Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2011 العدد 43: مِن سيرة بولس
العدد 43: مِن سيرة بولس Print Email
Sunday, 23 October 2011 00:00
Share

تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

الأحد 23 تشرين الأول 2011 العدد 43      

القديس يعقوب الرسول

رَعيّـتي

كلمة الراعي

مِن سيرة بولس

في رسالـة اليـوم يقـول بولس الرسول انه بَشـّر أهل غلاطية بالإنجيـل. هو يدُلّ بهذه الكلمة على تعليمـه ولا يقصد الأنـاجيل الأربـعـة التي لم تكُن مدوّنـة عندمـا أَرسل هذه الرسالـة الى أهل غـلاطية. ثم يقـول انـه لم يتسلّم هذا التعليم من إنسان ولا مـن واحد مـن الإثنـي عشر، بل تسلّمه من الرب مباشرة اي بإعـلانٍ أَعـلنـه له السيـّد.


 

ويُثبت هذا الكلام بأنه لما كان في ملّـة اليهود كان يضطهد كنيسة الله بإفـراط ويُدمّرها، ونحن نعلم هذا من أعمال الرسل حيث قال هذا. فلما ظهر له المُخلّص على طريقه من اورشليم الى دمشق حوّله الى تلميذ له لم يوجد آنذاك في حماسته وإخلاصه وسعة علمه وعمق لاهوته أحد.

هذا لمس عند ظهور الرب له على طريق دمشق أن الله أَفرزه اي اختاره من جوف أُمه ليكون لـه تلميذا ودعاه الآب بنعمتـه أن يُعلن ابنه فيـه ليبشّر به بين الأمم الوثنيـة، وبهذا أخذ في ما بعد تفويضًا من التلاميذ حتى قـال: “لساعـتي لم أُصغِ الى لحـمٍ ودمٍ” أي لم أَسلـُك حسب انفعـالات بشـرية، ولكن أَسلمتُ نفسي لصوت يسوع وأمره.

كان بولس يعرف أنه أساسيّ أن يتّصل بالرسل ليوحّد نفسه بهم لا ليـأخذ منهـم سلطـانـًا إذ اتخذ هذا السلطان من المسيح مبـاشـرة. ويوضح أنه من دمشق انطـلـق الى ديار العرب. ويعـتـقـد المفسرون أن هذه الديار هي حـوران وكانت في الإدارة الرومانية تسمّى العـربية.

ماذا فعـل هناك؟ ربما وجد بعض المسيحيين القـلائل وعايشهم لأن حـوران ليست بعيدة عن دمشق. وما من شك فيـه أنه كان يصلّي ويختـلـي بـربـّه ويعـلـن له ربّـه حقائق الإيمان، وهذا يؤكد ما قـالـه في مطلع هذه الرسالـة.

ثم يقول: “إني بعد ثلاث سنين صعدتُ الى اورشليم”. هو لم يقضِ سابقًا، أي بعد تنصّره، وقتًا في اورشليم. وذهابه اليها بعد هذا الغياب الطويل كان هدفه أن يزور بطرس. معنى ذلك أنه كان يعرف أن بطرس لم يكن قد غادر فلسطين في السنين التي قضاها بولس في ديار العرب. عرف بولس ذلك بطريقة ما. فقال: أَقمتُ عنده خمسة عشر يومًا، ولم أرَ غيره من الرسل سوى يعقوب أخي الرب” (اي نسيب الرب يسوع).

ماذا كان يعمل بولس هناك؟ لا شك أنه كان يصلّي كل يوم مع بطرس ويتحادثان في اللاهوت.

الى هذا يدلّ هذا الكلام على أن بقية الرسل كانوا قد غادروا فلسطين الى بلاد التبشير. ولا نقرأ في أعمال الرسل أن بولس استطاع أن يتصل بأحد منهم، ثم نراه على علاقة مع بطرس في أنطاكية.

نستدلّ من هذا الكلام أن بولس سعى أن يبقى ملاصقًا للرسل. نحن نبقى مع كنيسة الرسل التي هي كنيستنا. لا نستطيع ان نعيش بعيدين عن الإخوة. إنهم جسد المسيح.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).


