الضعيف فيأكل بقولا. فلا يزدرِ الذي يأكل من لا يأكل ولا يدِن الذي لا يأكل من يأكل فإن الله قد اتخذه. من أنت يا من تدين عبدا أجنبيا؟ انـه لـمولاه يثبت او يسقط، لكنه سيثبَّت لأن الله قادر ان يثبّتـه.

الإنجيل: لوقا 1:1-25و 57-67 و 76 و 80

اذ كان كثيرون قد اخذوا في تأليف قصص الامور المتيقنة عندنا، كما سلّمها إلينا الذين كانوا معاينين منذ البدء وخُداما لها، رأيت انا ايضا وقد تتبعتُ جميع الاشياء من الاول بتدقيق أن أكتبها لك على الترتيب ايـها العـزيز ثـاوفيـلس، لتـعرف صحة الكلام الذي وُعظتَ به. كان في ايام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زخريا من فرقة أبيّا وامرأته من بنات هرون اسمها أليـصابات. وكانـا كلاهـما بـارّيـن امـام الله سائـريـن في جميع وصايا الرب وأحكامه بغيـر لـوم. ولم يكـن لهما ولدٌ لان أليصابات كانت عاقرا، وكانا كلاهما قد تقدّما في ايامهما. وبينما كان يَكهن في نوبة فرقته امام الله، اصابته القرعة على عادة الكهنوت أن يدخل هيكل الرب ويبخر. وكان كل جمهور الشعب يصلي خارجًا في وقت التبخير. فتراءى له ملاك الرب واقفا عن يمين مذبح البخور، فاضطرب زخريا حين رآه ووقع عليه خوف. فقال له الملاك: لا تخف يا زخريا، فإن طلبتك قد استُجيبت، وامرأتك اليصابات ستلد لك ابنًا فتسمّيه يوحنا، ويكون لك فرح وابتهاج ويفرح كثيرون بمولده، لانه يكون عظيمًا امام الرب ولا يشرب خمرًا ولا مسكرًا، ويمتلئ من الروح القدس وهو في بطن امه بعد، ويردّ كثيرين من بني اسرائيل الى الرب إلههم، وهو يتقدم امامه بروح ايليا وقوّته ليرد قلوب الآباء الى الابناء والعصاة الى حكمة الأبرار ويهيء للرب شعبًا مستعدًا. فقال زخريا للملاك: بمَ أعلم هذا، فاني انا شيخ، وامرأتي قد تقدمت في ايامها. فاجاب الملاك وقال: انا جبرائيل الواقف امام الله وقد أُرسلتُ لأُكلمك وأبشرك بهذا، وها انك تكون صامتا فلا تستطيع ان تتكلم الى يوم يكون هذا، لانك لم تصدق كلامي الذي سيتم في اوانه. وكان الشعب منتظرين زخريا متعجبين من إبطائه في الهيكل. فلما خرج لم يستطع ان يكلّمهم، فعلِموا انه قد رأى رؤيا في الهيكل، وكان يُشير اليهم وبقي أبكم. ولما تمت ايام خدمته مضى الى بيته. ومن بعد تلك الايام حبلت أليصابات امرأته فاختبأت خمسة اشهر قائلة: هكذا صنع بي الرب في الايام التي نظر اليّ فيها ليصرف عني العار بين الناس. ولما تم زمان وضعها، ولدت ابنا فسمع جيرانها واقاربها ان الرب قد عظّم رحمته لها ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي فدعوه باسم ابيه زخريا. فاجابت امه قائلة: كلا لكنه يُدعى يوحنـا. فقـالـوا: ليس احد في عشيرتك يُدعى بهذا الاسم. ثـم اومـأوا الى ابيـه ماذا يـريد ان يُسمى. فطلب لوحا وكتب فيه قائلا: اسمه يوحنا، فتعجبوا كلهم وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم مباركا الله. فوقع خوفٌ على جميع جيرانهم وتُحدّث بهذه الامور كلها في جميع جبال اليهودية. وكان كل من يسمع بذلك يحفظه في قلبه ويقول: ما عسى ان يكون هذا الصبـي؟ وكانـت يـد الـرب معـه. فامتـلأ أبـوه زخـريـا مـن الروح القدس وتنبأ قائلا: مبارك الرب اله اسرائيل لانه افتقد وصنع فداء لشـعبه. وأنـت ايـها الصبي نـبـي العـلـي تـُـدعى لانك تـسبـق امام وجــه الرب لتُــعِدّ طـرقـه. امـا الصبي فكان ينمو ويتقوى بالروح، وكان في البراري الى يوم ظهوره لاسرائيل.

