للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
الإيمـــان 09/17/2011 |
Saturday, 17 September 2011 00:00 |
بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت 09/17/2011
نبدأ باللغة. الإيمان هو التصديق. هو الأمن اي نقيض الخوف. وهو الثقة. ومنه المأمن أي موضع الأمن. وهو الأمانة. لغةً وحسب لسان العرب تبدو لفظة الإيمان أقرب الى القلب. عند الإمام الغزالي وفي المسيحية هو نور قذفه الله في الصدر اي ان الله مصدره والانسان يتلقاه ويستجيب له بطاعة التقوى والسلوك. ليس تاليا تحركا عقليا ولو لعب العقل دورا في التلقي. لكن العقل ليس منشئ الإيمان ولو حاولت فلسفة القرون الوسطى الوصول الى ما تسميه البراهين عن وجود الله.
ممكن الإقرار بوجود الخالق عقليا لكن التثبت العقلي لا يقودك الى الحركة نحو الله بالقلب ولا الى معاشرة الله بما تسميه بعض الفلسفات اختباره او ذوقه. اذا كان الإيمان يقيمك كيانيا في كل وجودك لا يكون فقط إفرازا منطقيا. كان لي صديق في مرحلة إلحاد قال لي انه لا يقبل إلّا بما يمليه عليه عقله. أجبته ان كان عقلك كل وجودك كيف اخترت زوجتك؟ ما أمرك عقلك بحبها ولو ساهم جزئيا في ذلك. هل أملى عليك عقلك ان سيمفونيات بيتهوفن اجمل ما في الموسيقى؟ في التصرف البشري لا أحد يسلك وكأن العقل وحده يحركه.
***
المؤمنون الأقوياء، القائلون في أعماقهم ان الله كل شيء لهم قلة عزيزة. كل من اتكل على ماله او صحته ليس متكلا على الرب ولا يلتقيه في مسيرة الحياة. الناس تتراكم في ذاكرتها تصورات دينية وكلمات دينية التقطوها من بيئتهم يحسبونها فكراً إلهياً فيهم وهي ليست بشيء. ديانة يركبونها لأنفسهم يظنون انها تحميهم من المرض او العوز وقد تكون احيانا تلفيقا يفسد به ما أتاه من عبادات صحيحة. الدين خطر جداً ان لم ينقه الله بنعمته كل حين. من لم يوحد نفسه بالله وبحبه تنزل عليه الوثنية من غير ان يعلم. هكذا تكون عندنا جماهير كثيرة. هذا النوع من الديانة المبتلة بالخرافة كثيرة الانتشار.
***
يطرح عليّ الأذكياء سؤالا عن العلاقة بين الإيمان والمعرفة لأنهم بادئون بالعقل واهل الايمان بادئون باليقين وكأن الاجتماع بينهم عسير. كيف نحفظ نحن المؤمنين الله وهو الحفيظ؟ يقول القديس كيرلس الاسكندري: "من الضروري ان تؤمن لتستطيع ان تفهم... المعرفة تتبع الإيمان". ثم جاء بعد كيرلس اوغسطين المغبوط ليقول: "نؤمن لنعقل ولا نعقل لنؤمن". بمآثرك الطيبة في الإيمان تنمو في المعرفة. وتدقيقا لما روينا يقول الذهبي الفم: "بالإيمان نصل الى المعرفة في شؤون الله. الإيمان معيار المعرفة والإيمان هو الذي يقود العقل الى المعرفة".
***
اذا نظرت الى الناس جميعا ورأيتهم يتساقطون كالحشرات في ما يعملون ويخربون اوضاعهم واوضاع الناس افهم ان لا إله لهم ويغطون إلحادهم تغطية. "نفسي حزينة حتى الموت" لكون المؤمنين باتوا قلة. لكنا نعلم ان الإنسانية مخلّصة على الرجاء واننا مدعوون الى تجديد اخوّتنا بالروح القدس حتى ينهي الرب الأزمنة الرديئة في فصح مقيم. |
Last Updated on Saturday, 17 September 2011 11:39 |
|