الرسالة: غلاطية 11:1-19

يا إخوة، أُعلمكم أنّ الإنجيل الذي بَشّرتُ به ليس بحسب الإنسان لأنّي لم أَتسلّمه وأَتعلّمه من إنسان بل بإعلان يسوع المسيح. فإنكم قد سمعتم بسيرتي قديما في ملّة اليهود أنّي كنتُ أَضطهدُ كنيسة الله بإفراط وأُدمّرها، وأَزيد تقدّما في ملّة اليهود على كثيرين من أَترابي في جنسي بكوني أَوفر منهم غيرةً على تقليدات آبائي. فلما ارتضى الله الذي أَفرزني من جوف أُمّي ودعاني بنعمته أن يُعلن ابنه فيّ لأُبشّر به بين الأُمم، لساعتي لم أُصغِ الى لحم ودم، ولا صعدتُ الى اورشليم الى الرسل الذين قبلي، بل انطلقتُ الى ديار العرب، وبعد ذلك رجعتُ الى دمشق. ثم إني بعد ثلاث سنين صعدتُ الى اورشليم لأَزور بطرس فأقمتُ عنده خمسة عشر يوما، ولم أرَ غيره من الرسل سوى يعقوب أخي الرب.


الانجيل: لوقا 27:8-39

في ذلك الزمان أتى يسوع الى كورة الجرجسيين فاستقبله رجل من المدينة به شياطين منذ زمان طويل ولم يكن يلبس ثوبا ولا يأوي الى بيت بل الى القبور. فلمّا رأى يسوعَ صاح وخرّ له بصوت عظيم: ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي، أطلب اليك ألا تعذّبني. فإنه أمرَ الروح النجس أن يخرج من الانسان لأنّه كان قد اختطفه منذ زمان طويل وكان يُربَط بسلاسل ويُحبَس بقيود فيقطع الربُط ويُساق من الشيطان الى البراري فسأله يسوع قائلا: ما اسمك؟ فقال: لجيون، لأن شياطين كثيرين كانوا قد دخلوا فيه. وطلبوا اليه ألا يأمرهم بالذهاب الى الهاوية. وكان هناك قطيع خنازير كثيرة ترعى في الجبل. فطلبوا اليه أن يأذن لهم بالدخول اليها فـأذن لهـم. فـخـرج الشيـاطيـن مـن الانـسان ودخـلـوا في الخنازير. فوثب القطيع عن الجرف الى البحيرة فاختنق. فلما رأى الرعاة ما حدث هربوا فأخبروا في المدينة وفي الحقول، فخرجوا ليروا ما حدث وأتوا الى يسوع، فوجدوا الإنسان الذي خرجت منه الشياطين عند قدمي يسوع لابسًا صحيح العقل فخافوا. وأخبرهم الناظرون ايضا كيف أُبرئ المجنون. فسأله جميع جمهور كورة الجرجسيين أن ينصرف عنهم لأنه اعتراهم خوف عظيم. فدخل السفينة ورجع. فسأله الرجل الذي خرجت منه الشياطين أن يكون معه، فصرفـه يـسوع قائلا: ارجـع الى بيتك وحدّثْ بما صنع الله اليك. فذهب وهو ينادي في المدينة كلها بما صنع اليه يسوع.


قسّ بن ساعدة الإياديّ

شهد التاريخ العربيّ ما قبل الإسلام شخصيّات مسيحيّة كبرى قدّمت الكثير في ميادين الدين والأدب والشعر. ومن هذه الشخصيّات قسّ بن ساعدة الإياديّ الذي تختلف المصادر العديدة في رواية سيرته، وتعيين مسقط رأسه وأوان حياته، وتحديد وظيفته الدينيّة. فأخباره تدور بين اليمن والبحرين ونجد والحجاز والعراق والشام. غير أنّ المصادر كلّها أكدّت على شهرته بالخطابة والفصاحة والبلاغة على خطباء عصره وجميع العصور حتّى صار اسمه علمًا عليها ومضرب المثل فيها. وقد اشتهر عنه أنّه أوّل من استهل رسائله، بعد ذكر الله، بهذه المقدّمة: "من فلان إلى فلان، أمّا بعد".

تفيدنا المصادر أنّ قسّ بن ساعدة كان مسيحيًّا من مسيحيّي نجران (اليمن) أو العراق أو البحرين، أو أنّه كان من جماعة الأحناف وهم جماعة من أهل مكّة كانوا على بقيّة من دين إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وكانوا موحّدين اعتزلوا عبادة الأصنام وآمنوا بالحياة بعد الموت وبالدينونة. ويذهب بعضهم إلى القول بأنّه كان مسلمًا قبل الإسلام، حيث بشّر بالإسلام وبنبيّه محمّد، وبالأئمّة الشيعة الاثني عشر، وهذا قول مردود لا برهان يؤيّده ولا حجّة تستقيم معه. كما جاء في بعض المصادر أنّه كان أسقف نجران، وعابد نجران، وأنّه كان يتعبّد في كعبة نجران.