رسالة يهوذا الرسول الجامعة

رسالة يهوذا الرسول (نعيّد له في الـ19 من شهر حزيران) واحدة من الرسائل الجامعة التي تذكّر ببعض مشاكل عرفتها الكنيسة الأولى، لنتجنّبها، ونقتني الحقّ.

في فاتحة الرسالة، يقدّم يهوذا نفسه باعتراف جليل. يقول: إنّه "عبد يسوع المسيح"، فيدلّ على إيمانه الكلّيّ بسيادة الربّ، وإنّه، تاليًا، "أخـو يعقـوب"، وهو يعقـوب أخو الربّ (أحد أقـربائـه) القائد البـارز في الكنيسـة الأولى. ويوجّه رسالته إلى "الذين دعاهم الله الآب وأحبّهم"، ووضعهم تحت رعاية يسوع ديّـان العالـم. ويضمّن الفـاتحـة ثلاثة عناصر ليتـورجيّة، فيرسم صورة موجـزة عن الحياة المسيحيّة التي تتـأسّس على رحمة الله وسلامه ومحبّته (2). ثمّ يشير إلى أنّه كان يرغب في أن يكتب لقـرّائه إرشادات "في موضوع خلاصنا المشترك". غير أنّ أمرا طارئًا اضطرّه إلى أن يغيّر خطّ رسالـتـه، ويحضّهم على الدفاع عن "الإيمان الذي سـلّم إلى القدّيسين (أي إلى الكنيسة) تامًّا" (3). وهذا يبرّره بقوله إنّه "تسلّل إليهم أناس كُتب لهم هذا العقاب منذ القديم"، أي وقعوا تحت لعنات الكتب المقدّسة. وهم "كفّار يجعلون نعمة إلهنا فجورا وينكرون سيّدنا وربّنا الوحيد يسوع المسيح" (4).

بعد هذا، يقتبس الرسول ثلاثة أمثلة من العهد القديم، ويريد منها أن يؤوّن حقّ الله. فيرتكز، في الأوّل، على إيمان شعب الله، ليرينا مصير الخطأة، فيحذّر الكافرين بتأكيده أنّ دينونة الله من المسلّمات (5). ويستلهم، في الثاني، قصّة أبناء الله الذين استحسنوا بنات الناس (تكوين 6: 1- 4). فيلمح إلى الفوضى الجنسيّة التي ترصف المعلّمين الكذبـة مع الـملائـكـة الساقــطين. وهـدفه التـأكيد أنّ الـله، الـذي لـم يـعـفُ عن ملائكة سقطـوا، لن يترك الكفرة بلا عقاب (6). ويصف، في الثالث، زوال مدن السهل الخاطئة التي "سعت إلى كائـنـات مـن طـبـيـعة مـخـتـلفة". وهذا تحذير آخر إلى من يتشبّه بلواطيّي سدوم وعمورة الذين أرادوا أن يفعلوا بملائكة ما لا يجوز فعله (تكوين 9: 15)، وإلى كلّ من لا يهاب الله، ولا يعتبر بما نالته المدن الخاطئة التي "لقيت عقاب النار الأبديّة" (7).