أمّا عن صفاته فقد ورد في إحدى الروايات أنّ قسّ بن ساعدة "كان على منهاج المسيح، وبأنّه أدرك الحواريّين (التلاميذ)، أمثال سمعان - شمعون - ولوقا، ويوحنّا، وبأنّه أخذ عنهم". وتابع صاحب الرواية قائلاً: "كان قسّ سبطًا من أسباط العرب (هنا تعني نبيًّا من أنبياء العرب)، صحيح النسب، فصيحًا إذا خطب، ذا شيبة حسنة، عُمّر خمسمائة سنة (أو ستمائة سبعمائة سنة)، تقفّر (ساح في القفر) منها خمسة أعمار في البراري والقفار يضجّ بالتسبيح على منهاج المسيح، لا يقرّه قرار (دائم التنقّل) ولا تكنّه دار (لا دار تؤويه) ولا يستمتع منه جار. وكان يلبس المـُسوح (اللباس الخشن) ويأنس بالوحش والهوامّ، ويستمتع بالظلام لا يفتر من الرهبانيّة ويدين لله بالوحدانيّة. لذلك صار واحدًا تُضرب بحكمته الأمثال. أدرك رأس الحواريّين سمعان، وكان أوّل مَن وعـظ بـذكـر المـوت، وأمـر بالعـمـل قبـل الفـوات، وزار القبور وذكّر بالنشور (يوم الدينونة)، وحذّر من الكرب، ومن شدّة الغضب"...

أجمعت الروايات على القول بأنّ قسّ قد اشتهر بعدّة أشياء، بالعقل والحلم، وبالحكمة، وبالحكم بين الخصوم، وبالطبّ. وقد ورد على لسانه أقوال عديدة تبيّن هذه الصفات، فعندما سئل: "ما أفضل المعرفة؟" أجاب: "معرفة المرء بنفسه". وعندما سئل: "فما تقول في المال وفضله؟" أجاب: "أفضل المال ما قُضيت به الحقوق". وعندما سئل: "فما أفضل العطيّة؟" أجاب: "أن تعطى قبل السؤال". كما ورد عنه أنّه قال: "ووجدنا بني الإنسان صورةً من صور الحيوان إنّما يتفاضلون بالعقول، ووجدنا الأحساب (ما يحسبه المرء من مفاخره ومفاخر آبائه وأجداده) ليست للآباء والأمّهات ولكنّها هي أخلاق محمودة، ووجدنا أبلغ العظات النظر إلى محل الأموات، وأحمد البلاغة الصمت".

تتضمّن خطب قسّ بن ساعدة أقوالاً تحثّ سامعيه على الإيمان بالله الواحد، وعلى العمل الصالح، وعلى الثواب والعقاب في الآخرة. فقد ورد في إحدى خطبه: "أيّها الناس، أين الآياء والأمّهات والأخوة والأخوات والأبناء والبنات؟ أما ترون آيات بعد آيات وأمواتًا بعد أموات؟ اضمحلّت الأشخاص وذهبت، وعادت العظام رميمًا وتفتّتت. كلاّ، ليُصلحنّ كلّ عامل عمله. كلاّ، بل هو الله إله واحد. أسكنهم التراب، وإليه المآب (الإياب). هجمت الآجال دون الآمال. إلاّ وأنّ كلّ شيء إلى زوال". وفي خطبة أخرى قال: "تبًّا لأرباب الغفلة. ليُصلحنّ العامل عمله قبل أن يفقد أجله. كلاّ، بل هو الله الواحد، أمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، وهو ربّ الآخرة والأولى".

وفي خطبة أخرى يتحدّث قسّ بن ساعدة عن يوم الدينونة محذّرًا مستمعيه من سوء العاقبة، فيقول: "أمّا بعد، فأين الآباء والأجداد؟ كلّ له معاد. يُقسم قسّ بربّ العباد وساطح المهاد (باسط الأرض) لتُحشرنّ على انفراد في يوم التناد (المناداة). فإذا نُفخ في الصور وأشرقت الأرض بالنور، فقد وعظ الواعظ، وانتبه القائظ (الغافل) وأبصر اللاحظ ولفظ اللافظ (نطق الناطق). فويل لـمَن صدف (حاد) عن الحقّ الأشهر والنور الأزهر. في يوم الفصل وميزان العدل إذا حكم القدير وشهد النذير وظهـر التقـصيـر، ففـريـق في الجنّـة وفـريـق في السعير".

تتضمّن الروايات عن قسّ بن ساعدة الإياديّ العديد من الأساطير والخرافات، كعدد سني حياته مثلاً. غير أنّ هذه هذه الروايات تشهد لحضور مسيحيّ فاعل في الجزيرة العربيّة وفي بلاد الشام. ولا يستبعد الرواة أن يكون قبر قسّ في بلدة روحين، وهي إحدى قرى الشام، "والشام بلد الأنبياء وموطن المسيح الذي كان قسّ على دينه ومنهاجه، ولعلّه اشتاق أن يكون مثواه الأخير في أرض الأنبياء فهاجر إليها"، وهناك وافته المنيّة. ويحكى أيضًا أنّ قبر قسّ يقع في مشهد مليح يزوره الناس وينذرون فيه نذورًا، وعليه وقف.


الأخبار
محمرش
ترأس سيادة راعي الأبرشية القداس الإلهي للمرة الأولى في كنيسة النبي إيليا الجديدة في محمرش (البترون) بحضور أبناء الرعية والأصدقاء. بعد القداس تناول الجميع طعام الغداء على مائدة محبة من إعداد الرعية. وقد سلّم سيادته الدروع التكريمية للذين ساهموا في بناء الكنيسة، كما قدّمت الرعية لسيادته عصا رئاعية. محمرش رعية صغيرة قال لها المطران في العظة: “ايها القطيع الصغير لا تجزع، لأن القطيع مهما صغر عدده يستطيع أن يكبر في دوره. والرعية الصغيرة في محمرش بنت كنيسة كبيرة جميلة”.


وفاة الخوري مخائيل (عبدالله)

رقد على رجاء القيامة والحياة الأبدية في 6 تشرين الاول الجاري الأب مخائيل (عبدالله)، وأقيم له جناز الكهنة صباح السبت في 8 منه في كنيسة القديس أنطونيوس في فرن الشباك، وبعد الظهر ترأس سيادة راعي الأبرشية المطران جاورجيوس صلاة الجناز في الكنيسة ذاتها بحضور عدد كبير من الكهنة وأبناء الأب مخائيل وبناته والعائلة والأصدقاء وأعضاء الرعية. المرحوم الأب مخائيل من مواليد سنة 1925، كان متزوجا وله ابنان وثلاث بنات. رُسم شماسا ثم كاهنا سنة 1962 بوضع يد المثلث الرحمات المطران إيليا (كرم). خدم الكنيسة طيلة حياته في فرن الشباك وعين الجديدة. في الدفـن ألقـى راعـي الأبـرشيـة العظـة التاليـة:

"أنت كاهن الى الأبد على ترتيب ملكيصادق".

أيها الإخوة الأجلّة، أحبائي، عمّن قال هذا الكلامَ الربُ الإله؟ حسبما علّمنا بولس العظيم، توجّه الله الآب بهذه الكُليمات الى مسيحه. فقال له: “أنت كاهن”،  لأن المسيح وحده، اذا تكلّمنا بصورة لاهوتية دقيقة، هو الكاهن الأعظم. لأنه كان المقرِّب والمقرَّب على هذه الخشبة في تلة الجلجلة من حيث نحن نأتي. نحن مركّزون هناك على الصليب، وفيه كل حياتنا، لأن السيد المبارك أظهر نفسه سيدًا في الموت ثم في القيامة. هل يقال هذا الكلام الرسوليّ "أنت كاهن الى الأبد" عن الكاهن البشري؟ يوحنا الذهبي الفم وحده قال: الكاهن يبقى كاهنا في السماء، إي انه يخدم على المذبح الذي يخدم عليه الرب يسوع. فهو لا ينفصل عن سيده لا في حياة ولا في موت، إذ نحن نؤمن أن المسيح قام من بين الاموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور.

ميخائيل هذا الذي نقله ربّه الى رحمته يعني اسمه في اللغة الأصلية “من هو مِثل الله”. هذا الأخ الكريم المسجّى في حضرة الرب، كان يعرف أن أحدًا ليس مثل الرب. فبذل نفسه من أجل السيد المبارك، ولم يعرف شيئا آخر. الله يريد كل شيء لنفسه، لأنك إن عرفته واحدًا أحدا، تستطيع أن تتصرف بكل ما في دنياك، في حياتك العائلية وحياتك المهنية وحياتك الوطنية. تستطيع ان تتصرف سيدا عليها جميعًا وأنت خادم لله. من الرب، من قوة الرب نتصرّف، وإلا فنحن لسنا بشيء.