يؤكّد يهوذا، في الآية الـ8، أنّه كان يريد، من عرضه أمثلته، أن يعطي الذين يعتمدون تعليمًا هذيانيًّا، ليبرّروا خطاياهم، دروسًا لا يجيدون قـراءتها. ويبيّن قذارة الخطـايا التي ذكـرها قبلاً، يقـول: "ينجسّون الجسـد"، وهي: "يجعلون نعمة إلهنا فجورًا"؛ "ويزدرون العزّة الإلهيّة"، ويقصد: ينكرون سيادة الربّ يسوع (4)؛ "ويجدّفون على أصحاب المجد"، أي يسخرون بالمجد الإلهيّ الذي يشهد له ألوف الملائكة. ثمّ يذكر قصّة وردت في كتاب منحول من القرن الأوّل ب.م. (صعود موسى) عن خصام ميخائيل رئيس الملائكة مع إبليس الذي لمّا جادله "في مسألة جُثّة موسى، لم يجرؤ على أن يحكم عليه حكمًا فيه شنيعة، بل قال: خزاك الربّ" (9)، ويريد، بها، أن ينتقد الذين لا يتشبّهون بميخائيل (أي بعفّة لسانه)، وينتقد، تاليًا، جهلَهم وانحرافاتهم التي تدلّ على أنّهم يعيشون مثل البهائم التي لا عقل لها (10).

في الآية الـ11 يشبّه يهوذا الكفرة بأشخاص رمزوا إلى القيادة الشرّيرة، وهم: "قاين" قاتل أخيه، و"بِلْعام"، وهو معلّم كذّاب حرّض الشعب على أن يخون الله ويتبع البعل، و"قورح"، وهو متمرّد شكّك بسلطة موسى وهارون. ثمّ يذكر "المآدب المشتركة" التي كان ينظّمها المسيحيّون الأوائل قبل عشاء الربّ تذكارًا لما فعله يسوع قبل صلبه، والتي كانت ترمز إلى الوحدة، وإعانة الفقراء، والفرح الأخير، وهدفه أن يفضح المضلِّين الذين يهتمّون، حصرًا، بالطعام من دون أن يلتزموا معاني الممارسة. ويزيد في وصفهم، بقوله: "إنّهم غيوم لا ماء فيها، وأشجار لا ثمر عليها…" (12)، أي لا ينفعون شيئًا. أمّا الآية الـ13: "هم أمواج البحر العاتية زبدها خزي نفوسهم..."، فيريد بها أن يزيد في تصوير فساد أخلاق الكفّار الذين لا يتركون، وراءهم، سوى عار نفوسهم.

إلـى مـا جـاء فـي كـتـاب أخــنـوخ (1:1-3)، يسند يهوذا كلامه (14 و 15)، ليؤكّد حـقيـقة دينونة الربّ الآتـي "فــي ألـوف قـدّيـسـيه" (أي الـمـلائـكــة)، لـ"يـخـزي الكافرين جميعًا". ثمّ يسجّل خمس رذائل تشبه، جزئيًّا، الاتّهامات الآنفة: 1) "هم الذين يتذمّرون": يعترضون، ويكفرون بالمسيح؛ 2) "ويشكون": يحتجّون على تدبير الله الخلاصيّ؛ 3) "ويتبعون شهواتهم": يبرّرونها بانتقادهم نظام الله؛ 4) "تنطق أفواههم بالعبارات الطنّانة": يهينون الله بأقوالهم المترفّعة؛ 5) "ويتملّقون الناس طلبًا للمنفعة": أي يحابون الذين يتبعونهم، ولا سيّما الأغنياء، ويكرهون من يرفض كذبهم (16).

ثمّ يعود إلى قرّائه طالبًا أن يذكروا ما أنبأ به رسل ربّنا: "إذ قالوا لكم: سيكون في آخر الزمان مستهزئون يتبعون شهوات كفرهم..." (17- 19). فيحثّهم على العودة إلى تعليم الرسل الحيّ فيهم، ليكونوا يقظين وأمناء للربّ، ويتمكّنوا من فضح كلّ استهزاء وكفر يراد بهما ضياعهم وشرذمتهم.