جاء ميخائيل الى هذه المنطقة وإتصل بسلفي المثلث الرحمات المطران إيليا. أو رآه المطران إيليا وعرف أنه يمكن أن يكون حَمَلَ الله. الحمَل كلمة تُطلق على المسيح. وفي العهد الجديد قال الله عن ابنه إنه الحَمَل الذبيح قبل إنشاء العالم. أي إن خطة الله في الكون قبل أن يُخلق أنه سيُرسل مسيحه إلى هذا العالم ليُذبح عن خطايانا. هذا الرجل كان يعرف هذا. وأنا لي علم بهذا. فخدم في غير منطقة في هذه الأبرشية المحروسة بالله. خدم بتواضع. الكاهن والمطران يواجهان تجربة رهيبة هي تجربة السلطة أو السلطوية. وتجربة السلطة عند القديسين إذا وقع الإنسان فيها تكون أضخم خطيئة، لأنك إن أنت أعلنت سلطتك مستبدة فهي طعن بالبشرية. لا تستطيع أن تؤكد نفسك إلا إذا أكدت الآخر وأَحببته وسكبت روحك في روحه وقلبك في قلبه. هذا الرجل سار في هذه الدنيا وكـأنـه لا شيء، ولا يعـتـدّ بشيء. ولكننا نحن نعتزّ بفضائله. فإذا أعطاه ربه أن يُخفيها عنا، أو أن لا يشعر بها، وهذا منتهى التواضع، فنحن أحباء يسوع نستطيع أن نعرف الفضائل في الإنسان الآخر. أي نقدر أن نرى أنوار المسيح مرتسمة على وجهه، وفي أعماله. فيكون إذ ذاك كالحَمَل الذبيح. "كشاة تُساق الى الذبح. وكنعجة أمام جازّيها. هكذا لم يفتح فاه. بتواضعه ارتفع حُكمه". هذا من إشعياء. هذا قيل عن السيد المبارك. ويسوغ قوله عن أحبائه الذين يتشبّهون به.
كان في هذه الرعية في مطلع الحرب. وكنا نخاف أو أكثرنا يخاف. نخشى الموت. هذا تنزّه في فرن الشباك وعين الرمانة وما إلى ذلك، بمعنى أنه رأى الرعية نزهة الله مزروعة بالورود التي هي كلمات الله. هذا ما قرأته فيه. ولعلكم قرأتم أنتم أيضا هذا. ولذلك كنت أَتبرّكُ به لما كنتُ ألقاه، حتى خصّص نفسه في السنوات الأخيرة إلى خدمة هذا المزار القريب من ههنا، يستقبل المؤمنين والمصلّين، ويُقيم لهم خدمة القداس الإلهي أحيانا، ويفتقدهم دائما، ويحبّهم حبا جما.

إذا أنت وصلت الى المحبة تكون قد وصلت إلى الله، حسب قول يوحنا الحبيب في رسالته الأولى:"الله محبة". وقد كُشف لي فيما كنت أبحث في الكتاب القيّم، كُشف لي أن قول يوحنا الحبيب "الله محبة" لا يعني به أن المحبة صفة من صفات الله. هو عنده كل الصفات التي تفكّرون فيها. ولكن المحبة اسم الله. هي الله ذاته.

عندما ٍسألني أحد الأئمة: كيف تقولون أنتم المسيحيين إنكم موحّدون؟ أَجبتُه: نحن نؤمن بثلاثة أقانيم. هذا صحيح. ولكن ثلاثة ليست رقما، لأن الرقم لا ينطبق على الله. الله لا يُعدّ، ولا يُحصى. الله واحد فقط. فسألني: ما هذه الوحدانية عندكم. قلت: الحب يتحرك بين الآب والابن والروح القدس. وتلك هي وحدانيتنا.
الخوري ميخائيل عرف هذا، أو عاش هذا، وهذا أفضل. لذلك نرفعه اليوم كاهنا الى الأبد عند ملكوت الابن الحبيب، ليكهن إلى الأبد على مذبح يسوع. ألا كان الله رفيقه في هذه المسيرة المطيّبة  بالروح القدس. ألا عزّى قلبوبكم أنتم جميعا، لأنكم ما فقدتم احدا. أنتم احتفظتم بكاهن لكم في السماء على ترتيب ملكيصادق. وانتم إذًا مجنّحون بالنعمة الالهية، ومريدون لها وجادّون في سبيلها لأن الحقيقة الواحدة الباقية هي نعمة الروح القدس.

Last Updated on Monday, 17 October 2011 15:23
 
Banner