في المقطع التالي (23-20)، يـوجّه يـهوذا إرشادات أخيـرة إلى قـرّائه، فـيعدّد الفـضائـل التي يـجـب أن يـحـوزها كلُّ مَنْ يـنتظر رحـمة الربّ "مـن أجل الحياة الأبديّة" (21). فيـحضّهم على أن يـبنوا أنـفسهم على "الإيـمان الـمقدّس". ثمّ يـطلب: "وصلّوا بالروح القدس" الذي يـكفل ثـبـاتهم في وحدة الإيمان. ويضيف: "واحفظوا أنفسكم في محبّة الله"، أي بالإخلاص لخلاصه الحيّ.

هذا يدفع الرسول إلى تذكير المؤمنين ببعض مسؤوليّاتهم داخل الجماعة، يقول: "أمّا المتردّدون فارثوا لهم، بل خلّصوهم منتشلين إيّاهم من النار، وأمّا الآخرون فارثوا لهم على خوف، وأبغضوا حتّى القميص الذي دنّسه جسدهم" (22 و23). وهذا يجعلنا نعتقد أنّ يهوذا يعتبر أنّ الخطأة المتردّدين يمكن العمل معهم وإنقاذهم. وأمّا الآخرون، فلا.

ينهي يهوذا رسالته بمجدلة 24 و25، توافق وضع قرّائه، وتربط بشكل وثيق بين وحدانيّة الله وعمله الخلاصيّ. فالله المثلّث الأقانيم، الذي يليق به المجد والجلال والعزّة والسلطان، هو الذي يصون شعبه من كلّ زلل، ويـحضـرهم لـدى مـجـده بلا عيب، ويهبهم أن يذوقوا فرحه الأخير "الآن ولأبد الدهور".

يـردّ يـهـوذا، بـهذه الرسالة، عـلى انـحرافـات يمكن أن تنبت في كلّ جيل. ومراده أن يبيّن أنّ الإيمان الحقيقيّ هو الذي لا يفرّق بين التعليم والحياة. أي أن يؤكّد أنّ الحياة البارّة، التي تستند إلى الحقّ، هي التي تنجّي المؤمنين من دينونة الله، وتقيمهم في فرحه دائمًا.

حول العطاء

روت الأمّ تريزا هذه الحادثة قالت: بينما كنتُ أسير في احد شوارع المدينة المكتظة بالسكان، اقترب مني متسّول وقال: "ايتها الأم تريزا، أرى الكثيرين يقدّمون لك الهدايا والمساهمات، وانا بدوري اعطيك 29 سنتا جمعتُها اليوم". فكرتُ قليلا وقلتُ في نفسي: إن اخذتُ الـ29 سنتا -وهي قيمة زهيدة جدا- ربما حرمته من عشائه هذا المساء. وإن لم آخذها سيحزن ويذهب مكسور الخاطر. فمددت يدي وأخذت المال. فنظر الي مبتسمًا وانفرجت اساريره وشكرني بحرارة. اظن اني لم أَرَ ابدا في حياتي فرحا عظيما كهذا على وجه انسان. لقد قدّم عطية للأم تريزا.

كلّفته العطية تعبا كثيرا. وقف يستعطي طول النهار في الشمس المحرقة. ضحّى كثيرًا وفرح كثيرًا. عطاؤه قليل القيمة المادية لكنه عطاء عظيم لأنه أعطى كل ما له كما قال يسوع في الانجيل (مرقس 12:44) لما رأى الأرملة الفقيرة تلقي بفلسين في صندوق الهيكل: "ان هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت اكثر من جميع الذين ألقوا في الصندوق لأن الجميع من فضلتهم ألقوا. اما هذه فمن إعوازها ألقت كل ما عندها، كل معيشتها".

إليكم قصة ثانية مشابهة حصلت في هذه الابرشية عند افتتاح احدى الكنائس. فرح الناس كثيرا بالكنيسة الجديدة في منطقتهم، وراحوا يحملون التقدمات من مقاعد وأوانٍ وثريات للإنارة. انتظرت امرأة مسنّة فقيرة حتى خرجوا كلهم، وتقدمت من المسؤول وقالت له: انا لا استطيع ان اقدم الكثير، ولكني اود ان اشارك اليك علبتي كبريت ستحتاجونها لإضاءة الشموع.

http://www.ortmtlb.org.lb

e-mail: This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it

 
Banner